اتصالات مصرية-قطرية-أممية لاحتواء الموقف في الضفة

إسرائيل تقول إنها أحبطت «قنبلة موقوتة»... وعباس بصدد قرارات

جانب من المواجهات في جنين اليوم (أ.ب)
جانب من المواجهات في جنين اليوم (أ.ب)
TT

اتصالات مصرية-قطرية-أممية لاحتواء الموقف في الضفة

جانب من المواجهات في جنين اليوم (أ.ب)
جانب من المواجهات في جنين اليوم (أ.ب)

قال مسؤول في الأمم المتحدة إنه على تواصل مع السلطات الإسرائيلية والفلسطينية من أجل تخفيف حدة التوتر وإعادة الهدوء وتجنيب المنطقة المزيد من الصراع، بعد قتل إسرائيل 9 فلسطينيين في هجوم دامٍ على مخيم جنين شمال الضفة الغربية اليوم (الخميس). وجاء في بيان أصدره تور وينسلاند، منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، أنه يشعر بقلق وحزن عميق بسبب استمرار دائرة العنف في الضفة ومقتل 9 فلسطينيين بينهم امرأة واحدة خلال عملية إسرائيلية في جنين، معتبرا ذلك مثالاً صارخاً آخر على مستويات وتوسع العنف. وقال وينسلاند: «منذ بداية هذا العام ما زلنا نشهد مستويات عالية من العنف والكثير من الأحداث السلبية الأخرى التي ميّزت عام 2022، ومن المهم الحد من هذه التوترات فوراً ومنع المزيد من خسائر الأرواح».
وجاء بيان المنسق الأممي في وقت قالت فيه قناة «ريشت كان» الإسرائيلية أن اتصالات على مستوى عالٍ تجري من وسطاء لنزع فتيل تصعيد محتمل، وأكدت مصادر إسرائيلية أن كلاً من مصر وقطر والأمم المتحدة يُجرون اتصالات مع الإسرائيليين والفلسطينيين في محاولة لتهدئة الموقف. وتتوقع إسرائيل تصعيداً فلسطينياً بعد الهجوم من جنين، ورداً محتملاً من قطاع غزة. وأعلنت المستويات الأمنية في إسرائيل عن حالة التأهب الأمني والاستعداد لمواجهة تصعيد بما في ذلك على جبهة قطاع غزة. وقال ضباط إسرائيليون لوسائل إعلام إسرائيلية إنهم يتأهبون في كل الجبهات ويتوقعون رداً محتملاً من قطاع غزة التي تعهد قادتها بالرد.
وكانت الفصائل الفلسطينية بما فيها حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» قد تعهدتا بتصعيد المقاومة رداً على مجزرة جنين. وقال نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، صالح العاروري، إن «الاحتلال سيدفع ثمن المجزرة التي نفّذها في جنين ومخيمها صباح اليوم، ورد المقاومة لن يتأخر». ودعا العاروري الفلسطينيين إلى أوسع مواجهة مع قوات الاحتلال بكل الوسائل المتاحة، وهي دعوة أطلقتها الفصائل الفلسطينية الأخرى.
ورداً على ذلك، عقد وزير الدفاع يوآف غالانت اجتماعاً تشاورياً مع رئيس هيئة الأركان ورئيس الشاباك ومسؤولين كبار. وذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه «يتلقى تحديثات بانتظام عن الأحداث الأمنية وسيُجري لاحقاً تقييماً للوضع الأمني». وكانت القوات الإسرائيلية قد قتلت 9 فلسطينيين في هجوم على مخيم جنين قالت إنه استهدف «قنبلة موقوتة» تابعة لـ«الجهاد الإسلامي» (خلية من 4 أفراد).
وقال ضابط شارك في الهجوم، لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن المجموعة المسلحة كانت «تخطط لشن هجوم» في إطار زمني فوري، وإنه كان يجب أن يتحرك الجيش أو سيتحركون هم.
وأكد الضابط أن قائد فرقة جنين دخل بنفسه -إلى جانب ضباط كبار- العملية، وأن قواته استخدمت سياسة «طنجرة الضغط» وتم عزل المسلحين قبل أن يتم استخدام صواريخ مضادة للأفراد والدبابات ومتفجرات ضدهم. لكنَّ الفلسطينيين اتهموا إسرائيل بارتكاب مجزرة.
وأدانت الرئاسة الفلسطينية والفصائل ودول عربية ومنظمات، المجزرة الإسرائيلية، وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحِداد 3 أيام في الأراضي الفلسطينية، فيما يرتقب بيان للقيادة الفلسطينية التي تنادت لاجتماع طارئ، قد يحدد قرارات وخطوات فلسطينية منتظرة. وقال حسين الشيخ، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إن «القيادة ستعلن مساء اليوم عن سلسلة إجراءات وقرارات مهمة».



