الصين تستضيف محادثات جديدة بين طالبان وكابل

من أجل التوصل إلى تسوية سياسية تنهي سنوات من سفك الدماء

الصين تستضيف محادثات جديدة بين طالبان وكابل
TT

الصين تستضيف محادثات جديدة بين طالبان وكابل

الصين تستضيف محادثات جديدة بين طالبان وكابل

قال مسؤول أفغاني أمس الجمعة إن الصين ستستضيف، على الأرجح، الجولة الثانية من المحادثات بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان في الأسبوع المقبل، مما يعزز الآمال بتحقيق تقدم باتجاه التوصل إلى تسوية سياسية تنهي سنوات من سفك الدماء بين الطرفين.
وتشعر الصين بقلق متزايد من الصراع في المنطقة، وتخشى أن يمتد إلى أراضيها. وسبق لبكين القيام بدور الوسيط للتوصل إلى اتفاقية سلام بين كابل ومقاتلي طالبان.
وقال إسماعيل قاسم يار عضو مجلس السلام الأفغاني الأعلى إن «الجولة الثانية من المفاوضات ستعقد، على الأرجح، في أورومتشي عاصمة إقليم شينجيانغ في أقصى الغرب في الصين في 30 يوليو (تموز)».
وتقول الصين إنها تواجه انتفاضة متطرفة هناك وتعتقد أن المتشددين يحتمون ويتدربون على يد طالبان وغيرها من الحركات المتشددة على طول الحدود الباكستانية - الأفغانية. وقال قاسم يار إن وفودا من الصين والولايات المتحدة ستراقب المفاوضات كما فعلوا في أول اجتماع رسمي هذا الشهر.
واستضافت باكستان الجولة الافتتاحية من المحادثات بين الحكومة الأفغانية وطالبان في العاصمة إسلام آباد في مسعى لإنهاء أكثر من 13 سنة من القتال في أفغانستان، مما يؤدي إلى مقتل المئات شهريا. وتلعب باكستان المجاورة دورا أساسيا في العملية بسبب علاقاتها التاريخية بقادة طالبان الأفغانية الذين استخدموا مناطقها الحدودية كملاذ آمن لهم.
وعلى الرغم من أن عملية السلام الوليدة تمثل خطوة إلى الأمام فإن نجاحها لا يعتبر مضمونا. وقادة طالبان منقسمون بين المفاوضات واستكمال القتال، ومن غير الواضح ما إذا كان الطرف المشارك في المفاوضات سيكون قادرا على فرض أي اتفاقية لوقف إطلاق النار. وقال الوفد الأفغاني في المفاوضات في باكستان إن طالبان طرحت مسألة وجود الجنود الأجانب في أفغانستان وعقوبات الأمم المتحدة على قادتها، وأسرى الحرب. وأشار الوفد إلى أن مثل هذه المواضيع ستتم مناقشتها بشكل أوسع في الجولة الثانية من المفاوضات.
يذكر أن زعيم طالبان الملا محمد عمر أعلن عن دعمه لمحادثات السلام التي تجري بين الحركة والحكومة الأفغانية، واصفا إياها بأنها «شرعية»، وذلك في أول رسالة له منذ بدء حوار عقد في باكستان الأسبوع الماضي برعاية الصين والولايات المتحدة.
وكانت عواصم الدول الكبرى والأمم المتحدة رحبت بهذا الاتصال الأول المباشر الأسبوع الماضي بين وفد من طالبان والحكومة الأفغانية بهدف فتح الطريق لمحادثات سلام من أجل إحلال الاستقرار في بلد يشهد منذ أكثر من عقد حركة تمرد إسلامي.
وفي رد الفعل الأول هذا الذي نشر على الموقع الرسمي لحركة طالبان، لم يذكر الملا محمد عمر بشكل واضح هذه الدورة التمهيدية، لكنه عبر عن موافقته على إجراء محادثات لإحلال السلام في البلاد. وأكد الزعيم الغامض للحركة الذي يلقبه أعضاء طالبان بـ«أمير المؤمنين» أنه «بموازاة (الجهاد) المسلح، تشكل الجهود السياسية والطرق السلمية مبدأ إسلاميا شرعيا». وأضاف في نص طويل نشر الأسبوع الماضي بمناسبة عيد الفطر: «عندما نتمعن بمبادئنا الدينية ندرك أن اللقاءات وحتى الاتصالات السلمية مع الأعداء ليست محظورة». ويقول خبراء إن الملا عمر يعيش في مكان سري في باكستان المجاورة، حيث لم يظهر يوما. وتتحدث شائعات من حين لآخر عن وفاته. وقد دفع غيابه وصمته واحتمال إلقاء السلاح بعد فترة، بعض مقاتلي طالبان إلى مبايعة تنظيم داعش الذي بات ناشطوه منتشرين بقوة في شرق أفغانستان على الحدود مع باكستان. وفي الأسابيع الماضية، جرت معارك طاحنة بين الفصيلين فيما قتل كوادر في تنظيم داعش، بينهم زعيم فرعه في باكستان وأفغانستان حافظ سعيد خان، وناشط منذ البداية يدعى شهيد الله شهيد بضربات لطائرات من دون طيار في هذه المنطقة.
ومطلع الأسبوع الماضي، نشر تنظيم داعش «فتوى» تدعو كل المقاتلين في المنطقة إلى إعلان ولائهم لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي. وفي هذه «الفتوى» التي نشرت في النشرة الدعائية للتنظيم، يتهم «داعش» الملا محمد عمر بأنه قائد «قومي» يريد السيطرة على أفغانستان ويرفض إقامة دولة «خلافة» عالمية الهدف الأخير للتنظيم. وتشير «الفتوى» أيضا إلى أن الملا عمر لا يمكنه قيادة أي «خلافة» لأنه ليس «قرشيا» مثل أبو بكر البغدادي الذي يدعي أنه كذلك.
وتعقد حالات الالتحاق بتنظيم داعش مهمة الملا عمر الذي يواجه إنهاك القادة بعد عقد من الحرب وشكوك آخرين في جدوى تقارب مع كابل بإشراف الصين والولايات المتحدة، القوتين العظميين اللتين باتتا تسعيان معا إلى إحلال الاستقرار في أفغانستان.
وكان عدد من القادة الميدانيين لطالبان يتساءلون علنا عن شرعية المقاتلين الذين حضروا الجولة المباشرة الأولى من المفاوضات، مما يطرح تساؤلات كبيرة عن وحدة الحركة المتمردة.
والدليل الإضافي على صعوبة وضع خط واضح هو أن الملا عمر أكد في رسالته أن «المكتب السياسي» هو السلطة الوحيدة المخولة دون أن يسمي الكوادر المكلفين هذه المفاوضات.
على الأرض، ما زال مقاتلو طالبان بعيدين عن وقف القتال؛ فقد ضاعفوا في الأشهر الأخيرة الهجمات وما زالوا يطالبون برحيل جنود حلف شمال الأطلسي البالغ عددهم 12 ألفا و500، ولم تعد مهمتهم سوى تقديم النصح والتأهيل للجيش الأفغاني.



بكين تُعزز انتشارها العسكري حول تايوان

جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
TT

بكين تُعزز انتشارها العسكري حول تايوان

جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية للصين حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)

عزّزت الصين انتشارها العسكري حول تايوان خلال الساعات الـ24 الماضية، مع إرسالها 53 طائرة عسكرية و19 سفينة، وفق ما أفادت به، الأربعاء، سلطات الجزيرة، واصفة بكين بأنها «مثيرة مشاكل».

وتُعدّ الصين تايوان جزءاً من أراضيها، وتؤكد عزمها على إعادة ضمها مستقبلاً، حتى لو بالقوة.

وتعود جذور النزاع بين تايوان والصين إلى عام 1949، عندما فرّت القوى القومية بقيادة تشانغ كاي تشيك إلى الجزيرة، إثر هزيمتها في برّ الصين الرئيس أمام القوى الشيوعية، بقيادة ماو تسي تونغ.

حاملة الطائرات الصينية «لياونينغ» ومجموعتها القتالية خلال تدريبات في أكتوبر 2024 (موقع الجيش الصيني)

وقالت تايوان، الأربعاء، إنها رصدت خلال الـ24 ساعة الماضية 53 طائرة عسكرية صينية و19 سفينة حول الجزيرة، في إطار تنفيذ الجيش الصيني أكبر انتشار بحري له منذ سنوات.

