موسكو تعدّ استئناف البنتاغون «برامجه السرية» في أوكرانيا مشاركة علنية لواشنطن في الصراع

تقديرات دفاعية أميركية تقول إن روسيا خسرت نصف دباباتها الثقيلة

جنود أوكرانيون على دبابات روسية من طراز «تي - 72» استولوا عليها قريباً من الحدود البيلاروسية (أ.ب)
جنود أوكرانيون على دبابات روسية من طراز «تي - 72» استولوا عليها قريباً من الحدود البيلاروسية (أ.ب)
TT

موسكو تعدّ استئناف البنتاغون «برامجه السرية» في أوكرانيا مشاركة علنية لواشنطن في الصراع

جنود أوكرانيون على دبابات روسية من طراز «تي - 72» استولوا عليها قريباً من الحدود البيلاروسية (أ.ب)
جنود أوكرانيون على دبابات روسية من طراز «تي - 72» استولوا عليها قريباً من الحدود البيلاروسية (أ.ب)

كشفت تقارير أميركية نية «البنتاغون» استئناف تمويل برنامجين سريين للغاية في أوكرانيا تم تعليقهما قبيل الغزو الروسي، العام الماضي. وفي حال تمت موافقة «الكونغرس» على استئناف هذين البرنامجين، فسيسمح ذلك لقوات العمليات الخاصة الأميركية باستخدام عملاء أوكرانيين لمراقبة التحركات العسكرية الروسية ومواجهة المعلومات المضللة، الأمر الذي اعتبرته موسكو انخراطاً مباشراً للقوات المسلحة الأميركية في الحرب الأوكرانية. وبحسب مسؤولين أميركيين، فإنه من غير المرجح أن تتم الموافقة، إذا حصلت، قبل الخريف المقبل، خلال مناقشة «الكونغرس» ميزانية وزارة الدفاع لعام 2024. وإذا نجحت جهود «البنتاغون» في إقناع «الكونغرس»، يمكن استئناف هذه البرامج في أقرب وقت ممكن، بحلول عام 2024، رغم أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت إدارة بايدن ستسمح لقوات الوحدات الخاصة الأميركية بالعودة إلى أوكرانيا للإشراف على تلك البرامج، أم أن الجيش الأميركي سيقوم بذلك من دولة مجاورة.
وقال السفير الروسي لدى الولايات المتحدة، أناتولي أنطونوف، إن استئناف برامج العمليات الخاصة الأميركية في أوكرانيا يعني «مشاركة علنية للقوات المسلحة الأميركية في الصراع». وقال أنطونوف: «إذا قررت القيادة الأميركية استئناف أنشطة قوات العمليات الخاصة على الأراضي الأوكرانية، فإنها ستمثل مشاركة غير مقنعة للجيش النظامي في النزاع الحالي»، بحسب ما ذكرته، أمس (السبت)، «وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء». وأشار السفير الروسي إلى أنه «ليست هناك معلومات رسمية حول هذه القضية (مشاركة الولايات المتحدة العلنية في النزاع)، إنما فقط تحقيق من قبل الصحافيين، ويعتمد على مصادر لم يذكر اسمها في الإدارة». وكانت صحيفة «واشنطن بوست» ذكرت، أول من أمس (الجمعة)، أن وزارة الدفاع الأميركية تُعدّ اقتراحاً لـ«الكونغرس» لاستئناف تمويل البرامج السرية التي تسمح لقوات العمليات الخاصة الأميركية بتوظيف عملاء المخابرات الأوكرانية لمراقبة التحركات العسكرية الروسية ومحاربة المعلومات المضللة.
ولفت السفير الروسي إلى أن واشنطن تواصل تجاهل الفظائع التي ترتكبها القيادة الأوكرانية الحالية، وقال: «تتجاهل الولايات المتحدة إعداماً آخر لأسرى الحرب الروس ارتكبه النازيون الأوكرانيون. تغض الولايات المتحدة الطرف عن القصف اليومي لمدن دونباس وزابوريجيا وخيرسون المسالمة». وأشار إلى أن «واشنطن تغطي أفعال المتطرفين الأوكرانيين، وتجعل الولايات المتحدة، بحكم الأمر الواقع، متواطئة في جرائم فظيعة».
ويقول مسؤولون في «الكونغرس»، إنه من الصعب التنبؤ بالنتيجة، خصوصاً مع انقسام الجمهوريين بشأن المبالغ الهائلة التي تُنفق على أوكرانيا. لكن آخرين يجادلون بأن نفقات هذه البرامج الصغيرة نسبياً، ولا تتعدى 15 مليون دولار سنوياً، لمثل هذه الأنشطة في جميع أنحاء العالم، إذا ما قورنت بعشرات المليارات من الدولارات التي تم تخصيصها لتدريب وتسليح القوات الأوكرانية، وتجديد المخزونات الأميركية. ورغم ذلك، يرى البعض أن مثل هذه الأنشطة تخاطر بجرِّ الولايات المتحدة إلى دور أكثر مباشرةً في حرب أوكرانيا. لكن مسؤولي «البنتاغون» يؤكدون أنه، على عكس جهود «البنتاغون» الأكبر والأكثر علنية لتسليح الجيش الأوكراني، فإن البرامج البديلة السرية لن تساهم بشكل مباشر في القدرة القتالية لأوكرانيا، لأن العملاء المعنيين