طه حسين يكرس حضوره الثقافي في الذكرى الخمسين لرحيله

كتابه «في الشعر الجاهلي» يحقق مبيعات لافتة بـ«القاهرة للكتاب»

طه حسين يكرس حضوره الثقافي في الذكرى الخمسين لرحيله
TT

طه حسين يكرس حضوره الثقافي في الذكرى الخمسين لرحيله

طه حسين يكرس حضوره الثقافي في الذكرى الخمسين لرحيله

يُطل اسم «عميد الأدب العربي» طه حسين في أروقة الدورة الـ54 لـ«معرض القاهرة الدولي للكتاب» هذه الأيام، وسط اهتمام من جمهور المعرض بتفقد واقتناء إصداراته التي يتيحها المعرض في الذكرى الـ50 لرحيله.
وأعلنت «هيئة قصور الثقافة» عن إقبال مرتفع على شراء إصداراتها للدكتور طه حسين (1889 - 1973)، ومن أبرز الكتب المطروحة للكاتب وللأديب الراحل: «مع المتنبي»، و«مع أبى العلاء في سجنه»، و«صوت أبى العلاء»، و«في الشعر الجاهلي»، و«فصول في الأدب والنقد»، و«الأيام». مشيرة إلى أن «كتاب (في الشعر الجاهلي) جاء ضمن أكثر الكتب طلباً من زوار المعرض، محققاً مبيعات مرتفعة».
وقد ولد طه حسين في محافظة المنيا (جنوب القاهرة) في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1889. ودرس بالأزهر قبل أن يلتحق بجامعة القاهرة، ثم سافر إلى فرنسا في بعثة تعليمية.
وتولى طه حسين عدة مناصب منها عميد كلية الآداب، ومدير جامعة الإسكندرية، ووزارة المعارف. ويعد أحد أعلام التنوير والحركة الأدبية الحديثة وقاد مشروعاً فكرياً شاملاً. وفق كُتّاب.
ويرى الكاتب والباحث الثقافي المصري محمود التميمي أن «الإقبال الملحوظ على اقتناء أعمال الراحل طه حسين، ظاهرة طيبة ولافتة»، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «طه حسين من رواد حركة التفكير بمنهجية ونقدية، وإقبال القراء والشباب على وجه الخصوص على شراء أعماله هو مؤشر طيب، في لحظة تسود فيها مؤشرات حول الاتجاه للائتناس بالماضي والتراث الفكري، في لحظة ثقافية راهنة حرجة نعيشها هذه الأيام».
ويضيف: «كتب طه حسين من نوع الكتابات التي تدفع العقل إلى العمل، وتحرض على التفكير، وطالما كانت مثيرة للجدل، ومن المفارقة أننا أصبحنا نعيش في عصر صارت إثارة الجدل فيه مرتبطة بـ(الترندات)، فيما كانت إثارة الجدل قبل خمسين سنة، في زمن طه حسين مرتبطة بالأفكار الكبرى والتنويرية ومراجعتها»، على حد تعبيره.
وكانت هيئة قصور الثقافة قد أعلنت قبيل إطلاق معرض القاهرة للكتاب عن إطلاقها مشروع نشر يتمثل في إحياء ذكرى عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، عبر مشروع يضم عشرين عنواناً تحت شعار «تجديد ذكرى طه حسين»، وذلك بمناسبة مرور 50 عاماً على رحيله، معتبرة في بيان لها أن طه حسين «مجدد للثقافة العربية، وداعٍ لإعمال العقل والموضوعية ومناقشة أي ثوابت راسخة في الأدب العربي بمعايير تحارب الجمود وتنحاز لحرية الفكر والإبداع».
وصرح الدكتور أحمد بهي الدين، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، الأحد، في بيان له أن إجمالي عدد الزائرين في معرض القاهرة للكتاب منذ انطلاقه الخميس الماضي تخطى نصف مليون زائر، وقال في بيان له إنه «رقم كبير انعكس على مبيعات الناشرين خلال الأيام الأولى للمعرض، وهو ما يعطي مؤشراً جيداً لنسب المبيعات خلال الأيام المقبلة».
وأعرب رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب عن سعادته بحجم الإقبال الجماهيري المتعاظم الذي تشهده الدورة الحالية للمعرض، التي تؤكد إدراك المجتمع المصري بكل فئاته، لأهمية المعرفة وقيمتها في تنمية وتطوير المجتمع.
ويواصل المعرض أعماله حتى 6 فبراير (شباط) المقبل، تحت شعار «على اسم مصر - معاً: نقرأ... نفكر... نبدع»، وتم اختيار الكاتب «صلاح جاهين»، ليكون شخصية المعرض هذا ‏العام، وتحل المملكة الأردنية الهاشمية ضيف شرف المعرض.
ويعد «القاهرة الدولي للكتاب» أحد أبرز التجمعات الفعلية للناشرين على مستوى العالم، حيث يشارك فيها 1074 ناشراً مصرياً وعربياً وأجنبياً، من 53 دولة من بينها السعودية.



مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة، بداخلها مجموعة من المومياوات والهياكل العظمية والتوابيت، وغيرها من اللقى الأثرية.

وتوصلت البعثة المشتركة بين مصر وإسبانيا من خلال جامعة برشلونة ومعهد الشرق الأدنى القديم، إلى هذا الكشف الأثري أثناء عمليات التنقيب بمنطقة البهنسا في محافظة المنيا (251 كيلومتراً جنوب القاهرة).

وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر الدكتور محمد إسماعيل خالد، أهمية هذا الكشف، واعتبره سابقة في الاكتشافات الأثرية، قائلاً: «للمرة الأولى يتم العثور بمنطقة البهنسا الأثرية على بقايا آدمية بداخلها 13 لساناً وأظافر آدمية ذهبية لمومياوات من العصر البطلمي، بالإضافة إلى عدد من النصوص والمناظر ذات الطابع المصري القديم، والتي يظهر بعضها لأول مرة في منطقة البهنسا؛ مما يُمثل إضافة كبيرة لتاريخ المنطقة، ويسلط الضوء على الممارسات الدينية السائدة في العصر البطلمي»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.

لوحات ومناظر تظهر لأول مرة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأوضح أستاذ الآثار بجامعة القاهرة ومدير حفائر البعثة المشتركة الدكتور حسان إبراهيم عامر، أنه تم العثور على جعران القلب موجود في مكانه داخل المومياء، في إحدى المقابر المكتشفة، بالإضافة إلى العثور على 29 تميمة لـ«عمود جد»، وجعارين وتمائم لمعبودات مثل «حورس» و«جحوتي» و«إيزيس». في حين ذكر رئيس البعثة من الجانب الإسباني الدكتور أستر بونس ميلادو، أنه خلال أعمال الحفائر عثرت البعثة على بئر للدفن من الحجر المستطيل، تؤدي إلى مقبرة من العصر البطلمي تحتوي على صالة رئيسة تؤدي إلى ثلاث حجرات بداخلها عشرات المومياوات متراصّة جنباً إلى جنب؛ مما يشير إلى أن هذه الحجرات كانت قد استُخدمت كمقبرة جماعية.

وأضاف رئيس البعثة أنه «إلى جانب هذه البئر تم العثور على بئر أخرى للدفن تؤدي إلى ثلاث حجرات، ووجدوا جدران إحدى هذه الحجرات مزينة برسوم وكتابات ملونة، تمثل صاحب المقبرة الذي يُدعى (ون نفر) وأفراد أسرته أمام المعبودات (أنوبيس) و(أوزوريس) و(آتوم) و(حورس) و(جحوتي)».

إلى جانب ذلك، تم تزيين السقف برسم للمعبودة «نوت» (ربة السماء)، باللون الأبيض على خلفية زرقاء تحيط بها النجوم والمراكب المقدسة التي تحمل بعض المعبودات مثل «خبري» و«رع» و«آتوم»، حسب البيان.

مناظر عن العالم الآخر في مقابر البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وكان اللافت للانتباه، وفق ما ذكرته البعثة، هو «وجود طبقة رقيقة من الذهب شديدة اللمعان على وجه المومياء التي يقوم بتحنيطها (أنوبيس)، وكذلك على وجه (أوزوريس) و(إيزيس) و(نفتيس) أمام وخلف المتوفى». وأوضحت أن «هذه المناظر والنصوص تمثل صاحب المقبرة وأفراد أسرته في حضرة معبودات مختلفة، وهي تظهر لأول مرة في منطقة البهنسا».

وقال الخبير الأثري المصري الدكتور خالد سعد إن «محتويات المقبرة توضح مدى أهمية الشخص ومستواه الوظيفي أو المادي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر وجدت الكثير من الدفنات المماثلة من العصرين اليوناني والروماني، وكانت الدفنة سليمة؛ لم يتم نبشها أو العبث بها».

ويوضح الخبير الأثري أن «الفكر الديني في ذلك الوقت كان يقول بوضع ألسنة ذهبية في فم المومياوات حتى يستطيع المتوفى أن يتكلم كلاماً صادقاً أمام مجمع الآلهة».

ألسنة ذهبية تم اكتشافها في المنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أما بالنسبة لتلابيس الأصابع (الأظافر الذهبية)، فهذا تقليد كان ينتهجه معظم ملوك الدولة الحديثة، وتم اكتشافها من قبل في مقبرة «توت عنخ آمون»، وكانت مومياؤه بها تلابيس في أصابع اليد والقدم، وفي البهنسا تدل التلابيس والألسنة الذهبية على ثراء المتوفى.

وتعدّ قرية البهنسا (شمال المنيا) من المناطق الأثرية الثرية التي تضم آثاراً تعود للعصور المختلفة من المصري القديم إلى اليوناني والروماني والقبطي والإسلامي، وقد عثرت فيها البعثة نفسها في يناير (كانون الثاني) الماضي على عدد كبير من القطع الأثرية والمومياوات، من بينها 23 مومياء محنطة خارج التوابيت، و4 توابيت ذات شكل آدمي.

مناظر طقوسية في مقابر منطقة البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وفسّر الخبير الأثري العثور على مجموعة من الأواني الكانوبية في المقابر بأنها «تحفظ أحشاء المتوفى، وهي أربعة أوانٍ تمثل أربعة من أولاد (حورس) يرفعون أطراف الكون الأربعة، وفقاً لعقيدة الأشمونيين، ويتمثلون في ابن آوى والقرد والإنسان والصقر، ويوضع في هذه الأواني المعدة والأمعاء والقلب والكبد، وكانت على درجة عالية من الحفظ، نظراً للخبرة التي اكتسبها المحنّطون في السنوات السابقة».

وأشار إلى أن «اللقى الأثرية الأخرى الموجودة بالكشف الأثري مثل الأواني الفخارية والمناظر من الجداريات... تشير إلى أركان طقوسية مرتبطة بالعالم الآخر عند المصري القديم مثل الحساب ووزن القلب أمام ريشة (ماعت)؛ مما يشير إلى استمرارية الديانة المصرية بكافة أركانها خلال العصر اليوناني والروماني، بما يؤكد أن الحضارة المصرية استطاعت تمصير العصر اليوناني والروماني».

بدورها، أشارت عميدة كلية الآثار بجامعة أسوان سابقاً الدكتورة أماني كرورة، إلى أهمية منطقة البهنسا، واعتبرت أن الكشف الجديد يرسخ لأهمية هذه المنطقة التي كانت مكاناً لعبادة «الإله ست» في العصور المصرية القديمة، وفق قولها، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة كانت تضم العديد من المعابد والمنشآت العامة، فهناك برديات تشير إلى وجود عمال مكلفين بحراسة المنشآت العامة بها؛ مما يشير إلى أهميتها».