رئيس الوزراء التركي يعلن تحديد هوية مشتبه به في الهجوم الانتحاري في سروج

جلسة استثنائية للحكومة «للتباحث في أي إجراءات أمنية جديدة محتملة»

رجال أمن أتراك يقودون المتظاهرين المحتجين في اسطنبول أمس بعد يوم على تفجير انتحاري في مدينة سروج (أ.ف.ب)
رجال أمن أتراك يقودون المتظاهرين المحتجين في اسطنبول أمس بعد يوم على تفجير انتحاري في مدينة سروج (أ.ف.ب)
TT

رئيس الوزراء التركي يعلن تحديد هوية مشتبه به في الهجوم الانتحاري في سروج

رجال أمن أتراك يقودون المتظاهرين المحتجين في اسطنبول أمس بعد يوم على تفجير انتحاري في مدينة سروج (أ.ف.ب)
رجال أمن أتراك يقودون المتظاهرين المحتجين في اسطنبول أمس بعد يوم على تفجير انتحاري في مدينة سروج (أ.ف.ب)

أعلن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، أمس، أن عناصر من الشرطة التركية قاموا بتحديد هوية مشتبه به مرتبط بالهجوم الانتحاري الذي استهدف الاثنين مدينة سروج (جنوب) على الحدود مع سوريا، في الوقت الذي وعدت فيه الحكومة التركية بتعزيز الإجراءات الأمنية.
ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» أن داود أوغلو تحدث لصحافيين في إقليم شانلي أورفا الحدودي عن تحقيق «تقدم كبير» في الوصول إلى هوية المشتبه، داعيا إلى التضامن بين الأحزاب السياسية وأبناء البلاد جميعا. وقال: «تبذل قوات الأمن جهودا مكثفة لكشف جميع صلات الانتحاري داخل وخارج تركيا». وصرح داود أوغلو أمام صحافيين «لقد تم تحديد هوية مشتبه به ويتم التحقق من روابطه المحتملة مع الخارج أو داخل تركيا. الاحتمال الأكبر هو أن يكون الأمر هجوما انتحاريا على علاقة بداعش».
وأوضح أن حصيلة الهجوم ارتفعت من 31 إلى 32 قتيلا، وأن 29 شخصا من أصل مائة جريح لا يزالون في المستشفيات. كما أعلن انعقاد جلسة استثنائية للحكومة «للتباحث في أي إجراءات أمنية جديدة محتملة» بعد الهجوم.
ورفض رئيس الوزراء التركي اتهامات لبلاده بتقديم دعم غير صريح في السابق لعناصر تنظيم داعش المتشدد الذين ينشطون في سوريا، وأنها فتحت الباب بذلك أمام التفجير الانتحاري.
وقال أوغلو «سنتباحث في خطة عمل تشمل إجراءات أمنية جديدة على حدودنا»، موضحا «سنبذل كل الجهود ضد المسؤولين (عن الهجوم) أيا كانت هوياتهم».
ونشرت الصحف التركية اليوم الثلاثاء على صفحاتها الأولى صور جثث الضحايا تغطيها الدماء والأشلاء وقد غطي بعضها بالكاد بأوراق صحف. وكتبت صحيفة «صباح» الموالية للحكومة في افتتاحيتها أن «هذا الهجوم الإرهابي (...) هو عمل انتقامي ضد التزام تركيا مكافحة الإرهاب، غذته الفوضى التي تسود المنطقة».
في المقابل شككت أصوات بسياسة أنقرة «المتساهلة» مع المنظمات المتطرفة التي تقاتل النظام السوري، واتهمت الحكومة بأنها لم تقدر خطر التهديد الجهادي.
وقالت فيجين يوكسيكداغ التي تشارك في رئاسة أكبر حزب كردي في تركيا «لا يمكن لأي قوة التحرك في تركيا من دون أن تكون الأجهزة السرية أو وحدات الاستخبارات على علم بذلك».
وكشفت صحيفة «حرييت»، الثلاثاء، أن أجهزة الأمن حذرت الحكومة مؤخرا من خطر حدوث هجوم إرهابي على الأراضي التركية.
ويرى نهاد علي أوزكان من مركز الدراسات تيباف في أنقرة، في اعتداء سروج «انتقالا إلى الأراضي التركية» للحرب التي يخوضها الأكراد والمتشددون. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «هذا الهجوم يمكن أن يؤدي إلى اندلاع النزاعات العقائدية والإثنية والسياسية في تركيا». وغداة الهجوم، أقيمت صلاة الجنازة أمس الثلاثاء في جامع بمدينة غازي عنتاب (جنوب) غير البعيدة عن سروج.
من جهته، قال نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش إن 32 من الجرحى الذين بلغ عددهم نحو مائة ما زالوا في المستشفيات في المنطقة. وأضاف أن «بعضهم إصاباتهم خطيرة».
دوليا، تعهدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للحكومة التركية بتقديم مساندة ألمانية عقب الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له مدينة سروج. وكتبت ميركل، أمس، في برقية تعزية أرسلتها إلى رئيس الحكومة التركية أحمد داود أوغلو: «إننا متحالفون في مواجهة الإرهاب. ويوحدنا هدف الدفاع عن قيمنا المشتركة والتعايش السلمي بين الدول والحفاظ عليها».
كما أدان الرئيس الألماني يواخيم جاوك، الهجوم من جهته، ووصفه بـ«العمل البربري».
وكتب جاوك في خطاب تعزية للرئيس التركي رجب طيب إردوغان: «هذا الهجوم البغيض ليس اعتداء على مواطنات ومواطنين أتراك، وعلى الأمن الداخلي لتركيا فحسب، بل هو أيضا تعبير عن قناعة مزدرية للإنسانية. نريد مكافحة التطرف والإرهاب بصورة موحدة». واتهمت جماعة حزب العمال الكردستاني التي خاضت تمردا ضد الدولة التركية لثلاثة عقود حزب العدالة والتنمية بالوقوف وراء التفجير واتهمته بدعم تنظيم داعش ضد أكراد سوريا.
وفي إسطنبول استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لتفريق محتجين كانوا يرددون شعارات تتهم إردوغان وحزب العدالة والتنمية بالتواطؤ. وذكرت وسائل إعلام محلية أن مهاجما فتح النار وأصاب شخصين خلال احتجاج مماثل في مدينة مرسين الساحلية بجنوب البلاد.
واتهمت وسائل إعلام مؤيدة للحكومة حزب الشعوب الديمقراطي وهو حزب أغلب مؤيديه من الأكراد، بمحاولة استغلال هجوم سروج بتحريض الأكراد على حمل السلاح وهو الاتهام الذي نفاه زعيم الحزب صلاح الدين دمرداش.
وأعلنت القوات المسلحة التركية عن تعرض جنودها لهجومين في شرق البلاد ليل الاثنين. وفي إقليم أجدير، أغلق مقاتلو حزب العمال الكردستاني طريقا سريعا وأطلقوا النار على قوات الأمن، بينما ألقى مهاجمون ملثمون متفجرات بدائية الصنع على ثكنات في بلدة الجزيرة وأطلقوا رصاص البنادق.
وفي حادث منفصل فتح مسلحون النار على مركز للشرطة في حي سلطان غازي في إسطنبول في وقت مبكر أمس. ولم يصب أحد في الهجوم ولم يتضح ما إذا كان مرتبطا بهجوم سروج، لكن صحيفة «يني شفق» المؤيدة للحكومة قالت إن جماعة يسارية متعاطفة مع الأكراد أعلنت مسؤوليتها عنه.