والمتعاملين معهم في الولايات المتحدة سيقتصر عملهم على أداء المهام غير العنيفة فقط. وهذا ما كان يتم القيام به منذ عام 2018، عندما تم إطلاق البرنامجين، وتم تعليقهما العام الماضي. وسبق للقوات الأميركية الخاصة، لسنوات عديدة، أن نفذت برامج مماثلة، في جميع أنحاء الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، باستخدام سلطة تمويل مماثلة، بدفع وحدات عسكرية وشبه عسكرية أجنبية مختارة وظفتهم «وكلاءً» في عمليات مكافحة الإرهاب ضد تنظيمات «القاعدة» و«داعش» والجماعات التابعة لهما. وتعتبر البرامج البديلة الجديدة، مثل تلك المستخدمة في أوكرانيا، شكلاً من أشكال «الحرب غير النظامية». وهي مخصَّصة للاستخدام ضد الخصوم، مثل روسيا والصين، اللتين تتنافس معهما الولايات المتحدة، وليس في صراع مفتوح. ومع اقتراب حرب روسيا الشاملة في أوكرانيا من بداية العام الثاني، وتوسيع إدارة بايدن نوعية المساعدة العسكرية ونطاقها وتسريعها للحكومة الأوكرانية، بعد تقديم ذخيرة وأسلحة متطورة، بما في ذلك دبابات القتال الثقيلة، وغيرها من المركبات القتالية المدرعة؛ فقد تؤدي إعادة إطلاق برامج الحرب غير النظامية، إلى تعميق مشاركة واشنطن، ومنح العسكريين الأميركيين السيطرة العملية على العملاء الأوكرانيين في منطقة الحرب.
وفي سياق متصل، رجّحت مسؤولة دفاعية أميركية بارزة، أول من أمس (الجمعة)، أن تكون نصف دبابات القتال الروسية دُمّرت أو استولى عليها الأوكرانيون. وقالت مساعدة وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي، سيليست والندر، خلال حدث افتراضي لمركز «نيو أميريكن سيكيوريتي» إن روسيا «خسرت على الأرجح نصف مخزون دباباتها القتالية الرئيسية في القتال، ومن خلال استيلاء الأوكرانيين عليها». ويتزامن تقدير والندر التي لم تقدّم رقماً دقيقاً لعدد الدبابات التي خسرتها روسيا منذ اجتياحها أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، مع استعداد كييف لتلقي دبابات غربية ثقيلة من مؤيديها الغربيين. وكانت المملكة المتحدة أعلنت أن دبابات بريطانية من طراز «تشالنجر 2» ستُرسل إلى أوكرانيا، في مارس (آذار)، بينما قالت ألمانيا إنها سترسل مجموعة من دبابات «ليوبارد 2» إلى كييف بحلول أبريل (نيسان).
بدورها، تعهدت الولايات المتحدة بإرسال 31 من دباباتها «إم1 أبرامز»، لكن يُتوقّع أن يستغرق وصولها إلى أوكرانيا وقتاً أطول.


مقالات ذات صلة

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون في موقع هجوم مسيّرة روسية بكييف (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص على الأقل بهجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

أسفرت هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا، يوم الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، في حين قُتل شخصان في ضربات أوكرانية طالت مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا ترمب وزيلينسكي (أ.ف.ب)

زيلينسكي: ترمب قادر على وقف بوتين

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الخميس إن بمقدور الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أن يحسم نتيجة الحرب المستعرة منذ 34 شهرا مع روسيا،

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناة تلغرام)

زيلينسكي: عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترمب قد يساعد في إنهاء حرب أوكرانيا

اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس أن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قد يساعد على إنهاء الحرب مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف )
أوروبا صورة من مقطع فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية 7 نوفمبر 2024 يُظهر جنوداً من الجيش الروسي خلال قتالهم في سودجانسكي بمنطقة كورسك (أ.ب)

روسيا: كبّدنا القوات الأوكرانية خسائر جسيمة على محور كورسك

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، اليوم الخميس، أن الجيش الروسي استهدف القوات المسلحة الأوكرانية بمقاطعة كورسك، وكبّدها خسائر فادحة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.