«حياة الكبار الكاذبة»... جاذبية نابولي كما صورتها إيلينا فيرانتي

مسلسل يُعرض على «نتفليكس»

«حياة الكبار الكاذبة» للكاتبة إيلينا فيرانتي
«حياة الكبار الكاذبة» للكاتبة إيلينا فيرانتي
TT

«حياة الكبار الكاذبة»... جاذبية نابولي كما صورتها إيلينا فيرانتي

«حياة الكبار الكاذبة» للكاتبة إيلينا فيرانتي
«حياة الكبار الكاذبة» للكاتبة إيلينا فيرانتي

شأن رواية «حياة الكبار الكاذبة» للكاتبة إيلينا فيرانتي التي تُعرض قناة «نتفليكس» التلفزيونية حلقاتها، جاءت العبارة الافتتاحية للمسلسل على لسان بطلة الرواية المراهقة الناضجة جيوفانا التي كانت تقف عند الباب لتسمع ما يقوله والداها عنها، لتحاكي النص الأصلي.
قالت جيوفانا «قبل مغادرة المنزل، قال والدي لوالدتي أنني قبيحة»، مضيفاً أنه يراها مثل شقيقته التي انفصلت عنه فيتوريا، وهي إهانة حقيرة لدرجة أنها دفعت والدة جيوفانا إلى الاعتراض بقولها «لا تقل ذلك. إنها (العمة) وحش».
وهكذا يجري تقديم جيوفانا (جيوردانا مارينغو) وفيتوريا (فاليريا جولينو) إلى المشاهد ليتعرف على التراكيب الجديدة وعلى الشخوص النسائية الهائلة للمؤلفة الإيطالية. عُرض العمل على الشاشة في ست حلقات لتجسد رواية فيرانتي التي طُرحت عام 2019، وبطلتها شخصية معقدة ومتناقضة شأن «ليلا» و«ليلون»، وهي الشخصيات الرئيسية في روايات فيرانتي الأربع الأكثر مبيعاً التي تؤرخ صداقتهما، والتي تجسدت أحداثها ضمن حلقات مسلسل «صديقتي المذهلة».

ملصق مسلسل «حياة الكبار الكاذبة»

في مسلسل «حياة الكبار الكاذبة» توفر مدينة نابولي الإيطالية بيئة ملائمة اجتماعياً لقصة بلوغ سن الرشد التي تدفع جيوفانا من الطفولة البريئة إلى عالم التنازلات المعقدة والمتناقضة للبالغين. تدور أحداث المسلسل في منتصف عقد 1990، وتؤكد على المكانة الاجتماعية المتدنية للفتيات والنساء الإيطاليات، وسعيهن لإيجاد مكانة وسط عالم يهيمن عليه الرجال.
المسلسل يعكس بوضوح فلسفة و«عالم فيرانتي»، بحسب دومينيكو بروكاتشي، الرئيس التنفيذي لشركة «فاندانغو»، وهي شركة إنتاج فني إيطالية أنتجت من قبل مسلسل «الحياة الكاذبة» لصالح «نتفليكس»» الذي تحدث في مؤتمر صحافي لتقديم المسلسل في روما الشهر الماضي. من المعلوم أيضاً، أن فاندانغو شارك في إنتاج حلقات «صديقتي المذهلة»، بالشراكة مع شركات «إتش بي»، و«وراي» للإنتاج الفني وغيرهما.
في مسلسل «الحياة الكاذبة»، تتنقل جيوفانا بين حيين معروفين في نابولي مختلفين للغاية لدرجة أنه من الصعب تصديق أنهما ينتميان إلى المدينة نفسها. فهي تعيش في «ريوني التو»، وهو حي من الطبقة المتوسطة العليا خضع للتطوير في حقبة الستينات، يطل على تل «فوميرو» ذو المناظر الخلابة لخليج نابولي. وهنا تقول جيوفانا في الرواية «لكن خارج حي فوميرو، نادراً ما كانت المدينة تعنيني».
وبسبب اعتزامها مقابلة عمتها، تفتح جيوفانا عالمها على الحي المتدني من المدينة الذي هرب منه والدها، أندريا (أليساندرو بريزيوسي)، لكن فيتوريا لا تزال تسكنه، وهو عبارة عن منطقة متهدمة تسمى في الرواية «باسكوني»، والتي جرى تصويرها في حي «بوجيوريال» الصناعي السابق الذي يصعب العيش فيه.
وفي المؤتمر الصحافي، قال فرانشيسكو بيكولو، أحد كتاب السيناريو الأربعة الذين شاركوا في إعداد الحلقات «لا أعتقد أن هناك أي مدينة في إيطاليا تكون فيها الاختلافات بين الطبقات الاجتماعية واضحة مثل نابولي، وفي بعض الأحيان يكون هذا الاختلاف ضئيلا للغاية». في المسلسل، قد لا يلحظ المشاهدون الذين لا يتحدثون الإيطالية حقيقة أن ما يؤكد التباين هو الاختلاف في اللهجة النابولية المستخدمة في هذا الحي وذاك. ففي حي «فوميرو» الثري، فإن اللكنة المستخدمة تشعر أنها فقط «للتسلية والمتعة»، بينما في الحي الآخر تشعر أنها «لهجة عاطفية تماماً».
ولكي تُلم أكثر بشخصية فيتوريا وتفهم حركاتها، فقد أدت دورها الممثلة الإيطالية فالري جولينو التي يتذكرها الجمهور الأميركي لأدوارها اللامعة في فيلمي «رجل المطر» و«اللقطات الساخنة». وفي مقابلة عبر الهاتف، قالت جولينو «لقد نشأت أيضاً في حي فوميرو، لكن في الجانب الجيد منه»، واعترفت بأنها لم ترَ أبداً نابولي التي عاشتها شخصية فيتوريا، لدرجة أنها كان عليها أن تذهب وتبحث عن الحي وتحاول فهمه».
تولى مدرب صوتيات تدريبها على ما يمكن وصفه باللغة الجديدة تماماً عليها، حيث قالت جولينو «على الرغم من أنني من نابولي، فإنني لم أتحدث بهذه الطريقة من قبل. لقد سمعت تلك اللكنة في المدينة، لكنها لم تكن يوماً جزءاً من عالمي. إن تجسيد شخصية فيتوريا بهذا القدر من التدني كان أمراً صعباً»، مضيفة «كان عليّ أن أدرس طريقة الكلام، والحركات، وجميعها كانت غريبة عليّ. لذلك؛ قضيت الكثير من الوقت في نابولي، وهي مدينتي، لكن نابولي تضم طبقات عديدة».
بدورها، قالت مارينغو البالغة من العمر 19 عاماً والتي ظهرت لأول مرة على الشاشة في دور «جيوفانا» بعد اختيارها من بين 3000 فتاة تقدمت لهذا الدور، إن جولينو كانت مرشدتها طوال المسلسل. وفي مقابلة هاتفية، قالت مارينغو «لقد أعطتني الكثير من النصائح»، لينشأ بين الاثنتين رابطة قوية ترى مارينغو أنها كانت واضحة على الشاشة.
وقالت جولينو «لقد ساعد بعضنا بعضاً حقاً. كنا في الحالة الذهنية نفسها. كانت المرة الأولى لها، وكانت باستمرار تخشى أن ترتكب خطأ».
قالت مارينغو، إنها كانت تشعر بمسؤولية تجسيد بطل القصة التي تتطور بالكامل من منظور جيوفانا، مضيفة «في البداية، كنت قلقة من أنني لن أتمكن من تحقيق ذلك. لكن المخرجة والطاقم كانوا متيقنين من نجاحي. وهذا ما هدأني حقاً».
في الرواية، تبدو نظرة جيوفانا الداخلية أكثر وضوحاً. لكن إدواردو دي أنجيليس، مدير الإنتاج، قال، إن نقل هذا الاجترار الداخلي إلى شكل مرئي كان امتداداً طبيعياً لكتابات فيرانتي.
وفي مقابلة عبر الهاتف، قال دي أنجيليس «كل كلمة تحتوي على استحضار للعديد من الصور. فالكلمات تشير دائماً إلى المسار الذي يجب اتباعه لأن استحضار فيرانتي دائماً ما يكون ملموساً للغاية، حتى لو بدأت بفكر داخلي».
لدى فيرانتي، المؤلفة البارعة الشهيرة التي لم تعلن عن هويتها رسمياً، رصيد من كتابة السيناريو. وكذلك يتمتع دي أنجيليس برصيد من السيناريوهات التي تعاون فيها مع بيكولو، ولورا باولوتشي، وذكر، أن المراسلات مع فيرانتي تضمنت «العديد من الرسائل للوصول إلى لغة مشتركة».
ولنقل الرواية إلى التلفزيون، أخذت القصة منعطفاً غير متوقع، حيث جرى تعديل الحبكة بصورة لم تتضمنها الرواية، لكن فيرانتي اعتمدتها. وتعليقاً على ذلك، قال دي أنجيليس، إن فيرانتي تدرك جيداً أن الانتقال من صفحات الرواية إلى الشاشة «كان فرصة للتعبير عن العناصر التي أوحت بها السطور وتركتها لخيال القارئ»، لكن على الشاشة، فإن الخيال يصبح صورة مرئية من خلال خيارات قد تكون أكثر راديكالية».
هذه الخيارات الراديكالية تفتح آفاقا جديدة، وتنتهي الحلقات بسلسلة من الأسئلة من دون إجابات. ولذلك؛ قد تكون هناك تكملة محتملة.

* خدمة «نيويورك تايمز»



بين «اقتلاع الأظافر» و«الإعدامات الوهمية»... اتهامات للأسد ومقربين منه بتنفيذ «جرائم ضد الإنسانية»

صورة مثقوبة بالرصاص للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (أ.ف.ب)
صورة مثقوبة بالرصاص للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (أ.ف.ب)
TT

بين «اقتلاع الأظافر» و«الإعدامات الوهمية»... اتهامات للأسد ومقربين منه بتنفيذ «جرائم ضد الإنسانية»

صورة مثقوبة بالرصاص للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (أ.ف.ب)
صورة مثقوبة بالرصاص للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (أ.ف.ب)

منذ بداية الحرب الأهلية عام 2011، اتُّهم الرئيس السوري السابق بشار الأسد وأوساطه، بارتكاب كثير من الانتهاكات والتجاوزات في مجال حقوق الإنسان، شملت عمليات تعذيب واغتصاب وإعدامات بإجراءات موجزة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

شخصان يقومان بتفتيش غرفة داخل «سجن صيدنايا» الذي كان معروفاً بأنه «مسلخ» في عهد بشار الأسد (رويترز)

صور «قيصر»

في عام 2014، كشف مصور سابق في الشرطة العسكرية يستخدم الاسم المستعار «قيصر»، صوراً لجثث أشخاص تعرَّضوا للتعذيب في مراكز اعتقال في سوريا، التُقطت بين عامَي 2011 و2013. وقد فرَّ من البلاد، حاملاً معه أكثر من 50 ألف صورة مرعبة.

تحمل الجثث التي تظهر عليها آثار وحشية وتعذيب كلها، أرقاماً كُتِبت غالباً على الجلد. وبعض هذه الجثث دون عيون، ومعظمها عارٍ أو بملابس داخلية.

ودفعت هذه الصور إلى إقرار قانون أميركي سُمّي «قيصر»، دخل حيز التنفيذ في عام 2020، ويفرض عقوبات اقتصادية على سوريا، واتخاذ إجراءات قانونية في أوروبا ضد متعاونين سابقين مع بشار الأسد.

وأدى عمل خلية من المحققين تدعى «قيصر» إلى توقيف 8 أشخاص في يوليو (تموز) من جانب السلطتين الألمانية والسويدية، يُشتبه في ارتكابهم «جرائم ضد الإنسانية».

ومنذ عام 2022، صدرت في ألمانيا ثم في هولندا وفرنسا، إدانات عدة بحق مسؤولين كبار سابقين في أجهزة الاستخبارات السورية، أو أعضاء سابقين في مجموعات عسكرية تابعة للحكومة.

«أرخبيل من أقبية التعذيب»

اعتباراً من عام 2012، تحدَّثت منظمة «هيومن رايتس ووتش» عن «أرخبيل من أقبية التعذيب» في سوريا، مشيرة خصوصاً إلى «استخدام الكهرباء»، واللجوء إلى «الاعتداءات الجنسية والإذلال»، و«اقتلاع الأظافر»، و«الإعدامات الوهمية» في مراكز الاعتقال التابعة للحكومة السورية.

في عام 2022، قدّر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن أكثر من 100 ألف شخص لقوا حتفهم في السجون منذ عام 2011، خصوصاً نتيجة التعذيب.

في نهاية عام 2023، أمرت محكمة العدل الدولية، وهي أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، سوريا بوضع حدٍّ للتعذيب والمعاملة القاسية والمهينة.

رجل يتفقد حقيبة تحتوي على عظام بشرية عثر عليها سكان محليون في العاصمة دمشق (أ.ف.ب)

عمليات اغتصاب

في عام 2020، قدّم 7 لاجئين سوريين شكاوى في ألمانيا، وقالوا إنهم كانوا ضحايا أو شهوداً على عمليات تعذيب وعنف جنسي تشمل «الاغتصاب، وصعق الأعضاء التناسلية بصدمات كهربائية، والتعرّي القسري أو الإجهاض القسري» بين عامَي 2011 و2013.

وأفاد تحقيق للأمم المتحدة في عام 2018 بحصول عمليات اغتصاب وعنف جنسي ممنهجة ضد مدنيين نفّذها جنود وعناصر مجموعات عسكرية موالية للأسد.

في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وثَّقت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» «ما لا يقل عن 11 ألفاً و553 حادثة عنف جنسي ضد نساء، بينهن فتيات دون سن الـ18 عاماً»، من جانب أطراف النزاع منذ مارس (آذار) 2011، بينها 8024 حادثة تُنسب إلى النظام السوري، في حين يتحمَّل تنظيم «داعش» بشكل أساسي المسؤولية عن بقية الحالات.

امرأة مسنة تتفاعل بعد العثور على عظام بشرية في دمشق (رويترز)

«إبادة»

في عام 2016، ذكر محققون تابعون للأمم المتحدة أن «الحكومة مسؤولة عن أعمال تصل حدّ الإبادة، وترقى إلى مستوى الجريمة ضد الإنسانية»، خصوصاً في «سجن صيدنايا» قرب دمشق، الذي وصفته منظمة العفو الدولية في عام 2017 بأنه «مسلخ بشري تُمارَس فيه سياسة إبادة».

بُعيد ذلك، تحدَّثت الولايات المتحدة عن وجود «محرقة جثث» في السجن تُستخدَم للتخلص من رفات آلاف السجناء المقتولين.

في عام 2022، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأنَّ نحو 30 ألف شخص كانوا محتجزين في «صيدنايا»، تعرَّض بعضهم لأبشع أنواع التعذيب، ولم يُطلق سراح سوى 6 آلاف منهم.

أسلحة كيميائية

في أبريل (نيسان) 2020، نشرت «المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية» تقريراً اتهم الجيش السوري بشنِّ هجمات بأسلحة كيميائية على منطقة اللطامنة في شمال سوريا في عام 2017.

في نوفمبر 2023، أصدر القضاء الفرنسي مذكرات توقيف دولية بحق بشار الأسد، وشقيقه ماهر، وضابطين كبيرين لمسؤوليتهم المزعومة عن هجمات كيميائية في أغسطس (آب) 2013 قرب دمشق، التي تقول الولايات المتحدة إنها أسفرت عن أكثر من ألف قتيل.

كذلك، اتُّهمت قوات الأسد بالضلوع في هجوم آخر بغاز «السارين» على مدينة خان شيخون في شمال غربي البلاد في أبريل 2017، وشن هجمات بغاز الكلور. وقد نفت السلطات السورية أن تكون استخدمت أسلحة كيميائية.

واعتباراً من عام 2012، ندَّدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» بإلقاء طائرات عسكرية «قنابل حارقة» تسبب حروقاً شديدة. ووفقاً للمنظمة غير الحكومية، يمكن لهذه الأسلحة أن «تحوي مواد قابلة للاشتعال مثل النابالم أو الثيرمايت أو الفوسفور الأبيض».