إقبال في مصر على اللحوم المدخنة باستخدام الخشب وليس الفحم

تستغرق عملية الطهي ما بين 12 و16 ساعة

اللحم المدخن له مذاقه الخاص  -   يدخن اللحم على خشب التفاح وليس على الفحم ليعطيه نكهة أفضل
اللحم المدخن له مذاقه الخاص - يدخن اللحم على خشب التفاح وليس على الفحم ليعطيه نكهة أفضل
TT

إقبال في مصر على اللحوم المدخنة باستخدام الخشب وليس الفحم

اللحم المدخن له مذاقه الخاص  -   يدخن اللحم على خشب التفاح وليس على الفحم ليعطيه نكهة أفضل
اللحم المدخن له مذاقه الخاص - يدخن اللحم على خشب التفاح وليس على الفحم ليعطيه نكهة أفضل

تجاوزت مطاعم مصرية فكرة اقتصار اللحوم المدخنة على شرائح الضاني، وما شابهها، وأدخلت في قائمتها الطيور المختلفة مثل الدجاج والسمان، بجانب العكاوي، وذلك سعياً للتجديد والمنافسة والترويج بين شرائح المتذوقين، واجتذاب رواد جدد.
ولوحظ أن مطاعم عديدة في مصر باتت تتجه لفكرة «اللحوم المدخنة»، علماً بأن هذه الطريقة في الطهي تستغرق وقتاً طويلاً في تسوية الطعام، يصل إلى نحو عدة ساعات، لتخرج النتيجة مُرضية لمرتادي المطاعم.
ويُعد «لونجورن بريكست» بالتجمع الخامس «شرق القاهرة» واحداً من بين المطاعم التي تخصصت في مجال «اللحوم المدخنة»، ويقدم أنواعاً مختلفة، من بينها وجبة «بريكست مدخن»، وهي عبارة عن شرائح لحم بريكست مشوي بطريقة التدخين، كما أدخل أنواعاً مختلفة، فبجانب العكاوي والسمان، هناك طبق السجق الشهي. كما تضم قائمة الطعام ساندويتشات للعديد من أنواع اللحوم المدخنة، منها البيف، وصدور الدجاج المدخنة.
ويقول عبد النبي فرج، مدير مطعم «لونجورن بريكست» لـ«الشرق الأوسط» إن «اللحوم المدخنة تستغرق ما بين 12 إلى 16 ساعة للتسوية في فرن خاص، مشيراً إلى أنه بعد تتبيلها تتم عملية التدخين باستخدام الخشب وليس الفحم بعيداً عن الطريق التقليدية في الطهي».

