الأكراد قلقون من دخول تركيا الحرب في سوريا لكنهم يستبعدون «مجازفة» ضدهم

خبير عسكري: أنقرة حققت شرطها بإنهاء الحالة الكردية على حدودها ويبقى مطلب إسقاط الأسد

عسكري تركي يقف بجوار ناقلة جند قرب الحدود التركية السورية عند قرية سيفي إلى الشرق من مدينة كلس في المنطقة التي شهدت قصف الطيران الحربي التركي على مواقع تنظيم داعش داخل سوريا (أ.ب)
عسكري تركي يقف بجوار ناقلة جند قرب الحدود التركية السورية عند قرية سيفي إلى الشرق من مدينة كلس في المنطقة التي شهدت قصف الطيران الحربي التركي على مواقع تنظيم داعش داخل سوريا (أ.ب)
TT

الأكراد قلقون من دخول تركيا الحرب في سوريا لكنهم يستبعدون «مجازفة» ضدهم

عسكري تركي يقف بجوار ناقلة جند قرب الحدود التركية السورية عند قرية سيفي إلى الشرق من مدينة كلس في المنطقة التي شهدت قصف الطيران الحربي التركي على مواقع تنظيم داعش داخل سوريا (أ.ب)
عسكري تركي يقف بجوار ناقلة جند قرب الحدود التركية السورية عند قرية سيفي إلى الشرق من مدينة كلس في المنطقة التي شهدت قصف الطيران الحربي التركي على مواقع تنظيم داعش داخل سوريا (أ.ب)

صحيح أن دخول تركيا العلني في الحرب ضد «داعش»، أعاد خلط الأوراق في سوريا، لكنه فتح الباب على الكثير من التكهنات عن المنحى الذي ستسلكه المنطقة، خصوصًا بعد إبرام الاتفاق النووي الإيراني. غير أن تصريح رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو الذي أعلن فيه أن العمليات العسكرية التركية ستستهدف «داعش» ومجموعات كردية في الداخل السوري، رسم علامات استفهام عما إذا كانت أنقرة اتخذت قرارًا بالدخول في عملية عسكرية لها بعدان، الأول الانضمام إلى التحالف الدولي في الحرب على الإرهاب، وخصوصًا «داعش»، بعد التفجير الذي نفذه التنظيم قبل أيام وأودى بحياة ضابط وجنديين تركيين، والثاني تقليم أظافر الأكراد في الشمال السوري ومنع قيام أي كيان كردي على حدودها. لكن السؤال الذي يبقى جوابه برسم ما تحمله الأيام المقبلة، هل حصلت تركيا على تنازل دولي بشأن شرطها القديم، أي تزامن دخولها الحرب ضد «داعش» مع عمل عسكري ضد النظام السوري؟ وهل دخلت المنطقة في مرحلة حسم الملفات المعقدة بعد الاتفاق النووي؟
لا شك أن تصريح أوغلو شكل مصدر قلق للأكراد، من دون أن يبلغ القلق حد الخوف، بفعل التطمينات التي حصلوا عليها من التحالف الدولي. من هنا فإن الناطق باسم وحدات الحماية الكردية ناصر منصور، لم يتردد في وصف السياسة التي تنتهجها الحكومة التركية حيال الوضع السوري بـ«الجوفاء، في ظل الضغط الذي تمارسه الإدارة الأميركية على تركيا بهدف استخدام قاعدة إنجرليك لشن غارات عبرها في الداخل السوري».
ورأى منصور في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «داود أغلو قصد توجيه تهديد واضح إلى كل الوجود الكردي في سوريا، أي حزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي)، ووحدات حماية الشعب الكردي، علمًا بأنهم لا يشكلون أي تهديد لأمن تركيا، لكن المسألة تتعلق بعلاقات تركيا الحميمة مع تنظيم داعش، وإلى أين تتجه هذه العلاقات، خصوصًا بعدما أصبحت الدولة التركية مضطرة للتعاون مع التحالف الدولي، وخصوصًا بعدما أيقنت أن (داعش) لم يعد يفيدها بشيء».
وقال إن «المستهدف من التهديد التركي هما حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردي، علمًا بأنهما أعلنا صراحة أنهما ليسا جزءًا من الصراع الذي يجري في الداخل التركي، لكن الحكومة التركية كانت واضحة في عدائها للحركة الكردية قبل (داعش)، وباعتقادنا فإن تركيا لن تذهب بعيدًا بهذا الاتجاه، لأن الوضع الإقليمي والدولي ووضعها الداخلي لا يسمح لها بأي مجازفة ضد الشعب الكردي في سوريا، كما أن حزب الاتحاد الديمقراطي والحركة الكردية باتت لها علاقات وثيقة مع التحالف الدولي، وهذا التحالف سبق أن تحدث مع الأكراد وأخذ تعهدًا صريحًا بألا يشكلوا خطرًا على الداخل التركي»، معتبرًا أن «الحكومة الكردية تسعى إلى تضخيم الأمور للاستفادة من أمرين؛ الأول التنصل من علاقتها بـ(داعش)، والثاني أن تحصل من التحالف الدولي على مكاسب في سوريا، حتى لا تخرج من المولد بلا حمص، من هنا بدأت تركيا تدخل بالتدرج ضمن خطة التحالف الدولي». لكن النقمة التركية على الأكراد في هذا التوقيت بالذات، لها تفسيراتها، إذ يعزو ناصر أسبابها إلى أن «عداء تركيا للحركة الكردية في كل مكان، ورفضها أي حل للوضع الكردي، والدليل كيف تعاملت الحكومة التركية مع الأكراد في شمال العراق، لأنها تعتقد أن أي حل للأزمة الكردية سيحرك الأكراد في الداخل التركي وهذا ما لا تتحمله تركيا».
ومن منظور أشمل، قارب الخبير العسكري السوري عبد الناصر العايد، المستجدات على الحدود التركية السورية، فلفت إلى أن «القصة التركية الكردية معروفة، خصوصًا الصراع مع حزب العمال الكردستاني، كما أن الأكراد كانوا مستائين جدًا من توغل (داعش) في تركيا».
وأوضح العايد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الأكراد باتوا قنبلة موقوتة بالنسبة إلى الأتراك، لأنهم أصبحوا على الحدود، والمؤازرة الأميركية لهم باتت واضحة». وقال: «قبل الاتفاق النووي كانت تركيا ترفض الدخول في أي حرب ضد (داعش)، ما لم يتزامن ذلك مع عمليات ضد النظام السوري وفرض حظر جوي فوق سوريا، لكن بعد الاتفاق النووي أعادت تركيا حساباتها، خصوصًا بعد التفجير الذي نفذه (داعش) وأدى إلى مقتل ضابط وجنديين تركيين، وبعد تنامي الحالة الكردية على الحدود»، مضيفًا: «في السابق كانت تركيا تلوح بدعم فصائل سوريا للحد من نفوذ الأكراد، وكانت هناك حركة دبلوماسية نشطة بين واشنطن وأنقرة، أسفرت عن نوع من الاتفاق بأن تقطع تركيا الشريان الذي يوصل الأكراد في شمال سوريا ومنع قيام كيان كردي مقابل الحرب على (داعش)، ولكن السؤال المطروح الآن، هل حصلت تركيا على تنازل أميركي بما خص مطلبها الثاني، وهو القيام بعمل عسكري ضد النظام السوري؟ وهل تلقت ضوءًا أخضر بمنع قيام أي كيان كردي على حدودها؟».
وأوضح العايد أن «الأتراك قصفوا مواقع لتنظيم داعش في الداخل السوري، وبدأوا ملاحقة قيادات هذا التنظيم ونقاط لوجيستية له في داخل تركيا، ولا شك أن تركيا كانت ممرًا لقيادات وعناصر (داعش) إلى الداخل السوري، لكنها كانت تتخذ منهم ورقة قوة للضغط عبرها، وكانت تتحين الساعة التي تسمح لها بالقبض عليهم، وهي الآن بدأت استخدام هذه الورقة بعد إغلاق الملف النووي الإيراني، وعلينا أن ننتظر لنرى ما إذا حصلت تركيا على مطلبها بإسقاط نظام بشار الأسد في سوريا، ويكون بذلك موقف تركيا متصالحًا مع موقف المملكة العربية السعودية». وعن أسباب غض الطرف التركي عن ممارسات «داعش» على الحدود لأشهر طويلة، رأى العايد أن «الدولة التركية كانت تتجاهل (داعش) أو قد تدعمه لمنع قيام كيان كردي، لكن الآن باتت الحرب حقيقية، وهي أسقطت ورقة هذا التنظيم بعد أن قتل جنودًا لها، ولا ننسى أن الجميع استخدم ورقة (داعش) بدءًا من النظام السوري وإيران والحكومة العراقية، لكن الآن حصلت متغيرات بدخول تركيا إلى الميدان، ولكن ليس باندفاع شديد لأن مؤيدي (داعش) وغيرها من الحركات الإسلامية التي تبقى قوة لا يستهان بها».



انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
TT

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)

تراجعت القدرة الشرائية لغالبية اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، بعد موجة غلاء شديدة ضربت الأسواق، وارتفعت معها أسعار المواد والسلع الأساسية والغذائية، على الرغم من تراجعها عالمياً للشهر الثالث على التوالي.

وارتفعت الأسعار في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وجميع المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية؛ ما اضطر كثيراً من العائلات إلى خفض استهلاكها من بعض السلع، أو الاستغناء عن بعض الأصناف، مثل الخضراوات والفواكه، في حين رفعت المطاعم أسعار الوجبات التي تقدمها، رغم تراجع الإقبال عليها.

وتقول مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن أسعار بعض السلع الغذائية زادت، خلال الأسابيع الماضية، بشكل كبير ومفاجئ، في حين حدثت زيادات تدريجية لسلع أخرى، دون أن يصدر حول ذلك أي بيانات أو توضيح من الجماعة الحوثية التي تسيطر على القطاع التجاري، أو إجراءات للحد من ذلك.

وزاد سعر كيس الدقيق زنة 50 كيلوغراماً نحو 3 دولارات؛ حيث ارتفع أحد أنواعه من 12400 ريال يمني إلى نحو 14 ألف ريال، وتفاوتت الزيادة في أسعار كيس الأرز بين 3 و6 دولارات، حسب النوع، بينما ارتفع سعر زجاجة الزيت (5 لترات) بمقدار دولارين لغالبية أنواعه، وتجاوز سعر كرتونة البيض 4 دولارات، بعد أن وصل إلى 2200 ريال. (تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي 535 ريالاً يمنياً).

اتهامات للحوثيين بفرض جبايات لتعويض خسائرهم من العقوبات الأميركية والغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتقول أروى سلام، وهي معلمة وربَّة منزل، لـ«الشرق الأوسط»، إنها اضطرت منذ نحو شهر للتخلي عن شراء الخضراوات تماماً، ما عدا الضروري منها لإعداد الوجبات، في محاولة منها لتوفير ثمن الدقيق والسكر والأرز.

وشملت الزيادات أسعار الخضراوات والفواكه محلية الإنتاج، والمعلبات التي تدخل ضمن أساسيات التغذية في اليمن، مثل التونة واللبن المجفف والأجبان، التي اضطرت غالبية العائلات للتوقف عن شرائها.

خنق الأسواق

بدأت موجة الغلاء الجديدة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بقفزة كبيرة في أسعار السكر، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ إذ ارتفع سعر الكيس الذي يزن 50 كيلوغراماً من 20 ألف ريال، إلى 26 ألف ريال لأكثر أنواعه انتشاراً في الأسواق، وهي زيادة تعادل نحو 12 دولاراً.

