يُجري وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، حالياً، جولة أفريقية، هي الثانية من نوعها خلال أقل من عام، تشمل دول جنوب أفريقيا ومملكة إسواتيني وأنغولا وبوتسوانا. وخلال جولته، تعهد لافروف بدعم دول القارة عسكرياً واقتصادياً، وإيجاد حلول لتسوية الأزمات السياسية فيما عدَّه مراقبون محاولة لـ«مزيد من الحضور»، استغلالاً لتراجع «النفوذ الأوروبي» في القارة.
وأكد لافروف للصحافيين، عقب محادثات أجراها مع الرئيس الأنغولي، جواو لورنسو، في لواندا، اليوم (الأربعاء)، «استمرار دعم روسيا للتسويات الأفريقية، ودعم الدول الأفريقية في مجلس الأمن الدولي». كما أعلن عن دعوة دول أفريقية، بما في ذلك أنغولا، لقمة مجموعة «بريكس» (التي تضم البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا)، المقرَّر عقدها في جنوب أفريقيا، أغسطس (آب) المقبل، والتي سوف تناقش إنشاء عملة للمجموعة.
وفي يوليو (تموز) الماضي، زار لافروف كلاً من مصر وإثيوبيا وأوغندا والكونغو، وسط حديث عن تزايد النفوذ الروسي السياسي والعسكري في القارة، على حساب دول أوروبية تقلص دورها داخل مستعمراتها السابقة، أبرزها فرنسا، التي سحبت مؤخراً قواتها من مالي، وتستعد لانسحاب مماثل في بوركينا فاسو. غير أن لافروف نفى تقويض المصالح الأوروبية في أفريقيا، قائلاً، خلال زيارته إلى إسواتيني، إن «التصريحات التي تزعم أن روسيا تقوض مصالح الاتحاد الأوروبي في أفريقيا لا أساس لها، وهذه مجرد دعاية».
ورغم رفضه أن تستبدل الدولة الأفريقية بمستعمِر غربي، قوةً غربيةً أخرى تبحث أيضاً عن مصالحها فقط في المقام الأول، فإن الباحث السوداني المتخصص في الشأن الأفريقي، محمد تورشين، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن العديد من الدول الأفريقية، خصوصاً دول الساحل الغربي، باتت تعتمد على التسليح الروسي، والشركة الأمنية، «فاغنر»، في دعم حربها ضد التنظيمات الإرهابية التي فشلت فرنسا والقوات الأوروبية في القضاء عليها.
وتواجه فرنسا (الحليف التقليدي لدول الساحل الناطقة بالفرنسية) ضغوطاً متزايدة من منتقدين يتهمونها بممارسة استعمار جديد، ويطالبون بعلاقات أوثق مع موسكو. وقال الرئيس الفرنسي السابق، فرنسوا هولاند، في تصريحات لـ«إذاعة فرنسا الدولية»، إن «المواطنين في هذه الدول انتابهم الشعور بأن فرنسا تبحث عن البقاء، وأن هناك نوعاً من الاحتلال للأراضي». وتساءل هولاند: «لننظر إلى نفوذ (مجموعة فاغنر) والشبكات التي يغذيها الروس؛ فهل تحمي السكان أفضل منا؟».
وتُعَدُّ أفريقيا سوقاً رائجة لصناعة الأسلحة الروسية؛ إذ إن نحو نصف الأسلحة التي تستوردها القارة تأتي من روسيا، خصوصاً في دول الجزائر ومصر ونيجيريا وتنزانيا والكاميرون، وفقاً لوكالة تصدير السلاح الروسية الرسمية. ومن المقرَّر أن يستضيف جيش جنوب أفريقيا تدريباً عسكرياً مشتركاً مع روسيا والصين على الساحل الشرقي للبلاد، في الفترة من 17 إلى 27 فبراير (شباط) المقبل، وهي خطوة من المرجَّح أن تزيد من توتر العلاقات مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية. وإلى جانب التعاون العسكري المتبادل، تعوّل روسيا على الدعم الأفريقي في حربها ضد أوكرانيا، أو على الأقل التزام الحياد، في المحافل والمنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة.
وشكرت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، مواقف جنوب أفريقيا تجاه روسيا، واعتبرتها دليلاً على «فشل محاولات الغرب لتقسيم العالم». وقالت زاخاروفا، اليوم، لـ«سبوتنيك»: «موقف جنوب أفريقيا ليس موقفاً مبدئياً فحسب لرفض الضغط الذي يمارسه الغرب بلا خجل على القارة الأفريقية، وإنما يمثل أيضاً نظرة عميقة، مع معرفة الحقائق التاريخية لكل ما يحدث في العالم».
وتستعد روسيا لاستضافة القمة الروسية الأفريقية الثانية التي ستنعقد في سان بطرسبرغ، في يوليو (تموز) المقبل. وقال لافروف: «الحدث سيسفر عن اتفاقيات ذات مغزى». وعُقِدت القمة الأولى في منتجع سوتشي الروسي على البحر الأسود، في الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر (تشرين الأول) 2019.
ماذا يمكن أن تقدم روسيا لأفريقيا مع تراجع «النفوذ الأوروبي»؟
وزير خارجية موسكو واصل جولته القارية
ماذا يمكن أن تقدم روسيا لأفريقيا مع تراجع «النفوذ الأوروبي»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة