في الحالات الطارئة... ماذا يحدث لجسم المريض أثناء انتظار سيارة إسعاف؟

مسعفان ينقلان مريضاً خارج أحد مستشفيات لندن (إ.ب.أ)
مسعفان ينقلان مريضاً خارج أحد مستشفيات لندن (إ.ب.أ)
TT
20

في الحالات الطارئة... ماذا يحدث لجسم المريض أثناء انتظار سيارة إسعاف؟

مسعفان ينقلان مريضاً خارج أحد مستشفيات لندن (إ.ب.أ)
مسعفان ينقلان مريضاً خارج أحد مستشفيات لندن (إ.ب.أ)

تؤمّن الرعاية الصحية الطارئة في معظم البلدان استجابة سريعة، لكن هذه الخدمة يتخللها الكثير من التأخير في العديد من الأوقات لأسباب مختلفة.
ينتظر المرضى الرد على مكالمتهم الطارئة، حتى يصل المسعفون لتسليمهم إلى المستشفى. ثم يتعاملون أيضاً مع ساعات الانتظار الطويلة لتحويلهم إلى القسم المختص بحالتهم، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز».
وتعتبر أسوأ نتيجة للتأخير هي الموت. حذر أحد كبار الأطباء هذا الأسبوع في بريطانيا من احتمال وفاة ما يصل إلى 500 شخص كل أسبوع نتيجة مشاكل الرعاية الطارئة.

* ماذا يحدث لجسم المريض وحالته أثناء انتظار العلاج؟
حتى في حالة تجنب أسوأ النتائج، يمكن أن يؤدي التأخير إلى تدهور حالة المريض وتطور المضاعفات، مما يتطلب مزيداً من العلاج وإقامة أطول في المستشفى.
وقالت الدكتورة مايا نارافي، نائبة رئيس الكلية الملكية لطب الطوارئ، لشبكة «سكاي نيوز»، إنه نظراً لضغوط الموظفين والموارد، فإن الرعاية «تضعف».
وأوضحت أن انتظار سيارات الإسعاف لساعات طويلة يعني أنه بحلول الوقت الذي يتم فيه رؤية المريض في المستشفى، تكون مشاكله قد تفاقمت بالفعل.

* حالة سقوط شخص مسن
تقول الدكتورة نارافي: «إذا كنت مستلقياً على الأرض ولم يكن لديك ما تأكله أو تشربه لفترة زمنية معينة، مصاباً بكسر في الفخذ، فأنت لا تتعامل فقط مع الكسر الحاد، ولكن غالباً ما تتعامل أيضاً مع قضايا مثل انخفاض حرارة الجسم، وتلاعب الضغط نتيجة الاستلقاء على أرضية صلبة لفترة طويلة، ومشاكل الجفاف الشديد ووظائف الكلى، وربما الالتهاب الرئوي».
وأوضحت أن المضاعفات التي تنشأ عن التأخير يمكن أن تخلق المزيد من المشاكل. إذا كان شخص ما مصاباً بالجفاف، فقد يواجه المسعفون صعوبة في إدخال السوائل أو المضادات الحيوية إلى جسمه، أو قد يضطر الفحص بالأشعة المقطعية للكشف عن السكتة الدماغية إلى الانتظار حتى يتم تدفئة المريض.
ومع فترات الانتظار المتزايدة، قالت نارافي إنه لا مفر من رؤية حالة المرضى تتدهور بسرعة أثناء انتظارهم.

* الانتظار لفترة طويلة لتلقي الرعاية بعد إصابتك بسكتة دماغية
بالنسبة لمرضى السكتة الدماغية، فإن الحصول على علاج سريع يمكن أن يعني الفرق بين التعافي والعودة إلى الحالة الطبيعية، أو حصول إعاقة تمتد لمدى الحياة. في كل دقيقة لا يتم علاج السكتة الدماغية، تموت 1.9 مليون خلية دماغية.
قال البروفسور مارتن جيمس إن علاج الجلطات يجب أن يُعطى في غضون أربع ساعات ونصف من ظهور الأعراض، في حين أن هناك نافذة مدتها ست ساعات لإجراء عملية جراحية لإعادة فتح الشريان المسدود في الدماغ.
البروفسور جيمس هو استشاري السكتة الدماغية في مستشفى ديفون وإكستر الملكي ويدير SSNAP، أكبر مشروع لالتقاط بيانات السكتة الدماغية في المملكة المتحدة. تظهر البيانات على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية أن عدد الأشخاص الذين تلقوا علاج الجلطات انخفض بنحو ألف شخص في جميع أنحاء إنجلترا وويلز وآيرلندا الشمالية مقارنة بمرحلة قبل الوباء.
ومن المحتمل أن عدة مئات من هؤلاء قد تُركوا مع إعاقة مثل الشلل، وفقدان الكلام، وتعطل الإدراك - لأنهم لم يتلقوا العلاج في الوقت المناسب.
وأضاف: «من الواضح أن ذلك قد تكون له عواقب على المريض مدى الحياة - وعواقب طويلة المدى على الخدمة الصحية».

