استياء موصلي من قرار بغداد نقل معسكر شرطة نينوى إلى صلاح الدين و العاصمة

الناطق الرسمي باسم المحافظة: السلطات المحلية لم تستشر في الأمر

عنصر في شرطة نينوى ينظف سلاحه في معسكر للتدريب وإعادة التأهيل قرب أربيل (أ.ف.ب)
عنصر في شرطة نينوى ينظف سلاحه في معسكر للتدريب وإعادة التأهيل قرب أربيل (أ.ف.ب)
TT

استياء موصلي من قرار بغداد نقل معسكر شرطة نينوى إلى صلاح الدين و العاصمة

عنصر في شرطة نينوى ينظف سلاحه في معسكر للتدريب وإعادة التأهيل قرب أربيل (أ.ف.ب)
عنصر في شرطة نينوى ينظف سلاحه في معسكر للتدريب وإعادة التأهيل قرب أربيل (أ.ف.ب)

أثار قرار وزارة الداخلية العراقية بنقل معسكر شرطة محافظة نينوى من منطقة دوبردان شرق الموصل إلى بغداد وصلاح الدين، حفيظة الحكومة المحلية في المحافظة، بينما أكد قيادي كردي في الموصل أن قرار النقل صدر بالتنسيق بين قائد الشرطة الاتحادية في المحافظة ووزير الداخلية.
وقال صلاح العبيدي، الناطق الرسمي باسم محافظة نينوى، لـ«الشرق الأوسط»: «قرار نقل معسكر الشرطة الاتحادية إلى قاعدة سبايكر في محافظة صلاح الدين لا يخدم معركة تحرير محافظة نينوى من النواحي العسكرية والأمنية والسياسية والاجتماعية والوطنية، فالمفروض أن تكون القطعات العسكرية قريبة من موقع الحدث، وتصرفات الحكومة الاتحادية في بغداد لا تصب في مصلحة المواطن الموصلي، وهذا القرار ينطوي على أبعاد سياسية وكان قرارًا خاضعًا لضغوطات سياسية من جهات وأحزاب معينة لا تريد الخير لمحافظة نينوى»، مشددًا على أن هذه الأطراف التي ضغطت على الحكومة العراقية لاتخاذ هذا القرار ليس من مصلحتها التعجيل بعملية تحرير الموصل.
وأضاف العبيدي: «في الوقت الذي ننتظر فيه من بغداد الالتفات إلى قوات الحشد الوطني من أبناء محافظة نينوى وتجهيزهم بالمعدات والسلاح ودعمهم لتحرير مدينتهم، نتفاجأ بتصرفات الحكومة الاتحادية هذه التي لا تمت للواقع بشيء ولا تخدم القضية ولا تصب في مصلحة معركة تحرير الموصل، فنحن في واد والحكومة الاتحادية في واد، وهي تتخذ قرارات فردية، ومثال على ذلك قرار إقالة المحافظ أثيل النجيفي الذي ما زال قيد التداول في المحكمة الاتحادية، ولم يبت فيه لحد الآن وقضايا أخرى». وتساءل العبيدي: «هل استشارت بغداد مجلس محافظة نينوى؟ وهل استشارت المحافظة؟ وهل استشارت وزارة الدفاع والخبراء العسكريين؟ ولماذا يتخذ هذا الإجراء وفي مثل هذا التوقيت؟»، مؤكدًا أن «محافظة نينوى لا تؤيد هذا القرار جملة وتفصيلاً».
وعن الإجراءات التي ستتخذها المحافظة للحؤول دون نقل هذه القوات، بين العبيدي: «قيادة شرطة نينوى غير تابعة للمحافظة لأن المحافظة جهة إدارية، وحتى قبل سيطرة تنظيم داعش على الموصل في 10 يونيو (حزيران) من العام الماضي، لم يكن الملف الأمني بيد المحافظة، بل كان هذا الملف بيد قيادة عمليات نينوى، والضباط الكبار المرتبطين مباشرة بمكتب رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. أما بخصوص الإجراء الذي سنتخذه بهذا الصدد، فنحن سنتبع السبل الدبلوماسية والقانونية والسياسية لثني الحكومة عن قرارها هذا».