وقالت وزارة الخارجية التايوانية في بيان: «تُولّد هذه التصرفات حالة من عدم اليقين وأخطاراً في المنطقة، وتتسبب في اضطرابات للدول المجاورة، وتؤكد أن الصين مثيرة مشاكل تُهدد السلام والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

من جهته، قال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، إن الولايات المتحدة تراقب الوضع، وستضمن «ألا يقوم أحد بأي شيء لتغيير الوضع القائم في مضيق تايوان».

وأضاف، الأربعاء، لصحافيين في قاعدة أميركية في اليابان: «نقولها مجدداً، سياستنا لم تتغير. سنواصل بذل كل ما في وسعنا لمساعدة تايوان في الحصول على وسائل للدفاع عن نفسها».

وقالت وزارة الدفاع التايوانية في بيان: «إن الطائرات والسفن، وبينها 11 سفينة حربية، رصدت خلال فترة 24 ساعة انتهت في الساعة السادسة صباحاً (22.00 ت.غ الثلاثاء)».

لقطة من فيديو للجيش الصيني تُظهر ضابطاً ينظر للأفق عبر منظار مكبر على متن قطعة بحرية (أرشيفية - الجيش الصيني)

وهذا أعلى عدد من الطائرات والسفن الصينية التي ترصدها تايوان منذ المناورات العسكرية التي نظمتها بكين في أكتوبر (تشرين الأول) ردّاً على خطاب الرئيس لاي تشينغ تي، في العيد الوطني لتايوان قبل أيام من ذلك. وعند انتهاء تلك المناورات، رُصِد عدد قياسي، بلغ 153 طائرة صينية، في يوم واحد قرب الجزيرة، إضافة إلى 14 سفينة صينية.

والثلاثاء، أعلنت تايوان أنها رصدت حول الجزيرة خلال الساعات الـ24 الماضية 47 طائرة عسكرية، و12 سفينة حربية صينية، وذلك بعيد أيام من انتهاء جولة خارجية قام بها الرئيس التايواني لاي تشينغ تي، وأدانتها بكين بشدّة.

جنود من الجيش الصيني خلال التدريبات (أرشيفية - موقع الجيش الصيني)

وفي المجموع، نشرت بكين نحو 90 سفينة على مساحة أوسع، في مياه بحر الصين الشرقي والجنوبي، وكذلك في مضيق تايوان الذي يفصل الجزيرة عن البر الرئيس للصين، فيما وصفته تايبيه بأنها من كبرى المناورات البحرية منذ سنوات.

وقامت هذه السفن (60 سفينة حربية، و30 أخرى تابعة لخفر السواحل الصينيين) بمحاكاة مهاجمة سفن أجنبية، وتعطيل طرق شحن في المياه المحيطة بتايوان «لرسم خط أحمر» قبل تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، وفق ما أوضح مسؤول أمني تايواني.

ولم يُعلن الجيش الصيني ووسائل الإعلام الحكومية الصينية عن زيادة النشاط في هذه المناطق.

لكن ناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية صرّحت، الثلاثاء، بأن الصين «ستدافع بقوة» عن سيادتها.

مقاتلة تظهر خلال دورية الاستعداد القتالي والتدريبات العسكرية حول جزيرة تايوان التي نفذها الجيش الصيني (أرشيفية - أ.ب)

وتأتي هذه المناورات بعد أيام من انتهاء جولة قام بها الرئيس التايواني، وشملت منطقتين أميركيتين هما هاواي وغوام، وأثارت غضباً صينياً عارماً، وتكهّنات بشأن ردّ محتمل من جانب بكين.

وكانت جولة لاي في المحيط الهادئ أول رحلة خارجية له منذ تولّيه منصبه في مايو (أيار).

وخلال جولته، أجرى لاي مكالمة هاتفية مع رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، ما أثار غضب بكين.

وتتهم الصين لاي، مثل الرئيسة السابقة تساي إنغ وين، بالرغبة في تعميق الانفصال الثقافي مع القارة، منددة بالتصرفات «الانفصالية».

وتايوان التي تحظى بحكم ذاتي تُعدها الصين جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، وتعارض أي اعتراف دولي بالجزيرة، وكونها دولة ذات سيادة.

وبكين، التي تعارض أيّ اتصال رسمي بين تايبيه ودول أجنبية، دانت «بشدة» جولة لاي، وحضّت الولايات المتحدة على «التوقف عن التدخل في شؤون تايوان».

وكذلك، حذّرت بكين تايوان من أي محاولة «تهدف إلى الاستقلال بمساعدة الولايات المتحدة»، مؤكدة أنها «ستفشل».