لم يكن أكثر المتفائلين من مشجعي نيوكاسل يتوقع قبل بداية الموسم رؤية الفريق تحت قيادة المدرب إيدي هاو يقفز مهددا كبار أندية الدوري الممتاز ومنافسا بقوة على بطاقة مؤهلة لدوري أبطال أوروبا، بل وأيضا والوقوف خطوة واحدة عن منصة التتويج بكأس رابطة المحترفين الانجليزية.
وبانتصاره ذهابا وإيابا على منافسه ساوثهامبتون (1-صفر ثم 2-1) حجز نيوكاسل بطاقة نهائي أول مسابقة له منذ 47 عاماً.
ويعود الفضل في نهضة نيوكاسل إلى مدربه هاو وملاكه الجدد (شركة الاستثمار السعودية)، التي اشترت النادي في أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
وفي أول موسم كامل له في ملعب «سانت جيمس بارك» نجح إيدي هاو في قيادة الفريق لاحتلال المركز الثالث بجدول الدوري الممتاز، وبفضل ثنائية شون لونغستاف، حسم الفريق فوزه على ضيفه ساوثهامبتون إيابا، ليبلغ بذلك أول نهائي محلي له خلال هذا القرن.
وقدم نيوكاسل هذا الموسم مستويات تدل على أنه سيكون من أقوى المنافسين على المراكز المؤهلة لدوري أبطال أوروبا، حيث لم يخسر الفريق سوى مرة واحدة فقط في جميع المسابقات، وبعث نيوكاسل رسالة قوية لجميع المنافسين بأنه عائد من أجل مناطحة الكبار على الألقاب.
هل تتذكرون كيف كان إيدي هاو قبل عقد من الزمان؟ هل ما زلتم تتذكرون كم كان يبدو لطيفا، بخدوده الحمراء وشعره الأشقر، وكيف كان يبدو كنجم سينمائي أو تلفزيوني أكثر من كونه مديرا فنيا؟ هل تتذكرون أداءه المقنع والجذاب في المقابلات الشخصية، والبراعة، والكاريزما التي بدت وكأنها تؤكد على لطفه ولباقته؟
بعدما كان يعاني خلال السنوات الأخيرة للبقاء في دوري الأضواء، نجح نيوكاسل منذ تحول ملكيته لصندوق الاستثمار السعودي في أكتوبر 2021، دخول معركة الكبار بفضل مدربه الرائع إيدي هاو الذي خالف كل التوقعات.
وبات بإمكان النادي أن يرفع رأسه عالياً في ظل وجوده حالياً في المركز الثالث وتطلّعه كي يكون على أعتاب حقبة ذهبية تجعله من المنافسين الدائمين على الألقاب.
وقال لونغستاف بطل موقعة نصف نهائي كأس الرابطة والذي كان من مشجعي نيوكاسل منذ الصغر: «إنه أمر رائع. لو قلتم لأي شخص قبل 12 شهراً ما الذي سيحدث، لضحكوا عليكم... منذ الاستحواذ السعودي، تعاقدنا مع لاعبين جيدين. ما نبنيه هنا يعتبر أمراً مميزاً وعاطفياً بالنسبة لي».
ويعود النهائي المحلي الأخير لنيوكاسل إلى عام 1999 في مسابقة الكأس، حين خسر أمام مانشستر يونايتد خصمه المقبل في نهائي كأس الرابطة نتيجة فوزه الكبير في ذهاب نصف النهائي على نوتنغهام فورست خارج الديار 3-صفر، وقبل لقاء الإياب.
كانت تلك الخسارة أمام «الشياطين الحمر» بمثابة نهاية حقبة لامعة لفريق نال وصافة الدوري عامي 1996 و1997.
وما زال انهياره في موسم 1995-1996 عالقاً في الأذهان حين أهدر رجال المدرب كيفن كيغان تقدمهم بفارق 12 نقطة وخسروا معركة اللقب.
ذلك الانهيار لخّص التاريخ المتقلّب لهذا النادي الذي لم يفز بأي لقب محلي منذ 1955 حين توج بطلاً لمسابقة الكأس، فيما يعود لقبه الأخير على كافة الأصعدة إلى عام 1969 حين أحرز كأس المعارض الأوروبية.
وقبل ستة أعوام فقط، بدا مستقبل نيوكاسل قاتماً على الرغم من عودته إلى الدوري الممتاز التي قوبلت بصمت من المشجعين نتيجة استيائهم من طريقة إدارة المالك مايك أشلي للنادي. وأمام ضغط الجماهير وحماسهم اضطر أشلي لبيع النادي في صفقة بلغت قيمتها 305 ملايين جنيه إسترليني (376 مليون دولار).
ويمتلك صندوق الاستثمارات السعودي حصة 80 بالمائة في النادي الذي جعل من المتخصصة المالية أماندا ستافيلي الوجه العام للمجموعة المالكة الجديدة.
إعلان ستافيلي الجريء أن نيوكاسل سيكون قريباً «منافساً منتظماً على الألقاب الكبرى» تحقق بسرعة أكبر مما تخيلته هي نفسها.
في حينها، كان نيوكاسل متقهقراً في المركز التاسع عشر لترتيب الدوري الممتاز تحت قيادة المدرب السابق ستيف بروس.
لكن وكما قال مهاجم نيوكاسل السابق والمشجع المتفاني آلن شيرر في تغريدة مبتهجة بعد عملية الاستحواذ: «يمكننا أن نجرؤ على الأمل مرة أخرى».
وخلال قرابة عام من الزمن، أنقذ هاو نيوكاسل من الهبوط وحوّل أحلام شيرر إلى حقيقة.
انتهت المغامرة الثانية لهاو مع فريقه السابق بورنموث بهبوط إلى المستوى الثاني عام 2020، ما جعل قرار نيوكاسل بالتعاقد معه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 بمثابة مقامرة.
لكن الرجل الذي اعترف أنه مهووس بكرة القدم، انتهز الفرصة لإيقاظ الفريق من سباته. وعندما لا يكون منغمساً في «شغفه السري» لفرقة البوب النرويجية «آ-ها» التي اشتهرت في الثمانينات ، يقضي هاو 12 ساعة يومياً في ملعب دارسلي بارك الخاص بتمارين نيوكاسل.
وأضافت التعاقدات الذكية مع كل من كيران تريبييه والبرازيلي برونو غيمارايش والهولندي سفين بوتمان والحارس نيك بوب الجودة إلى فريق هاو، في حين كان ضم مهاجم إيفرتون الموهوب أنطوني غوردون في الساعات القليلة الماضية بياناً آخر عن نوايا النادي.
لكن تأثير هاو يتجلى أكثر من أي شيء آخر في تحول المهاجم البرازيلي جولينتون من فشل باهظ إلى قلب وروح الفريق. ورأى هاو أن «الشيء السهل هو الحديث عن المال لكنه ليس ما أوصلنا إلى هنا. روح الفريق والعمل الجماعي يقودانك إلى الذهاب بعيداً. لدينا أشخاص رائعون في هذا النادي».
وتابع: «التواصل مع الثقافة ومحاولة تكوين مجموعة صغيرة متماسكة هما المفتاح».
وأنفق نيوكاسل يونايتد 85 مليون جنيه إسترليني فقط في الفترة الصيفية، وهو نفس المبلغ الذي دفعه مانشستر يونايتد للتعاقد مع هاري ماغواير، لتكوين أقوى خط دفاع في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، حيث لم تهتز شباك الفريق سوى 11 مرة حتى الآن في الدوري، وهو إنجاز مذهل لفريق إيدي هاو. وعلى الرغم من أنه من الصعب للغاية على نيوكاسل يونايتد أن يكسر الرقم القياسي المسجل باسم تشيلسي، الذي لم يستقبل سوى 15 هدفا في موسم 2004-2005، في ظل تبقي 18 مباراة على نهاية الموسم الحالي، فإن إيدي هاو يرغب في زيادة الفعالية الهجومية لفريقه، لأنه لو فعل ذلك في ظل امتلاك هذه القوة الدفاعية الصلبة فسيصبح الفريق قويا للغاية. وقال هاو: «نحن حريصون على تدعيم صفوف الفريق، وحريصون على التعاقد مع لاعب يمكن أن يساعدنا، لا توجد ضمانات لإمكانية حدوث ذلك». وضم نيوكاسل بالفعل المهاجم أنطوني جوردون من منافسه إيفرتون، مقابل 45 مليون جنيه إسترليني (55.8 مليون دولار). وسيعزز اللاعب، البالغ من العمر 21 عاما، خيارات ايدي هاو الهجومية مع سعيه للحصول على مكان في دوري أبطال أوروبا.
وإذا كانت فرقة «آ-ها» اختفت منذ فترة طويلة عن لائحة الأغاني الضاربة، لكن هاو يبذل قصارى جهده لضمان أن يكون نيوكاسل أكثر من مجرد انتفاضة فريق.
نيوكاسل على بعد خطوة من التتويج بأول ألقابه منذ 1969
بفضل دعم «شركة الاستثمار السعودية» ونجاح أفكار المدرب إيدي هاو
نيوكاسل على بعد خطوة من التتويج بأول ألقابه منذ 1969
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة