انقلابيو اليمن يقتحمون شركة تحصر مستحقي المساعدات

نازحون يتلقون مساعدات غذائية في مخيم بمديرية حيس التابعة لمحافظة الحديدة غرب اليمن (أ.ف.ب)
نازحون يتلقون مساعدات غذائية في مخيم بمديرية حيس التابعة لمحافظة الحديدة غرب اليمن (أ.ف.ب)
TT

انقلابيو اليمن يقتحمون شركة تحصر مستحقي المساعدات

نازحون يتلقون مساعدات غذائية في مخيم بمديرية حيس التابعة لمحافظة الحديدة غرب اليمن (أ.ف.ب)
نازحون يتلقون مساعدات غذائية في مخيم بمديرية حيس التابعة لمحافظة الحديدة غرب اليمن (أ.ف.ب)

بهدف منع إجراء مسح مستقل لمستحقي المساعدات الإنسانية والنازحين في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، أقدم عناصر مخابرات الميليشيات على اقتحام مكتب شركة أنظمة في صنعاء تعمل في مجال جمع المعلومات عن المستحقين للمساعدات الإغاثية، لصالح المنظمات الأممية، وأجبروا بعض موظفيها، وتحت تهديد السلاح، على التوقيع على وثائق تتهم الشركة بالعمل لصالح إسرائيل، وذلك بعد أن اعتقلوا العشرات من الموظفات والموظفين، وأخضعوهم للتحقيق منذ الصباح وحتى نهاية النهار، حيث تم إغلاق الشركة إلى أجل غير محدد.
مصادر مطلعة في صنعاء ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن العشرات من سيارات المخابرات الحوثية قامت بتطويق مبنى شركة «برودجي سيستم» التي تعمل في مجال تقديم البيانات، وإجراء المسوحات الميدانية للمستحقين للمساعدات الإغاثية، لصالح المنظمات الأممية والدولية، وتساعدها في الإشراف على إيصال المساعدات إلى كافة النازحين والمستحقين في أنحاء اليمن.
ووفقاً لما أوردته المصادر، فإن العشرات من عناصر المخابرات الملثمين اقتحموا المبنى مع بداية الدوام، الأربعاء الماضي، واحتجزوا جميع الموظفين بداخله حتى المساء، بعد أن صادروا هواتفهم الشخصية وأجهزة الكومبيوتر، وصادروا خوادم الشركة، قبل أن يطلقوا سراح الموظفين على دفعات بعد أن أجبروا بعضهم على التوقيع على أوراق كانت معدة سلفاً تتهم الشركة بالعمل لصالح إسرائيل.
المصادر بينت أن عناصر المخابرات الحوثية، وبعد أن صادروا كافة تجهيزات الشركة التي يعمل بها أكثر من 313 موظفاً من الجنسين، اعتقلوا مدير الشركة إلى جانب رؤساء أقسامها، واقتادوهم إلى جهة مجهولة يرجح أنها مبنى جهاز المخابرات، كما أرغموا المدير على إرسال رسالة إلى الموظفين يطمئنهم أن المشكلة قد تمت معالجتها، وأنهم في إجازة مؤقتة إلى حين إبلاغهم بالعودة إلى العمل.
وأكدت المصادر أن الميليشيات الحوثية صادرت كافة الأجهزة، التي تحتوي على معلومات عن النازحين، والمتضررين من الحرب، وأن الغرض من الاقتحام وإغلاق الشركة هو الاستحواذ عليها ومنعها من تنفيذ عملية المسح الميداني للتأكد من بيانات المستحقين للمساعدات لصالح الأمم المتحدة.
الخطوة الحوثية جاءت بعد أن أظهرت بيانات حكومية أن هناك مليون اسم وهمي في مناطق سيطرة الحوثيين يحصلون على مساعدات غذائية ونقدية، فيما الحقيقة أن هذه المبالغ والمساعدات يتم الاستيلاء عليها من قبل ما يسمى مجلس الشؤون الإنسانية الذي شكلته مخابرات الميليشيات ويتحكم بعمل المنظمات الإغاثية والشركاء المحليين، ويحصل على نسبة من مبالغ المساعدات المرصودة للمناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات.
واستناداً إلى ما قالته المصادر، فإن ميليشيات الحوثي تريد تنفيذ عملية المسح الميداني عبر منظمات وشركات أسستها لهذا الغرض، وبهدف الحفاظ على توظيف المساعدات لصالحها ومنح مقاتليها وعناصرها العاملين في مجال حشد المقاتلين، أولوية في الحصول على المساعدات النقدية والعينية.
وأوضحت المصادر أن تحكم الميليشيات بالشركاء المحليين الذين ينفذون عملية المسح الميداني مكّن الجماعة الانقلابية من وضع عناصرها في مقدمة المستحقين، كما تمكنت من خلال ذلك من زيادة أعداد أفراد أسر هؤلاء المقاتلين خلافاً للواقع، وكسب ولاء الوجهاء المحليين بذات الطريقة، في حين يتم استبعاد كل أسرة لا تتفق والفكر السلالي والطائفي الذي تروج له الميليشيات من قائمة المستحقين للمساعدات.
من جهتها، ذكرت مصادر حقوقية لـ«الشرق الأوسط» أن إغلاق كل المنظمات غير الحكومية المستقلة التي كانت قائمة قبل الانقلاب على الشرعية، واستنساخ منظمات بديلة، وتحكم قادة الميليشيات عبر الشركات التي أسسوها بكامل العمل في الجوانب اللوجستية للمنظمات الإغاثية، كل ذلك جعل المنظمات الأممية والدولية أسيرة البيانات التي تقدم من الشركاء المحليين، وجميعها منظمات تعمل تحت إشراف/ أو بالشراكة مع جهاز مخابرات الميليشيات.
وتقول المصادر الحقوقية اليمنية إن هذه السيطرة جعلت مشرفي الميليشيات يساومون الأسر في الأرياف بالحصول على المساعدات وراتب شهري في حال إرسال أبنائهم للقتال في صفوف الجماعة، وأنه ونتيجة الفقر ومصادرة رواتب موظفي الدولة منذ 7 أعوام لا تجد غالبية الأسر من مصدر للعيش إلا الخضوع لرغبات الميليشيات.
وكانت الحكومة اليمنية رفضت نتائج المسح الذي قدم من قبل برنامج الغذاء العالمي بشأن المستحقين للمساعدات، وأكدت أن هناك نحو مليون اسم تم اعتمادها في مناطق سيطرة الميليشيات من دون وجه حق، وأكدت أنه تم استبعاد مئات الآلاف من النازحين والمجتمعات المضيفة في مناطق سيطرة الحكومة.
وفيما بعد، أفضت الاتصالات بين الجانب الحكومي والبرنامج الأممي إلى الاتفاق على إعادة تنفيذ مسح ميداني وبتقنيات ووسائل حديثة؛ لتجنب ما حصل عند تنفيذ المسح السابق منتصف العام الماضي.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.