في أيام مجدها كانت شركة «إيه أند بي» تدير 16 ألف متجر بقالة في مختلف أنحاء البلاد، وأصبحت أكبر مؤسسة بيع تجزئة في العالم، وأثارت غضب الحكومة الفيدرالية. أما اليوم فقد انخفض عدد المتاجر التابعة لها إلى أقل من 300، وأكثرها في نيويورك، ونيوجيرسي، وهي معرضة لخسارة هؤلاء أيضًا، بحسب ما صرحت به الشركة التي تأسست منذ 156 عاما يوم الاثنين.
ونظرا لعبء الديون الذي أثقل كاهل شركة «إيه أند بي»، وما عانته من تعثر، تقدمت الشركة ومالكها بطلب إشهار إفلاس بين عشية وضحاها، وتعد هذه هي المرة الثانية التي تشهر فيها إفلاسها على مدى خمس سنوات، وآخر ضربة منيت بها الشركة التي كانت عملاقة يوما ما، والتي باتت مهددة بالانقراض مثل حيوان الماموث على ما يبدو. وصرحت الشركة، التي تتخذ من نيوجيرسي مقرا لها، وتدير سلاسل متاجر «فود إمبوريوم»، و«باثمارك»، و«سوبرفريش»، بأنها عثرت على مشترين لـ120 متجرا من المتاجر المملوكة لها، وتعتزم إغلاق 25 متجرا أخرى، وتخطط لبيع الباقي سعيا لجسر الهوة بين ما تملكه من أصول تبلغ قيمتها 1.6 مليار دولار، وقيمة الديون التي وصلت إلى 2.3 مليار دولار.
ولم توضح ميغان غافيغان، متحدثة باسم الشركة، ما سيحدث لباقي المتاجر في حال عدم عثور «إيه أند بي» على مشترين. وقال بول هيرتز، الرئيس التنفيذي لشركة «إيه أند بي»، في بيان: «بعد التفكير مليا في كل البدائل المتاحة، خلصنا إلى أن عملية البيع التي يتم تنفيذها طبقا للفصل السادس عشر من القانون، هي الطريقة المثلى التي تمكن الشركة من الحفاظ على أكبر قدر ممكن من العاملين بها، وزيادة قيمة الشركة لصالح حاملي الأسهم إلى الحد الأقصى».
وبدأ تراجع سلسلة المتاجر، التي كانت هدفا للدعاوى القضائية التي أقامتها الحكومة الفيدرالية لسحب الثقة منها، والتي ضمت دعوى خسرتها الحكومة عام 1946، في خمسينات القرن الماضي، بعد وفاة رئيسي الشركة جورج، وجون هارتفورد بحسب ما صرح به مارك ليفنسون، الذي سرد تاريخ الشركة في كتابه «شركة (إيه أند بي) العظيمة وصراع المشروعات الصغيرة في أميركا».
وحاولت الإدارة الجديدة توخي الحذر والبعد عن المخاطرة، وألغت سلسلة من المحاور، التي حولت شركة «إيه أند بي» من شركة شاي صغيرة إلى سلسلة من المتاجر الصغيرة، ثم إلى سلسلة سوبر ماركت عملاقة. مع ذلك اتخذت الشركة عدة قرارات تجارية غير موفقة، حيث فشلت في مواكبة النمو السريع لكاليفورنيا، وانسحبت من الولاية، واستثمرت في التصنيع مع ازدهار الأغذية التي تحمل اسم علامات تجارية بارزة بحسب ما أوضح ليفنسون.
وخلال العقود التالية تفوقت على شركة «إيه أند بي»، التي نشرت نموذج عمل السوبر ماركت بالأسعار المنخفضة والانتشار الواسع، الشركات المنافسة التي ساعدتها الشركة على النجاح بحسب ما أوضح ليفنسون. ووصف كورت جيتا، مؤسس شركة «تابس غروب» لتحليلات المستهلك، عملية إشهار الإفلاس بـ«النهاية الحتمية» لعلامة تجارية ابتعدت عن وعي الجمهور منذ عقود. وقال جيتا: «لا تعد عملية الإفلاس هذه مفاجئة لأي شخص في المجال».
ويأتي طلب إشهار الإفلاس في وقت يشهد فيه مجال متاجر البقالة تشبعا زاد من معاناة الشركة، على حد قول محللين.
حدث تباطؤ في نمو العائدات، وازدادت منافسة متاجر التجزئة التي تعرض سلعا منخفضة التكلفة مثل «وول مارت» و«ألدي» والمتاجر الضخمة مثل «هول فودز».
وأحدث ذلك الضغط موجة من عمليات الدمج، والاستحواذ في المجال على مدى السنوات القليلة الماضية، حيث تسعى الشركات، التي تتراجع مبيعاتها، إلى زيادة أرباحها من خلال خفض التكلفة. وكان من بين تلك العمليات حتى العام الحالي عملية استحواذ «ألبرتسونز» على «سيفوي»، واستحواذ مالك شركة «جاينت» على شركة «فود لايون»، وهو ما أدى إلى ظهور اثنتين من أكبر السلاسل التجارية في الدولة.
وجربت شركة «إيه أند بي» هذه الاستراتيجية عام 2007 عندما اشترت «باثمارك»، وهي سلسلة أخرى في نيوجيرسي، مقابل 1.3 مليار دولار. ولم تجد هذه الخطوة نفعا. وقال هوارد ديفيدويتز، الذي يدير شركة «ديفيدويتز أند أسوسيتس» لاستشارات التجزئة، إن طلب إشهار الإفلاس يوضح أن مناورات الشركة وحدها لا يمكن أن تساعد على استمرار ونجاح العمل. وقال ديفيدويتز: «إلى أي مدى سيشعر المستهلك بالانبهار في النهاية؟ هذا هو السؤال الذي ينبغي التفكير فيه. ولم تهتم شركة (إيه أند بي) بهذه المسألة أبدا من قبل. ولم تتخذ أي فعل لإصلاح أي شيء».
وتعد قصة إخفاق «إيه أند بي» بالنسبة إلى ليفنسون، بمثابة تحذير يوضح أن العمالقة تسقط أيضا إذا لم تعمل بجد من أجل الاستمرار والبقاء. وقال ليفنسون: «الدرس الأهم المستفاد من قصة (إيه أند بي) هو أن المؤسسات لا بد لها من التغير باستمرار، وعندما يحدث جمود بها تكون قد حكمت على نفسها بالإعدام. وبحلول نهاية الخمسينات، لم تكن شركة (إيه أند بي) متجر تجزئة يعرض سلعا بأسعار منخفضة، بل كان مجرد متجر تجزئة آخر».
*خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»
سلسلة «إيه أند بي» الأميركية تشهر إفلاسها
كانت في السابق أكبر شركة بيع بالتجزئة في العالم
سلسلة «إيه أند بي» الأميركية تشهر إفلاسها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة