«العدل التونسية» تشكِّل لجنة لمتابعة ملف اغتيال بلعيد ودعم مسار المحاسبة

في الذكرى العاشرة لاستهداف القيادي اليساري

الراحل شكري بلعيد (الشرق الأوسط)
الراحل شكري بلعيد (الشرق الأوسط)
TT

«العدل التونسية» تشكِّل لجنة لمتابعة ملف اغتيال بلعيد ودعم مسار المحاسبة

الراحل شكري بلعيد (الشرق الأوسط)
الراحل شكري بلعيد (الشرق الأوسط)

جددت مجموعة من الأحزاب السياسية التونسية دعوتها لكشف ملابسات اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، على يد الإرهابي التونسي كمال القضقاضي، بعد مرور عشر سنوات على الجريمة. وفي الوقت ذاته، سارعت وزارة العدل التونسية تحت ضغط تلك الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية، إلى تشكيل لجنة خاصة لمتابعة الملف، وكذلك ملف اغتيال محمد البراهمي الذي جرى أيضاً سنة 2013.
وأكدت وزيرة العدل التونسية ليلى جفال، أن هذه اللجنة ستعمل تحت إشراف مباشر منها، وهي «مكلفة متابعة ملف الاغتيال ومحاسبة كل من تورط في تعطيل سير الملفات (التحقيق) وسعى إلى طمس الأدلة والتأثير على المسار القضائي».
وقررت جفال تنفيذ مهمة «تفقد قضائي وإداري شاملة للملفات ذات العلاقة بملف اغتيال كل من بلعيد والبراهمي، لمتابعة حسن سير الإجراءات (والأدلة) بكل مكوناتها بالإضافة إلى رقمنة الملفات وحفظها في محامل إلكترونية».
وكانت مجموعة من الأحزاب اليسارية قد اتهمت قيادات «حركة النهضة» بالوقوف وراء عمليتي الاغتيال، وتحدثت هيئة الدفاع عنهما عن «غرفة مظلمة» كانت تتحكم بها الحركة، وهي التي أخفت أدلة الإدانة بالتنسيق مع عدد من القضاة.
وفي السياق ذاته، دعا حزب «الوطنيين الديمقراطيين الموحد» (الوطد) الذي أسسه بلعيد، كل القوى الوطنية والهيئات والمنظمات، إلى «مواصلة الضغط والنضال، من أجل كشف حقيقة اغتيال شكري بلعيد كاملة، وإدانة كل المتورطين فيها وفي التغطية عليها».
كما رأى حزب «العمال اليساري» الذي يتزعمه حمة الهمامي، أن «جريمة اغتيال شكري بلعيد هي جريمة دولة»، لذلك ظلت القضية تراوح مكانها مع مختلف الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2013 وفي مقدمتها حكومة «الترويكا» بزعامة «حركة النهضة»، مؤكداً أنها «تتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية والقانونية في جريمة الاغتيال».
من ناحيته، طالب حزب «حركة البعث» (قومي) بالتعجيل «في فتح ملفات الإرهاب والاغتيالات السياسية بالتزامن مع ذكرى اغتيال بلعيد»، وقال صهيب المزريقي، القيادي في الحركة، في تصريح له، إن «الحزب يعد كشف حقيقة الاغتيالات جزءاً من مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة».
ويطالب عدد آخر من الأحزاب السياسية اليسارية بالكشف عن الحقيقة كاملة، «حقيقة مَن دبَّر وخطَّط وحرَّض، لا فقط من ضغط على الزناد». وقد نظَّمت تلك الأحزاب طوال السنوات الماضية، وقفات احتجاجية أسبوعية (نحو 500 وقفة) أمام مقر وزارة الداخلية. وهي تتهم «حركة النهضة» ورئيسها راشد الغنوشي بالوقوف وراء اغتيال بلعيد والبراهمي.
ورغم تقدم «هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي» بعدد من «الحقائق والمعطيات والوثائق والأدلة»، لم يحسم القضاء التونسي ملف القضية، بسبب ما قالت هيئة الدفاع إنها «ضغوطات، وتورط لقضاة في إخفاء وثائق للتستر على شخصيات مهمة في الدولة». وأكدت الهيئة أنها بصدد الإعداد لمؤتمر صحافي «ستكشف خلاله عن معطيات جديدة حول ملف الاغتيالات السياسية».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.