غياب العدالة في عهد الحوثيين يرفع معدل الاضطرابات النفسية

يمني في محافظة ذمار أحرق سيارته أمام مقر محكمة حوثية احتجاجاً على عدم إنصافه (فيسبوك)
يمني في محافظة ذمار أحرق سيارته أمام مقر محكمة حوثية احتجاجاً على عدم إنصافه (فيسبوك)
TT

غياب العدالة في عهد الحوثيين يرفع معدل الاضطرابات النفسية

يمني في محافظة ذمار أحرق سيارته أمام مقر محكمة حوثية احتجاجاً على عدم إنصافه (فيسبوك)
يمني في محافظة ذمار أحرق سيارته أمام مقر محكمة حوثية احتجاجاً على عدم إنصافه (فيسبوك)

دفعت سياسات الإفقار وسوء الأوضاع المعيشية البائسة بفعل انقلاب الميليشيات الحوثية وحربها ضد اليمنيين كثيرا من السكان في المناطق الخاضعة تحت سيطرتها مؤخرا إما إلى إحراق أمتعتهم وسياراتهم تنديدا بفساد الجماعة أو الموت بأزمات قلبية بفعل الضغوط النفسية، أو بإنهاء حياتهم هربا من مشقة وأعباء الحياة الصعبة بعد عجزهم عن مواجهتها.
وأظهرت صور ومقاطع تم تداولها حديثا على منصات التواصل الاجتماعي أحد السكان في محافظة ذمار (100كيلومتر جنوب صنعاء) وهو يضرم النار في سيارته أمام إحدى المحاكم التابعة للجماعة بعد رفض قضاة حوثيين إنصافه والفصل في قضيته.
وبحسب ناشطين من ذمار، لجأ الشخص ويدعى صلاح مساعد وهو من منطقة جهران إلى إحراق سيارته أمام محكمة جهران الابتدائية الخاضعة للجماعة بعد أن ضاق به الأمر من التردد المستمر إليها بحثا عن العدالة التي تعمد القضاة الموالون للميليشيات تغييبها عنه وعن كثير من أبناء المنطقة المظلومين.
ونتيجة لتصاعد معاناة ملايين السكان بمناطق سيطرة الميليشيات بفعل سوء الأوضاع وانعدام سبل العيش واتساع رقعة الفقر وانعدام فرص العمل وانقطاع الرواتب وانشغال قادة الميليشيات بسرقة ونهب ما بقي من أموال اليمنيين وممتلكاتهم، توفي رجل مرور قبل يومين بأزمة قلبية أثناء ما كان واقفا يمارس عمله لتنظيم حركة السير بتقاطع شارع تعز مع مفرق ميتم وسط مدينة إب. وذكرت مصادر محلية أن رجل المرور، يدعى فؤاد يحيى شعيب، ظل يعاني من أزمة نفسية وضغوط معيشية كبيرة منذ بدء حرمان الميليشيات الحوثية له وللملايين من موظفي الدولة من الحصول على مرتباتهم المنهوبة لديها من سنوات.
وتناقل ناشطون من إب على منصات التواصل صورا تظهر انتشال ضابط المرور من الأرض بعد وفاته مرتديا زي العمل في مشهد وصفه كثيرون بـ«المؤثر»، و«الصادم».
ورغم الاتهامات الموجهة للانقلابيين بأن سلوكهم القمعي كان سببا في إصابة ملايين السكان بمناطق سيطرتهم باليأس والإحباط، فإن تسجيل حالات انتحار جديدة بمناطق سيطرة الجماعة يبقى هو الحدث الأبرز، إذ سجلت مدن عدة تحت سيطرة الجماعة في الأيام القليلة الماضية العشرات من حالات الانتحار.
ويتحدث ناشطون يمنيون عن وجود العشرات من القصص المؤلمة والمحزنة في مناطق خاضعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية، حيث انتهت تلك القصص في الأخير بحالات انتحار ضحيتها أناس مقهورون ومن مختلف الأعمار. وكانت مدن عدة تحت سيطرة الجماعة من بينها صنعاء وإب وعمران وتعز وغيرها، شهدت في الأسابيع القليلة الماضية تسجيل حالات انتحار من خلال قيام الضحايا إما بالقفز من أماكن مرتفعة وإما بالحرق أو الشنق، وإما بإطلاق الرصاص على أنفسهم أو من خلال وسائل أخرى مكّنتهم من قتل أنفسهم هرباً من حدة الضغوط المعيشية.
ويجزم اختصاصيو الطب النفسي أن تزايد أعداد المنتحرين يعود إلى ويلات الحرب التي أشعلتها الجماعة بانقلابها وما خلفته من تدمير كامل للبنية الاقتصادية وتوقف للخدمات وارتفاع للأسعار ومعدلات الفقر والبطالة وانقطاع الرواتب وغيرها.
وتمثل آخر تلك الحوادث في إقدام شابين على الانتحار شنقاً قبل أيام بمحافظتي عمران وتعز، أحدهما فنان شعبي سبق أن تعرض للاختطاف والتعذيب في معتقلات الجماعة، قبل أن تصدر الأخيرة بحقه حكماً قضى بسجنه 7 سنوات.
وأفادت مصادر محلية في عمران بأنه تم العثور على الفنان الشعبي ويدعى محدني المحدني، منتحرا في منزله بمديرية ثلا في عمران (شمال صنعاء) بعد أن قام بشنق نفسه في سقف غرفته، حيث أكدت المصادر دخول الضحية منذ فترة في حالة نفسية حرجة بسبب اختطافه وتعذيبه في سجون الجماعة. وفي اليوم نفسه، أفادت تقارير محلية بإقدام شاب يدعى إلياس سيف على الانتحار شنقا في مديرية المعافر بمحافظة تعز بسبب تردي أوضاعه وأسرته المعيشية.
وأعقب تلك الحادثتين بأيام، إقدام شاب آخر يدعى عبد الله دارس هزاع على الانتحار شنقاً في مديرية مذيخرة جنوب مدينة إب، بعد ساعات قليلة من إقدام آخر على حرق نفسه، وذلك بعد أن عجز عن الحصول على مصدر دخل في ظل ظروف معيشية حرجة يعشيها مع أفراد أسرته. وفق تأكيد مصادر محلية.
وتقدر تقارير يمنية أن شخصاً ينتحر كل يومين في مدن يمنية عدة، معظمها تحت سيطرة الجماعة الحوثية بسبب جرائم التعسف والإذلال والإفقار الممنهجة.
وكانت «منظمة الصحة العالمية»، أكدت في تقرير سابق لها أن نحو 8 ملايين يمني يعانون من مشاكل نفسية، جراء النزاع المستمر منذ ثماني سنوات.
وأفادت بأن الأمراض النفسية تعد من أكثر الحالات الصحية شيوعاً في اليمن، بفعل «النزاع المسلح منذ ثماني سنوات، والاقتصاد المنهار الذي أدى إلى شل المرافق الصحية وتفاقم الأمراض النفسية التي تؤثر على جميع فئات المجتمع».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.