الحوثيون يطلقون حملات جباية واسعة على المتاجر في 3 مدن

وسط تفاقم الحالة الإنسانية وحاجة ملايين الأشخاص للمساعدات

باعة متجولون في أحد شوارع مدينة إب اليمنية (الشرق الأوسط)
باعة متجولون في أحد شوارع مدينة إب اليمنية (الشرق الأوسط)
TT

الحوثيون يطلقون حملات جباية واسعة على المتاجر في 3 مدن

باعة متجولون في أحد شوارع مدينة إب اليمنية (الشرق الأوسط)
باعة متجولون في أحد شوارع مدينة إب اليمنية (الشرق الأوسط)

أطلقت الميليشيات الحوثية في اليمن حملات جباية جديدة بحق التجار وباعة التجزئة في شوارع وأسواق العاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتي الضالع وإب، ورافق ذلك قيام عناصر الميليشيات بإغلاق المتاجر وخطف العديد من ملاكها، بمن فيهم باعة الأرصفة، وفق ما ذكرته مصادر مطلعة.
وتزامن ذلك مع تحذيرات أممية جديدة بأن ملايين اليمنيين لا يزالون يعانون من الآثار المعقدة للعنف المسلح والأزمة الاقتصادية المستمرة، وتعطل مختلف الخدمات العامة، والإعلان أنه خلال 2023 سيحتاج ما يُقدر بنحو 21.6 مليون شخص يمني إلى المساعدة الإنسانية وخدمات الحماية العاجلة.
في هذا السياق، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن الجماعة الحوثية قامت، منذ أيام، بتنفيذ حملات جباية ونهب منظمة لم تستثنِ أحداً من التجار وملاك الأسواق والمطاعم والباعة المتجولين.
وطالت الحملات (بحسب المصادر) خلال العشرة أيام الماضية، بالاستهداف المتنوّع، أكثر من 2450 منشأة تجارية كبيرة ومتوسطة في صنعاء. كما أسفرت أيضاً عن إغلاق أكثر من 8 منشآت تجارية، بحجة مخالفتها لقائمة الأسعار التي فرضتها الجماعة.
وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن لجاناً ميدانية تتبع ما يُسمى «مكتب الصناعة»، الخاضع للميليشيات في صنعاء، استهدفت نحو 436 منشأة تجارية، بمزاعم «مخالفات تموينية»، كما حررت محاضر ضبط لأكثر من 382 منشأة، بزعم مخالفتها تعليمات وضوابط الميليشيات، إضافة إلى فرض إجراءات أخرى وغرامات مالية بحق ملاك 148 منشأة تجارية.
وشكا تجار في صنعاء طالهم التعسف الحوثي لـ«الشرق الأوسط» من حملات الابتزاز بحقهم، مؤكدين أن الانقلابيين يشنون حملات متكررة لجمع إتاوات نقدية وأخرى عينية بالقوة، تحت عناوين متعددة؛ أبرزها تمويل مشروعاتهم الطائفية وجبهاتهم العسكرية.
وأوضحوا أن الجماعة داهمت محالّ وأسواقاً تجارية عدة بمناطق متفرقة من صنعاء، وباشروا بالاعتداء على كثير من ملاكها واختطاف آخرين، إلى جانب فرض مبالغ مالية مضاعفة على آخرين، بعد توجيه تهم ملفقة لهم.
وأوضح التجار أن الاستهداف الذي طال كثيرين منهم يأتي في سياق حملات الجماعة السابقة والحالية، التي تستهدفهم بشكل عام، والمواطنين البسطاء الباحثين عن لقمة العيش لسد جوع أسرهم على وجه الخصوص.
وعلى وقع حملات التنكيل الحوثية المتواصلة التي توسعت أخيراً لتطال التجار في مدينة دمت بمحافظة الضالع، ذكرت تقارير محلية أن الميليشيات شنَّت، باليومين الماضيين، اعتداءات على صغار الباعة وتجار التجزئة، لفرض مزيد من الجبايات غير المشروعة.
وأكدت المصادر أن مسلحين تابعين للميليشيات اعتدوا على ملاك البسطات الصغيرة وباعة الأرصفة، إلى جانب هدم وتجريف متاجر ومصادرة عربات باعة جائلين مع بضاعتهم، تحت مبرر رفعهم من شوارع المدينة، وتجميعهم في أسواق خاصة تتبع قيادات في الميليشيات، لإجبارهم فيما بعد على دفع إيجارات شهرية وإتاوات مالية.
واتهمت المصادر القيادي الحوثي المدعو سلطان فاضل المنتحل صفة مدير عام المديرية بالوقوف خلف هذه الانتهاكات، في حين قال ناشطون إن حملات الاستهداف بالإغلاق وفرض الإتاوات على ما تبقى من النشاط التجاري بمختلف أشكاله في مناطق سيطرة الميليشيات تندرج في إطار النهج الحوثي المنظم والواسع للقضاء على ما بقي من القطاعات الحيوية، وتمكين موالين للميليشيات من الهيمنة التجارية.
وفي محافظة إب (192 كلم جنوب صنعاء) كشف مصدر محلي عن فرض الجماعة الانقلابية جبايات مالية على أصحاب المحال التجارية بمركز المحافظة، بزعم إيجاد «ترخيص موازين».
وقال المصدر إن مسلحي الجماعة طافوا بالمحال التجارية وسط مدينة إب، وأجبروا ملاكها، تحت الترهيب وقوة السلاح، على سرعة إصدار تراخيص موازين أو دفع مبالغ تحت اسم «غرامات»، تنفيذاً لتوجيهات القيادي الحوثي، إبراهيم الأشول، المعيَّن من قبل الجماعة مديراً لـ«هيئة المواصفات والمقاييس».
وأبدى ملاك محال تجارية في إب، في حديثهم مع «الشرق الأوسط»، استغرابهم من ابتكار الانقلابيين، في كل مرة بمحافظتهم، وسيلة نهب وابتزاز جديدة تهدف إلى فرض مزيد من الإتاوات.
وعلى مدى السنوات الماضية من عمر الانقلاب، ضاعفت الميليشيات الحوثية من حجم الإتاوات والجبايات المفروضة على السكان والتجار في جميع مناطق سيطرتها، وسنَّت في مقابل ذلك سلسلة تشريعات غير قانونية رفعت بموجبها الرسوم الضريبية والجمركية والزكوية، بهدف تغطية نفقات حربها من جانب، بالإضافة إلى تكوين ثروات لقادتها ومشرفيها.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).