«البحر الأحمر السينمائي» يدعم الفيلم التاريخي «جان دو باري»

دعم نحو 170 فيلماً سينمائياً في مراحل التطوير والإنتاج وما بعد الإنتاج

مشهد من فيلم «جان دو باري»... (الشرق الأوسط)
مشهد من فيلم «جان دو باري»... (الشرق الأوسط)
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يدعم الفيلم التاريخي «جان دو باري»

مشهد من فيلم «جان دو باري»... (الشرق الأوسط)
مشهد من فيلم «جان دو باري»... (الشرق الأوسط)

أعلن «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي»، اليوم (الخميس)، من خلال «مؤسسة المهرجان»؛ عن دعمه فيلم الدراما الفرنسي المقبل «جان دو باري» من إخراج وبطولة الممثلة الفرنسية مايوين، التي شاركت في كتابته أيضاً، ويشاركها بطولة الفيلم النجم الأسطوري جوني ديب؛ في دور «لويس الخامس عشر»؛ ملك فرنسا إبّان القرن الثامن عشر، بينما تلعب مايوين دور سيّدة البلاط الملكي وعشيقة «الملك لويس»؛ «مدام دو باري».
يشارك في «جان دو باري» كل من نجوم التمثيل: بيير ريتشارد وبنجامين لافيرني ونويمي لفوفسكي وملفيل بوبود وإنديا هير وباسكال غريغوري.
وانطلاقاً من عام 2019، دعمت «مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» نحو 170 فيلماً سينمائياً في مراحل التطوير والإنتاج وما بعد الإنتاج، لمشروعات من العالم العربي وأفريقيا. وبينما يبرز «جان دو باري» بصفته أول إنتاج دولي مشترك بين «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» وفرنسا؛ فإنه يؤكّد على التزام المهرجان الدؤوب بدعم صناعة السينما المبتكرة والمواهب النسائية المميزة، أمام الكاميرا وخلفها؛ في جميع أنحاء العالم.

من جهته؛ قال محمد التركي، الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي»: «يسعدنا أن ندعم فيلم (جان دو باري)؛ آخر أعمال المخرجة والممثلة والكاتبة مايوين؛ ذلك أنه فيلم أثار اهتمامنا على الفور، لما تتمتع به مسيرة مايوين المذهلة من تفرّد وطموح رائعين. وبينما تشهد هذه البادرة على التزامنا بدعم المواهب الجديدة وتطلّعنا للتعاون مع الكتّاب والمخرجين والمنتجين العالميين، فإننا نأمل أن يثمر هذا التعاون الأوّل من نوعه، تعزيز العلاقة بين السينما السعودية ونظيرتها الفرنسية، حيث نتطلّع مستقبلاً إلى دعم المشروعات السينمائيّة العالميّة التي تُروى من عدسة النساء، اعترافاً منّا بمكانتهنّ وموهبتهنّ».
يذكر أن فيلم «جان دو باري»، الذي جرى تصويره في فرنسا ويجري إنجازه الآن ضمن مرحلة ما بعد الإنتاج، هو العمل السادس للمخرجة والممثلة الفرنسية مايوين؛ التي شاركت في كتابته أيضاً بالتعاون مع تيدي لوسي موديستي ونيكولاس لايفيتشي، والذي استحوذت عليه شركة «نتفليكس»، وأنتجته شركة «واي نات» لصاحبيها باسكال كوشيُّو وغريغوري سورلات، وشركة «إن بوينت تو» التابعة لجوني ديب، بمساهمة من التلفزيون الفرنسي، و«مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي»، بوصفها جهات إنتاجيّة تنفيذيّة.



من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
TT

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

في الدورة الرابعة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، تنافست أعمال استثنائية نقلت قصصاً إنسانية مؤثّرة عن واقع المرأة في إيران وأفغانستان. وسط أجواء الاحتفاء بالفنّ السينمائي بوصفه وسيلةً للتعبير والتغيير، قدَّم فيلما «السادسة صباحاً» للإيراني مهران مديري، و«أغنية سيما» للأفغانية رؤيا سادات، شهادتين بارزتين على تحدّيات النساء في بيئاتهن الاجتماعية والسياسية.

«السادسة صباحاً»... دراما الصراع مع السلطة

يروي الفيلم قصة «سارة»، الشابة الإيرانية التي تتأهّب لمغادرة طهران لإكمال دراستها في كندا. تتحوّل ليلة وداعها مواجهةً مفاجئةً مع «شرطة الأخلاق»؛ إذ يقتحم أفرادها حفلاً صغيراً في منزل صديقتها. يكشف العمل، بأسلوب مشوّق، الضغط الذي تعيشه النساء الإيرانيات في ظلّ نظام تحكمه الرقابة الصارمة على الحرّيات الفردية، ويبرز الخوف الذي يطاردهن حتى في أكثر اللحظات بساطة.

