بوريل لايستبعد إرسال طائرات مقاتلة إلى أوكرانيا... وربما تجاوز «خط أحمر» آخر

جميع شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا كانت تسبقها تحذيرات بشأن خطر تصعيد الصراع مع روسيا بشكل أكبر، لكن في نهاية المطاف تم التوصل إلى اتفاق وتم في كل مرة تجاوز «الخطوط الحمراء» التي رسمتها هذه الدول لنفسها حول نوعيتها خصوصاً الدبابات القتالية الثقيلة، الألمانية والأميركية والبريطانية والفرنسية، التي قدمت لأوكرانيا على حد قول الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.
وقال بوريل، إنه لن يتفاجأ إذا انتهى الأمر بعدول دول مثل الولايات المتحدة وألمانيا عن موقفها بشأن تزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة. وأوضح بوريل للصحافيين في بروكسل قبل قمة الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا في كييف المقرر عقدها اليوم الجمعة، أن تسليم دبابات القتال الرئيسية إلى كييف كان مثيرا للجدل إلى حد كبير في البداية.
ورفض كبير دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي الإجابة عما إذا كان هو نفسه يؤيد تسليم طائرات مقاتلة، وقال: «وظيفتي هي محاولة التوصل إلى توافق في الآراء، وإحدى أفضل الطرق هي عدم اتخاذ مواقف يمكن أن تعرض ذلك للخطر».
وجاء قرار إرسال دبابات قتالية غربية الصنع بعد أشهر من الضغط من كييف وأسابيع من المناقشات المكثفة بين الشركاء الغربيين. وجاءت اللحظة الحاسمة في يناير (كانون الثاني) عندما وافقت برلين على إرسال دبابات ليوبارد إلى كييف بضغط من الحلفاء وخاصةً بولندا. وقال رئيس وزراء بولندا، العضو في الاتحاد الأوروبي، ماتيوش مورافيتسكي إنه منفتح على فكرة إرسال طائرات مقاتلة إلى أوكرانيا. وما زالت ألمانيا والولايات المتحدة ترفضان تزويد كييف بطائرات من طراز إف - 16. بعد أن وعدتا مؤخراً بتزويد أوكرانيا بدبابات القتال الرئيسية للمساعدة في الدفاع عن نفسها ضد القوات الروسية، التي تشير التقارير إلى أنها تحضر لهجوم واسع مع اقتراب الذكرى الأولى للحرب التي بدأت في 24 فبراير (شباط).

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن مرحلة جديدة من الصراع «بدأت»، بحسب وكالة بلومبرغ للأنباء، فيما أشار رئيس الوزراء البولندي إلى خطة روسية محتملة لتطويق أوكرانيا على جبهات متعددة، منها بيلاروس في الشمال، حيث تحتشد القوات الروسية. وقال زيلينسكي الأربعاء في تقييم عسكري قاتم آخر من كييف، إن الوضع على الخطوط الأمامية في شرق البلاد يزداد صعوبة مع تكثيف القوات الروسية هجومها.
واكتسبت روسيا زخما في ساحة المعركة، إذ أعلنت إحراز تقدم في شمال وجنوب مدينة باخموت، هدفها الرئيسي منذ شهور. وتشير مواقع القتال المعلنة بوضوح إلى تقدم روسي متزايد. وقال زيلينسكي في خطابه المسائي المصور «لوحظت زيادة مؤكدة في العمليات الهجومية للمحتلين على الجبهة في شرق بلادنا. أصبح الوضع أصعب». وأضاف زيلينسكي أن الروس يحاولون تحقيق مكاسب يمكنهم التباهي بها في الذكرى الأولى للحرب في 24 فبراير.
وقالت نائبة وزير الدفاع الأوكرانية آنا ماليار في وقت سابق إن القتال العنيف مستمر في شرق أوكرانيا، حيث تحاول القوات الروسية السيطرة على أراض بالقرب من مدينة ليمان، وهي مركز لوجيستي استراتيجي. وطردت القوات الروسية من ليمان في أكتوبر (تشرين الأول). وكتبت ماليار على تطبيق المراسلة تيليجرام «القتال العنيف يحتدم في الشرق. العدو يحاول توسيع نطاق هجومه في قطاع ليمان. يقوم بمحاولات قوية لاختراق دفاعاتنا»، مشيرةً إلى أن القوات الأوكرانية تتصدى لخصم أكثر قوات وتسليحا. وأضافت «رغم تكبدهم خسائر فادحة، يواصل الغزاة الروس هجومهم في قطاعات باخموت وأفدييفكا ونوفوبافليفكا».
وأعرب رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي الأربعاء عن جاهزية بلاده لتزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة من طراز إف - 16 في حال اتخذ الحلفاء الغربيون بالإجماع قراراً بذلك. وقال مورافيتسكي في مقابلة مع صحيفة «بيلد» الألمانية «إذا كان هذا قرار حلف شمال الأطلسي بأكمله، فسأكون مؤيدا لإرسال هذه الطائرات المقاتلة». وأضاف «تقييمي مبني على ما تقرره دول حلف شمال الأطلسي مجتمعة». وأشار مورافيتسكي إلى أن على الحلفاء الغربيين تنسيق أي خطوة لإرسال طائرات مقاتلة «لأن هذه حرب بالغة الخطورة وبولندا لا تشارك فيها وكذلك حلف الأطلسي»، موضحا أن القرار يحتاج إلى «بحث استراتيجي من حلف شمال الأطلسي بأكمله». وتلح كييف في طلب تزويدها بطائرات إف - 16 للمساعدة في دحر القوات الروسية. واستبعدت الولايات المتحدة حاليا إرسال مقاتلات إف - 16 إلى أوكرانيا، لكن شركاء آخرين أبدوا انفتاحا على الفكرة. وأعربت سلوفاكيا عن استعدادها لإرسال طائرات مقاتلة روسية الصنع من طراز ميغ - 29. في حين طرح سياسيون هولنديون في الآونة الأخيرة فكرة إرسال طائرات إف - 16.
وفي سياق متصل ذكرت مصادر أمنية لوكالة الأنباء الألمانية بالعاصمة برلين أن جنودا أوكرانيين وصلوا إلى ألمانيا الثلاثاء للتدريب على نظام الدفاع الجوي من طراز «باتريوت». وأوضحت المصادر أن هذه المجموعة بدأت التدريب أمس الخميس، وأضافت أنها تضم بشكل إجمالي نحو 70 جنديا أوكرانيا. وتسعى الحكومة الألمانية بالاتفاق مع الولايات المتحدة الأميركية لإتاحة نظام باتريوت كامل للتصدي لأي هجمات روسية بطائرات بدون طيار أو صواريخ أو طائرات. وبحسب ما أعلنته قيادة العمليات الأربعاء، فإن وحدات نظام باتريوت التي تم نقلها إلى بولندا أعلنت عن «الاستعداد التشغيلي الأولي». ويعتزم الجيش الألماني دعم الدفاع الخاص بالمجال الجوي البولندي بثلاثة أسراب صواريخ مضادة للطائرات.
يشار إلى أن هناك جنودا تابعين للجيش الألماني موجودين في بولندا منذ 16 يناير الماضي من أجل ضمان استقبال مكونات نظام الأسلحة (باتريوت) بالتعاون مع الوحدات البولندية. والهدف وراء ذلك هو حماية المجال الجوي الخاص بحلف شمال الأطلسي «ناتو» وبذلك الأراضي البولندية والبنية التحتية والمواطنين هناك. وتم تحديد مدة العملية لستة أشهر في البداية.
ويرى مورافيتسكي تزايدا لعدم الثقة تجاه ألمانيا في أوروبا بسبب سياسة حكومة برلين تجاه أوكرانيا. وقال مورافيتسكي لصحيفة بيلد الألمانية واسعة الانتشار في مقابلة نشرت مساء الأربعاء: «أود أن أقول إنه قبل عام كان هناك الكثير من الثقة لدى العديد من الدول الأخرى في ألمانيا... الآن تحرك هذا المؤشر نحو عدم الثقة، خاصةً داخل أسرة دول وسط وشرق أوروبا وكذلك أعضاء الاتحاد الأوروبي». وأضاف أن ألمانيا يمكن أن تقدم المزيد من الدعم لأوكرانيا. وأضاف «ألمانيا لديها القدرة على تقديم دعم أكثر بكثير مما قدمته حتى الآن، ولديها سلطة اتخاذ القرارات داخل الاتحاد الأوروبي، ويمكنها منح التمويل لأوكرانيا، إضافةً إلى ما تملكه من قوة دبلوماسية».
في الوقت نفسه، اتهم مورافيتسكي المستشار الألماني أولاف شولتس بأنه لا يزال منفتحا على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. كما أعرب مورافيتسكي عن شكوكه بشأن المحادثات مع الرئيس الروسي. وقال: «أعتقد أن ذلك خطأ لأنه يعطي بوتين الأكسجين فقط ولا يحقق أي شيء. بوتين يحقق أهدافه في الواقع من خلال مثل هذه المحادثات، لأنه يظهر (كما لو أنه يقول) لبقية العالم وشعبه... انظروا، أنا مطلوب بشدة، الجميع يريد التحدث معي، كل شيء يعتمد علي».