المصريون يتابعون زلزال تركيا وسوريا بذكريات 1992

وسط تطمينات رسمية بشأن تبعات الهزة الأرضية

المصريون يتابعون زلزال تركيا وسوريا بذكريات 1992
TT

المصريون يتابعون زلزال تركيا وسوريا بذكريات 1992

المصريون يتابعون زلزال تركيا وسوريا بذكريات 1992

على الرغم من وجود مصر على قائمة الدول التي ضربتها الهزة الأرضية فجر الاثنين، فإن تفاعل المصريين مع الحدث لم يقتصر على «الزلزال الجديد» الذي مر بسلام وسط تطمينات من مؤسسات علمية رسمية؛ بل قفزت ذاكرتهم إلى ما قبل 30 عاماً، ليستعيدوا ذكريات الزلزال الذي ضرب الأراضي المصرية في 12 أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1992 بقوة 5.8 ريختر، وأدى حينها إلى مقتل نحو 370 شخصاً، بالإضافة لإصابة أكثر من 3 آلاف، حسب الأرقام الرسمية، وخلَّف دماراً هائلاً في الأبنية، وخصوصاً المدارس، استدعى ترميمها في عدة سنوات لاحقة.
وتباينت تفاعلات المصريين -خصوصاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي- مع «زلزال الاثنين»، فبالإضافة إلى ترديد السؤال الأشهر الذي يتلو كل حدث مماثل: «هل شعرت بالزلزال؟»، احتشدت مساهمات المصريين عبر المنصات الاجتماعية بالدعاء للضحايا في سوريا وتركيا (الأكثر تضرراً)، إلا أن كثيرين منهم التقطوا مصادفة وقوع الزلزال يوم «الاثنين»، وهو اليوم نفسه الذي شهد وقوع زلزال عام 1992 في مصر، ليطلقوا سلسلة من المقارنات بين الزلزالين.
واستخدم مغردون مصريون «زلزال 92» أداة لشرح حجم ما شهدته المنطقة من هزات أرضية منذ فجر الاثنين، فشرح أحد المدونين الحدث بقوله إن «مقياس ريختر مقياس لوغاريتمي، بمعنى أن كل نقطة على المقياس هي ضعف سابقتها، فالزلزال بقوة 7 ريختر هو ضعف زلزال 6 ريختر، فلك أن تتخيل زلزالاً بقوة 7.7 كيف سيكون! زلزال 92 في مصر كانت قوته 5.9 ريختر فقط لا غير».
وتابع نشطاء مصريون آخرون توضيح حجم القوة التدميرية للزلزال الذي ضرب الأراضي التركية والسورية، قياساً إلى ما عرفته مصر من دمار خلال الزلزال الذي ضرب أراضيها قبل 31 عاماً. وكتب أحد النشطاء: «كان الله في عون الأتراك والسوريين في الزلزال المدمر اللي جالهم؛ أنتم متخيلين يعني إيه 7.7 ريختر؟ اللي دمر مصر في التسعينات كان 5.8 ريختر، وسبب تدميره كان عشان قعد قرب الدقيقة؛ الأتراك جالهم زلزال فوق الـ7 ريختر، وكمان قعد دقيقة».
كما استعاد كثير من المصريين الذين عايشوا تجربة زلزال 1992 ذكرياتهم القاسية في تلك الفترة، معربين عن دعمهم ومساندتهم للضحايا في سوريا وتركيا؛ خصوصاً في المناطق التي يعيش فيها لاجئون في ظروف إنسانية صعبة.
وكان عدد كبير من المصريين قد أطلقوا في العام الماضي هاشتاغ (#زلزال_92) لإحياء الذكرى الثلاثين لواحدة من أكبر الكوارث الطبيعية التي شهدتها مصر.
ولم يقتصر الأمر على «الدعاء والذكريات»؛ بل برزت كذلك مجموعة من المخاوف التي عبّر عنها نشطاء ومدونون مصريون، بعد تداول كثير من التقارير عن إمكانية تضرر مصر من تداعيات الهزة الأرضية، سواء عبر موجات زلزالية ارتدادية، أو موجة «تسونامي» بالبحر المتوسط، الأمر الذي دفع جهات رسمية إلى بث تطمينات واضحة في هذا الشأن.
وقال الدكتور جاد القاضي، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية (الجهة الرسمية المعنية برصد الزلازل في مصر)، إن المركز الأوروبي لرصد الزلازل، بعد وقوع زلزال تركيا، أعلن عن إمكانية وجود تسونامي في شرق البحر المتوسط؛ مشيراً إلى أنه بعد قراءة بيانات الزلازل: «تأكد عدم وجود تسونامي».
وأضاف القاضي، في مؤتمر صحافي، الاثنين، أن المركز الأوروبي لرصد الزلازل «تراجع وأعلن بعد قراءة بيانات الزلزال عن عدم وجود تسونامي»، مشدداً على أنه «من الصعب حدوث تسونامي لبعد مركز حدوث الزلزال عن البحر المتوسط».
وكانت محطات «الشبكة القومية لرصد الزلازل» في مصر، قد سجلت في تمام الساعة الثالثة و17 دقيقة صباح الاثنين، هزة أرضية على بعد 691 كيلومتراً شمال رفح، وعلى عمق 18.30 كيلومتر.
وأفاد المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، في بيان رسمي، بأنه ورد للمعهد ما يفيد بالشعور بالهزة داخل المدن المصرية، و«دون ما يفيد بوقوع أي خسائر في الأرواح والممتلكات». وكشف المعهد أنه تم تسجيل عدد كبير من توابع الزلزال الرئيسي، وبلغ عددها 7، وجميعها أكبر من 6 درجات على مقياس ريختر.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.