هل يعيد «الزلزال» تنشيط علاقات مصر مع سوريا وتركيا؟

اتصالات الرؤساء ووزراء الخارجية كسرت «جمود الموقف»

مصافحة الرئيسين المصري والتركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح كأس العالم نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
مصافحة الرئيسين المصري والتركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح كأس العالم نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

هل يعيد «الزلزال» تنشيط علاقات مصر مع سوريا وتركيا؟

مصافحة الرئيسين المصري والتركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح كأس العالم نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
مصافحة الرئيسين المصري والتركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح كأس العالم نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)

خلال ساعات معدودة، أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتصالين هاتفيين مع نظيريه السوري بشار الأسد، والتركي رجب طيب إردوغان، وقبلها كان وزير الخارجية المصري سامح شكري، قد أجرى اتصالين بنظيريه في البلدين، في خطوة استهدفت «تقديم العزاء في ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق بسوريا وتركيا فجر الاثنين».
هذه الاتصالات، وإن ركزت على الإعراب عن «تضامن مصر مع الشعبين الشقيقين، وتقديم المساعدة والإغاثة الإنسانية لتجاوز آثار هذه الكارثة»، فإن مراقبين اعتبروها «خطوة يمكن البناء عليها؛ لكسر جمود الاتصالات المصرية على المسارين السوري والتركي».
واتصال الرئيس المصري بنظيره السوري، الثلاثاء، هو الأول من نوعه بين الرئيسين، بل الأول لرئيس مصري منذ أكثر من عقد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن «السيسي أعرب خلال الاتصال عن خالص التعازي في ضحايا الزلزال المدمر، والتمنيات بالشفاء العاجل للجرحى والمصابين»، كما عرض تقديم مساعدات إغاثية لسوريا، وتوجهت بعدها عدة طائرات تحمل مساعدات إغاثية للمناطق السورية المتضررة.
وأعرب الرئيس السوري عن «امتنانه للفتة الكريمة من الرئيس»، مؤكداً «اعتزاز سوريا بالعلاقات التاريخية والأخوية التي تربط البلدين وشعبيهما الشقيقين»، بحسب بيان الرئاسة المصرية.
كما جاء اتصال الرئيس المصري بنظيره التركي ليكون الأول كذلك بعد المصافحة بينهما على هامش المباراة الافتتاحية لكأس العالم لكرة القدم بقطر، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والتي جاءت بعد سنوات من التوتر بين البلدين، عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، بعد مظاهرات شعبية حاشدة عام 2013.
من جانبه، قدم الرئيس التركي الشكر لنظيره المصري على هذه المشاعر الطيبة، مشيراً إلى أنها تؤكد عمق الروابط التاريخية التي تجمع بين الشعبين المصري والتركي «الشقيقين»، وفقاً لبيان رسمي تركي.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري، أعلن، الاثنين، في اتصال مع نظيريه التركي والسوري، أن مصر سترسل مساعدات إغاثة عاجلة إلى البلدين، بحسب تغريدات للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية.
وبالإضافة إلى الدافع الإنساني الذي يغلف الاتصالات المصرية مع كل من سوريا وتركيا، فإن الدكتور عماد جاد، عضو مجلس النواب المصري السابق ومستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية، يرى أن تلك الاتصالات يمكن أن تكون «خطوة يُبنى عليها لاحقاً»، مشيرا إلى أن تلك الاتصالات تأتي بعد خطوات سابقة على الأقل على المسار التركي.
ويوضح جاد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن المصافحة بين الرئيسين: السيسي وإردوغان في قطر، «ساهمت في فتح صفحة جديدة في العلاقة بين البلدين»، مضيفاً أن هذا الموقف الإنساني المصري «سيكون له تأثير لاحقاً في دفع الأمور قدماً على المسار التركي».
ويتابع جاد مؤكداً أن المسار السوري «يبدو أكثر صعوبة»، وإن كان الاتصال المصري «قد كسر جموداً مستمراً لأكثر من عقد كامل»، وهو ما يدفع باتجاه إمكانية البناء على هذه الخطوة، لا سيما «إذا التقط السوريون الخيط، وتحلوا بالقدرة على الانفتاح»، لافتاً إلى أن «سوريا الآن في موقف بالغ الصعوبة، وتحتاج إلى دعم سياسي واقتصادي يمكن أن تقدمه أطراف عربية في مقدمتها مصر ودول الخليج».
ويشير مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية إلى أن النموذج العراقي في الانفتاح على الحاضنة العربية في الآونة الأخيرة «يمكن أن يمثل نموذجاً ملهماً للسوريين إذا ما أرادوا استعادة علاقاتهم العربية»، إلا أنه يستدرك قائلاً: «لكن المشكلة أن الخبرة مع نهج النظام السوري هي أنه يتخذ دائماً المسار المتشدد، وليس لديه مرونة كبيرة».
ويتابع القول إن الفترة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت هناك تحولات في رؤية ونهج النظام السوري، أم أنه سيواصل التعامل مع الأمور وفق الخط المتشدد الذي يأخذه دائماً، وإن كانت الأمور تبدو حالياً مختلفة، ويمكنه إذا ما تحلى بقدر كبير من الانفتاح أن يبدأ صفحة جديدة على أكثر من مسار.
ويعتقد كرم سعيد، الباحث المختص في الشؤون التركية، أن الاتصالات المصرية الأخيرة، وبخاصة مع الجانب التركي وإن كانت تأتي في إطار الدبلوماسية الإنسانية، إلا أنها «تعبر عن تطور لافت في العلاقات بين القاهرة وأنقرة»، على حد تعبيره.
ويستشهد سعيد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بأزمة مشابهة، وهي زلزال «أزمير» في تركيا عام 2020، والذي اكتفت مصر خلاله بتعزية الشعب التركي عبر بيان أصدرته وزارة الخارجية، وهي خطوة رمزية كانت تعبر عن جمود العلاقات في ذلك الوقت، إلا أن ما شهدته الشهور الأخيرة من كسر للجليد بين البلدين، أدى إلى تحريك مسار العلاقات، وعبرت عنه الاتصالات المصرية وإرسال مساعدات، وهو ما كان محل تقدير واسع من الجانب التركي.
ويضيف الباحث في الشؤون التركية أن الاتصالات المصرية «تعكس وجود تحسن في إدارة الملفات العالقة»، وبخاصة في العلاقة مع تركيا، وفي مقدمتها الملف الليبي، الذي يمثل بالنسبة للقاهرة ارتباطاً بأمنها القومي.
ويتابع سعيد القول إن الآونة الأخيرة شهدت حدوث اختراقات مهمة على مستوى التوصل إلى إجراء انتخابات وخروج القوات الأجنبية، فضلاً عن هدوء نسبي في منطقة شرق المتوسط، التي ترتبط فيها مصر بمصالح حيوية مع اليونان وقبرص، مضيفاً أن التحسن في الملفين «يفيد في دفع العلاقات المصرية التركية نحو مزيد من الدفء».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».