تركيا... فرق الإنقاذ تتشبث بأمل العثور على أحياء

ضحايا الزلزال أكثر من 20 ألفاً... والمساعدات الخارجية تتدفق

عناصر من فرق إنقاذ إسرائيلية وتركية بعد إنقاذ علي قرقماز (56 عاماً) من بين أنقاض مبنى مهدم في كهرمان ماراش أمس (إ.ب.أ)
عناصر من فرق إنقاذ إسرائيلية وتركية بعد إنقاذ علي قرقماز (56 عاماً) من بين أنقاض مبنى مهدم في كهرمان ماراش أمس (إ.ب.أ)
TT

تركيا... فرق الإنقاذ تتشبث بأمل العثور على أحياء

عناصر من فرق إنقاذ إسرائيلية وتركية بعد إنقاذ علي قرقماز (56 عاماً) من بين أنقاض مبنى مهدم في كهرمان ماراش أمس (إ.ب.أ)
عناصر من فرق إنقاذ إسرائيلية وتركية بعد إنقاذ علي قرقماز (56 عاماً) من بين أنقاض مبنى مهدم في كهرمان ماراش أمس (إ.ب.أ)

مع مرور يوم خامس على الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، يوم الاثنين، بدأت تتلاشى الآمال في العثور على مزيد من الأحياء تحت الركام الذي حوّل 10 ولايات تركية إلى مناطق منكوبة في جنوب وشرق وجنوب شرقي البلاد. ورغم ذلك، فقد استمر المسعفون ومعهم ذوو المفقودين في التمسك بأي أمل حول إمكانية العثور على مزيد من الناجين، وهو أمر كانت تعززه بين وقت وآخر أخبار تفيد بعثور فرق الإنقاذ على أحياء.
وبجانب أكوام الركام في المناطق المنكوبة، كانت أمهات وزوجات وأقارب يلفون أجسادهم بالبطاطين، ويتحلقون حول نيران أشعلوها من أخشاب جمعوها لتساعدهم في التغلب على الانتظار لساعات طويلة في برد شديد ودرجات حرارة تصل أحياناً إلى 10 درجات تحت الصفر.
وكان واضحاً أن كثيراً من هؤلاء يعانون من الصقيع والجوع واليأس الذي التهم ما تبقى من صبر لدى مئات الآلاف من الأشخاص الذين أصبحوا بلا مأوى بسبب عدم قدرتهم على دخول منازلهم المهددة بالانهيار بسبب الهزات الأرضية الارتدادية في الولايات التي ضربها الزلزالان اللذان وقعا في بازارجيك وإلبيتسان في كهرمان ماراش بجنوب تركيا فجر الاثنين الماضي، وتأثرت بهما إلى جانب كهرمان ماراش كل من هاطاي، أديامان، أضنة، كيليس، عثمانية، مالاطيا، غازي عنتاب، شانلي أورفا وديار بكر، إلى جانب مناطق في سوريا.

أبنية مدمرة في أنطاكيا أمس (أ.ب)

وفيما أعلن وزير الصحة التركي مساء أمس أن عدد قتلى الزلزال زاد على 20213 شخصاً، واصل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لليوم الثالث جولته في المناطق المنكوبة. وقال، خلال تفقده المواقع المتضررة في أديمان جنوب تركيا الجمعة، إن حكومته تعد برنامجاً شاملاً لنهوض البلاد من جديد لا سيما في المناطق المتضررة من الزلزال. وأكد أنهم سيضمنون انتقال المواطنين الذين لا يريدون البقاء في الخيام إلى منازل، وستتكفل الحكومة بدفع إيجار السكن لهم لمدة سنة، حتى تتم إعادة بناء المنازل في المناطق المتضررة، مشيراً إلى أن الحكومة وجهت أوامر لشركة الخطوط الجوية التركية لنقل المسافرين من وإلى مناطق الزلزال مجاناً. وقال إردوغان، في كلمة ألقاها لاحقاً خلال تفقده المناطق المتضررة في مالاطيا (شرق)، إن هناك أكثر من 141 ألفاً من رجال البحث والإنقاذ من تركيا يعملون في المناطق المنكوبة جنباً إلى جنب مع الفرق التي جاءت من الخارج. وأشار إلى أن هناك بعض العناصر الإجرامية التي تمارس أعمال النهب والسرقة في المحلات والمراكز التجارية والمنازل الخالية في المناطق المتضررة وأن قوات الأمن تتعامل معهم بحزم.
- تسريع الإنقاذ
ومع مرور الساعات، يتضاءل بصيص الأمل شيئاً فشيئاً، لكن فرق البحث والإنقاذ العديدة استمدت الطاقة وارتفعت معنوياتها، رغم الإرهاق الشديد، بعد أن تمكنت في الساعات الأخيرة من انتشال العديد من الأحياء من تحت أنقاض المباني المنهارة، الجمعة، في اليوم الخامس بعد وقوع الزلزال.
وتمكنت فرق الإنقاذ من انتشال أم وأولادها الثلاثة وهم على قيد الحياة من تحت الأنقاض بعد 108 ساعات على الزلزال في هاطاي، حيث نجحت الفرق التابعة لدائرة الإطفاء ببلدية أنطاليا، في إنقاذ الأم نسيلهان (41 عاماً) وأبنائها فاطمة (21 عاماً) ومنيرة (15 عاماً) ورمضان (7 أعوام)، في غضون نحو 3 ساعات بعد سماع صوت قادم من تحت الركام.
وفي ولاية كهرمان ماراش، نجحت الفرق بانتشال طفلة سورية تدعى فاطمة (14 عاماً) من تحت أنقاض منزلها في قضاء إلبيستان بعد مرور 104 ساعات على الزلزال. ونجحت الفرق بإنقاذ شخص يدعى «حسين» (38 عاماً) من تحت أنقاض منزله في قضاء «12 شباط» بعد مرور 105 ساعات على الزلزال.
وأرشدت كلبة كانت عالقة تحت الأنقاض فريق إنقاذ تحت الأنقاض في شارع «أتاتورك» في هاطاي، حيث سمع الفريق نباحاً بين الأنقاض، ليسارعوا على الفور بأعمال إزالة الحطام، وتبين أن امرأة تدعى «دويجو» (35 عاماً) كانت عالقة تحت الركام، حيث تم إنقاذها بفضل كلبتها «فينوس».
وفي قضاء كيركهان في هاطاي، نجحت فرق الإنقاذ في انتشال أم وابنها بعد 102 ساعة تحت الأنقاض.
كما نجحت جهود فرق الإنقاذ في قضاء نزيب في ولاية غازي عنتاب، بانتشال امرأة من بين أنقاض بناء مؤلف من 6 طوابق بعد مرور 107 ساعات على الزلزال، وقبلها تمكنت من إنقاذ شخصين بينهما طفل من أنقاض البناء نفسه.
وتمكن فريق الدفاع المدني من إنقاذ شخصين في أديامان بعد مرور 104 ساعات تحت الأنقاض، و6 أشخاص من كبار السن في إسكندرون بولاية هطاي بعد مرور 102 ساعة من بين 9 أشخاص انهار عليهم المبنى، كما سبق إنقاذ شخص في هاطاي مكث تحت الأنقاض 98 ساعة. ونجح فريق إنقاذ في انتشال شخص آخر في مدينة أنطاكيا في هاطاي بعد الاستعانة بأجهزة سمعية وكاميرات حرارية وذلك بعد مكوثه 101 ساعة تحت الركام. وفي بلدة باغلار في ولاية ديار بكر، تمكن فريق من إنقاذ أم وابنها من تحت الأنقاض بعد 101 ساعة من وقوع الزلزالين.
وفي الإطار ذاته، تكللت جهود المسعفين بالعثور على رضيع عمره 10 أيام فقط، ظل حياً لأربعة أيام مع والدته في مبنى منهار، بحسب ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية» في تقرير من أنطاكيا، أمس.
واستقبلت بطانية دافئة الطفل التركي ياجيز أولاس، ونُقل إلى مركز طبي ميداني في سامانداج، بمقاطعة هاطاي، الجمعة. وأظهرت صور فيديو من وكالة إدارة الكوارث التركية عمال الطوارئ وهم ينقلون والدته التي كانت ضعيفة وشاحبة في حالة ذهول لكنها تدرك ما يجري.
وأنعش إنقاذ عدد من الأطفال معنويات طواقم المسعفين المنهكة. وأظهرت مقاطع مصورة نشرتها أجهزة التصدي للكوارث أنه تم إنقاذ 7 أطفال على الأقل، الجمعة، وألهم صمودهم المذهل فرق البحث التي أنقذت أيضاً عدداً من البالغين من تحت الأنقاض.
وأظهر مقطع مصور من وزارة الدفاع التركية عمال إنقاذ يرتدون ملابس برتقالية دسوا أنفسهم في فجوة أسفل مبنى متهدم ليجدوا طفلاً صغيراً يبكي والغبار يملأ عينيه، قبل أن يهدئوا من روعه ويمسحوا وجهه، في بلدة كهرمان مرعش التركية، على بعد 200 كيلومتر شمالي سامانداج.
وأطل وجه خائف لصبي آخر من مبنى مدمر تماماً، وغلبت صيحاته صوت آلات التنقيب والإزالة التي تحاول إنقاذه صباح الجمعة، في مدينة ديار بكر ذات الأغلبية الكردية التي حولت قوة الزلزال التي بلغت 7.8 درجة وتوابعه المباني السكنية إلى أكوام من الأنقاض والركام.
وبعد أن صنع عمال الإنقاذ حفرة أوسع، أسعفوا الطفل بالأكسجين وحملوه بعيداً وتبعته والدته، مثلما حدث في حالة الطفل ياجيز، بعد 103 ساعات من وقوع الزلزال.
وعلى الجانب الآخر من الحدود في سوريا، استخدم رجال الإنقاذ من مجموعة «الخوذ البيضاء» أياديهم فحسب حتى عثروا على قدمين عاريتين تبين بعدها أنهما لفتاة صغيرة تم انتشالها شاحبة وحزينة بعد أيام تحت الأنقاض لكنها ما زالت على قيد الحياة.
- تدفق المساعدات
في غضون ذلك، تواصل تدفق المساعدات الخارجية على تركيا. وأعلن نائب وزير خارجية نيوزيلندا ديفيد باركر، الجمعة، عزم بلاده إرسال مساعدات إنسانية إضافية بقيمة 1.89 مليون دولار للمساهمة بجهود الإغاثة بتركيا وسوريا.
بدورها، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية في بيان، انطلاق طائرتي شحن تحملان مواد إغاثية ومستشفى ميدانياً وعاملين صحيين إلى تركيا.
وانطلقت طائرة باكستانية تحمل على متنها 100 طن من المساعدات الإنسانية من مطار مدينة لاهور نحو تركيا، كما تم تجهيز 40 طناً من المساعدات لإرسالها إلى تركيا، السبت، عبر الخطوط الجوية التركية.


مقالات ذات صلة

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أوروبا شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش بتركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أفاد التلفزيون التركي، اليوم الأحد، بوقوع زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
يوميات الشرق شرم الشيخ شهدت زلزالاً بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر (عبد الفتاح فرج)

ما أسباب تكرار الهزات الأرضية في شمال البحر الأحمر؟

سجّلت محطات شبكة الزلازل القومية، هزة أرضية على بُعد 12 كيلومتراً من مدينة شرم الشيخ، عند الساعة 7:34 صباحاً بتوقيت القاهرة، مما أثار انتباه السكان في المنطقة.

محمد السيد علي (القاهرة)
شؤون إقليمية قُبض على الإسرائيلي بوريس ولفمان في إسطنبول 2015 وسُلم لإسرائيل لاتهامه بالاتجار بالأعضاء وعاد إلى تركيا عام 2017 (إعلام تركية)

القبض على إسرائيلي في تركيا للاتجار بأعضاء اللاجئين السوريين

قررت محكمة تركية في إسطنبول توقيف إسرائيلي مطلوب من الإنتربول الدولي بنشرة حمراء، لتورطه في عمليات اتجار بالأعضاء في أوساط اللاجئين السوريين في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية سكان مالاطيا غادروا منازلهم وبقوا في الشوارع بسبب الهلع من الزلزال (إعلام تركي)

زلزال بقوة 5.9 درجة ضرب شمال تركيا وأعاد ذكريات «كهرمان ماراش»

ضرب زلزال بقوة 5.9 درجة على مقياس ريختر ولاية مالاطيا في شرق تركيا تأثرت به بعض المناطق في جنوب شرقي البلاد وفي شمال سوريا ولم يسفر عن ضحايا أو إصابات خطيرة

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لآثار الزلزال الذي ضرب ملاطية العام الماضي (غيتي)

شعر به سكان مدن سورية... زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب جنوب شرق تركيا

أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية أن زلزالاً بقوة 5.9 درجة هز إقليم ملاطية في جنوب شرق تركيا، اليوم الأربعاء، وشعر به سكان مدن سورية.

«الشرق الأوسط» (اسطنبول)

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه بين بيروت وتل أبيب للتوصل لوقف النار يبقى في إطاره الإعلامي، ما دام رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتبلغا بموعد عودته ولا بتحقيق بعض التقدم في زيارته الأخيرة لإسرائيل، وإلا فلماذا اضطر للعودة إلى واشنطن بدلاً من أن يعرج على بيروت لإطلاعهما على الأجواء التي سادت اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟

وتقول مصادر سياسية إن مواصلته للوساطة الأميركية بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى وقف للنار تمهيداً لنشر الجيش اللبناني، إلى جانب قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» في جنوب الليطاني لتطبيق القرار الدولي 1701 بعد الاتفاق على آلية تنفيذه، تبقى عالقة على نتائج السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض بين الرئيس السابق دونالد ترمب ومنافسته كامالا هاريس، والتي ستظهر تدريجياً في الساعات المقبلة.

