العلا تعيد ترميم وجه «هنات» ذات النفوذ

العلا تعيد ترميم وجه «هنات» ذات النفوذ

حظيت بمكانتها في المجتمع النبطي قبل 2000 عام
الثلاثاء - 16 رجب 1444 هـ - 07 فبراير 2023 مـ رقم العدد [ 16142]
وجه امرأة من العصر النبطي وتُعرف باسم «هنّات» (الشرق الأوسط)

في العلا دون شقيقاتها كل يوم أنت في شأن. تاريخ وحضارة ماثلة أمام الناظرين، وفي بطن الأرض حكايات يَنفَض عنها غبار السنين ثلةٌ من الخبراء نجحوا أخيراً في ترميم وإعادة بناء رقمية لهيكل وجه امرأة تعود للعصر النبطي وتُعرف باسم «هنّات».

هذه المرأة التي أعاد خبراء مجال الآثار في الهيئة الملكية لمحافظة العلا (غرب السعودية) شكلها للحياة، ستكون الحديث الذي لا يغيب عن كل الزوايا، لتاريخها الممتد لأكثر من ألف عام، إذ يُعتقد أنها تُوفيت في القرن الأول قبل الميلاد، ووضع جسدها الذي كان شبه مكتمل في مقبرة تم اكتشافها في عام 2008م داخل «الحجر»، وظلت لأكثر من ألفي عام، لتكون قصة لامرأة لم تكن على هامش الحياة في زمانها، حيث تشير البحوث ودراسات الخبراء إلى أن «هنّات» كانت تتبوأ مكانة رفيعة في مجتمعها النبطي قبل ألف عام، بل كانت تمتلك الثروة الكافية للحصول على مقبرة خاصة لها في «الحجر».






وفي خطوة لا تقل أهمية عن إعادة هيكل الوجه رقمياً، أصدر عدد من الخبراء في حضارة الأنباط، ملفاً تعريفياً مزوّداً بصور لملابس «هنّات» ومجوهراتها لوضع الحدود العلمية وإعطاء إرشادات دقيقة وشرح مفصل لإعادة بناء وجهها، وانضم إلى هذه النخبة من الخبراء فريق إنتاج يملك خبرة في الأنثروبولوجيا وإعادة البناء وصنع النماذج المادية، ومن المقرر أن يتم عرض هيكل «هنّات» في مركز الزوار في مدينة الحجر التاريخية.

إعادة ترميم وجه «هنّات» عمل فريد من نوعه يهدف إلى منح زائري مواقع «الحِجر» الثقافية فرصة الاطلاع على ما تزخر به هذه المنطقة من تاريخ عريق، وذلك اعتباراً من أمس (الاثنين)، وهو ما ذهبت إليه الدكتورة هيلين ماكجوران، خبيرة تنظيم المعارض التراثية، التي قالت إن عملية ترميم ملامح «هنّات»، جمعت بين الدقة العلمية والتطوير الفني المعاصر لتوسيع الفهم حول حضارة الأنباط، والتي لا تزال تقدم الكثير من الأسرار والقصص وتسلط الضوء على تاريخ العلا. في حين شاركت ليلى نعمة، المديرة المشاركة في مشروع «الحِجر»، وناتالي ديلهوبيتال، عالمة الأنثروبولوجيا في المشروع، في اختيار الجمجمة المناسبة مع الحفاظ على الأجزاء المهمة من الهيكل للحصول على المعلومات المطلوبة لضمان نجاح عملية إعادة البناء.

من جهتها قالت ليلى تشابمان، خبيرة التجارب القصصية في الهيئة الملكية لمحافظة العلا، إن الزوار سيحظون بتجربة تاريخية لمشاهدة «هنّات»، التي نشأت وعاشت في «الحِجر»، وستضيء لهم هذه التجربة تاريخ مرحلة مهمة من تاريخ محافظة العلا وتُثري معرفتهم حول تاريخ وحضارة الأنباط.


وجه «هنّات» (الشرق الأوسط)

وتسعى الهيئة الملكية لمحافظة العلا إلى إبراز الإرث التاريخي والحفاظ عليه ونقل وتحليل القطع الأثرية ومحتوياتها، لصياغة قصة علمية جاذبة للزوّار والسكان، وتعزّز الهيئة ذلك الدور من خلال ما أعلنته في مخطط «رحلة عبر الزمن» بإنشاء «معهد الممالك» الذي سيقام في منطقة «دادان» ويستوحي تصميمه العمراني من الحضارة الدادانية، ليكون أحد أبرز المباني المنحوتة في الجبال المقابلة للموقع الأثري.

وتشتهر الحِجر اليوم بأنها تضم أكثر من 110 مدافن أثرية منحوتة من التكوينات الصخرية التي دُفن فيها نخبة الأنباط، وما زال بعض هذه المدافن يحمل النقوش التي تشرح عن الشخصيات المدفونة فيها، وتتميز بتخصص هذه المواقع، إذ توجد مدافن مخصّصة للمُعالِجين، والشخصيات العسكرية، والقادة المحليين، فيما تبرز أنقاض أكثر من 130 بئراً، وهذا دليل على تكيّف الأنباط بمهارة مع مناخ العلا القاحل، وتبرز العبقرية البشرية مع امتلاء الآبار بالمياه الجوفية والهطولات المطرية، فهي تخدم كخزانات مياه.

وما دمتَ في هذه السعة من التاريخ فابحث عن التأثير الروماني، حيث ضُمّت المملكة النبطية إلى الإمبراطورية الرومانية عام 106م، وجرى اكتشاف آثار السور الدفاعي للمدينة لأول مرة خلال أوائل القرن العشرين، حيث تبيّن أن المدينة محاطة بجدار يبلغ طوله 3 كيلومترات ويضم بين ثلاث وخمس بوابات، وهو محميٌّ بواسطة عدّة أبراج ودعاماتٍ كبيرة.


اختيارات المحرر

فيديو