جبايات حوثية من بوابة «المولد النبوي» رغم نفي زعيم الجماعة

مئات الفعاليات التحضيرية التي ينظمها الحوثيون للاحتفال بـ«المولد النبوي» (إعلام حوثي)
مئات الفعاليات التحضيرية التي ينظمها الحوثيون للاحتفال بـ«المولد النبوي» (إعلام حوثي)
TT

جبايات حوثية من بوابة «المولد النبوي» رغم نفي زعيم الجماعة

مئات الفعاليات التحضيرية التي ينظمها الحوثيون للاحتفال بـ«المولد النبوي» (إعلام حوثي)
مئات الفعاليات التحضيرية التي ينظمها الحوثيون للاحتفال بـ«المولد النبوي» (إعلام حوثي)

بينما نفى زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي فرض أي جبايات مالية لدعم الاحتفالات بمناسبة «المولد النبوي»، واصلت الجماعة إجبار السكان، بمختلف فئاتهم ومهنهم، على التبرع لهذه الاحتفالات، وفرضت إجراءات عقابية على من يرفض التبرع، وتوعَّدت بمحاسبة مسؤولي المنشآت العمومية في حال عدم المشاركة، بالتزامن مع إقرار جبايات مرتفعة على الملابس المستوردة.

وكان الحوثي قد نفى في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن تكون جماعته قد فرضت ضرائب وجبايات مالية جديدة على التجار في مناطق سيطرتها، لتمويل الاحتفال بـ«المولد النبوي» الذي تنظمه سنوياً، وتحشد لصالحه كل الإمكانات والموارد البشرية والمالية، وتعمم بالقوة مظاهر الاحتفال في كافة الشوارع والطرقات والمباني في مناطق سيطرتها.

العبارات غير المفهومة التي ينشرها الحوثيون للاحتفال بـ«المولد النبوي» تثير تهكم السكان (إكس)

وانتشرت الزينات والأضواء الخضراء في سائر مناطق سيطرة الجماعة، مع نصب مئات اللوحات الإعلانية التي تحمل شعارات الجماعة الحوثية، ومقتطفات من خطابات زعيمها، أو مقولات مؤسسها حسين الحوثي.

وتسود المجتمع اليمني حالة من السخط بسبب هذه المظاهر الاحتفالية التي تستفز مشاعرهم، بسبب الأوضاع المعيشية التي يقاسونها تحت سيطرة الجماعة. ويمتزج السخط بالتهكم على تلك المظاهر، وعلى مقولات قائد ومؤسس الجماعة؛ خصوصاً أن كثيراً منها يُكتب بلغة ركيكة أو بصياغة غير مفهومة.

وأصدرت الجماعة توجيهات بزيادة جمركية على البضائع المستوردة الخاصة بالملابس والأحذية والحقائب، تحت مبرر دعم منتجات الملابس المحلية.

ووفقاً لتجار في مناطق سيطرة الجماعة، فإن التوجيهات الجديدة تضمنت رفع الجبايات المحصلة كجمارك، عن كل حاوية محملة بالملابس المستوردة أو مستلزماتها إلى نحو 56 ألف دولار (30 مليون ريال يمني).

السكان الذين يرفضون حضور الفعاليات الحوثية عرضة للعقوبة (إعلام حوثي)

واستغرب «نذير قادري» -وهو اسم مستعار لرجل أعمال- ادعاءات الجماعة تشجيع المنتجات المحلية من الملابس، رغم عدم وجود مصانع محلية لصناعة الملابس إلا على نطاق محدود جداً، وفي محال مملوكة لأفراد، وتعمل أغلبها على تجهيزات الأزياء للمدارس والشركات، وبخامات مستوردة أساساً.

وأوضح «قادري» لـ«الشرق الأوسط» أن مالكي هذه المحال يتعرضون بدورهم للابتزاز وفرض الجبايات بشكل يرهق ميزانيتهم ويحد من إيراداتهم، إضافة إلى كونهم يستخدمون الأقمشة ومواد الخياطة المستوردة، والتي تفرض الجماعة عليها جبايات طائلة.