وساطة هوكستين وسباق الرئاسة الأميركية

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الوساطة التي يتولاها هوكستين لنزع فتيل التفجير بين إسرائيل و«حزب الله» يتوقف على من سيحسم السباق الرئاسي الأميركي. وتقول إن انتخاب هاريس من شأنه أن يسهّل مهمته ويتيح له الاستقواء بوصولها إلى البيت الأبيض على نحو يمكّنه من وضع حد للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو؛ لأنه سيكون في وسعها الاستعانة بالرئيس الحالي جو بايدن لوضع تطبيق الـ1701 على نار حامية، حتى قبل أن تبدأ ممارسة صلاحياتها الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، هذا في حال أنها حسمت أمرها وقررت إخراج الوساطة من المراوحة، أسوة بتلك التي أصابت مفاوضات غزة.

وترى المصادر ذاتها أن فوز ترمب بالرئاسة قد يؤدي إلى تمديد أمد المراوحة التي يحاول نتنياهو الإفادة منها لمواصلة تدمير القرى الأمامية التي لم تعد صالحة للإقامة فيها.

فوز ترمب يمدد فترة تفلت نتنياهو

وتخشى المصادر نفسها أن انشغال ترمب في تشكيل إدارته بالبيت الأبيض سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة «السماح» لنتنياهو لترتيب الوضع في القرى الأمامية الحدودية، ولكن على طريقته، بما يمكّنه من انتزاع موافقة الحكومة اللبنانية للتسليم بتفسيره لتطبيق القرار الدولي استباقاً لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، آخذاً بعين الاعتبار إطباق الحصار على إيران والقضاء على أذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، بقطع كل أشكال الإمداد العسكري والمالي له، بالتلازم مع استهدافه للبنية الاقتصادية، ليس للحزب فقط، وإنما للطائفة الشيعية، وهذا ما يفسّر تدميره للأسواق والمصانع والمؤسسات والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها للنهوض مجدداً بهذه المناطق.

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عمّا إذا كان وصول ترمب يشكل محطة لاختبار مدى جديته بإنهاء الحروب، بدءاً بإعادة الهدوء المستدام إلى الجنوب، انسجاماً مع وعوده التي قطعها في لقاءاته مع الاغتراب اللبناني. فهل يضغط على إسرائيل لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته؟

استعصاء نتنياهو

وتستغرب المصادر السياسية وضع اللائمة على لبنان بتحميله مسؤولية إضاعته للفرص التي أتيحت لتطبيق الـ1701، وتقول إن نتنياهو هو من يستعصي ويتمرّد على الإدارة الأميركية برفضه التجاوب مع الإطار العام الذي اتفق عليه هوكستين مع بري لتسهيل تنفيذ القرار، وذلك بمطالبته بإدخال تعديلات عليه غير قابلة للتنفيذ، من وجهة النظر اللبنانية، كونها تجيز له استمرار تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي في الأجواء اللبنانية، وتعطيه الحق بالتوغل في منطقة جنوب الليطاني ولو من باب الشبهة، بذريعة أن هناك من يعدّ لتحرك يراد منه تهديد أمن إسرائيل.

وتكشف المصادر عن أن هوكستين كان قد أبلغ مسؤولين لبنانيين، وهو في طريقه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو، أن الأجواء إيجابية وتفتح الباب أمام التوصل لوقف النار. وتقول إنه تحدث لاحقاً عن حصول تقدُّم بقي إعلامياً، مع أنه، كما نُقل عنه، أمهل نتنياهو بعض الوقت نزولاً عند رغبته، ما أوحى له بأن للبحث صلة على طريق إنهاء الحرب.

نتنياهو يسعى لترتيبات أمنية

لكن، تبين بحسب المصادر أن لا أساس للتقدم الذي تحدث عنه هوكستين، وإلا فلماذا يوسع نتنياهو تدميره وحرقه للقرى؟ ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كان يود خوض المفاوضات على طريقته، وتحت النار، للضغط على لبنان للتسليم له بإدخال «ترتيبات أمنية» على الـ1701، يمكن أن تسمح له بتفريغه من مضامينه، مع أن لبنان أقر بأن لا مفر من تطبيقه على قاعدة الاعتراف بالاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة حالياً، وأدت إلى تعطيل تنفيذ القرار.

وترى المصادر أنه لم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب، وأنه لا بد من الفصل بينهما لعدم توفير الذريعة لنتنياهو للتفلت من وقف حربه على لبنان بتطبيق الـ1701، مع أنه لم يكن من ضرورة لإسناد «حزب الله» لغزة، الذي شكل بتفرُّده بقرار السلم والحرب إحراجاً للحكومة عربياً ودولياً، باعتبارها صاحبة الصلاحية في اتخاذه، فيما افتقد الحزب إلى من يناصره، بخلاف وحدة الساحات التي يدعو لها محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما ألقى عليه عبء المواجهة منفرداً.