أسعد رشدان لـ «الشرق الأوسط» : الممثل اللبناني في عمري يعاني

قال إن الشهرة والأضواء لم تعد تهمّه

أسعد رشدان لـ  «الشرق الأوسط» : الممثل اللبناني في عمري يعاني
TT

أسعد رشدان لـ «الشرق الأوسط» : الممثل اللبناني في عمري يعاني

أسعد رشدان لـ  «الشرق الأوسط» : الممثل اللبناني في عمري يعاني

يلقّبونه بـ«جوكر» الدراما اللبنانية؛ كونه يستطيع تأدية أدوار الشر بامتياز، تماماً كتلك المتعلقة بالخير والرومانسية والفقر والثراء وغيرها. فالممثل اللبناني أسعد رشدان، الذي مضى على مشواره الفني نحو 50 عاماً، لا يزال يتمتع بحضور لافت في أعمال الدراما. محلياً وعربياً سطع اسمه وبرزت قدراته التمثيلية في أكثر من عمل، كما في «بارانويا» و«ورد جوري» و«أمير الليل» و«الهيبة» و«التحدي» و«رصيف الغرباء»، وغيرها.
حالياً يطلّ رشدان في «أسماء من الماضي» مع المُخرج إيلي معلوف في دور قريب إلى ضيف الشرف، وهو لا ينكر أنه دور عادي، ولكنه ينتظر أن يجسد واحداً من أحلى أدواره في تعاون آخر مع معلوف بعنوان «الزيتونة». ويعلّق: «لست ضد الإطلالة كضيف شرف، شرط أن تكون محورية، وهو أمر قدّمته في أعمال عديدة تركت أثرها عند المشاهد».
وفي حديثك معه تقلِّب صفحات غنية منذ بدايات الدراما اللبنانية وصولاً إلى اليوم. اليوم حيث ما عاد الإنتاج المحلي يشكل ذروة عصره، ولكن يبقى رشدان واحداً من أركانه الأصيلة. ويعلق، لـ«الشرق الأوسط»: «لا يزال للإنتاج المحلي جمهوره ومتابعوه، وهذه الشريحة من الناس لا يهمها سوى الحدوتة من العمل. فلا تدقق في التقنيات ولا في عمليات الإخراج. وكما في أي بلد آخر، الإنتاج المحلي يمثل هذه العلاقة الوطيدة بين بلد وشعبه. وحالياً لم يبق من منتجيها سوى قلة قليلة مثل مروان حداد وإيلي معلوف».

