أثيرت تساؤلات ليبية حول أهداف «الإعلان الدستوري» الذي أقر مجلس النواب الليبي، (الثلاثاء)، تعديله ليكون هذا التعديل أساساً للقاعدة الدستورية التي ستجري الانتخابات البرلمانية والرئاسية وفقاً لها. ولاحقت الشكوك عملية التعديل، خاصة أن الدعوة لإجراء التعديل على «الإعلان الدستوري» وإقراره تمت بفارق يوم واحد فقط. وبينما لمّح البعض إلى أن «الإسراع بهذا التعديل لا يبتعد عما يتداول عن تعرض مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لضغوط من المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي»، تساءل آخرون عن إمكانية أن «يُحدث التعديل اختراقاً يسمح بتخطي معضلة عدم التوافق بين مجلسي النواب والدولة حول بنود الترشح للرئاسة، وتحديداً ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية».
عضو مجلس النواب الليبي حسن الزرقاء أشار إلى أن «البنود الخلافية بين المجلسين سترحل للقوانين الانتخابية».
وخلال جلسة، أول من أمس، نوّه رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح بأنه بعد إقرار التعديل «سوف تشكل لجنة للتوافق بين مجلس النواب والأعلى للدولة؛ لإعداد قانون الانتخابات، ومن ثم عرضه لإقراره وإصداره من قبل البرلمان، مع العمل في نفس الوقت على إنجاز مشروع الدستور الدائم للبلاد».
وعلى الرغم من عدم وجود موقف رسمي من «الأعلى للدولة» حول التعديل، لمح الزرقاء إلى «وجود توافق بين المجلسين حوله». ورفض ما يردده البعض عن أن «اللجوء للتعديل ليس إلا مناورة سياسية؛ لتلافي الضغوط الدولية والأممية الموجهة للمجلسين، في ظل تكرار خلافاتهما حول القاعدة الدستورية والتلكؤ في إقرارها»، مشدداً على أنه «سيتم العمل على وضع القانون الانتخابي خلال مدة زمنية قصيرة، وبعدها ستجرى الانتخابات».
ورجح مراقبون أن «يكون باتيلي قد لوح خلال المباحثات الأخيرة التي أجراها مع رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري، وعقيلة صالح، برصد كافة التفاصيل المتعلقة بالتأخر في إنجاز القاعدة الدستورية، خلال إحاطته المرتقبة نهاية الشهر الحالي أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، وهو ما يعني تحميل المجلسين مسؤولية عرقلة الانتخابات».
وهنا أشار الزرقاء إلى أن «إجراء الاستحقاق يعني فتح الباب لمغادرة المجلسين؛ لا إطالة بقائهما بالمشهد والتمتع بنفوذهما السياسي كما يتهمهما البعض». وقلل من الاعتراضات التي أبداها البعض حول منح مجلس الشيوخ صلاحيات كمراجعة قوانين النظام المالي للدولة، والجنسية، والهجرة»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «كل هذه الصلاحيات تتم بالتشاور مع مجلس النواب».
ورغم إقراره بنشاط تيار الإسلام السياسي بالمنطقة الغربية، وخاصة العاصمة «مقر الشيوخ»، استبعد الزرقاء «سيطرة هذا التيار على كتلة من مقاعده». وأرجع ذلك «لتشكيله من 60 عضواً، بحيث يتم انتخاب 20 عضواً عن كل إقليم من الأقاليم الثلاثة، فضلاً عن أن الانتخابات ستجرى بالنظام الفردي، وهو ما يصعب وصول أفراد هذا التيار».
في المقابل، اعتبر عضو مجلس النواب الليبي علي التكبالي، أن «ترحيل (البنود الخلافية)، وخاصة مزدوجي الجنسية للقوانين الانتخابية لا يحل الأزمة؛ إنما يطيل عمرها». وأوضح التكبالي لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يمكن التنبؤ بتخطي معضلة البنود الخلافية خلال مناقشات إعداد القوانين الانتخابية، والتي تفاوضوا حولها فترات طويلة، فضلاً عن أن مثل هذه القرارات لا يتعلق برئيسي المجلسين وأعضائهما، وإنما بالقوى الفاعلة على الأرض».
أما رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني الليبي»، أسعد زهيو، فذهب لـ«وجود تفاهم مسبق بين رئيسي المجلسين حول التعديل»، متوقعاً أن «يمتد هذا التوافق للقوانين الانتخابية». وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التعديل أقر أن القانون الانتخابي هو ما سيحدد ضوابط وشروط ترشح رئيس الدولة، ومن يتولون المناصب، وينظم استقالتهم من عملهم، وآلية عودتهم لسابق عملهم في حالة عدم الفوز». ورأى أن هذا يشير إلى «حسم المشري وصالح ضرورة استقالة أي شخصية مدنية أو عسكرية من منصبها قبل الترشح، وتبقى لهما فقط معالجة ملف مزدوجي الجنسية».
ورجح زهيو أن يسارع المجلسان «بوضع القوانين الانتخابية خلال الشهر الحالي لتتم الدعوة بعد 240 يوماً؛ لإجراء الانتخابات كما نص التعديل»، مشدداً على أن هدفهما هو «تلافي الضغوطات والتحذيرات التي وجهت لهما بشأن سرعة إقرار القاعدة والقوانين، وحتى يتمكنا من العودة لمطلبهما الرئيسي، وهو إيجاد حكومة جديدة موحدة تمهد للاستحقاق الانتخابي، إلا أنه من الصعب التكهن باستجابة المجتمع الدولي لهما بهذه الجزئية».
من جهته، توقع عضو المؤتمر الوطني العام السابق عبد المنعم اليسير، أن يتسبب التعديل في «المزيد من تعقيد المشهد»، مشيراً إلى أن «مدة عمل مجلسي النواب والشيوخ وفقاً لهذا التعديل 4 سنوات، فيما أن الإعلان الدستوري مخصص لمرحلة انتقالية يجب ألا تزيد عن سنة واحدة».
تساؤلات ليبية حول تعديل «الإعلان الدستوري»
خبراء اعتبروا أن ترحيل «البنود الخلافية» لن يحل الأزمة
تساؤلات ليبية حول تعديل «الإعلان الدستوري»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة