طائرة كهربائية ثورية من «ناسا» تتهيأ للإقلاع

«إكس ـ 57 ماكسويل» تصمم بسلسلة محركات تعزز فاعلية الطيران

طائرة كهربائية ثورية من «ناسا» تتهيأ للإقلاع
TT

طائرة كهربائية ثورية من «ناسا» تتهيأ للإقلاع

طائرة كهربائية ثورية من «ناسا» تتهيأ للإقلاع

تتهيأ طائرة كهربائية تجريبية وثورية، من تصميم وكالة الطيران والفضاء الأميركية «ناسا» للإقلاع في أوّل طيران تجريبي لها، معلنة بذلك عن إنجاز جديد في عالم الطيران المدعوم بالبطارية.
وقد وضع برنامج «ناسا» «إكس - 57 ماكسويل» المتعدّد المراحل هدفاً طموحاً يقوم على حلّ تحديين كبيرين يواجهان هندسة الطيران في وقتٍ واحد؛ إذ لم يهدف البرنامج إلى إثبات إمكانية تزويد الطائرة بطاقة كهربائية كاملة فحسب، بل خطّط أيضاً لبرهنة المكاسب الكبيرة في مجال الفاعلية والأداء والتي يمكن تحقيقها من خلال استبدال محرّكين كبيرين بمحرّكات كثيرة صغيرة موزّعة على امتداد الجناحين – في تصميم يُعرف بـ«الجناح المنفوخ».
قضت خطّة البرنامج باستعراض هذين الطرحين من خلال سلسلة اختبارات متقدّمة. ولكنّ تعقيد التحدّي الأوّل، تُضاف عليه التعطيلات التي سببتها الجائحة، أدّى إلى تأجيلات متكرّرة. وكانت النتيجة أنّ أعلن قادة المشروع أنّ التمويل لم يعد كافياً للاستمرار وإتمام المراحل النهائية من البرنامج. ومن المزمع أنّ يقلع التصميم الأوّل من «إكس - 57»، وهو عبارة عن طائرة «تكنام P2006T» خفيفة الوزن استبدل محركاها العاملان بالوقود بمحرّكات كهربائية، في الربيع أو الصيف المقبلين.
يقول نيك بورير، نائب الباحث الرئيسي في مشروع «إكس - 57» في مركز لانغلي البحثي التابع لـ«ناسا»: «حاولنا القيام بشيء طموحٍ للغاية. إنّ التأسيس لنوعٍ جديد من الأطر الجوية ومشروع محركات جديد ليس بالأمر العادي؛ لأنّ المسعيين معقّدان وصعبان جداً».
عزم البرنامج منذ بدايته على الاستفادة من مكاسب الدفع الكهربائي لوضع تصوّر جديد لتصميم أجنحة الطائرات. ففي حالة ذلك الجناح المنفوخ مثلاً، تدفع المحرّكات الصغيرة والدعائم الكثيرة المثبّتة في الطرف الأمامي من الجناح الهواء بنسبٍ عالية؛ الأمر الذي يولّد ميلاً مؤثراً حتّى أثناء الطيران بسرعة منخفضة. يتيح هذا الأمر الإقلاع من مدارج قصيرة، وقد يسمح أيضاً بتقليص حجم الجناح، وتقليل الاحتكاك، وتعزيز فاعلية الطيران.
يصعب تحقيق هذا التصميم باستخدام محرّكات الاحتراق التقليدية بسبب ثقل وزنها.
يتألّف التصميم الأخير من «إكس - 57» من ستّة محرّكات دفع كهربائية صغيرة مثبّتة في طليعة كلّ جناح، بالإضافة إلى جناحين أصغر بنسبة 40 في المائة من الجناح التقليدي في طائرة «P2006T». ويحتوي التصميم أيضاً على محرّكين أكبر حجماً مثبّتين على طرف الجناحين مهمّتهما تقليل الاحتكاك من خلال مواجهة الدوّامات الطبيعية التي تنتج في مؤخّرة الجناح. ولأنّ الرفعة العالية التي تولّدها المحرّكات الصغيرة على طول الطرف الأمامي من الجناح مطلوبة عند الإقلاع فقط، صُممت هذه المحرّكات مع قابلية للطي تعمل فور بلوغ الطائرة لارتفاعها المطلوب للمساعدة في تقليل الاحتكاك.
وهذه الابتكارات الديناموهوائية ستقلّل استهلاك الطائرة للطاقة أثناء الطيران بمعدّل الثلث. كما أنّ المحرّكات الكهربائية تتميّز أيضاً بثلاثة أضعاف الفاعلية على صعيد مقياس القدرة - إلى - الوزن مقارنة بالمحركات الحارقة للوقود؛ ما يعني أنّ هذه التغييرات التصميمية مجتمعة كانت لتؤدي إلى تقليل حاجات الطاقة بمعدّل خمسة أضعاف تقريباً أثناء تحليق الطائرة بسرعة تقارب 280 كيلومتراً في الساعة. ومع هذه النجاحات، يبدو أنّ البرنامج وهدفه الطموح الذي يقضي باستغلال المزايا الفريدة للدفع الكهربائي لتغيير قواعد تصميم الطيران العصري محكومٌ بالفشل لاحقاً؛ لأنّ الوقت والتمويل المخصصين له على وشك النفاذ.


مقالات ذات صلة

بعد 8 أشهر في الفضاء... رواد «ناسا» يرفضون الإفصاح عن شخصية من أصيب منهم بالمرض

يوميات الشرق رواد الفضاء ماثيو دومينيك ومايكل بارات وجانيت إيبس يعقدون مؤتمراً صحافياً في مركز جونسون الفضائي في هيوستن (أ.ب)

بعد 8 أشهر في الفضاء... رواد «ناسا» يرفضون الإفصاح عن شخصية من أصيب منهم بالمرض

رفض 3 رواد فضاء تابعين لـ«ناسا» انتهت مهمة طويلة قاموا بها في محطة الفضاء الدولية بالمستشفى، الشهر الماضي، كَشْفَ مَن منهم كان مريضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق بين يدَي تاكاو دوي نموذج هندسي لـ«ليغنوسات» (رويترز)

أول قمر اصطناعي خشبي في العالم تُطلقه اليابان إلى الفضاء

انطلق أول قمر اصطناعي خشبي في العالم صنعه باحثون يابانيون إلى الفضاء، الثلاثاء، في اختبار مُبكر لاستخدام الأخشاب باستكشاف القمر والمريخ.

«الشرق الأوسط» (كيوتو اليابان)
لمسات الموضة استغرق العمل على هذه البدلة سنوات طويلة تفرغ لها 10 عاملين في دار «برادا» (أ.ف.ب)

الموضة تصل إلى القمر

ما أكدته رحلة «أرتميس 3» التابعة لـ«ناسا» المرتقبة في النصف الثاني من عام 2026 أن التكنولوجيا وحدها لم تعد كافية وأن الموضة وسيلة إغراء قوية.

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق بدلة فضاء صُممت بالتعاون مع «برادا» ستستخدمها «ناسا» بدءاً من عام 2026 (أ.ب)

في رحلتهم عام 2026... روّاد الفضاء العائدون إلى القمر يرتدون بزّات من «برادا»

يرتدي رواد فضاء رحلة «أرتيميس3» من «وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)» إلى القمر، التي حُدِّدَ سبتمبر (أيلول) 2026 موعداً لها، بزّات فضائية من دار «برادا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق «شجرة القمر» على الأرض (أ.ب)

مدرسة أميركية تزرع «شجرة القمر» ببذور حلّقت في الفضاء

زُرِعت «شجرة القمر»، كما أُطلق عليها، ببذور طارت حول القمر، ثم وُضعت على عربة شحن برفقة تلاميذ يحملون مجارف للمساعدة في حفر موطنها الجديد.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)

ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
TT

ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)

تُشكل ندرة المياه العذبة تحدياً عالمياً زائداً، خصوصاً في المناطق الجافة التي تشهد استنزافاً سريعاً لمواردها المحدودة. كما يزيد النمو السكاني والتطور الاقتصادي من حدة المشكلة، حيث يرفعان الطلب على المياه لأغراض الشرب والزراعة والصناعة؛ مما يهدد الصحة العامة والأمن الغذائي.

وتعتمد الطرق التقليدية لتحلية المياه على الطاقة بشكل مكثف ولها آثار بيئية سلبية، بينما تعد تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية حلاً واعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي، حيث تستفيد من الطاقة الشمسية المتجددة. وعلى الرغم من أن أنظمة «المقطرات» الشمسية لتحلية المياه تعد طريقة مستدامة، فإنها تواجه تحديات مثل الكفاءة المنخفضة التي تتراوح بين 30 و40 في المائة، ومعدلات إنتاج منخفضة للمياه العذبة، بالإضافة إلى التلوث البيئي الناجم عن استخدام مواد تقليدية، مثل المواد ذات التغير الطوري.

ألياف طبيعية

واستعرضت دراسة مرجعية أجراها باحثون مصريون، إمكانية استخدام الألياف الطبيعية بوصفها وسيلة مستدامة لتعزيز أداء الأنظمة الشمسية لتحلية المياه. وتتميز الألياف الطبيعية، المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية متاحة في المناطق النائية، بكونها بديلاً منخفض التكلفة، وقابلة للتحلل الحيوي، ومتعددة الاستخدامات.

ووفق النتائج المنشورة بعدد نوفمبر (تشرين الثاني) بدورية (Solar Energy)، يمكن للألياف الطبيعية مثل القطن، وقش الأرز، وألياف شجرة الموز، ونبات السيزال، وقش الخيزران، تحسين الأداء من خلال توفير الهيكل المسامي من أجل ترشيح المياه، وإزالة الشوائب، وتعزيز نقل الحرارة.

يقول الدكتور محمد عجيزة، الباحث الرئيسي للدراسة بقسم الهندسة الميكانيكية في جامعة كفر الشيخ، إن الألياف الطبيعية توفر حلاً مستداماً لتحسين كفاءة تحلية المياه بالطاقة الشمسية مع تقليل الأثر البيئي، لأنها تتميز بالتحلل البيولوجي، ما يجعلها خياراً جذاباً لتعزيز كفاءة الأنظمة الشمسية في المناطق التي تفتقر إلى الموارد.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الألياف الطبيعية توفر امتصاصاً عالياً للإشعاع الشمسي؛ مما يُحسّن الاحتفاظ بالحرارة ويزيد معدلات التبخر، كما تعزز الكفاءة الحرارية والعزل وتقلل الفاقد الحراري؛ مما يزيد من كفاءة التكثيف بفضل مساحتها السطحية الكبيرة، فيما تُسهّل خصائصها نقل المقطر الشمسي، وتوزيعه في المناطق النائية، حيث تقلل من الوزن الإجمالي له.

تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية تعد حلا ًواعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي (جامعة واترلو)

تقييم الأداء

أثبتت الدراسة أن الألياف الطبيعية تتمتع بقدرة استثنائية على امتصاص المياه تصل إلى 234 في المائة، بالإضافة إلى خصائصها الحرارية المميزة؛ مما يتيح استخدامها بوصفها مواد عازلة أو ممتصة أو موصلة للحرارة في الأنظمة الشمسية. ويسهم ذلك في تحسين عمليات التبخير والتكثيف. وتعمل هذه الألياف على تعزيز نقل الحرارة وتقليل فقد الطاقة؛ مما يؤدي إلى تحسين الكفاءة بنسبة 15 في المائة. كما وجد الباحثون أن هذه الألياف أثبتت قدرتها على زيادة إنتاجية المياه العذبة بشكل ملحوظ، حيث حققت زيادة تصل إلى 123.5 في المائة مع قشور الجوز الأسود، و126.67 في المائة مع مزيج من ألياف النباتات التي تنمو في البرك والمستنقعات وألياف السيزال.

وبالمقارنة مع المقطرات التقليدية، حققت بعض الألياف زيادة ملحوظة في إنتاج المياه العذبة، مثل نشارة الخشب وقش الأرز (62 في المائة)، واللوف الأسود (77.62 في المائة)، وألياف السيزال (102.7 في المائة)، والقماش القطني (53.12 في المائة)، وألياف النخيل (44.50 في المائة)، وألياف الكتان (39.6 في المائة).

وحددت الدراسة أبرز مميزات التوسع في استخدام الألياف الطبيعية في تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية، مثل وفرة الموارد الشمسية والمساحات الواسعة لتركيب الأنظمة، بالإضافة لكون الألياف خياراً مستداماً. كما تدعم زيادة استنزاف الموارد المائية العالمية، ونمو السكان، وزيادة الوعي بتغير المناخ الحاجة الملحة لهذه التكنولوجيا.

في المقابل، أشار الباحثون إلى تحديات تواجه هذه التقنيات، منها قلة الاستثمارات في الطاقة المتجددة، والوعي المحدود بفوائد أنظمة التحلية الشمسية، بالإضافة إلى قلة الانتشار والعوائق التجارية مقارنة بالتقنيات التقليدية، والاختلافات في سياسات الطاقة بين الدول، ما يؤثر على إمكانية توسيع نطاق استخدامها.

وأوصى الباحثون بإجراء مزيد من الأبحاث لتحسين تركيبات الألياف الطبيعية، واستكشاف بدائل قابلة للتحلل الحيوي لتقليل الأثر البيئي. وأكدوا أهمية إجراء تقييمات شاملة لتقنيات التحلية الشمسية لتحقيق أقصى تأثير ممكن وتلبية الاحتياجات الزائدة للمياه بشكل مستدام؛ مما يسهم في دعم الأمن المائي، وتعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.