لليوم الثاني على التوالي خلال الموسم الحالي للامتحانات في مصر، تواصلت محاولات «الغش الإلكتروني» عبر مجموعات بموقع «تلغرام»، وانتشرت بمجرد بدء اختبارات الصفين الأول والثاني الثانوي أسئلة مسربة للامتحان، كما شكا طلاب من مشكلات تقنية على المنصة الرقمية المخصصة لإجراء الاختبارات.
وواصل آلاف الطلاب في مصر، السبت، امتحانات الفصل الدراسي الأول الإلكترونية على أجهزة «التابلت» لطلاب الصفين الأول والثاني الثانوي التي تستمر حتى يوم الخميس الموافق 26 من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي.
وانتشرت فور بدء الاختبارات على مجموعات بتطبيق «تلغرام» أسئلة مسربة من الاختبارات، مصحوبة بالإجابة عنها، وعلى الرغم من إقرار وزارة التربية والتعليم ببعض محاولات «الغش الإلكتروني»، فإنها تعتبرها «محاولات فردية».
كما انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي شكاوى متعددة من صعوبات فنية، حالت دون استكمال الطلاب أداء الاختبارات، أو الدخول إلى المنصة الرقمية المخصصة لأداء الاختبارات التابعة لوزارة التربية والتعليم. وركزت معظم الشكاوى على بطء سرعة الإنترنت الموجود بالمدارس، والضغط على الشبكات خلال أداء الاختبارات.
وأكد مصدر فني مختص، يعمل في تأمين منصة الاختبارات التابعة لوزارة التربية والتعليم، صعوبة اختراق إجراءات الحماية التي تتمتع بها المنصة، والوصول إلى الاختبارات من جانب صفحات أو مجموعات «الغش الإلكتروني».
وأوضح المصدر الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» شريطة عدم نشر اسمه، أن الامتحانات الموجودة على المنصة الرسمية بالوزارة «مشفرة بالكامل»، ولا يمكن الولوج إليها إلا من خلال أجهزة «التابلت» المسجلة رقمياً لكل طالب، ولا يُسمح لأي أجهزة أخرى بالولوج إلى الشبكة.
وأضاف المصدر أن ما يجري من محاولات لتسريب الاختبار «تتم داخل لجان أداء الامتحانات»، ومن خلال استخدام بعض الطلاب هواتف ذكية، يتم من خلالها تصوير بعض الأسئلة، وإرسالها إلى صفحات ومجموعات الغش، ومعظمها على تطبيق «تلغرام» الذي «يستخدم برامج تشفير معقدة، تصعِّب من تتبع من يقوم ببث البيانات عبره».
وطبقت مصر مؤخراً تشريعاً يستهدف التصدي لأعمال الإخلال بالامتحانات، وينص على معاقبة كل من يقوم بترويج الامتحانات بأي وسيلة، أو يشارك في ذلك، بالحبس مدة لا تقل عن سنتين، ولا تزيد على 7 سنوات، وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على 200 ألف جنيه (الدولار بـ29.5 جنيه).
ولفت المصدر إلى أن أي محاولة لخروج الطالب من منصة الاختبار، وفتح أي صفحات أخرى خلال أدائه الامتحان، لا تؤدي إلى فقدانه القدرة على مواصلة الإجابة فقط؛ بل تؤدي أيضاً إلى عمل حظر أو «بلوك» لجهاز «التابلت» بالكامل.
وأشار إلى أن أجهزة «التابلت» الموزعة على الطلاب من جانب الوزارة، مبرمجة للتعامل مع المنصات الرقمية التابعة للوزارة فقط، ومن غير المتاح استخدامها لفتح أي مواقع أخرى، وأن شرائح الاتصال بشبكة الإنترنت تتبع برمجة تُعرف بـ«APN» وهي تقنية تسمح فقط باتصال الجهاز بوجهة واحدة فقط، هي منصات التعليم المعتمدة.
وحول الشكاوى التقنية المتعلقة بعدم قدرة بعض الطلاب على استكمال الاختبار، أوضح المصدر أن الضغط على بعض شبكات الإنترنت في المدارس خلال أداء عدد كبير من الطلاب للاختبار، يؤدي أحياناً إلى تباطؤ عملية عرض الأسئلة والإجابة، منوهاً بأنه يجري عمل اختبارات فنية قبل انطلاق الامتحانات رسمياً، للتأكد من سلامة كل الاعتبارات الفنية.
ووضعت وزارة التربية والتعليم مطلع العام الحالي مجموعة من الضوابط لتنظيم امتحانات الصفين الأول والثاني، منها تشكيل غرفة عمليات بكل إدارة تعليمية لرصد المشكلات، ومتابعة مجموعات الغش الإلكتروني على تطبيق «تلغرام»، أو عدم التمكن من الامتحان الإلكتروني، حتى يتم حلها سريعاً.
من جانبه، انتقد الخبير التربوي حسن شحاتة، إصرار بعض الطلاب على استخدام جميع الوسائل المتاحة للغش، لافتاً إلى أن استمرار هذه الظاهرة «يحتاج إلى مواجهة رسمية ومجتمعية، فضلاً عن تشديد الإجراءات المتعلقة بالرقابة على أداء الاختبارات».
وأوضح شحاتة لـ«الشرق الأوسط» أن الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم في السنوات الأخيرة استطاعت رصد وتعقب محاولات تسريب أسئلة الامتحانات قبل بد الاختبار، وأن ما يجري حالياً يقتصر على محاولات التسريب من داخل اللجان مع انطلاق الاختبارات.
وأشار شحاتة إلى وجود بعض أوجه القصور في إجراءات المراقبة ببعض المدارس، إذ «يتغاضى بعض المراقبين عن دخول الطلاب لجان أداء الامتحان وهم يصطحبون هواتف ذكية»، وهو ما يؤدي في بعض الأحيان إلى استخدام تلك الأجهزة في تسريب الأسئلة لمجموعات الغش الإلكتروني، أو التواصل عبر سماعات غير مرئية مع آخرين خارج مقار اللجان، لتلقي الإجابات.
وطالب الخبير التربوي بأن تتشدد وزارة التربية والتعليم في العقوبات بحق من يثبت تسريبه للامتحان، وكذلك مع المراقبين الذين يتهاونون في تنفيذ الضوابط المعلنة من الوزارة بشأن سير الامتحانات، سواء قبل دخول الطلاب أو خلال أداء الاختبارات، كما طالب بأن تمتد الإجراءات الإلكترونية المشددة المتبعة في امتحانات الشهادة الثانوية إلى مختلف الصفوف الدراسية، حتى يمكن بسهولة كشف المسربين، لافتاً إلى أن تفشي ظاهرة الغش بات يمثل «خطراً مجتمعياً، وإهداراً لتكافؤ الفرص».
وفي سياق ذي صلة، بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور محمد معيط، وزير المالية، والدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، جهود تطوير منظومة التعليم الأساسي بمختلف محاورها.
وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن السيسي وجه بالتركيز على تطوير الكوادر البشرية ومنظومة المعلمين، والتوسع في إنشاء المدارس المتميزة الجديدة بمختلف أنواعها، وكذلك التوسع في المدارس التكنولوجية التطبيقية التي تعتمد على التعاون مع القطاع الخاص لتلبية احتياجاته من الكوادر الفنية المتخصصة؛ خصوصاً في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
«غش إلكتروني» وصعوبات تقنية... لماذا تتكرر مشكلات الامتحانات بمصر؟
«مجموعات تلغرام» تنشر أسئلة «الثانوي»
«غش إلكتروني» وصعوبات تقنية... لماذا تتكرر مشكلات الامتحانات بمصر؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة