تصعيد ميليشياوي ضد منتسبي القطاع الصحي اليمني

مسلحون حوثيون نفذوا عمليات دهم وإغلاق وخطف وإخفاء

طفل يمني مريض بالسرطان ينظر وهو جالس على سرير في المركز الوطني للأورام في صنعاء (رويترز)
طفل يمني مريض بالسرطان ينظر وهو جالس على سرير في المركز الوطني للأورام في صنعاء (رويترز)
TT

تصعيد ميليشياوي ضد منتسبي القطاع الصحي اليمني

طفل يمني مريض بالسرطان ينظر وهو جالس على سرير في المركز الوطني للأورام في صنعاء (رويترز)
طفل يمني مريض بالسرطان ينظر وهو جالس على سرير في المركز الوطني للأورام في صنعاء (رويترز)

أفادت مصادر يمنية طبية بأن الميليشيات الحوثية صعّدت في الآونة الأخيرة من انتهاكاتها بحق القطاع الطبي والعاملين الصحيين في مناطق سيطرتها، وذلك في سياق استهدافها الممنهج للقطاعات والفئات اليمنية كافة.
وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن انتهاكات الميليشيات ضد منتسبي ذلك القطاع الحيوي تنوعت بين عمليات تضييق ودهم وإغلاق وخطف وإخفاء قسري، إضافة إلى سلسلة أخرى من جرائم القمع والبطش والتنكيل والتهديد.
في هذا السياق، ذكر مصدر مطلع في صنعاء أن أفراد الميليشيات الحوثية قاموا قبل أيام بمداهمة «مستشفى اليمن الحديث» الأهلي، الكائن بمنطقة «الحتارش» التابعة إدارياً لمديرية بني الحارث في العاصمة صنعاء، وباشروا بطرد الكادر الصحي والمرضى ومرتادي المستشفى، ومن ثم إغلاقه بشكل نهائي.
وذكرت المصادر أن مالك المبنى المؤجَّر للمستشفى، المنتمي للجماعة الحوثية، برر جرائم الدهم والطرد والإغلاق بانتهاء عقد الإيجار مع إدارة المشفى، حيث طالبها على الفور بإخلاء المستشفى وبصورة مفاجئة.
وعدت المصادر تلك الممارسات بأنها تندرج في إطار ما تشهده صنعاء، وبقية مدن سيطرة الجماعة، من فوضى عارمة وانفلات أمني غير مسبوق، رافقه ارتفاع منسوب الجرائم والانتهاكات بمختلف أشكالها.
وسبق ذلك بأيام وقوع جريمة أخرى مماثلة تمثلت في قيام مسلحين حوثيين، على متن عربة عسكرية، بخطف عامل صحي لحظة خروجه من منزله للذهاب إلى مقر عمله في أحد المستشفيات الخاصة في العاصمة صنعاء.
وأوضحت مصادر محلية أن مسلحي الجماعة اختطفوا العامل الصحي، ويدعى حمدي محمد مجلي، ويعمل في المستشفى الأوروبي الحديث في صنعاء من دون أسباب معروفة، ثم اقتادوه إلى جهة مجهولة.
وتوالياً لتصعيد ميليشيا الحوثي الانقلابية من أعمالها القمعية ضد منتسبي قطاع الصحة بمناطق سيطرتها، تواصل الميليشيات إخفاء عاملة صحية تعمل في المستشفى الريفي بمديرية عبس بمحافظة حجة، في ظل عدم سماحها لأفراد أسرتها وأطفالها بالوصول إليها أو حتى معرفة مكان احتجازها.
مصادر طبية في حجة ذكرت أن خطف الميليشيات للعاملة الصحية جاء نتيجة رفضها استقطاعات متكررة من مستحقات العاملين الصحيين التي يتقاضونها من منظمة «أطباء بلا حدود»، وهي منظمة اعتادت على تقديم الدعم المتنوع للمستشفى بصورة متكررة.
وأثارت عملية الخطف غضباً واسعاً في أوساط الأطباء والعاملين الصحيين بالمستشفى الريفي في مدرية عبس، حيث طالبوا الجماعة الحوثية بسرعة الإفراج عن زميلتهم، غير أن الجماعة تواصل إخفاءها، وتتجاهل كل النداءات المطالبة بالإفراج الفوري عنها.
وفي ظل توالي التحذيرات المحلية والدولية من استمرار حالة الانهيار المتسارع للقطاع الصحي اليمني بخروج أكثر من نصف مرافقه عن الخدمة، كان عاملون في القطاع الصحي بصنعاء اتهموا في وقت سابق الميليشيات الحوثية بارتكاب سلسلة انتهاكات جديدة، طالت عديداً من المنشآت الطبية.
كما جدد العاملون الصحيون اتهاماتهم لعناصر الميليشيات وقادتها بالاستيلاء على موارد هذا القطاع، والسطو على المساعدات الإنسانية الدولية وتسخيرها للموالين، وتخصيص أغلب المستشفيات الحكومية لمصلحة جرحى الميليشيات.
وأفاد عدد منهم بأن عناصر وقادة الجماعة الحوثية لا يزالون مستمرين في فسادهم وإمعانهم في استهداف ما بقي من المنشآت والمراكز الصحية بالدهم والإغلاق وفرض الإتاوات، الأمر الذي جعل رسوم الخدمات الصحية تقفز في المناطق الموجودة تحت سيطرة الجماعة إلى مستويات غير مسبوقة.
وعمدت الجماعة، المدعومة من إيران، منذ انقلابها إلى فرض إتاوات وجبايات غير قانونية على عدد كبير من المنشآت والمراكز الصحية والدوائية، تمثل أبرزها في إغلاق أكثر من 8 مستشفيات أهلية وخاصة، وسحب تراخيصها، وإغلاق العشرات من أقسام العمليات والعناية المركزة في 25 مستشفى أهلياً وحكومياً في صنعاء.
وتأتي تلك الحزمة من الانتهاكات الحوثية، في وقت تؤكد فيه تقارير أممية وأخرى محلية أن اليمن لا يزال يعاني من أسوأ أزمة إنسانية وصحية على مستوى العالم.
وفي تقارير سابقة لها، أشارت الأمم المتحدة إلى انهيار كامل للقطاع الصحي في اليمن، وإغلاق عدد كبير من المرافق الصحية؛ ما تسبب في تفشي الأمراض والأوبئة في البلاد، وخصوصاً في مناطق سيطرة الجماعة الانقلابية.
ولا يعمل حالياً في اليمن سوى جزء يسير جداً من المنشآت الصحية بكامل طاقته، في حين تشير تقارير أممية إلى أن نحو 22 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، يحتاجون لمساعدات إنسانية وصحية عاجلة، وأن كثيراً منهم على شفا المجاعة ويواجهون عدداً من الأمراض والأوبئة.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.