برلمان كوريا الجنوبية يعزل الرئيس... ويون: سأتنحى ولن أستسلم

TT

برلمان كوريا الجنوبية يعزل الرئيس... ويون: سأتنحى ولن أستسلم

رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي في 7 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي في 7 ديسمبر (أ.ف.ب)

صوّت البرلمان في كوريا الجنوبية، السبت، على عزل الرئيس يون سوك يول، بعد محاولته الفاشلة لفرض الأحكام العرفية وعرقلة عمل المؤسسة التشريعية عبر اللجوء إلى الجيش في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقال يون سوك يول، عقب قرار عزله، إنه «لن يستسلم أبداً»، داعياً في الوقت ذاته إلى الاستقرار.

واحتشد عشرات آلاف المتظاهرين أمام الجمعية الوطنية في أثناء إجراء عملية التصويت، معبرين عن فرحتهم لدى إعلان رئيس البرلمان وو وون شيك نتيجة التصويت. وصوّت 204 نواب لصالح مذكرة العزل، في حين عارضها 85 نائباً، وامتنع ثلاثة نواب عن التصويت، وأُبطلت ثماني بطاقات تصويت. وكان ينبغي أن يوافق البرلمان على مذكرة العزل بأغلبية 200 صوت من أصل 300. ونجحت المعارضة، التي تضم 192 نائباً، في إقناع 12 من أصل 108 من أعضاء حزب السلطة للشعب الذي ينتمي إليه يون، بالانضمام إليها. وبذلك، عُلق عمل يون في انتظار قرار المحكمة الدستورية المصادقة على فصله في غضون 180 يوماً. ومن المقرر أن يتولّى رئيس الوزراء هان دوك سو مهام منصبه مؤقتاً.

«انتصار عظيم»

قال زعيم الحزب الديمقراطي الذي يمثّل قوى المعارضة الرئيسة في البرلمان، بارك تشان داي، بعد التصويت، إن «إجراءات العزل اليوم تمثّل انتصاراً عظيماً للشعب والديمقراطية»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقبل التصويت، أكد بارك في كلمة أمام البرلمان، أن فرض الأحكام العرفية يشكّل «انتهاكاً واضحاً للدستور وخرقاً خطيراً للقانون»، مضيفاً أن «يون سوك يول هو العقل المدبر لهذا التمرد».