يمنيان يبيعان الحبوب المنتجة محلياً في سوق بوسط صنعاء (إ.ب.أ)

ومع موجة الغلاء الأخيرة، عاود السكر ارتفاع أسعاره خلال الأسابيع الماضية، وتفاوتت الزيادة الجديدة بين دولارين وأربعة دولارات، إلا أن غالبية الباعة استمروا ببيعه وفقاً للزيادة الأولى، التي تسببت بارتفاع أسعار المشروبات في المقاهي، وعدد من الأصناف التي يدخل في تكوينها.

وواجهت المطاعم صعوبات في التعامل مع الزيادات السعرية الجديدة، بعد أن اضطرت لرفع أسعار الوجبات التي تقدمها، وهو ما أدى إلى تراجع الإقبال عليها.

وتحدث عمار محمد، وهو مدير صالة في أحد المطاعم لـ«الشرق الأوسط» عن قلة عدد رواد المطعم الذي يعمل فيه منذ ارتفاع أسعار الوجبات، مع عزوف من تبقى منهم عن تناول الوجبات المرتفعة الثمن، وتقليل الكميات التي يتناولونها، وهو ما تسبب في تراجع دخل المطعم.

الجماعة الحوثية فرضت المزيد من الجبايات على نقل البضائع متسببة في موجات غلاء متتالية (غيتي)

وأبدى خشيتَه من أن يُضطَر مُلاك المطاعم إلى تسريح بعض العمال بسبب هذا التراجع، رغم توقُّعه تكيُّف معظم الزبائن مع الوضع الجديد، ورجوعهم إلى عاداتهم في تناول الوجبات خارج منازلهم بعد مضي بعض الوقت.

إلا أن باحثاً اقتصادياً نفى إمكانية حدوث التكيف مع الأوضاع الجديدة؛ فبعد كل هذه السنين من الأزمات المعيشية، والإفقار المتعمد للسكان، حسب وصفه، أصبح التكيف أمراً غاية في الصعوبة، خصوصاً مع توقف رواتب موظفي الدولة، واتساع رقعة البطالة، وتراجع المساعدات الإغاثية.

ولفت الباحث الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم الإفصاح عن هويته لإقامته في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، إلى أن التكيف يحدث في أوضاع يمكن أن تتوفر فيها فرص للسكان لزيادة مداخيلهم، وابتكار طرق جديدة لتحسين معيشتهم.

الأسواق في مناطق سيطرة الحوثيين تعاني من ركود كبير بعد موجات الغلاء (أ.ف.ب)

وأوضح أن الجماعة لا تهتم إلا بزيادة عائداتها، وتتبع جميع الوسائل التي ترهق السكان؛ من فرض المزيد من الضرائب والجمارك ومضاعفتها بشكل غير قانوني، والعبث بالقطاع التجاري والاستثماري، وجميعها إجراءات تعمّق الركود وتعيق الحركة المالية ونشوء الأسواق وتوسع البطالة.

غلاء عكس المتوقع

امتنعت كبريات الشركات التجارية عن إبداء تفسيرات لهذه الزيادات السعرية، بالتوازي مع عدم اتخاذ الجماعة الحوثية أي إجراءات لمنعها أو تفسيرها، رغم ادعاءاتها باستمرار إجراءاتها للرقابة السعرية، وحماية المستهلكين من الاستغلال.

تأتي هذه الزيادات في الوقت الذي أظهرت فيه مؤشرات «منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)»، تراجعاً عالمياً في أسعار السلع الغذائية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، للشهر الثالث على التوالي.

وبيَّنت المؤشرات، التي أعلنت عنها «فاو»، والتي ترصد أسعار سلَّة من السلع الغذائية المتداولة حول العالم، ظهور انخفاض من متوسط 126.6 نقطة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 125.1 نقطة، الشهر الماضي، بما يساوي 1.2 في المائة.

