أزمة النفايات المتكدسة لم تثن اللبنانيين عن «فبركة النكات» على مواقع التواصل الاجتماعي

تحركات ميدانية واجتماع لبلدية بيروت اليوم لإيجاد حل للمشكلة

تجمعات شبابية بهدف وضع حد لاستهتار المسؤولين تجاه أزمة النفايات ({الشرق الأوسط})
تجمعات شبابية بهدف وضع حد لاستهتار المسؤولين تجاه أزمة النفايات ({الشرق الأوسط})
TT

أزمة النفايات المتكدسة لم تثن اللبنانيين عن «فبركة النكات» على مواقع التواصل الاجتماعي

تجمعات شبابية بهدف وضع حد لاستهتار المسؤولين تجاه أزمة النفايات ({الشرق الأوسط})
تجمعات شبابية بهدف وضع حد لاستهتار المسؤولين تجاه أزمة النفايات ({الشرق الأوسط})

يتوجه اللبنانيون عند الخامسة من بعد ظهر اليوم السبت إلى ساحة رياض الصلح وسط بيروت، ضمن واحد من التحركات الميدانية التي تدعو إليها تجمعات شبابية، بهدف وضع حد لاستهتار المسؤولين تجاه أزمة النفايات التي بدأت تخنق العاصمة.
ودعا النشطاء على صفحة التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، بعنوان «# طلعت ريحتكم» اللبنانيين إلى التحرك نحو مبنى مجلس الوزراء لطمر الزعماء (حسب وصفهم) تماما كما هم يطمرون شعبهم بالنفايات.
هذا التحرك الميداني الذي يجري بالتوازي مع اجتماع طارئ لبلدية بيروت دعا إليه رئيس بلديتها بلال حمد، يصبان في خانة إيجاد حل سريع لأزمة النفايات المتكدسة في شوارع بيروت. وحاز الحدثان على اهتمام اللبنانيين آملين في إيجاد مخرج من للأزمة التي بدأت منذ نحو الأسبوع.
وتوالت تعليقات المواطنين الساخرة المتعلقة بإيجاد منفذ لهذه الأزمة والداعية إلى التنسيق بين شباب لبنان في مختلف المناطق اللبنانية، وغزت صفحات التواصل الاجتماعية بكثافة منذ بداية المشكلة حتى يومنا هذا. والمعروف أن لبنان يعيش إحدى أسوأ أزماته البيئية منذ أن امتنع أهل بلدة الناعمة الواقعة على الساحل الجنوبي للبنان، عن استقبال النفايات التي تنقلها شركة «سوكلين» إلى مطمر استحدث في بلدتهم منذ سنوات طويلة. هذا الأمر الذي تسبب بتلوث بيئي وبأمراض خطيرة أخذت تصيب أهالي الناعمة، مما دفعهم إلى رفع أصواتهم وتوجيه أكثر من إنذار إلى الدولة اللبنانية وللشركة المذكورة وطالبوهما بالعثور على حل. وأعلن الأهالي رفضهم لأي تمديد للمهلة التي أعطوها (17 من الشهر الحالي)، مطالبين مجلس الوزراء بإصدار قرار يوقف العمل بهذا المطمر، وإيجاد بديل عنه، مهددين في المقابل بالقيام بخطوات تصعيدية.
حاول البعض التخفيف من حدة هذه المشكلة من خلال تشبيه لبنان بمدينة نابولي الإيطالية، التي عانت الأمرين من الأزمة نفسها في عام 2010 وما زالت حتى اليوم ترزح تحت ثقلها، إلا أن التشبه بمدينة أوروبية تحت عنوان «نحنا مش أحسن من نابولي» زاد الأمر سوءا، إذ رفع بعضهم الصوت ليرد: «لا بل نحن لسنا بحاجة إلى برلسكوني آخر يزيد النظام فسادا».
وهكذا وبين ليلة وضحاها تحولت مشكلة القمامة المتكدسة حديث البلد في لبنان. فصارت تحية اللبناني لصديقه أو جاره أو زميله في العمل لا تغيب عنها كلمة «نفايات» في كل شاردة وواردة. «صباح الزبالة» «كيفك مع هالزبالة»، «شو عامل اليوم مع رائحة الزبالة؟»، «قولك كم من الوقت رح نبقى نحنا والزبالة جيران؟»، «اختنقنا من الزبالة»، وغيرها من العبارات المشابهة التي طبعت أحاديث اللبنانيين بمضمون ملوث فرض عليهم بين ليلة وضحاها.
تحولت نشرات الأخبار المتلفزة إلى مشهد مضحك مبك في آنٍ، إذ شكلت صور تلالها هنا وهناك خلفية غريبة تقفز أمام عينيك، ولوحة متناقضة تجمع ما بين أناقة مذيعيها ومشهد القمامة المتكدسة وراءهم في كل مرة ترغب فيها في متابعة آخر المستجدات فيها.
وكالعادة أخذت هذه الأزمة طابع الطرافة والضحكة المرة من قبل الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين راحوا يفبركون النكات حولها مطبقين القول المأثور «الطير يضحك مذبوحا من الألم». أما أشهر تلك التعليقات وأبرزها فقد انتشرت على صفحتي «# طلعت ريحتكم» و«# الزبالة». ففيما تم تركيب صور فوتوغرافية تضمنت وجوه أهم السياسيين في لبنان، وهم يقفون في حاويات النفايات مبتسمين، استحدثت صور أخرى تظهر فتاة جميلة ترتدي زيا من نوع «الهوت كوتور» تم تصميمه من أكياس النفايات تلوح بيدها من سيارة تابعة لشركة «سوكلين». فيما تضمنت أخرى فتاة ذات جسم متناسق ومقدمة مكتنزة تجر عبوة نفايات وقد كتب تحت الصورة «الحكومة تستغني عن سوكلين وتتعاقد مع جاكلين».
كما لاقت صورة لأحد عمال لمّ النفايات، له ملامح آسيوية، وهو ينطق بعبارة «اشتقنالك يا كبير»، رواجا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي للدلالة على أهمية المهنة التي يزاولها أمثاله للحفاظ على النظافة.
وفيما احتوت بعض تلك الصور رموزا قاسية كاستبدال أرزة لبنان بكيس للنفايات، أو تحويل الخارطة الجغرافية للبلاد مرسومة بالأكياس نفسها، فإن صورا أخرى استعين فيها بأهل الفن رسمت الابتسامة على ثغر اللبناني بحيث ترجمت معاناته بصورة لنجوى كرم مثلا وهي تغني والنفايات مكدسة وراءها، فتتوجه إلى عامل للنفايات بالقول: «لو تعرف بغيابك شو صار زبالة ووسخ وتعتير وشحار». ولم يسلم الفنانون من آل الديك من قبضة هذه التعليقات، إذ تم استخدام ملصق إعلاني لحفلة لأحدهم «علي الديك»، ثبتت فوق تلة من النفايات كتب تحتها «كل ديك على مزبلتو صياح». كما أخذ مقطع من كلام للفنان زياد الرحباني تم تدوينه مع صورة له كتب فيه «أنت عم تحكيني عن الزبالة الوسخة.. لا في زبالة نظيفة ومحترمة.. بتحط كولونيا إذا ما معك خبر.. عندها مكاتب وبتصوت على مشاريع وعندها زلم»، وقصد به المسؤولين السياسيين في البلاد.
ومن التعابير التي راح يتداولها اللبنانيون في هذا الإطار: «بكرا الزبالة على ارتفاع 500 متر» (في تشبيه مجازي للنفايات بالعواصف الثلجية التي شهدها لبنان في فصل الشتاء المنصرم)، أو «صار لازم راسك يفرز لفرز النفايات» (لحث اللبنانيين على فرز نفاياتهم المنزلية لتسهيل جمعها من قبل البلديات) أو «ننعى إليكم بيروت المأسوف على نظافتها» أو «لتوحدنا أزمة الزبالة ونغير الواقع»!
وتجدر الإشارة إلى أن البلديات في لبنان اتبعت مبدأ رش حاويات النفايات، بمادة الكلس الأبيض، للحد من انتشار رائحتها وتكاثر الحشرات والحيوانات الزاحفة حولها.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».