واشنطن تناقش دولاً أميركية جنوبية ووسطى لتقديم أسلحتها الروسية لأوكرانيا

حثت كييف على تأجيل هجوم كبير وألا تسعى للدفاع عن باخموت بأي ثمن

دبابة أوكرانية على خط المواجهة في باخموت (رويترز)
دبابة أوكرانية على خط المواجهة في باخموت (رويترز)
TT

واشنطن تناقش دولاً أميركية جنوبية ووسطى لتقديم أسلحتها الروسية لأوكرانيا

دبابة أوكرانية على خط المواجهة في باخموت (رويترز)
دبابة أوكرانية على خط المواجهة في باخموت (رويترز)

بعد يومين على انتهاء اجتماع مجموعة الاتصال الخاصة بالدفاع عن أوكرانيا، والذي انتهى من دون اتفاق واضح على قضية تسليم الدبابات الثقيلة، وخصوصاً الألمانية منها إلى أوكرانيا، بدا أن الجميع يبحث عن حلول وبدائل فورية.
وكشفت واشنطن أنها تعمل على إقناع دول في أميركا الجنوبية والوسطى، بالتخلي عن أسلحتها وأنظمتها روسية الصنع وإرسالها إلى كييف، في ظل تقديرات بأن الجيش الأوكراني قد لا يكون قادراً على استيعاب الأسلحة الغربية والتدرب عليها في الوقت المناسب. وهو ما أكد عليه بشكل واضح الجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، يوم الجمعة، بعد اجتماع مجموعة الاتصال الأوكرانية، قائلاً: «سيكون هذا عبئاً ثقيلاً للغاية».
وأوضح مسؤولون عسكريون أميركيون، أن الجولة الأخيرة من حزم المساعدات العسكرية لأوكرانيا، التي تضمنت مركبات مدرعة غربية الصنع وأنظمة دفاع جوي بمليارات الدولارات، لا تمنع الولايات المتحدة من محاولة الحصول على معدات عسكرية روسية الصنع، تلبي متطلبات المعركة، في ظل توقع هجمات روسية وأوكرانية مضادة خلال الشهور القليلة المقبلة. وقالت الجنرال لورا ريتشاردسون، قائدة القيادة الجنوبية للولايات المتحدة، خلال ندوة افتراضية في معهد «أتلانتيك كاونسل» يوم الخميس: «نحن نعمل مع الدول التي لديها معدات روسية إما للتبرع بها أو تبديلها بمعدات أميركية». وأضافت أن المناقشات «جارية» مع ست دول على وجه الخصوص، لكنها لم تخض في التفاصيل. ويعتقد الخبراء أن الدول الست المستهدفة هي، بيرو والمكسيك والإكوادور وكولومبيا وأوروغواي والأرجنتين، فضلاً عن البرازيل، التي لديها مخزونات كبيرة من الأسلحة الروسية، البرية والجوية والصاروخية. ويعتقد قادة البنتاغون، أن روسيا التي تستعد على ما يبدو لحرب طوية الأمد، ستحاول إرهاق أوكرانيا بوابل من الهجمات، لا هوادة فيها، واعتماد تكتيكات تذكر بالحربين العالميتين الأولى والثانية. لذلك من الحكمة الاحتفاظ بشيء ما في الاحتياط، وعدم تسريع المساعدات وإغراق أوكرانيا بمعدات لا تستطيع قواتها العمل بها بعد. ويرى بعض المحللين، أن الاختلافات في الاستراتيجية بين الحلفاء في زمن الحرب، هي القاعدة وليس الاستثناء. هذا ما جرى في الحرب العالمية الثانية، والحرب الكورية، والعراق، وأفغانستان.
وجاء إعلان كييف ووارسو، عن بدء تدريب قوات أوكرانية على كيفية تشغيل دبابات «ليوبارد»، ليؤكد «تسريبات»، أشارت إلى أن الحلفاء يبحثون عن مسار «متدرج» لتحقيق هذه الغاية، من دون ضوضاء كبيرة، خصوصاً لدى الجانب الألماني. لكن، ورغم نجاح الاجتماع في الحصول على تعهدات بمليارات الدولارات من الأسلحة الجديدة لأوكرانيا، واعتبارها شهادة على «فشل» الرئيس الروسي في شق حلفاء الناتو، غير أنه كشف عن خلافات قد تكون «صغيرة»، يخشى من أن تكون مقدمة لخلافات أكبر.
وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن الجيش الروسي يتكبد خسائر فادحة يومياً بسبب استمرار الحرب، فيما يزداد التحالف الداعم لأوكرانيا صلابة منذ أول يوم من بدء الحرب الروسية. وفي ندوة بمعهد السياسات بجامعة شيكاغو، الجمعة، كشف بلينكن أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خسر «المعركة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الأهداف التي وضعها في بداية الغزو، لا سيما الإطاحة بحكومة زيلينسكي». وقال بلينكن إن الحرب «لها تأثير كبير على روسيا، وبوتين تسبب في مأساة وألحق أضراراً بالغة بشعبه وبلاده».
وعن الدعم المقدم لكييف، أكد بلينكن تزويد «الأوكرانيين بكل ما يحتاجونه من سلاح لصد العدوان الروسي»، وأن المساعدات العسكرية تستمر في التدفق على أوكرانيا وفق ما يحتاجونه». وأضاف: «أرسلنا عدداً كبيراً من دبابات برادلي ودول أخرى داعمة لأوكرانيا فعلت الشيء نفسه». وبحسب محللين، فإن الخلافات تدور حول الاستراتيجية التي ينبغي اعتمادها هذا العام، والحاجات الأكثر إلحاحاً التي تحتاجها أوكرانيا في الأشهر المقبلة، واستعداد الجانبين الروسي والأوكراني لشن هجمات مضادة كبرى في الربيع المقبل.
وأفاد تحديث استخباراتي بريطاني السبت، بأن القوات الروسية والأوكرانية حالياً في حالة جمود. وقال محللون بريطانيون: «في الأيام الأخيرة، تركز أشد قتال في ثلاثة قطاعات. ومن المرجح أن تكون أوكرانيا حققت مكاسب صغيرة ودافعت بنجاح ضد هجوم مضاد روسي في شمال شرقي البلاد بالقرب من كريمينا». وأضافوا: «غير أن هناك احتمالية حقيقية بحدوث تقدم روسي محلي حول باخموت». وكانت البلدة الواقعة في منطقة دونيتسك بشرق البلاد مركز القتال لشهور. كما حققت القوات الأوكرانية في الشرق مكاسب طفيفة بالقرب من كريمينا في منطقة لوهانسك. وفي الشرق، حشد الجانبان قوات هائلة في منطقة زابوريجيا. ويحدث القتال بالمدفعية واشتباكات أصغر، ولكن حتى الآن لا يوجد هجوم كبير.
واعتبر مسؤول أميركي كبير الجمعة أن على أوكرانيا ألا تسعى للدفاع عن مدينة باخموت بأي ثمن، وأن تركز أكثر على الاستعداد لشنّ هجوم مضاد كبير. وقال إن المسؤولين الأمريكيين ينصحون كييف بتعديل طريقة إدارتها للحرب بعيداً عن محاولة الرد على كل هجوم روسي بهجوم بالمدفعية، لأن موسكو في النهاية ستكسب الأفضلية من خلال الاستنزاف. وأوضح أن هذا هو السبب في أن أحدث إمدادات أسلحة من الولايات المتحدة تشمل مركبات مدرعة، لأنها ستساعد أوكرانيا على تغيير طريقة خوضها للحرب. وقال سيرجي جايداي حاكم منطقة لوجانسك الأوكرانية إن طقس الشتاء السيء يعرقل القتال على خطوط المواجهة، على الرغم من أن موجة باردة تجمد الأرض وتجعلها صلبة من شأنها تمهيد الطريق لأي من الجانبين لشن هجوم بالمعدات الثقيلة.
وقال المسؤول الكبير في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن يوم الجمعة، إن مسؤولين أميركيين كباراً يحثون أوكرانيا على تأجيل شن هجوم كبير على القوات الروسية إلى حين وصول أحدث إمدادات الأسلحة الأميركية وتوفير التدريب. وأضاف المسؤول، الذي تحدث مع مجموعة صغيرة من الصحافيين، طالباً عدم نشر اسمه أن الولايات المتحدة متمسكة بقرارها بعدم تقديم دبابات «أبرامز» لأوكرانيا في هذا التوقيت، وسط جدل مع ألمانيا بشأن الدبابات. وقال بايدن، للصحافيين في البيت الأبيض: «ستحصل أوكرانيا على كل المساعدة التي تحتاجها»، وذلك رداً على سؤال حول ما إذا كان يؤيد نية بولندا إرسال دبابات «ليوبارد» ألمانية الصنع لكييف.
وصرح المسؤول بأن المحادثات الأميركية مع أوكرانيا حول أي هجوم مضاد كانت في سياق ضمان تكريس الأوكرانيين وقتاً كافياً للتدريب أولاً على أحدث الأسلحة المقدمة من الولايات المتحدة. ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن الهجوم سيكون أكثر نجاحاً إذا استفاد الأوكرانيون من التدريب وإمدادات الأسلحة الجديدة. وقال المسؤول الأميركي إن الولايات المتحدة لا تخطط في هذه المرحلة لإرسال دبابات «أبرامز» إلى أوكرانيا لأنها مكلفة وصعبة الصيانة. وكان وفد أميركي رفيع المستوى ضم ويندي شيرمان نائبة وزير الخارجية وجون فينر نائب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض قد زار كييف في الأيام الماضية لإجراء محادثات مع المسؤولين الأوكرانيين. وقال المسؤول إن الاعتقاد السائد في واشنطن هو أن أوكرانيا استهلكت موارد كبيرة للدفاع عن مدينة باخموت، لكن هناك احتمالاً كبيراً بأن الروس سيخرجون الأوكرانيين في النهاية من المدينة. وأضاف أنه إذا حدث ذلك فلن يؤدي إلى أي تحول استراتيجي في ساحة المعركة.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.