«جوكر» الدراما اللبنانية  جسد أدواراً بالمئات

ولا ينسى أن يُشيد بمنتجين لبنانيين كجمال ورائد سنان وصادق الصباح الذين أسهموا في ازدهار صناعة الدراما اللبنانية، وكذلك في تلوينها بأساسات محلية من مخرجين وممثلين.
وهل هو راض عن دوره الحالي في «أسماء من الماضي»؟ يردُّ: «لا أعتبره دوراً محورياً، ولكني أقوم بعملي على أكمل وجه. هناك معاناة أعيشها كغيري من الزملاء بعمري، سيما وأن أجورنا المادية تتراجع مع تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار. وأنا شخصياً لست متفائلاً بما يحدث للبنان، لا بل يمكن القول إني قطعت الأمل بعودة الأمور إلى سابق عهدها».
يسير أسعد رشدان بين النقاط، فهو لم ييأس بعدُ ولم يستسلم لواقع قاتم، ولكنه في الوقت نفسه يكمل مشواره من باب شغفه بالتمثيل. وبرأيه، إن هناك شريحة من الممثلين محظوظة، في حين أن غيرها تجاهد كي تبقى وتستمر. وماذا تعني بالـ«محظوظة»؟ يوضح، لـ«الشرق الأوسط»: «أعني أن الأعمار تلعب دوراً أساسياً في انطلاقة مدوِّية لممثل، فعندنا أسماء ممثلين شباب يُعترف لهم بحرفيتهم وبمطرحهم على الساحة. فباسم مغنية ويوسف الخال وبديع أبو شقرا وغيرهم يقطفون الفرص التي تُقدَّم لهم، وهو أمر طبيعي. ومن ناحية ثانية تلعب الشللية والمصلحة دورهما في هذا الموضوع؛ لأن بعض شركات الإنتاج تطبِّقها في خياراتها التمثيلية».
وفق رشدان، فإن الدراما اللبنانية المحلية تشكو من بعض الشوائب كالبطء في عملية الإخراج، وكذلك اتباع أسلوب تقليدي غير حديث في حبكة العمل ككل.
وعن الفرق بين الأمس واليوم في هذا الإطار يقول: «الفرق شاسع، ولا مجال للمقارنة بين الزمنين. في الماضي كان الاتكال الأول على الممثلين وعلى مواهب تركت بصمتها على الشاشة. فمَن منا لا يتذكر محمود سعيد وعبد المجيد مجذوب وسمير شمص وإيلي صنيفر وغيرهم. فهؤلاء كانوا أصحاب مواهب ولم يدرسوا يوماً في معاهد فنية، أما اليوم فالتمويل يلعب الدور الأكبر والأهم، ولكن هؤلاء بنوا الدراما اللبنانية وأسّسوا لها بإنتاجات ونصوص جميلة ضمن أعمال لا تتعدى حلقاتها الـ13. واليوم عادت هذه القاعدة تنتشر من جديد؛ لأن الأعمال القصيرة تختصر الوقت ولا يعود هناك مكان للملل، كما أنها تخفف من ارتكاب الأخطاء وتضييع الوقت في تصوير عجلة سيارة أو حصان أو أي تفصيل آخر، فهذا البطء لا يخدم العمل بتاتاً، بل يتم حسابه (فوترته) على ساعات الإنتاج ليس أكثر، فهذا الأسلوب ينتج عنه التطويل الذي لا يقع في مصلحة العمل ولا مشاهده. فالتكنولوجيا قلبت قواعد كثيرة، ومواكبة العصر ضرورة، في حين أن بعض أعمالنا المحلية لا تزال تقبع في زمن آخر».
يصف أسعد رشدان نفسه بالممثل الذكي والمُلمّ بعلوم كثيرة؛ لأنه كان متفوقاً في دروسه وحتى في جامعته. «أنا إنسان حساس جداً، ولديّ منسوب عاطفي كبير ولكنني عصبيّ في الوقت نفسه. وعندما أمثل أستعمل كل هذه العناصر معاً وأستعيرها في وقتها اللازم كي أجسد الشخصية التي ألعبها بما يقنع المشاهد. وبرأيي، أن أساس النجاح عند الممثل هو تمتعه بالموهبة، وبعدها تأتي عناصر أخرى يجتهد كي يبلورها في عمله».
يغوص أسعد رشدان وهو يحدثك عن الحياة، اليوم، في أمور وجدانية إلى حد شعورك بأنه زاهد في الدنيا، فلا الشهرة ولا الأضواء ولا الأمجاد تلفته أو يهتم بتحقيقها. «صرت اليوم أميل أكثر نحو الوجدانيات والفلسفة، إذ أشعر بأني من خلالها أستطيع أن أكون جاهزاً للرحيل. حتى أغراضي الخاصة ما عادت تعني لي أي شيء. تبرعت بغالبية مقتنيات مكتبتي إلى صديق وهو محامٍ، ولم أتوان عن إعطاء أولادي بعض مقتنيات أخرى كانت عزيزة على قلبي. نظرتي للحياة وأنا في السبعين من عمري تغيرت وما عادت تشبه تلك التي عندما كنت شاباً. أسئلة كثيرة عن سر الوجود تراودني أحاول إيجاد أجوبة لها، وبذلك أكون مستعداً لساعة الصفر والانتقال إلى عالم آخر. لا أتكلم عن ذلك من باب اليأس أو الاستسلام أو في التفكير بالانتحار أبداً. فأنا متعلق بالحياة وما زلت أعطي لكل وقت ما يستحقه، ولكنني صرت أكثر واقعية وأحاول قدر الإمكان الحفاظ على سلامة صحتي».
الطاقة الإيجابية لا تزال تسكن أسعد رشدان، فالمراحل التي قطعها في حياته من طلعات ونزلات وتوقف عن التمثيل دام نحو 15 عاماً، إثر هجرته إلى أميركا، زادته خبرة. ويقول: «أنا حاضر اليوم لأي دور، فالتمثيل شغفي، وألبِّي عروضاً كثيرة من هذا المنطلق، ولكن الأدوار في عمري تقلّ، ويمكن أن يستفيد منها شخصان أو ثلاثة ليس أكثر. ولذلك بالكاد نلحظ حضور ممثلين من أبناء جيلي أمثال طوني مهنا وعصام الأشقر وجورد دياب».
قد تكون خسارته أصدقاء عزيزين على قلبه أثّرت على نمط حياته، فقد حزن لغياب أقربهم إلى قلبه الممثل بيار شمعون، وكذلك الرسام بيار شديد. اتجه نحو الوجدانيات وصار يغوص أكثر فأكثر في أسرار الحياة والموت. «كلنا نصل إلى هذه المرحلة مع التقدم في العمر، ومن الجيد وُلوجها بعمر أبكر، فموضوعات الإيمان والفلسفة والوجدانيات تزوِّدنا بالنضج وبخبرات قد تكون الأهم في مشوارنا».
ومن ناحية ثانية يفتخر رشدان بما حققه حتى اليوم في عالم التمثيل. ويتذكر بداياته يومَ مثَّل إلى جانب الراحلة صباح في مسرحية «ست الكل»، وفي مسلسل «البركة» و«اسمها لا»، وكذلك في مسلسل «بارانويا» إلى جانب قصي الخولي. ويختم: «أعلم جيداً أن لديّ طاقات كبيرة، وأنه كان في استطاعتي استخدامها بشكل أهم لو أتيحت لي الفرص».



السوبرانو أميرة سليم لـ«الشرق الأوسط»: لا أسعى لمنافسة أحد

سليم في حفلها بأكاديمية الفنون المصرية بروما ({الشرق الأوسط})
سليم في حفلها بأكاديمية الفنون المصرية بروما ({الشرق الأوسط})
TT

السوبرانو أميرة سليم لـ«الشرق الأوسط»: لا أسعى لمنافسة أحد

سليم في حفلها بأكاديمية الفنون المصرية بروما ({الشرق الأوسط})
سليم في حفلها بأكاديمية الفنون المصرية بروما ({الشرق الأوسط})

كشفت مطربة الأوبرا المصرية (السوبرانو) أميرة سليم عن استعدادها لتقديم أغنيات باللهجة العامية المصرية بعدما قدمت أغنية «بنحب المصرية»، كما بدأت تقديم أغنيات باللغة المصرية القديمة بعدما حققت أغنيتها «ميروت إك» وتعني «حُبك» صدى واسعاً عبر قناتها الرسمية على «يوتيوب» وفي حفلاتها بمختلف دول العالم.

وأكدت المطربة المصرية التي تتنقل في إقامتها بين مصر وفرنسا، أنها تتطلع لإعادة تقديم أغنيات لمطربين آخرين على غرار شادية، كما أكدت حبها لصوت شيرين عبد الوهاب، وأبدت تطلعها لدخول مجال التمثيل إذا ما تلقت عملاً يجذبها.

السوبرانو المصرية أميرة سليم ({الشرق الأوسط})

وقدمت أميرة سليم حفلات عدة في أوروبا، بكل من الأوبرا الفرنسية والإيطالية والألمانية، كما قدمت أعمالاً بالأوبرا المصرية عقب تخرجها في معهد «الكونسرفتوار» بالقاهرة، وشاركت بالغناء في حفل «موكب المومياوات الملكية» 2021.

ومع قرب احتفالات أعياد الميلاد أحيت سليم قبل أيام حفلاً في «الأكاديمية المصرية للفنون بروما» بمصاحبة عازفة البيانو «باسكال روزيه»، قدمت خلاله أعمالاً غربية وعربية من بينها «أنشودة إيزيس» لأول مرة في إيطاليا، وأغانٍ للفنان فريد الأطرش.

وعن مشاركتها في الحفل الموسيقي الذي قدمه الموسيقار هشام نزيه على هامش مهرجان «الجونة السينمائي» تقول: «العمل مع هشام نزيه ممتع، فهو منفتح على مختلف أنواع الموسيقى ولا يرتبط بنوع معين، كما أنه ديمقراطي في عمله وصاحب روح جميلة، وقدمت معه (أنشودة إيزيس)، وهي المرة الأولى التي أقف معه بصفته مؤلفاً على المسرح، وذلك يمثل قيمة كبيرة ونادرة بالنسبة للفنان».

تتبنى سليم فكرة تقديم أغنيات باللغة المصرية القديمة ({الشرق الأوسط})

وتقدم السوبرانو حفلات بمصر بين وقت وآخر، لكنها تعترف بأنها ليست كافية، مؤكدة أنها تهتم بالجودة وتقديم حفل لائق في كل التفاصيل، وأن هذا ليس متاحاً دائماً.

وغنت أميرة سليم في حفلات بكل من السعودية والبحرين وعُمان وقطر، وحول الفرق في التلقي بين الجمهور العربي والغربي، تقول: «التفاعل الأكبر يكون مع الجمهور المصري والعربي، فهناك حميمية في ردود أفعالهم، بينما الجمهور الأوروبي لديه نظرة قائمة على التحليل؛ كونه يهتم بالفنون الرفيعة ومطلعاً عليها بشكل كبير».