ويشمل قرار الحكومة الاتحادية الصادر من وزارة الداخلية نقل معسكر قوات شرطة محافظة نينوى الذي يضم 6911 شرطيًا موزعين على ستة أفواج، من منطقة دوبردان (20 كيلومترًا شرق مدينة الموصل) إلى معسكري سبايكر في محافظة صلاح الدين ومعسكر صدر القناة في بغداد. وقد فتح معسكر الشرطة الاتحادية نهاية العام الماضي من قبل محافظة نينوى، استعدادًا لخوض معركة تحرير المحافظة ومن ثم مسك الأرض فيها في مرحلة ما بعد «داعش»، ولا يشمل القرار معسكرات الحشد الوطني من أهالي الموصل لعدم ارتباطها حتى الآن بأي جهة رسمية في بغداد.
بدوره، قال محيي الدين مزوري، القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني في الموصل، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الموضوع يخص الحكومة الاتحادية فهي التي أصدرته، ولا يخص الجانب الكردي بشيء، فمدير شرطة محافظة نينوى مرتبط إداريًا بوزارة الداخلية العراقية، بل هي مرتبطة بالأجهزة الأمنية التابعة لمجلس الوزراء».
وتابع مزوري: «القرار صدر على ضوء تنسيق بين قيادة الشرطة الاتحادية في المحافظة ووزير الداخلية العراقي، وهذا يعتبر خللاً قانونيًا وإداريًا، فكان من المفترض أن يكون هناك تنسيق مسبق مع مجلس المحافظة والمحافظة»، مبينًا أن قرار الحكومة الاتحادية أثار استياء أهالي منتسبي الشرطة الذين لا يريدون انتقال أبنائهم إلى بغداد»، مشيرًا إلى أن «هذا القرار سياسي، وسيتم بموجبه جمع كل القوات المسلحة الموجودة في محافظة نينوى وإرسالها إلى بغداد وصلاح الدين، في مناطق تقع تحت غطاء ميليشيات الحشد الشعبي».
ويرى مزوري أن «الهدف من نقل هذه القوة إلى بغداد هو لدمجها مع ميليشيات الحشد الشعبي لاستخدامها كعامل قوة قتالية إضافية للحشد ضمن القوة المهاجمة في معركة تحرير الموصل مستقبلاً، ليتم تحرير الموصل باسم هذه الميليشيات، بينما تتحجج بغداد بأنها تنقلهم لغرض التدريب، وهذا بعيد عن الواقع، فهناك أكثر من 12 وحدة إدارية حررتها قوات البيشمركة في حدود المحافظة، يمكن أن تفتتح فيها معسكرات أخرى لتدريب هذه القوات وتسليحها».
وبالتزامن مع قرار الحكومة الاتحادية بنقل معسكر شرطة نينوى إلى بغداد وصلاح الدين، أعلنت قوات بيشمركة زيرفاني (النخبة) أمس، تدميرها عددًا من مواقع «داعش» (غرب الموصل). وقال العقيد دلشاد مولود، الناطق الرسمي باسم قوات بيشمركة زيرفاني، لـ«الشرق الأوسط»: «قصفت طائرات التحالف الدولي وبالتنسيق مع قوات بيشمركة زيرفاني مخزنًا لأسلحة تنظيم داعش، وعددًا من مواقعه في مرتفعات بادوش (غرب الموصل)، وبحسب معلوماتنا الاستخباراتية دمرت الغارات الجوية مخزن السلاح ومواقع التنظيم في المنطقة بالكامل، وألحقت أضرار كبيرة في صفوفه».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.