السعودية: الأراضي البيضاء داخل المدن الرئيسية تضاعف أسعار العقار

خبراء: الرسوم أحد الحلول لمواجهة المشكلة

السعودية: الأراضي البيضاء داخل المدن الرئيسية تضاعف أسعار العقار
TT

السعودية: الأراضي البيضاء داخل المدن الرئيسية تضاعف أسعار العقار

السعودية: الأراضي البيضاء داخل المدن الرئيسية تضاعف أسعار العقار

ما زالت مشكلة الأراضي البيضاء داخل المدن الرئيسية في السعودية، تشغل القطاع العقاري بشقيه الحكومي والخاص، في الوقت شهدت فيه الأسعار ارتفاعات مستمرة خلال السنوات الماضية، في حين كشفت التقارير الأسبوعية التي تصدرها وزارة العدل للمؤشر العقاري، عن تحرك بسيط لبيع الأراضي البيضاء داخل المدن.
وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن نسبة الأراضي البيضاء داخل المدن الرئيسية تتراوح ما بين 30 و40 في المائة، ورغم وجود حالة شبه اتفاق بين العقاريين على دقة هذه النسبة فإنهم اختلفوا في تشخيصها والأمور التي دفعت القطاع العقاري السعودي إلى تسجيل هذا الرقم القياسي الذي اعتبروا أنه مضر بالسوق، في ظل تباطؤ تحركات الجهات الحكومية للحد من تلك المشكلة.
وفي تعليق لناصر الطوالة الذي يمتلك شركة متخصصة في العقار قال: «إنه - وللأسف - هذه النسبة ليست مخفية لدى معظم العقاريين الذين يرون أراضي تقدر بعشرات الكيلومترات داخل الأحياء السكنية المعمورة متوقفة، بل إن الأمر يزداد سوءا عندما تخفى هوية المالك وتظل مجهولة رغم عروض الشراء الكبيرة التي توضع على الأرض، أنغولا غياب أصحابها الذين لا يعلمون أنهم يتسببون دون علمهم في حدوث أزمة اقتصادية تمس القطاع العقاري، عبر الصرف على الخدمات الأساسية دون الاستفادة منها على الإطلاق، والإنفاق الحكومي المتزايد على فتح مخططات جديدة يصحبها إنفاق كبير على تأهيل البنية التحتية في الوقت الذي من الممكن أن يستفيد من هذه الأراضي الموقوفة مئات الآلاف من العائلات».
وأضاف: «إن نسبة الأراضي البيضاء كبيرة جدا، ولو ضخت في القطاع العقاري فإنها ستوجد نسبة عرض تكفي السوق وأكثر، وستجبر الأسعار على الانخفاض لأكثر من النصف في أسوأ الأحوال، وسيعود العقار إلى حجمه الطبيعي نظرا لأن أكثر مشكلة تواجه الحكومة والمطورين العقاريين هي شح الأراضي في الوقت الذي يقبع فيه البعض على عشرات الكيلومترات».
ولفت إلى أنه يرى أن تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء في أسرع وقت ممكن سيعجل بحل المشكلة، مشددا على فرض نسب كبيرة على المحتكرين الذين تقع أراضيهم داخل العمق العمراني.
هذا وأظهرت أحدث البيانات المنشورة حول تقسيمات استعمال الأراضي المدن الرئيسية في السعودية (الرياض، مكة المكرمة، جدة، الدمام، الخبر)، انحسار الاستعمال السكني من إجمالي مساحة التطوير الحضري لتلك المدن البالغة مساحاتها لها مجتمعة 7450 كيلومترا مربعا، بما لا يتجاوز خمس تلك المساحات الشاسعة، فيما وصلت نسبة بقية الاستعمالات الأخرى (صناعي، نقل، تجاري، صحة، حكومة، تعليم، ثقافي، ترفيه) بما لا يتجاوز 22 في المائة من إجمالي المساحات، فيما وصلت نسبة المتداول من قطع الأراضي (السكني، التجاري) إلى أقل من 5.1 في المائة من إجمالي المساحات.
