الحكومة اللبنانية تترنح.. وجهات دولية تتوسط لدى سلام لعدم فرط عقدها

وزيرا العدل والعمل يؤكدان لـ {الشرق الأوسط} أن كل الخيارات مطروحة

مواطن لبناني على دراجة نارية يمر قرب أكوام النفايات المتراكمة في بيروت والتي زادت من حدة أزمات الحكومة اللبنانية (إ.ب.أ)
مواطن لبناني على دراجة نارية يمر قرب أكوام النفايات المتراكمة في بيروت والتي زادت من حدة أزمات الحكومة اللبنانية (إ.ب.أ)
TT

الحكومة اللبنانية تترنح.. وجهات دولية تتوسط لدى سلام لعدم فرط عقدها

مواطن لبناني على دراجة نارية يمر قرب أكوام النفايات المتراكمة في بيروت والتي زادت من حدة أزمات الحكومة اللبنانية (إ.ب.أ)
مواطن لبناني على دراجة نارية يمر قرب أكوام النفايات المتراكمة في بيروت والتي زادت من حدة أزمات الحكومة اللبنانية (إ.ب.أ)

اجتازت الحكومة اللبنانية يوم أمس (الخميس) أزمة جديدة كادت تؤدي لفرط عقدها نظرا لتفاقم الخلافات بين وزراء 8 آذار و14 آذار، الذين فشلوا بالتوصل إلى اتفاق حول آلية عمل مجلس الوزراء، كما حول ملف النفايات التي تجتاح شوارع العاصمة بيروت منذ يوم السبت الماضي، وتهدد بقطع عدد من الطرقات. ولفت ما أعلنه وزير العمل سجعان قزي لـ«الشرق الأوسط» عن أن «مداخلات وزراء قوى 8 آذار ،في الجلسة التي انعقدت يوم أمس، أوحت بوجود قرار سياسي لديها بإدخال البلاد بمرحلة جديدة، وكأنها تريد أن تعطي للاتفاق النووي الإيراني مفعولا ليس له على الساحة اللبنانية، وتوهمنا بأن موازين القوى تعدلت بعد هذا الاتفاق»، منبها هؤلاء إلى أن «اللعب بالوضع الحكومي سيكون انعكاسه على لبنان أخطر من القنبلة النووية».
وأوضح قزي أن أجواء الرئيس سلام توحي بأن حكومته تترنح حاليا، متحدثا عن «اتصالات مكثفة أجرتها مرجعيات دولية كبيرة معه لنهيه عن فرط عقدها، وتشجيعه على الاستمرار بتحمل المسؤولية، علما بأنّه لم يتهرب يوم منها، لكنّه لن يرضى بعد اليوم أن يكون شاهد زور على العبث بالكيان الحكومي والمصلحة اللبنانية العليا».
وأشار قزي إلى أن «النقاشات خلال الجلسة الحكومية دارت في حلقة مفرغة؛ فكانت الأفكار غنية من دون اتخاذ أي قرارات تُذكر»، لافتا إلى أن الرئيس سلام «قرر إعطاء فرصة جديدة لحكومته، من خلال الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء استثنائيا يوم الثلاثاء المقبل، وإلا لكان اتخذ قرارا من شأنه أن يؤثر على الاستقرار الحكومي».
وتوجه قزي للبنانيين على خلفية أزمة النفايات قائلا: «ثوروا على قياداتكم واقلبوا الطاولة قبل أن ينقلب الوطن».
بدوره، تحدث وزير العدل أشرف ريفي عن «وجهات نظر متضاربة جدا شهدتها الجلسة الحكومية لم تتحول إلى صدام»، لافتا إلى أن وزراء «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه النائب ميشال عون ووزراء حزب الله «أصروا في مداخلاتهم على أن الفريق المسيحي الممثل بالحكومة مهمّش، فما كان مني إلا أن ذكّرتهم كيف ضربوا بمبدأ الشراكة عرض الحائط حين شكلوا الحكومة التي رأسها الرئيس نجيب ميقاتي في عام 2011».
وقال ريفي لـ«الشرق الأوسط»: «أكدنا لهم أن نظرتنا إيجابية للحفاظ على التنوع الإسلامي – المسيحي وإننا نحترم كل الآراء شرط أن لا تصل الأمور لمرحلة تعطيل الحكومة ومؤسسات الدولة، وقد طلبنا مراعاة دورنا واحترام صلاحيات رئيس الحكومة».
ولفت ريفي إلى أنه سأل الرئيس سلام عما إذا كانت الأمور ستصل لحد استقالة الحكومة، فأجابه بأن «كل الخيارات مطروحة في الأيام المقبلة». وكرر سلام مع انطلاق الجلسة الحكومية المطالبة بـ«ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت من أجل استكمال تكوين السلطة في ظل نظامنا الديمقراطي، باعتبار أن استمرار الشغور الرئاسي يجعل البلاد جسما من دون رأس، وينعكس سلبا على عمل سائر المؤسسات الدستورية».
وأوضح بيان صادر عن رئاسة الحكومة، أن سلام «قدّم بعدها باسمه وباسم الحكومة الاعتذار للشعب اللبناني على المشهد الذي حصل في جلسة المجلس الأخيرة، الذي تجاوز أصول التعامل وأعطى صورة غير مرغوبة عن مجلس الوزراء»، معتبرا أن «ما حصل هو صفحة طويناها، ونأمل ألا يتكرر وأن يتمكن مجلس الوزراء من متابعة عمله»، بالإشارة إلى الإشكال الحاد الذي حصل بينه وبين وزير الخارجية جبران باسيل في الجلسة الحكومية ما قبل الأخيرة.
وشدّد سلام على أنّه «وفي ظل الشغور الرئاسي مؤتمن في الدرجة الأولى على المصلحة الوطنية، وإنني حرصت على إبعاد المواضيع السياسية ذات الطابع الخلافي عن طاولة المجلس، لأن مسؤولية حلها تقع على القوى السياسية»، معتبرا أنه «يجب أن يترك لمجلس الوزراء تسيير شؤون البلد والعباد، لا سيما أن هناك أمورا ملحّة على الصعيد المالي والاقتصادي يجب التصدي لها دون إبطاء».
ووجه الوزير باسيل، خلال مؤتمر صحافي عقده في وزارة الخارجية، اعتذارا للبنانيين مماثلا للذي وجهه الرئيس سلام، مثمنا «موقفه، خصوصا أن هناك نية لفتح صفحة جديدة، ونؤكد أن الصفحة الجديدة ليست شخصية مع الرئيس سلام بالنسبة لنا، فالممارسة قائمة على التوافق».
وشدّد باسيل على أن فريقه السياسي «يمثل رئيس الجمهورية ولو جزئيا، لذلك نحن مؤتمنون على صلاحيته في ظل غيابه». وقال: «نحن لا ندافع عن الجنرال عون فقط، بل ندافع عن جعجع وفرنجية، فنحن لن نسمح بوضع (فيتو) على الأربعة الذين يمثلون المسيحيين وأن يمنعوا من الوصول إلى الرئاسة».
وتم طرح أزمة النفايات في نهاية الجلسة الحكومية، وقالت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» إنه «تم الطلب من وزير البيئة اتخاذ القرارات التي يراها مناسبة لحل الأزمة، ولم يكن هناك أي اعتراض من قبل أي من الوزراء». وقالت المصادر: «حل الأزمة أصلا موجود، ولكن للأسف هناك من يسعى لإعطاء أبعاد أخرى للملف تتصل بالمحاصصة المالية، وهي مسؤولية يتحملها من يتقاسمون الأموال».
وطمأن وزير البيئة محمد المشنوق بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء إلى أن «النفايات ستزال من شوارع بيروت وستتقلص أحجامها»، مؤكدًا: «نسعى لإيجاد المطامر في كل منطقة من لبنان وهذا سيؤدي إلى حل مشكلة النفايات»، مطالبًا مؤازرة القوى الأمنية ووزارة الداخلية لمواجهة هذه الأزمة.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.