العنف يحرم المصريين من الاستمتاع بكرة القدم

الزمالك اقترب من لقب الدوري وسط «غياب جماهيره»

مباراة الزمالك وإنبي أعادت العنف من جديد إلى الواجهة المصرية الكروية («الشرق الأوسط»)
مباراة الزمالك وإنبي أعادت العنف من جديد إلى الواجهة المصرية الكروية («الشرق الأوسط»)
TT

العنف يحرم المصريين من الاستمتاع بكرة القدم

مباراة الزمالك وإنبي أعادت العنف من جديد إلى الواجهة المصرية الكروية («الشرق الأوسط»)
مباراة الزمالك وإنبي أعادت العنف من جديد إلى الواجهة المصرية الكروية («الشرق الأوسط»)

حاول الشاب أسامة جمال، دون جدوى، حضور مباراة لفريقه الزمالك في الدوري المصري لينتهي به الحال محبطًا على الرصيف متابعًا اللقاء عبر بث حي على هاتفه المحمول أمام الملعب الفارغ لأن حضور الجمهور ممنوع.
وبإحباط بالغ قال الطالب جمال (21 عامًا)، وهو جالس أرضًا أمام ملعب بتروسبورت شرق القاهرة: «حتى كرة القدم متعتنا الوحيدة في الحياة لم يعد لها طعم».
وتجري مباريات كرة القدم خلف أبواب مغلقة بلا جمهور منذ مقتل 19 من مشجعي الزمالك في فبراير (شباط) الماضي، في مذبحة هي الثانية، بعد مذبحة بورسعيد التي قتل فيها 72 مشجعًا للأهلي في فبراير عام 2012.
وشهدت مصر اضطرابات سياسية متعاقبة منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك في فبراير 2011.
وفاق عدد أفراد الشرطة المكلفين بحراسة الملعب الشخصيات العامة القليلة المدعوة لحضور مباراة الزمالك، الأقرب للفوز باللقب لأول مرة بعد 11 عامًا، مع نادي النصر الأسبوع الماضي.
وتابع جمال: «فريقي يفوز بالدوري لأول مرة في حياتي ونحن غير قادرين على الاحتفال به».
ووقف شرطيان إلى جانبه أحدهما كان يحمل هراوة مطاطية مع عدد من رفاقه لمشاهدة المباراة على هاتفه المحمول الكبير الشاشة نسبيًا.
وكرة القدم كانت لعقود متنفس ملايين المصريين خاصة مع انتصارات المنتخب الوطني التي جعلته أحد أقوى الفرق في أفريقيا والشرق الأوسط. لكن هذا العشق تراجع الآن لدى كثيرين بفعل ذكريات العنف والدم في عقول المشجعين.
ويقول المحامي محمد العربي (31 عامًا) بغضب: «بالنسبة لي، متعة الكرة المحلية انتهت حين ركضت للنجاة بحياتي من الفوضى ورائحة الغاز أمام استاد الدفاع الجوي»؛ حيث قتل مشجعو الزمالك في فبراير الماضي.
يومها كان العربي يرتدي قميص الزمالك في طريقه لحضور أول مباراة لفريقه بحضور الجمهور في البطولة المحلية منذ أكثر من سنتين. لكن المباراة انتهت بمأساة كبيرة نتيجة تدافع الجمهور لتلغي السلطات حضور الجمهور لأجل غير مسمى.
ويقول شهود وجمعيات حقوقية إن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع أثناء مرور المشجعين في قفص حديدي ضيق. ويحاكم 16 من مشجعي الزمالك بتهم الشغب والتسبب في قتل زملائهم في هذه الأحداث.
وكانت مباريات الكرة في مصر في السابق مناسبة لالتقاء الأسر والأصدقاء من أجل مشاهدة ودية وحماسية لا تخلو من تحد وكيد سواء في البيوت أو في الملعب، ولكن من دون عنف دام.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية أشرف الشريف إن «الرياضة بشكل عام في مصر فقدت أهميتها التي كانت تحتلها أمام قضايا المجال العام الأخرى».
وأضاف: «إحساس الناس بالقلق والذعر وعدم الأمان الاجتماعي يجعل الناس في حالة نفور من وسائل التسلية وعلى رأسها الكرة بالطبع».
وألغي دوري كرة القدم لموسمين متتاليين في مصر بسبب مذبحة استاد بورسعيد عام 2012 ثم بسبب المظاهرات التي أدت لخلع الرئيس الإسلامي محمد مرسي في يوليو (تموز) 2013.
ومنذ ذلك الحين، قتل المئات من قوات الأمن في هجمات دامية مستمرة تتبناها جماعات متشددة. ووقعت غالبية هذه الهجمات في سيناء لكن السيارات المفخخة وصلت أيضًا إلى قلب القاهرة عدة مرات.
واقتصر حضور الجمهور على بعض المباريات الدولية للفريق الوطني أو بعض مباريات الأندية في البطولات الأفريقية.
ويقول الشريف إن «الناس شعرت أن المنظومة الكروية أنتجت الدم والعنف فتراجع اهتمامهم بها تدريجيًا».
ويضطر عدد من الأندية للعب مبارياته خارج مدنه لأسباب أمنية كما أنه ليس هناك مواعيد ثابتة للمباريات سواء في منتصف الأسبوع أو نهايته، مما أدى إلى فوضى كبيرة.
وجرت الثلاثاء مباراة الأهلي والزمالك، أكثر فريقين مصريين شعبية، بلا جمهور وبشكل استثنائي في ملعب برج العرب على بعد أكثر من مائتي كلم من العاصمة لأسباب أمنية.
ويقول المحاسب الخمسيني ماجد عمران بغضب: «هناك فوضى عارمة في شكل الدوري وفي مواعيد المباريات وفي إدارة المنظومة ككل. كثير من الأمور تحددها السلطة لاعتبارات الأمن، مما جعل الكرة المحلية بلا رائحة أو طعم».
ومنذ تأسيس روابط المشجعين الألتراس عام 2007 في مصر، اكتسب التشجيع في ملاعب الكرة في مصر طابعًا حماسيًا جنونيًا ومنظمًا، لا سيما أن معظم أعضاء هذه الروابط من الشباب صغار السن.
لكن إعلان المواقف السياسية المعارضة علنًا من قبل هذه الروابط في المدرجات والشوارع جرها إلى صدام مع السلطة انتهت بقرار قضائي بحلها وحظرها في مايو (أيار) الماضي، ليسقط شعارها الذي رفعته طويلاً «الكرة للجماهير».
وانعكس عدم انتظام المنافسة طوال السنوات القليلة الماضية سلبًا على الفريق الوطني الذي فشل في التأهل لبطولة الأمم الأفريقية ثلاث مرات متتالية منذ إطاحة مبارك. وهو ما زاد من خيبة أمل المشجعين وأبعدهم أكثر عن الكرة المحلية.
وفي مقهى شعبي في حي السيدة زينب وسط القاهرة، بدا معظم الزبائن غير مكترثين بمباراة للنادي الأهلي الأكثر شعبية في مصر. ويقول النادل الأسمر سمير: «كرة القدم المحلية لم تعد تحظى بمتابعة كبيرة. الإقبال يكون أكبر حين يلعب برشلونة أو ريال مدريد حينها نضطر لوضع كراسي أكثر»، قبل أن يطلب أحد الزبائن عرض مسلسل تلفزيوني.
وتحظى مباريات كبرى الأندية الأوروبية بمتابعة كثيفة حيث بدأ المشجعون يحولون بوصلة انتمائهم تجاه الأندية الإسبانية والإنجليزية.
وبالنسبة للمهندس سامح ممدوح مشجع النادي الأهلي، فإن «الكرة ماتت في مصر».
وأضاف سامح الذي كان يحرص على مشاهدة مباريات فريقه في مكان عمله «ملاذي الوحيد الآن هو متابعة الكرة الأوروبية. دوري أبطال أوروبا والدوريات الأوروبية حيث المنافسة والجمهور والأداء الراقي».



«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.