«دعم أوروبي» يُجدد حلم أفريقيا بمقعد دائم في مجلس الأمن

وزيرتا خارجية فرنسا وألمانيا مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ومساعديه في أديس أبابا (وكالة الأنباء الإثيوبية)
وزيرتا خارجية فرنسا وألمانيا مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ومساعديه في أديس أبابا (وكالة الأنباء الإثيوبية)
TT

«دعم أوروبي» يُجدد حلم أفريقيا بمقعد دائم في مجلس الأمن

وزيرتا خارجية فرنسا وألمانيا مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ومساعديه في أديس أبابا (وكالة الأنباء الإثيوبية)
وزيرتا خارجية فرنسا وألمانيا مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ومساعديه في أديس أبابا (وكالة الأنباء الإثيوبية)

على مدى عقود، ظل «مقعد أفريقي دائم» في مجلس الأمن الدولي، بجوار الخمسة الكبار، حلماً يراود قارة أفريقيا، صاحبة الـ54 دولة، تشكل النسبة الأكبر في الجمعية العامة للأمم المتحدة (28 في المائة). وعلى الرغم من الإقرار الغربي الدائم بـ«عدالة» المطلب، فإنه عادة ما يصطدم بـ«معايير مزدوجة ومصالح سياسية واقتصادية» تمنع أصحاب القرار من النظر للأمر بجدية، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».
وتلقت القارة الأفريقية، مساندة جديدة عبر وزيرتي خارجية فرنسا وألمانيا، اللتين أعلنتا «دعم مطلب القارة السمراء بتأمين مقعد دائم في مجلس الأمن»، وذلك رداً على طلب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقيه محمد، الذي اعتبر أن «الوقت ليس مناسباً فحسب (لطرح القضية)... بل هي أيضاً ضرورية».
وزارت وزيرة خارجية فرنسا كاثرين كولونا، ووزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بربوك، مقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، أمس (السبت). وقالتا، في بيان مشترك، إن الزيارة استهدفت «مناقشة استراتيجية تعزيز العلاقات بين أوروبا وأفريقيا».
ويأتي الموقف الأوروبي، بعد أقل من شهر، على دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى تخصيص مقعد أفريقي دائم في مجلس الأمن، وعضوية مجموعة العشرين، وذلك على خلفية استضافة واشنطن قمة أميركية - أفريقية موسعة.
ويؤمن الرئيس الأميركي، والعديد من قادة العالم، بأهمية تطوير وإصلاح مجلس الأمن، وفق تصريحات متكررة، لكن مسألة توسيع عدد المقاعد الدائمة في المجلس تبدو عملية معقدة، بحسب الدكتور العيد دحماني، أستاذ العلوم السياسيّة والعلاقات الدوليّة بجامعة «عمار ثليجي» بالجزائر، الذي لفت إلى «ازدواجية واضحة في المعايير الغربية خاصة تجاه دول الجنوب»، فهم «عادة ما يؤكدون حرصهم على تحقيق المطالب العادلة لدول القارة، لكن من ناحية أخرى يعرقلون أي دولة ناشئة خوفاً من تأثير سياسي واقتصادي، يزعزع مصلحة تلك الدول في أفريقيا»، على حد قوله.
واعتبر دحماني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن المساندة الغربية الحالية تظل «غير جدية»؛ لأن غالبية تلك الدول تدرك أن تمثيل أفريقيا أو أي دول نامية، سيخلق مشكلات عدة؛ منها المشاركة في اتخاذ القرارات، التي عادة ما تكون في غير صالحها، أيضاً إجبار تلك الدول على اللجوء إلى المجلس قبل اتخاذ قرار، بينما ما يحدث هو العكس تماماً، فنجد دولاً كبرى تتدخل عسكرياً، ثم تعرض الأمر على مجلس الأمن الدولي بعد انقضاء العملية، وبالتالي فإن اتساع دائرة صنع القرار «أمر غير مرغوب».
وينظر إلى مجلس الأمن باعتباره «الجهاز التنفيذي» للأمم المتحدة. وإلى جانب الدول الخمس دائمة العضوية، التي تمتلك وحدها حق النقض «الفيتو»؛ وهي الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة، يضم المجلس عشرة مقاعد «غير دائمة» تتغير كل عامين.
ومع مطلع عام 2023، انضمت موزمبيق، كعضو جديد غير دائم في المجلس ممثلاً للقارة السمراء، لمدة عامين مقبلين، بديلاً عن كينيا. وقال سفير موزمبيق لدى الأمم المتحدة، بيدرو كوميساريو أفونسو، خلال حفل ترحيب رسمي في المجلس، إن «بلاده ستدفع من أجل إجراء إصلاحات في مجلس الأمن لمعالجة المخاوف الأفريقية»، مؤكداً ضرورة «التنبّه إلى إصلاح مجلس الأمن ليعكس الشواغل الأفريقية، وهي منطقة عانت من الظلم التاريخي».
ومن المقرر أن تتولى موزمبيق الرئاسة الدورية للمجلس، لمدة شهر واحد، خلال مارس (آذار) المقبل.
وتشارك دول أميركا اللاتينية، قارة أفريقيا في غياب تمثيلها بمقعد دائم، في حين تطالب قارة آسيا بتوسيع حجم مشاركتها، بجانب الصين.
وخلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر (أيلول) الماضي، طالب رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى فوستين أرشانج تواديرا، بـ«إصلاح عميق للأمم المتحدة وزيادة عدد مقاعد الأعضاء بمجلس الأمن، من أجل مشاركة أكثر إنصافاً وأكثر تمثيلاً لجميع القارات».
ويعتبر شيميليس بونسا، أستاذ السياسة والتاريخ الأفريقي بجامعة نيويورك، محاولة أفريقيا للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة «جزءاً من النضال لتحقيق العدالة في العالم»، مشيراً إلى أن «مطالبة الدول الأفريقية بالحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي لها تاريخ طويل»، وقال إن «المناضلين الأفارقة من أجل الحرية وأجدادهم حاربوا من أجل الحصول على مقعد أفريقيا الدائم في مجلس الأمن باعتباره مسألة إنصاف ومساواة».
وشدد الخبير، في مقال له، على أن «مجلس الأمن أُنشئ لحماية مصالح الفائزين في الحرب العالمية الثانية وينفي تمثيل باقي دول العالم»، مؤكداً أن «عودة نضال أفريقيا من أجل الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن أصبح الآن خياراً قابلاً للتطبيق في ضوء حقائق العالم»، لكنه دعا الدول الأفريقية إلى «تعزيز جهودها الجارية لتحقيق التكامل الاقتصادي والسياسي من خلال طرق مختلفة، بما في ذلك تنفيذ التجارة الحرة لأنها توفر للقارة رؤية قوية ومشتركة للتنمية».