وبعد أكثر من 20 عاماً من عملها بصفتها مطربة أوبرالية اتجهت أميرة لتقديم أغنيات خاصة بها، وتقول عن ذلك: «لطالما قدمت أعمالاً لمؤلفين آخرين، لكنني أتمنى تقديم أعمال تخصني، وهو ما بدأت فيه مع أغنية (بنحب المصرية)، وقد أصدرها في ألبوم»، وأضافت: «لا أسعى لمنافسة أحد حيث أغني بأسلوبي الخاص بصفتي مطربة أوبرا».

تؤكد أميرة أنه قد حان الوقت لتقديم أغنيات خاصة بها ({الشرق الأوسط})

وتتبنى سليم فكرة إحياء اللغة المصرية القديمة من خلال الغناء، وقدمت أولى أغنياتها في هذا الصدد بعنوان «ميروت إك» وتعني «حُبك»، وتقول عنها: «هي أغنية عاطفية تُظهر وجهاً آخر للمرأة في الحضارة المصرية القديمة التي كانت تقع في الحب وتعبر عنه، وأتطلع لمواصلة هذا التوجه، برغم أنه أمر ليس سهلاً»، موضحة أن «صعوبته تكمن في أن الأغنيات تعتمد على أشعار فرعونية، لذا لا بد من استخراج النص وترجمته والتدريب على النطق الصحيح مع خبراء الآثار وعلم المصريات، ثم وضع موسيقى ملائمة له، وقد استخدمت في لحن الأغنية التي قدمتها مقطوعة شهيرة للموسيقار الألماني باخ مع ألحان من ارتجالي، وهناك ملحنون مصريون رحبوا بخوض تجربة التلحين لأغنيات بالهيروغليفية».

وعمن تسمع لهم في الغناء العربي تقول: «أستمع جيداً لكل ما يُطرح، لكنني أحب صوت شيرين عبد الوهاب فهو صوت مصري أصيل، كما أحب أغنيات فرقتي (مسار إجباري) و(كايروكي) لأن موسيقاهما تجمع بين الألحان الشرقية والغربية».

«ميروت إك» أغنية عاطفية تُظهر وجهاً آخر للمرأة في الحضارة المصرية القديمة

أميرة سليم

وتحرص أميرة في حفلاتها على تقديم أعمال الموسيقار الراحل سيد درويش الذي تراه «فناناً سابقاً لعصره» وتُعِده «بيتهوفن العرب» الذي حقق ثورة في الموسيقى وأحدث تطوراً كبيراً وأدخل «الهارموني» في الموسيقى الكلاسيكية، وهو في رأيها لم يتم اكتشاف ما أحدثه من تطوير في الموسيقى الشرقية بعد، مضيفة: «حين أغني له في أوروبا يتجاوب الأجانب معي بحماس رغم عدم فهمهم لكلماته، لكنهم يقدرون موسيقاه كثيراً».

كما تقدم السوبرانو المصرية ضمن حفلاتها أغنيات لفريد الأطرش وأسمهان، وأرجعت ذلك إلى أن «نوعية أغانيهما قريبة أكثر لصوتها، وقد تأثر فريد بالموسيقى الكلاسيكية، كما أن أسمهان صوت أوبرالي وقد تأثر بأعمالها كل مطربي الأوبرا».

«أستمع جيداً لكل ما يُطرح لكنني أحب صوت شيرين عبد الوهاب فهو صوت مصري أصيل»

أميرة سليم

وأبدت أميرة تطلعها لتقديم أغنيات لشادية، مؤكدة أن «شادية لديها رصيد كبير من الأغنيات الرائعة التي تتسم بـ(الشقاوة) مثل التي قدمتها مع الملحن منير مراد»، وترحب بخوض تجارب تمثيلية من خلال أعمال تناسبها، مؤكدة أن «مطرب الأوبرا لا بد أن تكون لديه قدرة على الأداء التمثيلي».

وتنتمي أميرة سليم لأسرة فنية، فوالدتها هي عازفة البيانو الشهيرة مارسيل متى، ووالدها الفنان التشكيلي الراحل أحمد فؤاد سليم، ولكل منهما بصمته الخاصة على مسيرتها، مثلما تقول: «والدتي هي من علمتني كل شيء في الموسيقى، وشجعتني ودعمتني مثلما دعمت أجيالاً عديدة من الفنانين، فيما أثر والدي علي في كل ما هو إنساني، مثل رسالة الفن وكيف نقدمها وأن يكون لدى الفنان شجاعة التجريب».