من المطاعم التي تقدم اللحوم المدخنة

وأوضح فرج: «نستخدم نوعين من الأخشاب، الأول هو التفاح ويتم استيراده من الخارج، والثاني الأكاسيا وهذا موجود في مصر»، متابعاً: «يوضع الخشب في فرن خاص بالتدخين، كبير الحجم يبلغ طوله قرابة 10 أمتار»، قبل أن يلفت إلى أن «كل نوع خشب يعطي نكهة مختلفة للطعام».
ويشرح فرج، طريقة اختلاف تدخين اللحوم الحمراء عن منتجات اللحوم الأخرى قائلاً: «قطعة اللحم المدخن يمكن أن يصل وزن بعضها إلى نحو 3 كيلوغرامات، لذلك تحتاج إلى وقت كبير خلال التدخين، لكن مثلا (العكاوي) معظمها يتكون من الجيلاتين والدهون، فتستغرق فقط قرابة 8 ساعات، بينما السمان نحو 6 ساعات، والسجق 5 ساعات، وتختلف التوابل والإضافات بين كل هذه الأصناف».
ويركز مطعم «بريكست غريل ماستر» الذي يمتلك فروعاً في مناطق الرحاب والشروق ومدينة نصر، على المزج بين «تدخين اللحوم»، باعتبارها طريقة غير منتشرة، وبين خصوصية المطبخ المصري وأطباقه التقليدية، خاصة أن الزبون المصري يحب التنوع ووجود أكثر من صنف على المائدة. ويقول مدير المطعم، إنهم يقدمون قائمة الطعام عبارة عن صينية تجمع أنواعا مختلفة من اللحوم المدخنة، أطلق عليها اسم «صينية الشيف الشربيني»، وتتكون من لحم صاف من البريكست المدخن، ودجاج وسجق أيضاً، بجانب أرز بسمتي بالمكسرات، وسلطات وصوصات متنوعة.
كما تضم قائمة الطعام أصنافاً مختلفة من «اللحوم المدخنة» منها ساندويتش «سموكد مدخن»، ويتكون من بريكست مدخن وصوص الرانش وبصل وصوص الجبنة، و«فولتانو برجر»، ويتكون من برغر مدخن وفاير صوص وهاليبينو صوص جبنة وخس، و«باربكيو برغر مدخن» مع مايونيز وخس وخيار مخلل وصوص جبنة وبصل.
ويولي المطعم اهتماماً كبيراً بـ«الساندويتشات» بحسب مديره، باعتبارها «أسهل للزبائن»، حيث يقدم وجبة تحمل اسم «هابي ميل مدخنة»، وتتكون من تنويعة من ساندويتشات عديدة مدخنة، وساندويتش «سموكيد تركي مدخن»، مع إضافة مايونيز وخس وخيار وصوص جبنة.
وتماشيا مع خصوصية المطبخ المصري، خصص المطعم قسما خاصا لحساء «الشوربة»، لكنه أضاف إليها لمسة التخصص في تدخين اللحوم، فيقدمها مع إضافات متنوعة بنكهة التدخين، منها خضار مدخن، أو دجاج مدخن، أو مع بريكست اللحم المدخن.
وتتنوع السلطات لتناسب الطعام المدخن، وتمزج بين التقليدية والصوصات المستحدثة، ومنها السلطة الخضراء، وكولسلو، وسلطة الشيدر، وصوص العسل، والباربكيو، وفاير صوص الحارة.


مقالات ذات صلة

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين
TT

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

هذه الأرغفة البيضاء الصغيرة، التي يصف مصريون مذاقها بأنها «أطيب من الكيك»، في إشارة لطيب المذاق، تعد مثالاً يعكس مدى الانسجام الثقافي الذي تجاوز الحدود.

مع تداعيات الحرب التي شهدها السودان، والتي أدت إلى عمليات نزوح كبيرة إلى مصر، لم يتوقف الأمر عند مرحلة سرد الآلام والمآسي، بل تحول سريعاً إلى اندماج السودانيين في سوق الطعام المصري، وخلال أقل من عامين أثبت المطبخ السوداني وجوداً نسبياً في مصر.

بمجرد أن تطأ قدمك شارع فيصل (أحد أشهر شوارع محافظة الجيزة) يمكنك الاستدلال على الوجود السوداني من رائحة التوابل العميقة الصادرة من مطاعم أسسها سودانيون، يستهدفون بها زبوناً مصرياً يتوق إلى مذاق شعبي في وصفات، مثل صينية البطاطس، ويختلف تماماً ليقدم هويته في طبق آخر مثل أسياخ «الأقاشي»، المصنوعة من اللحم الطري الغارق في توابل مثل الزنجبيل والقرفة، مع طبقات البقسماط المقرمش، التي تغازل المصريين.

تقول السودانية، فداء محمود أنور، خريجة إدارة أعمال من جامعة الخرطوم ومؤسسة مطعم «بنت السودان» في حي مدينة نصر، شرق القاهرة، إن المصريين «احتضنوا المطبخ السوداني بسبب وجود أواصر اجتماعية وثقافية بين البلدين».

وأوضحت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من داخل مطعمها البسيط: «نقدم أكلات سودانية أصيلة، مثل الفول بزيت السمسم، والفلافل السودانية المصنوعة من الكبكبي (الحمص بلغة المصريين)، والأقاشي، وهو طبق شهير في السودان، إضافةً إلى الفسيخ السوداني والملوخية المفروكة وملاح الروب الأحمر».

وعن الأطباق شديدة الخصوصية، يقدم مطعم الشابة السودانية فداء طبقاً حبشياً، قالت عنه: «هناك أيضاً طبق ذو أصل حبشي أصبح جزءاً من المائدة السودانية يسمى (زغني)، وهو عبارة عن قطع الدجاج المبهرة بالقرفة والثوم والبصل والحبهان، كما يضاف له المذاق الحار بالشطة السودانية، وكذلك مذاق الحادق من خلال رشة السماق، ويقدم مع البيض المسلوق». فضلاً عن طبق الحلو السوداني الشهير «الباسطة»، أو ما يعرف بالبقلاوة في مصر.

وبحسب تجربتها، قالت فداء إن تفضيلات المصريين من المطبخ السوداني تميل إلى بعض الأطباق الأساسية التي ربما لا يختلف عليها السودانيون أيضاً، مثل: الخبز السوداني، والأقاشي، والفلافل، وأطباق الفول بالخلطات السودانية. أما باقي الأطباق، فالإقبال عليها محدود.

طعمية (فلافل) سودانية (الشرق الاوسط)

والبعد الجغرافي بين مصر والسودان انعكس في تقارب ثقافي، ظهر في المذاق المميز للمطبخين. ترى منة جمال، مصرية تعيش في حي السادس من أكتوبر، الذي يضم عدداً من المطاعم السودانية، أن المطبخ السوداني قريب من نظيره المصري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخبز السوداني شبيه ببعض أنواع الخبز في الريف المصري، ربما يختلف في السُمك والحجم فقط ».

وعن الاختلاف بين المطبخين، قالت: «السودانيون يميلون إلى المذاق العميق والحار، بإضافة كميات كبيرة من التوابل، كما أن الفلفل الحار أساسي في عدد كبير من الأطباق السودانية، بينما يميل المصريون إلى إضافة التوابل الأساسية فقط، مثل الملح والفلفل والكمون».

الباسطا حلوى سودانية (الشرق الاوسط)

وبالعودة إلى فداء، فإنها أيضاً كسودانية وقعت في حب المطبخ المصري، وتروي تجربتها بالقول: «أنا من عشاق محشي ورق العنب، والكرنب، والباذنجان بالدقة، أحب تناوله مع الفلافل السودانية. أيضاً معظم السودانيين يحبون المحشي والملوخية المصرية».

الأطباق السودانية لم تعرف طريقها إلى المصريين من خلال المطاعم التجارية فحسب، بينما ساهم في رواجها نساء سودانيات كنّ قبل النزوح ربات منزل، إلا أنهن، مثل كثير من نساء الشرق، يعتبرن الطهي مهارة أساسية. ومع وصولهن إلى مصر وبحثهن عن سبل لكسب العيش، تحول الطهي إلى مهنة تحت شعار «أكل بيتي سوداني».

التقت «الشرق الأوسط» بفاطمة (اسم مستعار)، التي نزحت بعد الحرب وجاءت إلى القاهرة بصحبة عدد من الأسر السودانية، وتقيم حالياً في مدينة «الرحاب» التي تعد من المناطق ذات الإيجارات المرتفعة، حيث تشارك السكن مع 4 أسر سودانية أخرى. منذ عام، بدأت فاطمة بتقديم خدمات «الأكل البيتي» من منزلها بمساعدة بعض السيدات المقيمات معها.

تقول «فاطمة»: «جاءت الفكرة عندما لاحظت انتشار مشروعات الأكل البيتي في مصر، خاصة في الأحياء الراقية. فأنشأت حساباً على (فيسبوك)، بدأت من خلاله تقديم خدمات الأكل السوداني». وأردفت: «المصريون يحبون المطبخ السوداني، خاصة تلك الوصفات القريبة من مطبخهم، على شاكلة المحشي، كذلك تحظى أصناف اللحم المبهر بإعجاب كبير».

وأوضحت فاطمة أنها سعت إلى تقديم مزيج من الأكلات السودانية والمصرية، قائلة: «أستهدف زبونات مصريات عاملات يبحثن عن بدائل للطهي المنزلي. لذلك، لم أكتفِ بالوصفات السودانية فقط، بل تعلمت إعداد الأكلات المصرية، وهو أمر لم يكن صعباً على سودانية تربطها بمصر أواصر ثقافية واجتماعية، إذ كانت مصر والسودان في مرحلة ما من التاريخ بلداً واحداً».

تمكنت فاطمة من تقديم تجربة طعام بيتي فريدة، تجمع بين نكهات المطبخين السوداني والمصري، مستقطبةً كثيراً من الأسر المصرية التي تبحث عن طعام منزلي بطابع خاص. ومن خلال تجربتها، كشفت فاطمة عن مدى التداخل الثقافي بين المطبخين، ما يمهد الطريق لمزيد من الاندماج وابتكار وصفات جديدة قد تظهر في المستقبل القريب.