وفي صلب الموضوع، قال ريان العنزي الذي يدير عددا من المشروعات العقارية السكنية «إن المشكلة قديمة وليست وليدة اليوم، والواجب أن يجري بحثها وليس الاكتفاء بالأرقام والإحصاءات التي يجري نشرها»، واصفا إياها بغير الجديدة، وأنه من الواجب إيجاد حلول لهذه المشكلة التي اعتبرها من أهم أسباب ارتفاع أسعار العقار نظرا لاحتسابها فعليا على أنها أراض منسية خارج الخدمة، مما يعني توسع المدن بشكل أفقي وهو ما يشيع بأن هناك حركة عقارية نشطة، في الوقت الذي لو تمت الاستفادة من هذه المساحات لتمكنت الجهات المسؤولة من القضاء على أزمة السكن ووفرت مليارات الريالات التي تصرف على البنى التحتية ووفرت المنازل بأسعار أقل.
وتابع العنزي «الأمر يحتاج إلى قرار حكومي ومساءلة لمن يمتلك مساحات شاسعة متوقفة، ويجري على أثرها سحبها بالقوة أو شراؤها بمبلغ رمزي أو بسعرها الأساسي وتسليمها للإسكان أو بيعها بمزاد سكني على المواطنين».
ولفت إلى أن معظم من يمتلك هذه النوعية من العقارات ليس في حاجة إلى المال بل إنه ينتظر السعر المناسب المرتفع ليربح منها مبالغ مضاعفة وهو السبب الرئيس للعزوف عن البيع وتكدس الأراضي داخل المدن.
في المقابل، وصلت نسبة الأراضي البيضاء المحتكرة داخل النطاق العمراني لتلك المدن إلى 50.5 في المائة من إجمالي المساحات، أي ما تصل مساحاته الإجمالية إلى 3761 كيلومترا مربعا، توزعت على النحو التالي: مدينة الرياض بمساحة أراضٍ بيضاء داخل النطاق العمراني بلغت 1579 كيلومترا مربعا (55.7 في المائة من إجمالي مساحة المدينة)، مدينة جدة بمساحة أراضٍ بيضاء داخل النطاق العمراني بلغت 761 كيلومترا مربعا (43.1 في المائة من إجمالي مساحة المدينة)، مدينتا الدمام والخبر بمساحة أراضٍ بيضاء داخل النطاق العمراني لهما بلغت 756 كيلومترا مربعا (55.1 في المائة من إجمالي مساحة المدينتين)، مدينة مكة المكرمة بمساحة أراض بيضاء داخل النطاق العمراني بلغت 665 كيلومترا مربعا (55.4 في المائة من إجمالي مساحة المدينة).
وفي نفس الاتجاه يرى سعود الشمري المستشار العقاري لعدد من شركات التطوير، أن النسبة تعتبر عالية جدا، لافتا إلى أن السيطرة على هذه الأراضي وطرحها للتداول هي الخطوة الأولى في مجال تصحيح الوضع العقاري السعودي، موضحا أن النسبة المعقولة لوصول نسبة الأراضي داخل النطاق العمراني لا يتجاوز 10 في المائة عالميا، نظرا إلى التخطيط المدروس للنهضة العمرانية للدول.
وحول الحلول الممكنة للقضاء على الظاهرة، أكد الشمري أن هناك قسمين ممن يمتلكون هذه النوعية من الأراضي؛ أولهما الورثة والمختلفون على الصك والملكية، والشخص الذي يمتلك بضع مئات من الأمتار ولا يستطيع إعمارها فلا لوم عليهم إطلاقا، أما الشق الآخر وهم محتكرو الأراضي وأقترح أن تسن قوانين صارمة بحقهم للحد من هذه المشكلة التي لو تمكنا من حلها فإنها ستساهم في حل مشكلة الإسكان وخفض الأسعار.



«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.