«الطبيب الروبوت»... سيَراكم قريباً

تقنيات ذكاء صناعي بريطانية تتنبأ بحدوث الأمراض

«الطبيب الروبوت»... سيَراكم قريباً
TT

«الطبيب الروبوت»... سيَراكم قريباً

«الطبيب الروبوت»... سيَراكم قريباً

كيف ستشعرون لو لجأ طبيبكم إلى نظام ذكاء صناعي مدرّب على تاريخكم الطبّي، بدل معرفته العaيادية، ليساعده في تشخيص مرضكم المحتمل التّالي أو كتابة وصفتكم الطبية؟
بقيت هذه السيناريوهات افتراضية لعقود لأنّ التقنية كانت ضعيفة، كما أن الشكوك أكبر بكثير من المخاطرة بالاعتماد على آلة لتقديم المشورة الطبية. ولكنّ نجاح النماذج اللغوية البارزة مثل «تشات جي.بي.تي»، برنامج الذكاء الصناعي الشهير الذي طوّره مختبر «أوبن إي آي» البحثي، دفع العلماء إلى إعادة النظر بالاحتمالات.
في ديسمبر (كانون الأول) الفائت، قرأتُ في لائحة من الأوراق البحثية حول التعلّم الآلي التي لم تنشر بعدُ، عن «فورسايت»، وهو نموذج تعلّم آلي طبي طوّره باحثون في جامعة «كينغز كوليدج لندن».
يستخدم «فورسايت» برنامج «جي بي تي - 3» الذي يشغّل «تشات جي بي تي»، بالإضافة إلى استخدام سجلّات صحية إلكترونية حقيقية «لتوقّع الأحداث المستقبلية، وتقدير المخاطر، واقتراح تشخيصات بديلة أو التنبؤ بالمضاعفات» لأشخاص افتراضيين أو حقيقيين تعود لهم المعلومات التي تغذّى بها النموذج.
شمل تدريب النموذج بيانات حقيقية غير معرّفة من مستشفى «كينغ كوليدج» جُمعت بين عامي 2010 و2019. وبعدها، اكتشفتُ أنّ «فورسايت» ليس نظام الذكاء الصناعي الطبي الوحيد الموجود اليوم. ففي أواخر العام الماضي، أعلنت شركة «غوغل» عن «ميد – بالم»، نسخة من نموذج «بالم» الشامل الذي طوّرته وغذّته بنصوص من شبكة الإنترنت والكتب ومستندات طبية دقيقة.
خرجت «غوغل» بادعاءات مثيرة للاهتمام حول نموذجها، فقد استطاع ذكاؤها الصناعي الإجابة عن أسئلة طبية شائعة تتطلّب ردوداً طويلة مكتوبة. ووجد أطبّاء حقيقيون أنّ 92.6 في المائة من إجابات «ميد – بالم»، «كانت متوافقة مع الإجماع العلمي»، أي أقلّ بـ0.3 في المائة فقط من توافق إجابات الأطباء البشر.
لفت المختصّون الذين قيّموا قدرات النموذج إلى أنّ الفجوات في بعض الإجابات والمسائل المحتملة المتعلّقة بالسلامة تعني أنّ النموذج «ليس جاهزاً بعد للاستخدام العيادي»، ولكنّهم أكّدوا في المقابل أنّ هذا النوع من الذكاء الصناعي يتقدّم بسرعة.
دفعتني هذه النتائج إلى التساؤل: كم باتت قريبة رؤية أدوات الذكاء الصناعي في العيادات، وما إذا كانت البيانات التي تتغذّى بها فعلاً غير معرّفة، أي سرّية؟ وللاستيضاح، تحدثتُ مع اثنين من مبتكري «فورسايت» اللذين أكّدا لي أنّ البيانات غير معرّفة وأنّهم أزالوا المعلومات التي قد تكشف هوية المرضى، كالأمراض النادرة مثلاً، انطلاقاً من السجلّات الإلكترونية الحقيقية قبل تلقينها للنموذج.
وأكّد جيمس تيو، أحد أعضاء الفريق المطوّر لـ«فورسايت» أنّ «خطر تحديد هوية المريض في نموذج الذكاء الصناعي يبلغ الصفر».
لم يستخدم مصممو «فورسايت» أو حتّى «ميد – بالم» (حتّى اليوم) نماذج الذكاء الصناعي التي طوّروها في الإعدادات العيادية، أي إنّها لم تباشر بعد بتقييم المرضى والحالات الطبية، ولكنّ نتائجها مشجعة. فقد عمد خمسة أطبّاء إلى تقييم توقعات النماذج للمشكلات الصحية المستقبلية لـ34 مريضاً مفترضاً ووجدوا أنّ توقّعاتها الأساسية للحالات كانت ذات صلة في 97 في المائة من الحالات.
لم يحدّد تيو تاريخاً للبدء باستخدام «فورسايت» في العالم الحقيقي، وكشف أنّهم ما زالوا بحاجة إلى سنة لجمع المزيد من البيانات عن دقّة النموذج وقابلية تفسيره، ولكنه رجّح أن تبلغ هذه النماذج مستوى المهارة العيادية قبل أن تتمكّن المؤسسات المختصّة كالوكالة التنظيمية للأدوية ومنتجات الرعاية الصحية في المملكة المتحدة من تقييمها بالشكل الصحيح. وأضاف تيو أنّ «(فورسايت) يحقّق الجدوى التقنية إلى درجة معيّنة، ولذا يبقى على الجهات المنظّمة أن تطوّر إطارات عملها لتصبح قادرة على تقدير ما إذا كان النموذج يرقى إلى الجدوى التنظيمية».
ما زلنا لا نعرف ماهية هذه الأطر ولكنّها ستنظر على الأرجح فيما إذا كانت هذه النماذج تستطيع توليد إجابات دقيقة وموثوقة، وإلى شفافية قراراتها. ويجب أن تثبت هذه النماذج أيضاً أنّها غير منحازة تجاه مجموعة معيّنة من الناس، خصوصاً أن الانحياز يعد من أبرز مشكلات نماذج الذكاء الصناعي نظراً لطريقة تدريبها. يلعب هذا الأمر دوراً بالغ الأهمية في العناية الصحية في المناطق التي تؤثر فيها المجموعات السكانية على النتائج الطبية، حسبما قال ديفيد ليسلي من معهد «آلان تورينغ».
ولفت ليسلي أيضاً إلى أنّ الذكاء الصناعي الطبي يصطدم بمأزق آخر يُعرف بـ«هلوسات الذكاء الصناعي»، حيث قد تُولّد النماذج «نتائج خيالية، وغير موثوقة، وغير منطقية».
هذه الأسئلة جميعها ستُطرح على الوكالة التنظيمية للأدوية ومنتجات الرعاية الصحية عندما يحين الوقت، ولكن إذا شهدت النتائج الأولية التي صدرت عن هذه النماذج المزيد من التحسينات، سيكون السؤال الأساسي «متى» وليس «هل» سيصبح التشخيص الطبي مدعوماً بمساعدة الذكاء الصناعي؟

* «نيو ساينتست»
- خدمات «تريبيون ميديا»



فلسطينيون يسارعون إلى تطعيم أطفالهم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة

بدء حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة (أ.ب)
بدء حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة (أ.ب)
TT

فلسطينيون يسارعون إلى تطعيم أطفالهم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة

بدء حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة (أ.ب)
بدء حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة (أ.ب)

في مركز طبي بمخيم الزوايدة وسط قطاع غزة، لا تخفي الفلسطينية بسمة البطش فرحتها بوصول اللقاحات ضد شلل الأطفال التي ستمكّن أطفالها وآلاف الأطفال الآخرين من الحصول على مناعة ضد المرض الذي عاد إلى القطاع المحاصر والمدمّر.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، تجمّع عشرات الأهالي مع أطفالهم أمام المركز ينتظرون حصول الأطفال على التطعيم على أيدي أفراد طواقم طبية موزعين في المكان. وكانوا قد تلقوا صباحاً رسائل نصية على هواتفهم تطلب منهم إحضار أطفالهم.

ويفتح أحد الأطفال فمه قبل أن يقوم العامل الطبي بتنقيط قطرتين من الطُّعم في فمه. وتقول البطش: «أشعر بالفرح والارتياح... كنت خائفة على أطفالي من الشلل والأمراض». وتضيف: «لكن الحمد لله، أنا الآن سعيدة؛ لأن أولادي سوف يحصلون على التطعيم».

وبدأت، الأحد، رسمياً حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة، وفق ما أعلن مسؤول صحي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت أن الحملة ستجري على مراحل في كل مناطق القطاع الفلسطيني الذي يشهد حرباً مدمّرة منذ قرابة أحد عشر شهراً، وستترافق مع «هدن إنسانية» لم تتضح شروطها تماماً.

وأعلنت الأمم المتحدة عن حملة التطعيم بعد أن سُجلت، الشهر الماضي، أول حالة شلل أطفال منذ ربع قرن في قطاع غزة. وقد أصيب بها طفل يبلغ من العمر 10 أشهر. وقالت عائلته التي اضطُرت للنزوح مراراً بسبب الحرب، إنهم لم يتمكنوا قط من تطعيمه حاله حال كثير من الأطفال في القطاع.

وأكّدت متحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) لويز ووتردج تطعيم نحو 2000 طفل في عيادة في دير البلح، الأحد. وأوضحت أن هناك فرقاً متنقلة بين الخيام، وتوضع علامة بالحبر على إبهام الطفل الذي حصل على التطعيم.

«حصلوا على التطعيم»

ينتشر فيروس شلل الأطفال في أغلب الأحيان عن طريق مياه الصرف الصحي والمياه الملوثة، وهو شديد العدوى. ويمكن أن يسبب تشوّهات وشللاً دائماً، وقد يصبح مميتاً. وهو يصيب بشكل رئيسي الأطفال دون سن الخامسة.

وأرسلت الأمم المتحدة 1.26 مليون جرعة من اللقاحات التي تُعطى بالفم.

وتقول غدير حجي إنها شعرت بالخوف عندما سمعت عن تسجيل حالة إصابة بشلل الأطفال. وتضيف: «شعرنا بالخوف على أطفالنا، وطالبنا بضرورة توفير تطعيم لهم». وبحسب حجي: «تلقينا رسائل من وزارة الصحة، وأتينا إلى هنا فوراً»، وتقول الأم لخمسة: «حصلوا جميعهم على التطعيم».

في المركز الطبي في الزوايدة، كُتب على صناديق التطعيم المكدسة في إحدى الغرف، اسم منظمة «يونيسيف».

في الخارج، كان أحدهم يوزّع كتيبات بعنوان «أسئلة وأجوبة حول شلل الأطفال»، في حين علّقت على جدران المركز ملصقات حول الحملة. وتلقّى عدد من الأطفال، السبت، قبل بدء الحملة رسمياً، لقاحات في خان يونس في جنوب القطاع.

«أسئلة وأجوبة»

أعلنت منظمة الصحة العالمية أن إسرائيل وافقت على سلسلة «هدن إنسانية» تستمر كلّ منها 3 أيام في وسط القطاع وجنوبه وشماله لتنفيذ حملة تلقيح تشمل 640 ألف طفل في أنحاء غزة. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شدّد على أن هذه الهدن الموقتة «ليست وقفاً لإطلاق النار».

وأعلن المدير الطبي لمستشفى العودة (وسط) ياسر شعبان أن التطعيم اليوم عند التاسعة صباحاً (6 بتوقيت غرينتش).

ولم تشر التقارير الميدانية، الأحد، إلى قصف أو عمليات عسكرية حتى الساعة الثانية بعد الظهر، وهو الوقت المحدّد مبدئياً لانتهاء هدنة اليوم.

إلا أن شعبان تحدّث عن «تحليق مكثّف لطائرات مسيّرة إسرائيلية في أجواء المحافظة الوسطى»، متمنياً أن «تتمّ عملية تطعيم أبنائنا الأطفال وسط جو من الطمأنينة والهدوء».

وقالت ووتردج إنها سمعت بعض أصوات إطلاق النار في وسط غزة بعد السادسة صباحاً، لكن بعد ذلك عمّ الهدوء المنطقة.

وأضافت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «صعب جداً أن تنتقل من العيش في خوف مطلق في كل ثانية من يومك من الاستيقاظ وحتى النوم، إلى أن تطمئن فجأة إلى أن الأمر على ما يرام الآن».

وحدّدت وزارة الصحة في قطاع غزة ووكالات الأمم المتحدة 67 مركزاً للتطعيم، في مستشفيات ومستوصفات ومدارس في وسط القطاع الفلسطيني الصغير، و59 مركزاً في الجنوب، و33 مركزاً في الشمال الذي بات غير مأهول إلى حدّ كبير، على أن تنتقل الحملة إلى الجنوب والشمال في مرحلتين ثانية وثالثة.