وصفات بالمكسرات من المطبخين السوري والمصري

من بينها الكبة المشوية والـ«بيتي كباب» والبطاطس المقلية

«بيتي كباب»
«بيتي كباب»
TT

وصفات بالمكسرات من المطبخين السوري والمصري

«بيتي كباب»
«بيتي كباب»

يسعى كثير من الطهاة لاستحداث لمسة جمالية على أطباقهم، أو ابتكار وصفه لأكلة ربما تجتذب متذوقين جددا، لعل من بينها إضافة المكسرات إلى الطعام ولكن بأسلوبهم الخاص.
والقائمة التي يستعرضها معنا الطاهيان السوري عامر أحمد، والمصري رضا يزن، طويلة ومتنوعة، تبدأ من حليب الجوز والكريمات، وحشو الخلطات والمخبوزات والفطائر والبرغر، وصولاً إلى إضافة نوعية غير مملحة إلى البطاطس المقلية أو النودلز.
ويعتبر الشيف عامر الذي يعمل بـبدولتشي هوسبيتاليتي بدبي، أن المكسرات يتعدى دورها كونها مسليات إلى دمجها في كثير من الوصفات الباردة والساخنة في مختلف المطابخ العالمية.

الشيف عامر أحمد

ويقدم عامر، خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط» مجموعة من الأطباق بالمكسرات من بينها «شيش برك» و«المحمرة بالجوز» و«الكبة المشوية بالفستق وعين الجمل» و«البيتي كباب» و«الكفتة بالطحينة والفستق» و«علي نازيك» و«اللبنة بالشطة».
ويلفت إلى نقطة ثانية، وهي أن المكسرات تعتبر إضافة رائعة كذلك في المخبوزات، والسلطات، والأرز، والصلصات، بالنظر إلى أنها تحتوي على قيمة غذائية مهمة تكمن في الدهون الصحية والألياف والبروتينات.
وينصح الشيف السوري، الأشخاص الذين يفضلون المكسرات والبذور محمصة، أن يتجنبوا إخضاعها لدرجات حرارة مرتفعة بتحميص لفترات طويلة، كما يلفت إلى ضرورة تخزينها بطرق سليمة، وعدم تناولها واستعمالها في الوصفات إن بدا عليها التلف.
أما الشيف المصري رضا يزن، بفندق الماسة بالقاهرة، فيعتبر المكسرات حلا مثاليا للباحثين عن وجبات صحية تساعد على الالتزام بالنظام الغذائي المفيد لصحة القلب، كما أنها تعدّ خياراً بالنسبة للذين يستغنون عن اللحوم ويتجهون إلى البروتينات النباتية. متابعاً: «لكن لتحقيق ذلك ينبغي عدم الإسراف في تناولها».

كفتة بالطحينة

وتأتي المكسرات في أشكال متنوعة، فيمكن الحصول عليها كاملة، أو مقشرة، أو محمصة أو جافة، كذلك من الممكن شراؤها مطحونة، أو معجونة أو زيتا، لكن المهم أن نجيد تخزينها وطهيها بحسب نوعها.
ويتحدث الشيف يزن، عن قائمة من الاستخدامات المبتكرة، من بينها إضافة المكسرات غير المملحة إلى البطاطس المقلية أو النودلز، واستخدام المطحون منها لدهن الدجاج أو السمك بدلاً من الدقيق، كما يمكن استخدام المكسرات والزيت لصنع البيستو، بالإضافة إلى إمكانية تقديم المكسرات النيئة مخللاً رائعاً، ويحضر من الجوز والصنوبر والفول السوداني والكاجو.
ويلفت الشيف إلى أن اللوز، يمكن سحقه وتحويله إلى دقيق أو حليب مكسرات؛ كما يحول إلى زبدة مكسرات بعد هرسه، ويتطلب ذلك تتبيل زبدة اللوز بالعسل أو القرفة وستصل إلى مذاق رائع، وينصح الشيف يزن بالابتعاد عن اللوز المنكه أو المتبل، واختيار بديل آخر، مثل النوع النيئ، ثم نُحمّصه ونتبله، «فالأمر سهل، وأكثر فائدة وأقل في السعر، وفي حالة الهرس أو معالجة الطعام المضاف إليه اللوز تأكد من أنها قد بردت تماما بعد التحميص وإلا فستحصل على حلوى مركزة».

لبنة بالشطة والفستق  للشيف عامر أحمد

وبالنسبة للجوز فيرى الطهاة أنه ممتاز في المخبوزات، مثل كعكة الجزر وفطيرة الجوز المملحة، كما أنها تمتزج في غموس دسم عندما تقترن بالخضروات المطبوخة، أو مضافة إلى دقيق الشوفان الصباحي. لكن الجوز يحتوي على كمية عالية من مادة التانينات والتي يمكن أن تجعل المذاق مرا، لذلك تفضل ممتزجة مع المكونات الحلوة مثل العسل.
كما ينصح يزن، بشراء المكسرات من متجر يحظى بإقبال متزايد من الزبائن، حرصاً على ألا تكون مُخزّنة لفترة طويلة، ويفضل أن نشتري ما يمكن استخدامه في غضون أسابيع قليلة، على أن نتبضع أيضاً المكسرات التي لا تزال في قشرتها.
ونوه الشيف المصري، إلى شراء «الأصداف الخالية من الشقوق والثقوب التي لا تحدث خشخشة عند اهتزازها، وتبقى المكسرات الكاملة والقطع الكبيرة طازجة لفترة أطول من القطع الصغيرة؛ ولذلك حتى إذا كانت الوصفة تتطلب المكسرات المفرومة، فاشتر قطعاً كاملة أو كبيرة». وتُعد أفضل طريقة لتخزين المكسرات وضعها في وعاء محكم الإغلاق في مكان بارد وجاف مثل الثلاجة، وفي حالة التخزين في درجة حرارة الغرفة.
وتعد أسهل طريقة لتحلية أو تتبيل المكسرات هي تقليبها بخليط من بياض البيض المخفوق، ومن ثم وضع طبقة خفيفة من السكر أو النكهة المراد إضافتها حتى الذوبان، فذلك من شأنه أن يشكل قشرة حلوى مقرمشة حول كل حبة؛ إذ يعمل البياض كمادة لاصقة حتى يتمكن السكر وأي منكهات من الالتصاق بالمكسرات.
ويعتبر البعض أن فرك قشور المكسرات المحمصة مهمة صعبة، إلا أن الشيف يزن، ينصح بأن يتم ترك المكسرات حتى تبرد تماماً، ومن ثم فركها في يديك أو وضعها في مصفاة شبكية خشنة مع تحريكها حتى تتقشر. وللحصول على نكهة أعمق وملمس أكثر ثراءً للمكسرات يفضل أنك حين تضيفها لأكلات على الموقد أن تطبخها على نار هادئة للغاية لفترة طويلة، وكذلك حين تغمرها في الزيت، وهذا يكون أفضل من تحميصها.



هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
TT

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)
البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات، في حين عُرف بالاعتماد على مذاق المكونات الأساسية، مع لمسة محدودة لم تتخطَّ صنفين أو ثلاثة من التوابل.

غير أن الوضع تبدّل الآن، وباتت الأكلات المصرية غارقة في توليفات التوابل، فدخل السماق والزعتر البري والكاري والبابريكا على الوصفات التقليدية. وعلى مدار سنوات عدة قريبة تطوّر المطبخ المصري، وبات أكثر زخماً من حيث النكهات، ليطرح السؤال عن مدى تأثره أو تأثيره في الجاليات التي توجد بالبلاد.

ويرى خبراء الطهي، أن معادلة التوابل لدى المصريين اختلفت بفضل الاندماج الثقافي وتأثير الجاليات العربية التي دفعتهم ظروف الحروب لدخول مصر والاستقرار بها، أيضاً منصات التواصل الاجتماعي التي أزاحت الحدود، ودفعت بمفهوم «المطبخ العالمي»، فنتج خليط من النكهات والثقافات استقبلته المائدة المصرية بانفتاح.

البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

ورأت الطاهية المصرية أسماء فوزي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن المطبخ المصري الآن «بات مزيجاً من ثقافات عربية»، وقالت: «عندما بدأت أتعلَّم الطهي من والدتي وجدتي، كانت توليفة التوابل الأشهر تشمل الملح والفلفل، وفي وصفات شديدة الخصوصية قد نستعين بالكمون والحبّهان على أقصى تقدير، أما الكزبرة المجففة فكانت حاضرة في طبق (الملوخية) فقط».

لكنها أشارت إلى أنه قبل سنوات معدودة لاحظت تغييراً واضحاً في تعاطي المطبخ المصري التوابل، و«بدأتُ للمرة الأولى أستعين بنكهات من شتى بقاع الأرض لتقديم مطبخ عصري منفتح على الآخر».

التوابل والأعشاب المصرية مرت برحلة مثيرة عبر قرون من التاريخ والثقافة، واشتهر المطبخ المصري قديماً بمجموعة من الكنوز العطرية، تشمل الكمون بنكهته العميقة التي ارتبطت بطبق «الكشري»، والكزبرة، تلك الأوراق الخضراء المجففة التي تضيف لطبق «الملوخية» نكهته الفريدة، كما عرف الشبت ذو النكهة العشبية المميزة الذي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بوصفات التمليح (التخليل) والسلطات.

يتفق محمود عادل، بائع بأحد محال التوابل الشهيرة في مصر، يسمى «حاج عرفة»، مع القول بأن المطبخ المصري تحوّل من محدودية النكهات إلى الزخم والانفتاح، ويقول: «المصريون باتوا يميلون إلى إضافة النكهات، وأصبح أنواع مثل السماق، والأوريجانو، والبابريكا، والكاري، والكركم، وورق الغار، وجوزة الطيب والزعتر البري، مطالب متكررة للزبائن». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة انفتاح على المطابخ العالمية بسبب منصات التواصل الاجتماعي انعكس على سوق التوابل، وهو ما يعتبره (اتجاهاً إيجابياً)».

ويرى عادل أن «متجر التوابل الآن أصبح أكثر تنوعاً، وطلبات الزبائن تخطت الحدود المعروفة، وظهرت وصفات تعكس الاندماج بين المطابخ، مثل الهندي الذي تسبب في رواج الكركم وأنواع المساحيق الحارة، فضلاً عن الزعفران»، منوهاً كذلك إلى المطبخ السوري، أو الشامي عموماً، الذي حضر على المائدة المصرية بوصفات اعتمدت نكهات الزعتر والسماق ودبس الرمان، ووضعت ورق الغار في أطباق غير معتادة.

وتعتقد الطاهية أسماء فوزي، أن سبب زخم التوابل وتنوعها الآن في مصر، يرجع إلى «الجاليات العربية التي دخلت البلاد عقب (ثورة) 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، أي قبل أكثر من عقد». وتقول: «بصمة المطبخ السوري بمصر كانت واضحة، فالجالية السورية اندمجت سريعاً، وقدمت مهارات الطهي من خلال المطاعم و(المدونين)، وانعكس ذلك على اختيارات التوابل، وبات ملاحظاً إضافة توليفات التوابل السوري، مثل السبع بهارات لوصفات مصرية تقليدية».

بهارات متنوعة (صفحة محال رجب العطار على «فيسبوك»)

كما أشارت إلى أن «المطبخ العراقي ظهر، ولكن على نحو محدود، وكذلك الليبي»، وتقول: «ما أتوقعه قريباً هو رواج التوابل السودانية، مع تزايد أعدادهم في مصر بعد الحرب، لا سيما أن المطبخ السوداني يشتهر بالتوابل والنكهات».

انفتاح أم أزمة هوية؟

كلما انعكست مظاهر الانفتاح الثقافي على المطبخ المصري، ازدادت معه مخاوف الهوية، وفي هذا الصدد تقول سميرة عبد القادر، باحثة في التراث المصري، ومؤسسة مبادرة «توثيق المطبخ المصري»: «إنه (المطبخ المصري) لم يعتمد في أصوله على النكهات المُعززة بالتوابل المختلطة»، وترى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تفرّد المطبخ المصري القديم يرجع إلى اعتداله في إضافة التوابل... «هذا لا يعني إهماله لسحر مذاق البهارات والتوابل، غير أنه كانت له معادلة شديدة الدقة، كما أن علاقة المصري بالتوابل ذهبت قديماً إلى ما هو أبعد من فنون الطهي».

وأرجعت الباحثة في التراث المصري زيادة الاهتمام بالتوابل إلى (المؤثرين) وطُهاة «السوشيال ميديا»، وتقول: «المطبخ المصري لا يعتمد على التوابل بهذا القدر، في حين هناك عوامل كانت وراء هذا الزخم، أهمها (المؤثرون) و(مدونو) الطعام؛ غير أن إضافة التوابل بهذا الشكل ربما تُفقد المطبخ المصري هويته».

ولفتت إلى أن «المطبخ المصري القديم اعتمد على الملح والفلفل والكمون فقط، أما بقية التوابل فكانت تستخدم لأغراض مثل العلاج والتحنيط؛ وفي العصور الوسطى شهد بعض الاندماج بعد فتح قنوات التواصل مع الدول المحيطة، ولكن على نحو محدود لا يُقارن بالزخم الحالي».