كارتر استقبله سفير واشنطن دون علم الحكومة ببغداد

المسؤولون الأميركيون لا يثقون بالحكومة العراقية

كارتر استقبله سفير واشنطن دون علم الحكومة ببغداد
TT

كارتر استقبله سفير واشنطن دون علم الحكومة ببغداد

كارتر استقبله سفير واشنطن دون علم الحكومة ببغداد

حين تم تشكيل أول حكومة عراقية برئاسة إياد علاوي، أواخر شهر يونيو (حزيران) عام 2004، جرى الاحتفال بالحدث على أنه نيل السيادة العراقية. بعدها تكررت أيام السيادة على عهد حكم نوري المالكي الذي استمر ثمانية أعوام. فتوقيع الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة الأميركية عام 2008 عد يومًا للسيادة. وانسحاب القوات الأميركية من العراق أواخر عام 2011 عد هو الآخر يومًا للسيادة. وطوال تلك الأعوام التي كان يجري فيها الاحتفال بأيام السيادة كانت الزيارات غير المعلنة وليس السرية للقادة الأميركان تتوالى على العراق. فبمجرد أن يصل المسؤول الأميركي مقر السفارة الأميركية في قلب المنطقة الخضراء المحصنة يعلن عن وصوله بغداد.
على الرغم من إعلان الولايات المتحدة الأميركية اعترافها بالسيادة العراقية، فإنها على المستوى العملي لا تزال تتعامل مع العراق بوصفه دولة مكونات، وهو ما يتمثل في اللقاءات التي يجريها كبار المسؤولين فيها مع العشائر السنية في المنطقة الغربية بعيدًا عن أنظار الحكومة المركزية، وكذلك اللقاءات التي يجريها كبار المسؤولين الأميركان مع الزعامات الكردية. آخر الزيارات غير المعلنة لمسؤول أميركي كبير إلى العراق، هي زيارة وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر التي لم يعلن عنها حتى وصوله ولم تجر له خلالها مراسم استقبال رسمية مثلما هي قواعد البروتوكول، رغم أنه التقى كبار المسؤولين العراقيين مثل رئيسي الوزراء حيدر العبادي والبرلمان سليم الجبوري، ووزير الدفاع خالد العبيدي.
كارتر الذي كان قد وصل، أول من أمس، إلى بغداد بواسطة طائرة نقل عسكرية، وحطت طائرته في قاعدة جوية لم يعلن عنها، وقد تكون قاعدة مطار بغداد، تم استقباله من قبل السفير الأميركي ببغداد ستيوارت جونز بدلاً من أن يستقبله نظيره العراقي خالد العبيدي، حيث علمت «الشرق الأوسط» من مصدر حكومي عراقي، لم يشأ نشر اسمه، بأن «المسؤولين العراقيين عرفوا بوصول وزير الدفاع الأميركي بعد أن حطت طائرته فوق الأراضي العراقية، وأن هبوط طائرته العسكرية تم بالتنسيق بينه وبين السفارة الأميركية ببغداد».
ومع التزام الجهات الرسمية العراقية الصمت حيال ذلك، فإن الخبير الأمني الدكتور معتز محيي الدين، رئيس المركز الجمهوري للدراسات الأمنية، يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك في الواقع أسبابًا مختلفة لمثل هذه الزيارات غير المعلنة، لا سيما من قبل الأميركان تحديدًا، من بينها أنهم لا يثقون بإجراءات الحكومة العراقية الأمنية، خصوصًا أنهم يخشون أطرافًا معينة قد تكون لها صلة بالحكومة، ثم إنهم يخشون رصد الطائرات الأميركية من جهات معينة، من بينها (داعش) أو جهات أخرى»، مشيرًا إلى أن «قواعد البروتوكول تقتضي أن تهبط الطائرة في مطار بغداد ويتم إعلام الجانب العراقي قبل وقت محدد، لغرض إجراء مراسم الاستقبال، بينما قد تكون الطائرة تهبط في قواعد عسكرية محصنة أميركيًا مثل قاعدة الحبانية أو بلد، وبالتالي تكون السفارة الأميركية والمسؤولون العسكريون الأميركيون هم وحدهم على علم بها وليس أي طرف آخر».
من جانبه، أكد نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، حامد المطلك، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأميركان، وبصرف النظر عن تلاعبهم بألفاظ السيادة وغيرها، هم السبب في كل ما حصل للعراق من تدمير خلال السنوات الاثنتي عشرة الماضية، وهو ما يتطلب منا جميعًا مقاضاة الأميركان على ما فعلوه، وليس الاحتفاء بهم»، مشيرًا إلى أن «الأميركان كانوا وما زالوا قوة احتلال بصرف النظر عن كل التبريرات التي يقدمونها، ومنها الحرب ضد (داعش)؛ حيث إن السياسات التي اتبعوها هي التي جلبت الإرهاب الذي نعاني منه اليوم في العراق» مبينًا أن «لدى الأميركان أجندة في العراق والمنطقة يعملون على تطبيقها بصيغ وأساليب مختلفة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.