مقالات ذات صلة

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

شمال افريقيا قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

وجه رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام 3 مطارات بوصفها مراكز لتخزين مواد الإغاثة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
المشرق العربي صورة تظهر لحظة قصف إسرائيلي لمبنى في منطقة الشياح بالضاحية الجنوبية لبيروت... 25 نوفمبر 2024 (رويترز)

الأمم المتحدة تدعو «الأطراف» إلى «الموافقة على وقف إطلاق النار» في لبنان

دعا مسؤول في الأمم المتحدة، الاثنين، الأطراف المعنية إلى «الموافقة على وقف إطلاق النار» في لبنان حيث تتواصل الحرب بين إسرائيل و«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

أفاد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأحد، بأن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
TT

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن «حزنها» لعودة دونالد ترمب إلى السلطة وتذكرت أن كل اجتماع معه كان بمثابة «منافسة: أنت أو أنا».

وفي مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية الأسبوعية، نشرتها اليوم الجمعة، قالت ميركل إن ترمب «تحد للعالم، خاصة للتعددية».

وقالت: «في الحقيقة، الذي ينتظرنا الآن ليس سهلا»، لأن «أقوى اقتصاد في العالم يقف خلف هذا الرئيس»، حيث إن الدولار عملة مهيمنة، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وعملت ميركل مع أربعة رؤساء أميركيين عندما كانت تشغل منصب مستشار ألمانيا. وكانت في السلطة طوال ولاية ترمب الأولى، والتي كانت بسهولة أكثر فترة متوترة للعلاقات الألمانية الأمريكية خلال 16 عاما، قضتها في المنصب، والتي انتهت أواخر 2021.

وتذكرت ميركل لحظة «غريبة» عندما التقت ترمب للمرة الأولى، في البيت الأبيض خلال شهر مارس (آذار) 2017، وردد المصورون: «مصافحة»، وسألت ميركل ترمب بهدوء: «هل تريد أن نتصافح؟» ولكنه لم يرد وكان ينظر إلى الأمام وهو مشبك اليدين.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل يحضران حلقة نقاشية في اليوم الثاني من قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا... 8 يوليو 2017 (أ.ف.ب)

ونقلت المجلة عن ميركل القول: «حاولت إقناعه بالمصافحة بناء على طلب من المصورين لأنني اعتقدت أنه ربما لم يلحظ أنهم يريدون التقاط مثل تلك الصورة... بالطبع، رفضه كان محسوبا».

ولكن الاثنان تصافحا في لقاءات أخرى خلال الزيارة.

ولدى سؤالها ما الذي يجب أن يعرفه أي مستشار ألماني بشأن التعامل مع ترمب، قالت ميركل إنه كان فضوليا للغاية وأراد معرفة التفاصيل، «ولكن فقط لقراءتها وإيجاد الحجج التي تقويه وتضعف الآخرين».

وأضافت: «كلما كان هناك أشخاص في الغرفة، زاد دافعه في أن يكون الفائز... لا يمكنك الدردشة معه. كان كل اجتماع بمثابة منافسة: أنت أو أنا».

وقالت ميركل إنها «حزينة» لفوز ترمب على كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني). وقالت: «لقد كانت خيبة أمل لي بالفعل لعدم فوز هيلاري كلينتون في 2016. كنت سأفضل نتيجة مختلفة».