رئيس النيجر: الجغرافيا وضعتنا في قلب الإعصار الإرهابي

مؤتمر دولي بنواكشوط يناقش خريطة الأزمات في أفريقيا

رئيس النيجر محمد بازوم يلقي خطابه خلال منتدى حوارات البحر الأبيض المتوسط في روما الجمعة 2 ديسمبر 2022 (أ.ب)
رئيس النيجر محمد بازوم يلقي خطابه خلال منتدى حوارات البحر الأبيض المتوسط في روما الجمعة 2 ديسمبر 2022 (أ.ب)
TT

رئيس النيجر: الجغرافيا وضعتنا في قلب الإعصار الإرهابي

رئيس النيجر محمد بازوم يلقي خطابه خلال منتدى حوارات البحر الأبيض المتوسط في روما الجمعة 2 ديسمبر 2022 (أ.ب)
رئيس النيجر محمد بازوم يلقي خطابه خلال منتدى حوارات البحر الأبيض المتوسط في روما الجمعة 2 ديسمبر 2022 (أ.ب)

انطلقت، الثلاثاء، في العاصمة الموريتانية نواكشوط، النسخة الثالثة من المؤتمر الأفريقي لتعزيز السلم، وذلك بنقاشات مفتوحة حول الأمن في القارة السمراء، يشارك فيها 4 رؤساء وعدد من كبار المسؤولين والشخصيات الدينية والعلمية، للخروج بتوصيات تهدف إلى مواجهة خطر الإرهاب المتصاعد في مختلف مناطق القارة.
المؤتمر الذي ينعقد سنوياً في موريتانيا منذ 2020، هو إحدى مبادرات منتدى أبوظبي للسلم، بالتعاون مع الحكومة الموريتانية، ويهدف إلى «بلورة خطة عمل استراتيجية لعلماء القارة، من أجل التصدي للتطرف والعنف»، ويرأسه الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي.
وتنظم نسخة هذا العام من المؤتمر برعاية من الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، بينما يحضرها رئيس نيجيريا محمدو بخاري الذي سيتم تكريمه على جهوده لحفظ السلام في أفريقيا، كما ألقى رئيس النيجر محمد بازوم خطاباً عن بُعد خلال افتتاح المؤتمر، وأرسل رئيس غينيا بيساو عمر المختار سيسكو إمبالو، خطاباً ألقاه بالنيابة عنه رئيس حكومته.
رئيس النيجر في كلمته عبر تقنية الفيديو، خلال افتتاح المؤتمر، قال: «إنني أحكم بلداً يواجه مخاطر العنف الإرهابي، فالجغرافيا وضعت النيجر في قلب الإعصار الإرهابي»، وأوضح بازوم أن السلطات في النيجر «تواجه بشكل يومي خطر الإرهاب في كافة أطراف البلد الحدودية، في الشمال والغرب والشرق والجنوب».
ويشير رئيس النيجر إلى الحدود التي يملكُها بلده مع ليبيا (شمالاً)، وتشاد (شرقاً)، ومالي وبوركينا فاسو (غرباً)، وأخيراً نيجيريا في الجنوب، وهي مناطق ملتهبة منذ عدة سنوات، وتنشط فيها تنظيمات موالية لـ«القاعدة» و«داعش»، وأصبحت متغلغلة في المجتمعات المحلية، وترتبط بعلاقات وثيقة مع منظمات الجريمة العابرة للحدود.
وقال بازوم إن «الوضع الأمني في النيجر يتحسن ببطء ولكن بثقة. لقد نجحنا في قلب ميزان القوة في مواجهة العدو الإرهابي، وهو الآن يلجأ إلى عمليات إجرامية بشعة تجاه السكان المحليين»، إلا أن بازوم وصف الوضع في منطقة الساحل وأفريقيا بالسيئ، وقال: «أعتقد أن التحسن الذي تحرزه النيجر يبقى ناقصاً، ما لم يصاحبه تحسن على المستوى الإقليمي، فالنيجر يمكن أن تكون كل شيء عدا أن تكون جزيرة معزولة؛ خصوصاً بالنظر إلى وضعيتها الجغرافية الخاصة».
وخلص رئيس النيجر إلى تأكيد أن «تردي الوضع الأمني في المنطقة يجب ألا يعزز الشعور بالخوف عندنا، وإنما يجب أن يكون دافعاً لنا حتى نكثف الجهود ونوحدها، ونجعل منه مبرراً شرعياً ومنطقياً للقتال»؛ مشيراً في السياق ذاته إلى أن هناك معركتين يجب كسبهما لتحقيق النصر في الحرب على الإرهاب؛ هما: «المعركة العسكرية، ومعركة المعتقدات والأفكار»، وقال: «لتكون انتصاراتنا العسكرية دائمة، لا بد من بناء مجتمع متوازن، لا يمكن للتطرف أن يخترقه، ودور العلماء محوري في هذه المعركة المصيرية».
تعزيزاً للفكرة نفسها، قال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، إن «الدفاع عن السلام والأمن والاستقرار لا يكون ناجعاً وفعّالاً إلا بالتحصين القوي لعقول الأفراد ووجدان المجتمعات، في وجه الخطابات الممجدة للعنف على اختلاف أشكالها».
وشدد ولد الغزواني على أن تحصين المجتمعات «يتطلب عملاً دؤوباً على ترسيخ قيم التسامح والانفتاح والعدل والتآخي التي هي أساس ديننا الحنيف، وجوهر كل الديانات السماوية»، وقال إنه متيقن من أن «الانتصار على العنف والإرهاب والتطرف، لا يمكن أن يستديم إلا إذا كان انتصاراً ثقافياً وفكرياً، بقدر كونه انتصاراً اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً»، وفق تعبيره.
ودعا الرئيس الموريتاني إلى «رص الصفوف والتصدي للعنف في مختلف أشكاله وآثاره المروعة، ليس أمنياً واقتصادياً فحسب، وإنما كذلك في المقام الأول فكرياً وثقافياً.
ولا يخالجني شك في أن المؤتمر الأفريقي لتعزيز السلم سيكون له في نسخته هذه، كما كان له في نسختيه السابقتين، دور جد إيجابي، في ترسيخ ثقافة السلام والحوار والاعتدال».
أما رئيس المؤتمر الشيخ عبد الله بن بيه، فقال إن «لكل زمان واجبه، وواجب زمان اليوم البحث عن السلم»، وأضاف أنه من دون السلم «لا دين ولا دنيا ولا استقرار ولا تنمية ولا ازدهار»، معتبراً أن ما تحتاجه أفريقيا في هذه الفترة هو «وقف الحروب».
وخاطب بن بيه الأئمة والمشايخ المشاركين في المؤتمر، قائلاً إن مواضيع النقاش تتركز جميعها حول «البحث عن السلام والعافية في القارة الأفريقية، بعد أن أصبحت ظاهرة العنف تؤرق الجميع»، وشدد على أهمية «التوعية بأولوية السلم، ونشر النصوص الشرعية والمبادرات الرامية إلى معالجة الإشكالات المسببة لعدم السلم في الأوطان».
ويطرح المؤتمر خلال جلساته العشر، عدداً من الإشكالات التي تساهم في تعقيد أزمات القارة الأفريقية، مثل أزمة التعليم والهجرة غير الشرعية، كما يخطط المؤتمر لاستحداث «قمة للشباب» من أجل طرح مشكلات الشباب الأفريقي.