الفيلم، الذي أخرجه مهران مديري، المعروف بسخريته اللاذعة، يجمع بين التوتّر النفسي والإسقاطات الاجتماعية. وتُشارك في بطولته سميرة حسنبور ومهران مديري نفسه الذي يظهر بدور مفاوض شرطة يضيف أبعاداً مرعبة ومعقَّدة إلى المشهد، فيقدّم دراما تشويقية.

لقطة من فيلم «أغنية سيما» المُقدَّر (غيتي)

«أغنية سيما»... شهادة على شجاعة الأفغانيات

أما فيلم «أغنية سيما»، فهو رحلة ملحمية في زمن مضطرب من تاريخ أفغانستان. تدور الأحداث في سبعينات القرن الماضي، حين واجهت البلاد صراعات سياسية وآيديولوجية بين الشيوعيين والإسلاميين. يتبع العمل حياة «ثريا»، الشابة الشيوعية التي تناضل من أجل حقوق المرأة، وصديقتها «سيما»، الموسيقية الحالمة التي تبتعد عن السياسة.

الفيلم، الذي أخرجته رؤيا سادات، يستعرض العلاقة المعقَّدة بين الصديقتين في ظلّ انقسام آيديولوجي حاد، ويُظهر كيف حاولت النساء الأفغانيات الحفاظ على شجاعتهن وكرامتهن وسط دوامة الحرب والاضطهاد. بأداء باهر من موزداح جمال زاده ونيلوفر كوخاني، تتراءى تعقيدات الهوية الأنثوية في مواجهة المتغيّرات الاجتماعية والسياسية.

من خلال هذين الفيلمين، يقدّم مهرجان «البحر الأحمر» فرصة فريدة لفهم قضايا المرأة في المجتمعات المحافظة والمضطربة سياسياً. فـ«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة، مع الإضاءة على دور الفنّ الحاسم في رفع الصوت ضدّ الظلم.

في هذا السياق، يقول الناقد السينمائي الدكتور محمد البشير لـ«الشرق الأوسط»، إنّ فيلم «السادسة صباحاً» ينساب ضمن وحدة زمانية ومكانية لنقد التسلُّط الديني لا السلطة الدينية، واقتحام النيات والمنازل، وممارسة النفوذ بمحاكمة الناس، وما تُسبّبه تلك الممارسات من ضياع مستقبل الشباب، مثل «سارة»، أو تعريض أخيها للانتحار. فهذه المآلات القاسية، مرَّرها المخرج بذكاء، وبأداء رائع من البطلة سميرة حسنبور، علماً بأنّ معظم الأحداث تدور في مكان واحد، وإنما تواليها يُشعر المُشاهد بأنه في فضاء رحب يحاكي اتّساع الكون، واستنساخ المكان وإسقاطه على آخر يمكن أن يعاني أبناؤه التسلّط الذي تعيشه البطلة ومَن يشاركها ظروفها.

على الصعيد الفنّي، يقول البشير: «أجاد المخرج بتأثيث المكان، واختيار لوحات لها رمزيتها، مثل لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للهولندي يوهانس فيرمير، ورسومات مايكل أنجلو على سقف كنيسة سيستينا في الفاتيكان، وغيرها من الرموز والاختيارات المونتاجية، التي تبطئ اللقطات في زمن عابر، أو زمن محدود، واللقطات الواسعة والضيقة».

يأتي ذلك تأكيداً على انفتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، ومراهنته على مكانته المرتقبة في قائمة المهرجانات العالمية، وترحيبه دائماً بكل القضايا المشروعة.

ونَيل «أغنية سيما» و«السادسة صباحاً» وغيرهما من أفلام هذه الدورة، التقدير، وتتويج «الذراري الحمر» للتونسي لطفي عاشور بجائزة «اليُسر الذهبية»، لتقديمه حادثة واقعية عن تصفية خلايا إرهابية شخصاً بريئاً... كلها دليل على أهمية صوت السينما التي أصبحت أهم وسيلة عصرية لمناصرة القضايا العادلة متى قدّمها مُنصفون.

وأظهر المهرجان الذي حمل شعار «للسينما بيت جديد» التزامه بدعم الأفلام التي تحمل قضايا إنسانية عميقة، مما يعزّز مكانته بوصفه منصةً حيويةً للأصوات المبدعة والمهمَّشة من مختلف أنحاء العالم.