وطبقاً لذلك، هبطت أسعار أغلب فئات السلع الأساسية، مثل الألبان ومنتجاتها واللحوم والزيوت النباتية والسكر، رغم ارتفاع مؤشر أسعار الحبوب.

وأرجعت المنظمة الأممية هذا التراجع السعري إلى وفرة المعروض العالمي من السلع، وزيادة الإمدادات في أسواق التصدير، ما زاد المنافسة وخفّض الضغوط السعرية.

ومنذ أيام، حذَّرت المنظمة ذاتها من أن نصف الأسر في اليمن تعاني من نقص الغذاء والحرمان الشديد في أربع محافظات.


«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
TT

«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)

حذَّرت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الأحد)، من النقص الشديد في الأدوية والمستهلكات الطبية الذي وصفته بأنه عند «مستويات كارثية».

وأوضحت الوزارة، في بيان، أن 52 في المائة من الأدوية الأساسية و71 في المائة من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً»، كما أن 70 في المائة من المستهلكات اللازمة لتشغيل المختبرات بات رصيدها «صفراً» أيضاً.

وقالت الوزارة التي تديرها حركة «حماس»، في بيان، إن أقسام جراحة العظام، والغسل الكلوي، والعيون، والجراحة العامة، والعمليات، والعناية الفائقة، تواجه تحديات كارثية مع نقص المستهلكات الطبية، كما أن هناك نقصاً شديداً في الأدوية اللازمة للرعاية الأولية والسرطان وأمراض الدم.

وحذَّرت الوزارة من تصاعد الأزمة في ظل زيادة الحاجة إلى مزيد من التدخلات العلاجية للمرضى والجرحى، وطالبت بتعزيز الإمدادات الطبية العاجلة لتمكين الأطقم الطبية من أداء عملها.


الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
TT

الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)

وسط تصاعد الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع المعيشية واتساع رقعة الفقر، بدأت الجماعة الحوثية تنفيذ حملة تجنيد قسرية في مناطق سيطرتها بمحافظتي الحديدة وذمار، بعد فشل محاولاتها السابقة في استقطاب الفقراء للالتحاق بمعسكرات التدريب مقابل وعود برواتب شهرية.

ولجأت الجماعة المتحالفة مع إيران -حسبما ذكرته مصادر حكومية- إلى اعتقال عدد من وجهاء تلك المناطق بتهمة «التخاذل» في مسعى لإجبار السكان على إرسال أبنائهم للقتال.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين اعتقلوا عدداً من وجهاء مديرية «جبل راس» في الحديدة، بعد رفضهم إجبار الأهالي على إرسال أبنائهم إلى معسكرات التدريب، ضمن حملات التعبئة التي تزعم الجماعة أنها مخصصة لـ«تحرير فلسطين».

وقالت المصادر إن سكان المديريات الخاضعة للجماعة يواجهون حملة تضييق وعقوبات غير مسبوقة، بسبب رفضهم الانخراط في القتال، وإن الوجهاء لا يزالون رهن الاعتقال منذ أيام.

الحوثيون يرغمون الدعاة على قيادة حملات التجنيد (إعلام محلي)

وأوضحت السلطات المحلية الموالية للحكومة الشرعية، أن السكان -رغم الفقر المدقع الذي يعيشونه- رفضوا الانضمام لمعسكرات التدريب. وأشارت إلى أن القيادي الحوثي أحمد البشري، مسؤول ما تسمَّى «التعبئة العامة»، وعبد الله عطيف الذي عيَّنته الجماعة محافظاً للحديدة، أجبرا عدداً من الدعاة على مرافقتهم إلى تجمع أقيم في مدينة زبيد ضمن حملة التجنيد هناك. واعتبرت أن لجوء الجماعة إلى مثل هذا السلوك يعكس «حالة الإفلاس والتخبط» بعد فشلها في استقطاب أبناء تهامة.

وقالت السلطات إن مسؤول التعبئة الحوثي أبلغ الدعاة خلال الاجتماع أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أبدى استياءه الشديد من المجتمع التهامي، بسبب رفض أبنائه الالتحاق بالتجنيد، وعدم التجاوب مع دعوات التعبئة، رغم أن الحديدة تعد من أكثر المحافظات معاناة من انعدام الأمن الغذائي والفقر.

ضغوط على الدعاة

وطبقاً لما نقلته السلطات المحلية، وجَّه القيادي الحوثي أحمد البشري تهديداً مباشراً للدعاة، وأمرهم باستخدام نفوذهم ومنابر المساجد للضغط على الأهالي لإرسال أبنائهم إلى معسكرات التجنيد والجبهات، وإصدار فتاوى بوجوب حمل السلاح. كما هدد بإلحاق الدعاة وأُسرهم قسراً بالدورات الطائفية والعسكرية في حال رفضهم تنفيذ التعليمات.

وحذَّرت السلطات المحلية من أن الجماعة الحوثية تعمل على تحويل الدعاة وزعماء القبائل إلى أدوات لشرعنة التجنيد القسري، وتهدد كل من يتأخر أو يرفض بالاتهام بالولاء للحكومة الشرعية.

بينما يعاني اليمنيون من انعدام الغذاء يستمر الحوثيون في الإنفاق على التجنيد (إعلام محلي)

واستغلت الجماعة حالة الفقر الشديد، وانقطاع المرتبات، وانعدام الوظائف، لإغراء الأهالي برواتب شهرية، ووعدت بإدراج أبنائهم في قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية عند استئناف توزيعها. وفق المصادر ذاتها.

إلى ذلك، واصلت الجماعة الحوثية التضييق على سكان محافظة ذمار (مائة كيلومتر جنوب صنعاء) إذ أجبرت الأهالي في عدد من المديريات على الخروج في وقفات تحت شعار «النفير والتعبئة العامة»، وألزمت المشاركين برفع شعاراتها، في حين قام عناصرها بتصوير الحشود لتقديمها كدليل على وجود «حاضنة شعبية».

وقالت مصادر محلية إن مشرفي الحوثيين أبلغوا مسؤولي القرى والعزل بضرورة الحضور الإجباري لهذه الفعاليات، والاستعداد لـ«النفير العام» تحت غطاء دعم فلسطين، رغم توقف الحرب في غزة منذ مدة. كما ألزمت نساءً وفتيات بتسجيل أسمائهن كمتطوعات، ولوَّحت بعقوبات لمن يرفض، في خطوة تهدف إلى حشد أكبر عدد ممكن للفعالية التي دعت إليها الجماعة في صنعاء.

أزمة هي الأشد عالمياً

تأتي هذه الممارسات الحوثية -وفق مراقبين- في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن اليمن لا يزال يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم؛ إذ يحتاج أكثر من 19.5 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية هذا العام، بسبب النزاع المستمر، والانهيار الاقتصادي، وتداعيات تغير المناخ.

يمنيون نازحون في صنعاء يدفئون أنفسهم تحت أشعة الشمس في مخيم مؤقت وسط طقس بارد (إ.ب.أ)

ووفق مفوضية شؤون اللاجئين، فإن نحو 4.8 مليون يمني ما زالوا نازحين داخلياً، بينما استقبلت البلاد أكثر من 62 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا. وتوضح المفوضية أنها تعمل في معظم محافظات البلاد بالتنسيق مع السلطات والشركاء المحليين، لتوفير الحماية والمساعدات للفئات الأكثر تضرراً.

وعلى الرغم من هذه المعاناة الواسعة، تواصل الجماعة الحوثية إنفاق الموارد على التجنيد وحملات الحشد الطائفي والعسكري، بدلاً من توجيهها لتخفيف الكارثة الإنسانية، حسبما تؤكده مصادر حكومية ومنظمات محلية.