مقالات ذات صلة

على ماذا حصلت «القاعدة» بعد تحرير رهينتين غربيتين في النيجر؟

العالم على ماذا حصلت «القاعدة» بعد تحرير رهينتين غربيتين في النيجر؟

على ماذا حصلت «القاعدة» بعد تحرير رهينتين غربيتين في النيجر؟

منذ أن أفرج تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب»، عن الصحافي الفرنسي أوليفييه دوبوا وموظف الإغاثة الأميركي جيف وودكي، والأسئلة تُطرح حول الدور الذي لعبته النيجر في تحرير الرهينتين، وحول ما حصلت عليه «القاعدة» لتفرج عن الرهينتين الغربيتين، وسط شكوك حول دفع فدية. وظهر الصحافي الفرنسي وموظف الإغاثة الأميركي يوم الاثنين في مطار نيامي، عاصمة النيجر، قبل أن تتسلمهما سلطات بلديهما، وصباح أمس (الثلاثاء) وصل الصحافي الفرنسي إلى بلاده على متن طائرة تابعة للرئاسة الفرنسية، وكانت عائلته في استقباله إلى جانب الرئيس إيمانويل ماكرون. واختطف دوبوا في مدينة «غاو» بشمال مالي في أبريل (نيسان) 2021، من طرف «جماعة نصرة

الشيخ محمد (نواكشوط)
العالم بلينكن يعلن تقديم 150 مليون دولار لمنطقة الساحل

بلينكن يعلن تقديم 150 مليون دولار لمنطقة الساحل

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تقديم 150 مليون دولار، مساعدات مباشرة لمنطقة الساحل، مؤكداً أثناء زيارته للنيجر أن الولايات المتحدة تسعى إلى تعزيز العلاقات مع الدولة الأفريقية التي تجنبت حتى الآن موجة من الانقلابات العسكرية الأخيرة. وجاءت زيارة كبير الدبلوماسيين الأميركيين في وقت لا تزال فيه مالي وبوركينا فاسو تعانيان أوضاعاً متقلبة بعد انقلابين عسكريين نفذا منذ عام 2020، وأديا إلى طرد القوات الفرنسية منهما، وسط أعمال عنف وهجمات يشنها متطرفون. وأكد بلينكن أيضاً أن بلاده تمثل شريكاً أفضل من روسيا لمساعدة المنطقة على مكافحة الفقر وعنف الإرهابيين.

علي بردى (واشنطن)
أفريقيا بلينكن: واشنطن يمكنها أن تقدم أكثر من موسكو لمنطقة الساحل

بلينكن: واشنطن يمكنها أن تقدم أكثر من موسكو لمنطقة الساحل

أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، أن بلاده تمثل شريكاً أفضل من روسيا لمساعدة منطقة الساحل على مكافحة الفقر وعنف المتطرفين، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. في هذه المقابلة التي أجريت مساء الخميس في نيامي (عاصمة النيجر)، أقر بلينكن بأن المقاربة العسكرية التي اعتمدتها الولايات المتحدة وكذلك فرنسا، القوة المستعمرة سابقاً لهذه المنطقة، لم تكن كافية. وأوضح: «يجب اعتماد مقاربة شاملة يكون فيها الأمن ضرورة مطلقة، لكن هذا ليس كافياً».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم رهان أميركي على النيجر لصد الجماعات المسلحة في الساحل الأفريقي

رهان أميركي على النيجر لصد الجماعات المسلحة في الساحل الأفريقي

استكمل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الخميس، جولته الأفريقية بزيارة النيجر، بعد محطة أولى في إثيوبيا. وتُعدّ زيارة بلينكن للمستعمرة الفرنسية السابقة في غرب أفريقيا هي الأولى لدبلوماسي أميركي كبير. وتُعدّ نيامي قاعدة عسكرية رئيسية للقوات الغربية في حملتها لمكافحة المتشددين في منطقة الساحل الأفريقي. وتكافح النيجر؛ أفقر دول العالم، وفقاً لمؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية، أعمال تمرُّد إرهابية على حدودها الغربية مع مالي وبوركينا فاسو، وحدودها الجنوبية الشرقية مع نيجيريا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ رهان أميركي على النيجر لصد الجماعات المسلحة في الساحل الأفريقي

رهان أميركي على النيجر لصد الجماعات المسلحة في الساحل الأفريقي

يستكمل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، (الخميس)، جولته الأفريقية بزيارة النيجر، بعد محطة أولى في إثيوبيا. وتُعدّ زيارة بلينكن للمستعمرة الفرنسية السابقة غرب أفريقيا، هي الأولى لدبلوماسي أميركي كبير. وتُعدّ نيامي قاعدة عسكرية رئيسية للقوات الغربية في حملتها لمكافحة المتشددين في منطقة الساحل الأفريقي. وتكافح النيجر، أفقر دول العالم، بحسب مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية، أعمال تمرد إرهابية على حدودها الغربية مع مالي وبوركينا فاسو، وحدودها الجنوبية الشرقية مع نيجيريا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
TT

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا، مبدياً قلقه بشأن «التصعيد» الراهن.

ومنذ فوز الملياردير الجمهوري في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، يخشى الأوروبيون أن تقلّص الولايات المتّحدة دعمها لأوكرانيا في هذا النزاع، أو حتى أن تضغط عليها لتقبل باتفاق مع روسيا يكون على حسابها.

واختار الرئيس المنتخب الذي سيتولّى مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، كل أعضاء حكومته المقبلة الذين لا يزال يتعيّن عليهم الحصول على موافقة مجلس الشيوخ.

وفي مقابلة أجرتها معه، الأحد، شبكة «فوكس نيوز»، قال والتز إنّ «الرئيس ترمب كان واضحاً جداً بشأن ضرورة إنهاء هذا النزاع. ما نحتاج إلى مناقشته هو مَن سيجلس إلى الطاولة، وما إذا كان ما سيتمّ التوصل إليه هو اتفاق أم هدنة، وكيفية إحضار الطرفين إلى الطاولة، وما الذي سيكون عليه الإطار للتوصل إلى ترتيب».

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ «هذا ما سنعمل عليه مع هذه الإدارة حتى يناير، وما سنواصل العمل عليه بعد ذلك».

وأوضح والتز أنّه «بالنسبة إلى خصومنا الذين يعتقدون أنّ هذه فرصة لتأليب إدارة ضد أخرى، فهم مخطئون»، مؤكّداً في الوقت نفسه أن فريق الإدارة المقبلة «قلق» بشأن «التصعيد» الراهن للنزاع بين روسيا وأوكرانيا.

وفي الأيام الأخيرة، صدر عن مقرّبين من الرئيس المنتخب تنديد شديد بقرار بايدن السماح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع.

وخلال حملته الانتخابية، طرح ترمب أسئلة كثيرة حول جدوى المبالغ الهائلة التي أنفقتها إدارة بايدن على دعم أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي لهذا البلد في 2022.

ووعد الملياردير الجمهوري مراراً بإنهاء هذه الحرب بسرعة، لكن من دون أن يوضح كيف سيفعل ذلك.

وبشأن ما يتعلق بالشرق الأوسط، دعا المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي للتوصّل أيضاً إلى «ترتيب يجلب الاستقرار».

وسيشكّل والتز مع ماركو روبيو، الذي عيّنه ترمب وزيراً للخارجية، ثنائياً من الصقور في الإدارة المقبلة، بحسب ما يقول مراقبون.

وكان ترمب وصف والتز، النائب عن ولاية فلوريدا والعسكري السابق في قوات النخبة، بأنه «خبير في التهديدات التي تشكلها الصين وروسيا وإيران والإرهاب العالمي».