رئيس الجمعية الوطنية وو وون شيك يوقّع على قرار عزل رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ف.ب)

وأضاف: «أحضكم على التصويت لصالح العزل من أجل ترك درس تاريخي مفاده بأن أولئك الذين يدمّرون النظام الدستوري سوف يُحاسبون»، لافتاً إلى أن «يون سوك يول هو الخطر الأكبر على جمهورية كوريا». وفي السابع من ديسمبر الحالي، فشلت محاولة أولى لعزل يون عندما غادر معظم نواب حزب السلطة للشعب الجلسة البرلمانية لمنع اكتمال النصاب القانوني.

مظاهرات واسعة

عند إعلان عزل يون، عبّر نحو 200 ألف متظاهر كانوا محتشدين أمام الجمعية الوطنية عن فرحهم، ورقصوا على أنغام موسيقى البوب الكورية الصاخبة، كما احتضنوا بعضهم فيما كانوا يبكون، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وقالت تشوي جانغ ها (52 عاماً): «أليس من المدهش أننا، الشعب، حققنا هذا معاً؟».

كوريون جنوبيون يحتفلون بعد عزل البرلمان الرئيس يون سوك يول في 14 ديسمبر (رويترز)

في المقابل، تجمّع آلاف من مناصري يون في وسط سيول، حيث حُملت أعلام كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. وقال يون للتلفزيون إنه «محبط للغاية»، مؤكداً أنه «سيتنحى جانباً لبعض الوقت». ودعا إلى إنهاء «سياسة الإفراط والمواجهة» لصالح «سياسة التروي والتفكير». وأمام المحكمة الدستورية ستة أشهر للمصادقة على قرار البرلمان أو نقضه. ومع تقاعد ثلاثة من قضاتها التسعة في أكتوبر (تشرين الأول) من دون أن يجري استبدالهم بسبب الجمود السياسي، سيتعيّن على الستة المتبقين اتخاذ قرارهم بالإجماع. وإذا تمّت الموافقة على العزل فستُجرى انتخابات رئاسية مبكرة خلال فترة ستين يوماً. وتعهّد رئيس المحكمة مون هيونغ باي باتخاذ «إجراء سريع وعادل»، في حين دعا بقية القضاة إلى أول اجتماع صباح الاثنين.

تحديات قانونية

ويون سوك يول (63 عاماً) هو ثالث رئيس في تاريخ كوريا الجنوبية يعزله البرلمان، بعد بارك جون هيي في عام 2017، وروه مو هيون في عام 2004، غير أن المحكمة العليا نقضت إجراءات عزل روه موه هيون، بعد شهرين على اتخاذ القرار بعزله من قبل البرلمان. وباتت الشبكة القضائية تضيق على يون سوك يول ومعاونيه المقربين، بعد إبعاده عن السلطة وخضوعه لتحقيق جنائي بتهمة «التمرد» ومنعه من مغادرة البلاد.

زعيم الحزب الديمقراطي لي جاي ميونغ يُدلي بصوته خلال جلسة عامة للتصويت على عزل الرئيس يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ب)

وكانت النيابة العامة قد أعلنت، الجمعة، توقيف رئيس القيادة العسكرية في سيول، كما أصدرت محكمة مذكرات توقيف بحق قائدي الشرطة الوطنية وشرطة سيول، مشيرة إلى «خطر إتلاف أدلة». وكان وزير الدفاع السابق كيم هونغ هيون، الذي يُعدّ الشخص الذي دفع الرئيس إلى فرض الأحكام العرفية، أول من تم توقيفه واحتجازه في الثامن من ديسمبر الحالي.

وأحدث يون سوك يول صدمة في كوريا الجنوبية ليل الثالث إلى الرابع من ديسمبر، عندما أعلن الأحكام العرفية للمرة الأولى منذ أكثر من أربعة عقود في البلاد، وأرسل الجيش إلى البرلمان، في محاولة لمنع النواب من الاجتماع. مع ذلك، تمكّن النواب من عقد جلسة طارئة في قاعة محاطة بالقوات الخاصة، وصوّتوا على نص يطالب بإلغاء الأحكام العرفية، الأمر الذي كان الرئيس ملزماً دستورياً على الامتثال له. وكان يون سوك يول مدعياً عاماً في السابق، وقد دخل السياسة متأخراً وانتُخب رئيساً في عام 2022. وبرر انقلابه الأخير بأنه لـ«حماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تشكلها القوات الشيوعية الكورية الشمالية والقضاء على العناصر المعادية للدولة»، مُتهماً البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة بنسف كل مبادراته وتعطيل البلاد.