تخضير المدن

وشددت الجماعة الحوثية على مشرفي التحصيل لديها، لإلزام التجار والباعة والشركات التجارية بدفع الأموال المقدرة من القادة المسؤولين عن الموارد المالية، كتبرعات للاحتفال بـ«المولد النبوي»، حسب طبيعة وحجم أنشطتهم وأعمالهم التجارية والخدمية.

وتقول المصادر إن الجماعة فرضت على كبريات المجموعات التجارية اليمنية، مثل «هائل سعيد أنعم وشركاه»، و«إخوان ثابت»، وشركة «درهم»، ومجموعة «الكبوس»، مبالغ كبيرة تصل إلى مليار ريال يمني، أي نحو مليون و900 ألف دولار؛ حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار عند 536 ريالاً.

لقطة جوية لمدينة صنعاء نشرتها الجماعة الحوثية لاستعراض قدراتها على فرض طابعها الطائفي (إعلام حوثي)

وفرضت الجماعة على مالكي المباني الكبيرة والبارزة في المدن والأرياف، وعلى المحال التجارية في عموم الشوارع، استخدام الزينات والأضواء الخضراء، واستخدام الطلاء الأخضر في تلوين الأبواب والنوافذ.

كما ألزمت المدارس والمنشآت العمومية بالاستعداد للاحتفال بـ«المولد النبوي» من خلال مظاهر الزينة والأضواء، وتخصيص جزء من إيراداتها لشرائها.

وكشفت مصادر تربوية أن قادة حوثيين في قطاع التربية والتعليم وجَّهوا مديري المدارس العمومية والخاصة، من خلال تطبيقات المراسلة في وسائل التواصل الاجتماعي، بضرورة رفع تقارير عن استعداداتهم للاحتفالات، وإرفاقها ببيانات التجهيزات والمواد المستخدمة، مع تهديد من يتخلف عن مواكبة الاحتفالات والاستعداد لها بتحمل عواقب ذلك.

جبايات من الطلاب

وأجبر عدد من مديري المدارس الموالين للجماعة الحوثية الطلاب على التبرع للاحتفالات بـ«المولد النبوي»، إما نقداً وإما عيناً.

وحسب المصادر، فإن هؤلاء المديرين سعوا إلى إثبات ولائهم وتفانيهم للاحتفال بـ«المولد النبوي» من خلال إلزام الطلبة بتقديم التبرعات من مصاريفهم اليومية، وبسبب أن غالبية الطلبة لا يحصلون على مصاريف للمدرسة من عائلاتهم بسبب تردي الأوضاع المعيشية، يطلب المديرون منهم التبرع العيني، كجلب مواد غذائية أو أقمشة ومستلزمات خضراء من منازلهم.

الحوثيون ضاعفوا الجبايات للمشاركة في الاحتفالات (إعلام حوثي)

وفي إحدى المدارس في حي سعوان شرق العاصمة المختطفة صنعاء، أُجبر الطلاب على إنفاق مبالغ مالية لشراء وزراعة شتلات أشجار، للمساهمة في تزيين المدرسة والتحضير للاحتفال بـ«المولد النبوي».

وفي كثير من أحياء صنعاء والمدن الأخرى والأرياف، تُجبر العائلات على دفع مبالغ تتراوح بين 10 و20 دولاراً (بين 5 آلاف و10 آلاف ريال يمني)، حسب عدد أفرادها، لدعم الاحتفال بذكرى المولد النبوي.

وبطريقة التعامل مع طلاب المدارس نفسها، يطلب المشرفون الحوثيون المسؤولون عن الجبايات، من كل عائلة تبدي عجزها عن دفع المبلغ المفروض عليها بسبب ظروفها المعيشية، التبرع العيني من غذاء أو أي مستلزمات منزلية.

ويشير علوان الجماعي -وهو من سكان إب النازحين في محافظة مأرب- إلى أن عائلة والده أُجبرت على التبرع بشاشة التلفزيون ليتم استخدامها في إحدى القاعات التي خصصتها الجماعة للاحتفالات بـ«المولد النبوي» في الحي الذي تسكن فيه.

ويضيف الجماعي لـ«الشرق الأوسط» أن والده شعر بالندم بعد أن أجبره القيادي الحوثي على التبرع بالشاشة، بسبب رده عليه بأنه لا يمتلك المال للتبرع، ورغم أنه تلقى وعداً بإعادتها إليه حال الانتهاء من الاحتفال؛ فإنه لا يثق بحدوث ذلك، ويتوقع أنه خسرها تماماً.