مبادرة «الوطن الأم» في نيويورك تصل بشباب «المهجر» إلى القاهرة

خبراء: استقرار مصر «حقيقة» لها مؤشرات.. وانهياره سيؤدي إلى «دماء»

حملة تأييد واسعة من المصريين في الخارج للرئيس عبد الفتاح السيسي وتطوف مجموعة بسيارة فارهة شوارع برلين ترحيبًا بالرئيس المصري لدى وصوله القصر الرئاسي في العاصمة الألمانية مطلع الشهر الماضي (غيتي)
حملة تأييد واسعة من المصريين في الخارج للرئيس عبد الفتاح السيسي وتطوف مجموعة بسيارة فارهة شوارع برلين ترحيبًا بالرئيس المصري لدى وصوله القصر الرئاسي في العاصمة الألمانية مطلع الشهر الماضي (غيتي)
TT

مبادرة «الوطن الأم» في نيويورك تصل بشباب «المهجر» إلى القاهرة

حملة تأييد واسعة من المصريين في الخارج للرئيس عبد الفتاح السيسي وتطوف مجموعة بسيارة فارهة شوارع برلين ترحيبًا بالرئيس المصري لدى وصوله القصر الرئاسي في العاصمة الألمانية مطلع الشهر الماضي (غيتي)
حملة تأييد واسعة من المصريين في الخارج للرئيس عبد الفتاح السيسي وتطوف مجموعة بسيارة فارهة شوارع برلين ترحيبًا بالرئيس المصري لدى وصوله القصر الرئاسي في العاصمة الألمانية مطلع الشهر الماضي (غيتي)

نجحت مبادرة «الوطن الأم» التي أطلقتها «جبهة سند مصر» والقنصلية المصرية بنيويورك في اجتذاب مجموعة جديدة من الشباب المصريين الأميركيين ولدوا بالمهجر، في إطار مبادرة «الوطن الأم» تحت رعاية مكتب «مصر للطيران» في نيويورك.
وقال إريك تراجر، الباحث بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والخبير في الشؤون المصرية إن مصر تعتبر الآن مستقرة سياسيا عما كانت عليه منذ سنوات، وذلك على الرغم من أعمال العنف التي شهدتها البلاد خلال الفترة الأخيرة.
وأضاف تراجر في مقال نشرته مجلة «فورين أفيرز» الأميركية أن «نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتميز بوحدته داخليا على عكس الأنظمة المُقسَمة السابقة والتي عانت من الانهيار أمام الاحتجاجات الشعبية سواء في يناير (كانون الثاني) 2011 أو يونيو (حزيران) 2013».
إلى ذلك، بكى الشيخ علي جمعة مفتي مصر السابق حزنا، أثناء خطبة الجمعة أمس وهو يتحدث عن أثر الإرهاب في تشويه صورة الإسلام، وعن ضحاياه من الأبرياء.
بينما أكد خبراء مصريون استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم ضرورة الفصل بين ما تحقق من إنجاز على مستوى الدولة المصرية بعد عامين من عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وما تعانيه مصر ودول المنطقة، بل وعدد كبير من دول العالم من الإرهاب وتبعاته من عنف وتدمير، وأضافوا أن دلائل الاستقرار تؤكده مؤشرات كثيرة منها تحسن أداء الاقتصاد المصري ونشاط ملحوظ في حركة السياحة، وتقلص حالة الاحتقان والفوضى السياسية التي فرضت نفسها على مصر منذ 25 يناير 2011 بعد سقوط نظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك.
وكان شباب مصريون أميركيون أعضاء مجموعة «الوطن الأم» الذين يدرس معظمهم بكليات وجامعات مرموقة بأميركا، أبدوا سعادتهم بزيارة مصر وطنهم الأم للمرة الأولى، ووجهوا الشكر لكل من تبنى المبادرة التي تعد جسرا للتواصل بين أبناء مصر في المهجر، وبخاصة الشباب، ووطنهم مصر.
يذكر أن الحكومة المصرية أطلق عدة مبادرات لإعادة اجتذاب السياحة الأميركية إلى مصر كمقصد سياحي يفضله الأميركيون، وتبنى حملة التواصل مع الجالية المصرية والعربية، بهدف تعريف أجيالها الجديدة بمصر بعد ثورة 30 يونيو.
ويرى الباحث الأميركي إريك تراجر الخبير في الشؤون المصرية، أنه من المرجح أن تظل مختلف مؤسسات الدولة والجماعات المدنية التي تمثل أركان النظام متحالفة لسبب رئيسي واحد وهو إيمانها بأن جماعة الإخوان تمثل تهديدا كبيرا لها، كما يرى معظم المصريين أن وحدة نظام الرئيس السيسي هو المانع الرئيسي لمنع انزلاق مصر إلى حالة الـ«لا» دولة والفوضى التي سيطرت على دول الربيع العربي الأخرى.
وأكد تراجر أن كثيرا بل ربما معظم المصريين يرون أن جماعة الإخوان الإرهابية هم قوة مثيرة لزعزعة الاستقرار، وذلك في ضوء عدم الاستقرار السياسي الواسع الذي شهدته مصر خلال عام واحد من حكم مرسي وتبني الإخوان الهجمات التي يتم شنها على البنية الأساسية.
وتقول مجلة «فورين آفيرز» الأميركية إن العامين المنصرمين كانا الأكثر عنفا في تاريخ مصر المعاصر حيث قتل 1800 من المدنيين و700 من العسكريين على الأقل، وتؤكد المجلة أنه من المتوقع أن تزداد هذه القصة المؤسفة سوءا.
وعقب اغتيال النائب العام المصري نهاية شهر يونيو الماضي، ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي باللوم على الإخوان المسلمين وتعهد بتشديد الحملة الأمنية على الجماعة بما في ذلك تشديد القوانين لضمان سرعة التنفيذ لأحكام الإعدام الصادرة بحق أعضاء في الجماعة، وأكدت المجلة أن الوضع الراهن في مصر مستقر، لكنها حذرت من أنه إذا انهار فجأة فسيكون حمام دماء.
إلى ذلك، أدان مفتى الجمهورية السابق علي جمعة، العمليات الإرهابية التي تقتل الأبرياء دون وجه حق باسم الدين وتلحق الضرر بالمجتمع، مؤكدا أن الدين الإسلامي والسنة النبوية يتبرآن تماما من تلك العمليات المخالفة للشرع والدين، داعيا إلى تعزيز التعاون الدولي والعربي للتصدي للإرهاب ولنشر قيم السماحة والأخلاق.
وقال الشيخ علي جمعة - باكيا - في خطبة الجمعة أمس من مسجد السيدة زينب بالقاهرة - إن الرسول (صلى الله عليه وسلم) تبرأ ممن يدّعون الإسلام ويقومون بتفخيخ السيارات ويقتلون الأبرياء من المارة دون أسباب دون تمييز بين الخبيث والطيب ولا البر والفاجر وبلا مراعاة لدين أو خلق.
وأشار إلى أن هؤلاء الإرهابيين شوّهوا صورة الإسلام ووقفوا حجابًا بين الله وخلقه ومنعوا الناس أن يدخلوا في دين الله أفواجا سواء بقصد أو غير قصد، لإلصاق تلك الأعمال البربرية خطا وزورا بالإسلام، وقال: «إن تلك الفئة من المفسدين الخارجين على المحاجة البيضاء التي ترك الرسول عليها الأمة، والقائمة على الوسطية والاعتدال ونبذ العنف والتشدد والإرهاب».



لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه بين بيروت وتل أبيب للتوصل لوقف النار يبقى في إطاره الإعلامي، ما دام رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتبلغا بموعد عودته ولا بتحقيق بعض التقدم في زيارته الأخيرة لإسرائيل، وإلا فلماذا اضطر للعودة إلى واشنطن بدلاً من أن يعرج على بيروت لإطلاعهما على الأجواء التي سادت اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟

وتقول مصادر سياسية إن مواصلته للوساطة الأميركية بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى وقف للنار تمهيداً لنشر الجيش اللبناني، إلى جانب قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» في جنوب الليطاني لتطبيق القرار الدولي 1701 بعد الاتفاق على آلية تنفيذه، تبقى عالقة على نتائج السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض بين الرئيس السابق دونالد ترمب ومنافسته كامالا هاريس، والتي ستظهر تدريجياً في الساعات المقبلة.

وساطة هوكستين وسباق الرئاسة الأميركية

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الوساطة التي يتولاها هوكستين لنزع فتيل التفجير بين إسرائيل و«حزب الله» يتوقف على من سيحسم السباق الرئاسي الأميركي. وتقول إن انتخاب هاريس من شأنه أن يسهّل مهمته ويتيح له الاستقواء بوصولها إلى البيت الأبيض على نحو يمكّنه من وضع حد للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو؛ لأنه سيكون في وسعها الاستعانة بالرئيس الحالي جو بايدن لوضع تطبيق الـ1701 على نار حامية، حتى قبل أن تبدأ ممارسة صلاحياتها الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، هذا في حال أنها حسمت أمرها وقررت إخراج الوساطة من المراوحة، أسوة بتلك التي أصابت مفاوضات غزة.

وترى المصادر ذاتها أن فوز ترمب بالرئاسة قد يؤدي إلى تمديد أمد المراوحة التي يحاول نتنياهو الإفادة منها لمواصلة تدمير القرى الأمامية التي لم تعد صالحة للإقامة فيها.

فوز ترمب يمدد فترة تفلت نتنياهو

وتخشى المصادر نفسها أن انشغال ترمب في تشكيل إدارته بالبيت الأبيض سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة «السماح» لنتنياهو لترتيب الوضع في القرى الأمامية الحدودية، ولكن على طريقته، بما يمكّنه من انتزاع موافقة الحكومة اللبنانية للتسليم بتفسيره لتطبيق القرار الدولي استباقاً لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، آخذاً بعين الاعتبار إطباق الحصار على إيران والقضاء على أذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، بقطع كل أشكال الإمداد العسكري والمالي له، بالتلازم مع استهدافه للبنية الاقتصادية، ليس للحزب فقط، وإنما للطائفة الشيعية، وهذا ما يفسّر تدميره للأسواق والمصانع والمؤسسات والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها للنهوض مجدداً بهذه المناطق.

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عمّا إذا كان وصول ترمب يشكل محطة لاختبار مدى جديته بإنهاء الحروب، بدءاً بإعادة الهدوء المستدام إلى الجنوب، انسجاماً مع وعوده التي قطعها في لقاءاته مع الاغتراب اللبناني. فهل يضغط على إسرائيل لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته؟

استعصاء نتنياهو

وتستغرب المصادر السياسية وضع اللائمة على لبنان بتحميله مسؤولية إضاعته للفرص التي أتيحت لتطبيق الـ1701، وتقول إن نتنياهو هو من يستعصي ويتمرّد على الإدارة الأميركية برفضه التجاوب مع الإطار العام الذي اتفق عليه هوكستين مع بري لتسهيل تنفيذ القرار، وذلك بمطالبته بإدخال تعديلات عليه غير قابلة للتنفيذ، من وجهة النظر اللبنانية، كونها تجيز له استمرار تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي في الأجواء اللبنانية، وتعطيه الحق بالتوغل في منطقة جنوب الليطاني ولو من باب الشبهة، بذريعة أن هناك من يعدّ لتحرك يراد منه تهديد أمن إسرائيل.

وتكشف المصادر عن أن هوكستين كان قد أبلغ مسؤولين لبنانيين، وهو في طريقه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو، أن الأجواء إيجابية وتفتح الباب أمام التوصل لوقف النار. وتقول إنه تحدث لاحقاً عن حصول تقدُّم بقي إعلامياً، مع أنه، كما نُقل عنه، أمهل نتنياهو بعض الوقت نزولاً عند رغبته، ما أوحى له بأن للبحث صلة على طريق إنهاء الحرب.

نتنياهو يسعى لترتيبات أمنية

لكن، تبين بحسب المصادر أن لا أساس للتقدم الذي تحدث عنه هوكستين، وإلا فلماذا يوسع نتنياهو تدميره وحرقه للقرى؟ ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كان يود خوض المفاوضات على طريقته، وتحت النار، للضغط على لبنان للتسليم له بإدخال «ترتيبات أمنية» على الـ1701، يمكن أن تسمح له بتفريغه من مضامينه، مع أن لبنان أقر بأن لا مفر من تطبيقه على قاعدة الاعتراف بالاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة حالياً، وأدت إلى تعطيل تنفيذ القرار.

وترى المصادر أنه لم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب، وأنه لا بد من الفصل بينهما لعدم توفير الذريعة لنتنياهو للتفلت من وقف حربه على لبنان بتطبيق الـ1701، مع أنه لم يكن من ضرورة لإسناد «حزب الله» لغزة، الذي شكل بتفرُّده بقرار السلم والحرب إحراجاً للحكومة عربياً ودولياً، باعتبارها صاحبة الصلاحية في اتخاذه، فيما افتقد الحزب إلى من يناصره، بخلاف وحدة الساحات التي يدعو لها محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما ألقى عليه عبء المواجهة منفرداً.