* مرضى النوبات القلبية
قال البروفسور نيك ميلز، أستاذ أمراض القلب في مؤسسة القلب البريطانية بجامعة إدنبرة، إنه بالنسبة للمرضى الذين أصيبوا بنوبة قلبية، فإن كل دقيقة مهمة.
وأضاف: «يتطلب تشخيص النوبة القلبية علاجاً سريعاً، لأنه كلما طال الانتظار، تموت عضلة القلب بشكل أكبر ويقل احتمال بقائك على قيد الحياة... إذا اختار المرضى عدم الاتصال لطلب المساعدة، فحينئذٍ سيصابون حتماً بنوبات قلبية أكبر ويكونون أكثر عرضة للوفاة».
وحث ميلز الأشخاص الذين يشعرون بالقلق على قلوبهم على عدم تأخير الحصول على المساعدة.



مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
TT
20

مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)

استحضر الفنان المصري مصطفى الرزاز عناصر ورموزاً من الأساطير والفولكلور الشعبي المصري، واستدعى مَشاهد وذكريات مرَّ بها لسنوات طويلة، ثم مزج ذلك كله بفرشاته وخطوطه وخاماته المختلفة على مسطح أعماله؛ ليقدم مجموعة جديدة من اللوحات، والمنحوتات تنبض بالحياة، وتدعو إلى الاستمتاع بها.

في معرضه «رزق البحر» المُقام في «قاعة الزمالك للفن»، يترك الرزاز للمتلقي الفرصة للانغماس مع عالمه الذي جسَّده في أعماله، متنقلاً ما بين البحر والصيد والمرأة والأسماك؛ وخلال ذلك تتشبَّع عين الزائر بجماليات أعماله، ويتزوَّد وجدانه بدفء حكاياته.

الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)
الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)

يضمّ المعرض نحو 60 لوحة كبيرة، و64 لوحة صغيرة، فضلاً عن 45 قطعة نحتية، تتميّز بأنَّ «البطولة المطلقة» فيها للأسماك في المقام الأول؛ فهي ليست مجرّد عنصر رمزي، أو مفردة من البيئة تزدان بها الأعمال، لكنها ذات حضور طاغٍ، فتلتقيها على مسطّح اللوحات محمولة بعناية بين الأيدي، أو عروس للبحر، أو في صورة فرس البحر الذي يبدو صديقاً حميماً للإنسان، ورمزاً لحمايته، كما جاء في الحضارة المصرية القديمة، وغير ذلك من مَشاهد تُعزّز مكانتها.

عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)
عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)

اللافت أنَّ الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بعناصر العصفورة والهدهد والنبات في أعماله؛ في رمز للسلام والنماء، والتماهي مع البيئة المصرية. وبدا واضحاً أنّ لإقامته طويلاً في حي المنيل المطلّ على النيل بالقاهرة بالغ الأثر في أعماله بالمعرض؛ فقد قدَّم مَشاهد حياتية يومية عن قرب لمناظر الصيد والمراكب. يقول الفنان لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تُشرق الشمس في صباح كل يوم، أحبُّ النظر إلى نهر النيل حيث جمال المنظر والحضارة والتاريخ».

ومن أكثر المَشاهد التي استوقفته في الصباح الباكر، حركة المراكب والاستعداد للصيد. لذلك استخدم «النظارة المُعظمة» ليتأمّلها عن قرب، فإذا به يكتشف أنَّ مَن يقُمن بالصيد في هذه المنطقة نساء.

لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)
لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)

يواصل الفنان المصري حديثه: «وجدتُ أنهن قبل الصيد يُحضّرن الفطور، ويتناولنه مع أطفالهن وجاراتهن بشكل جماعي يومياً قبل التوجه إلى العمل».

أثار ذلك اهتمام الرزاز، فتوجَّه إلى نقطة تجمعهن، والتقى معهن، ومن خلال حديثه معهن، اكتشف أنّ الرجال لا يشاركونهن الصيد في هذا المكان؛ فيقتصر الأمر عليهن لانشغال أزواجهن بالعمل في مجالات أخرى.

كما اكتشف الفنان أنّ المراكب التي يخرجن للصيد بها هي بيوتهن الدائمة؛ حيث يقمن بها، ولا مكان آخر يؤوي هذه الأسر.

«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)
«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)

استهوته هذه الحكايات الإنسانية، وفجَّرت داخله الرغبة في تجسيد هذا العالم بفرشاته. يقول: «كانت تجربة غنية ومفيدة جداً بالنسبة إليّ؛ مثلت منبعاً للإلهام. من هنا جاء اهتمامي بتناول البحر والأسماك والصيد في عدد من معارضي؛ منها هذا المعرض الجديد، ولا أعني هنا البحر والصيد فيه وحده، إنما نهر النيل كذلك؛ إذ إنَّ كلمة البحر في اللغة المصرية الدارجة تشير إليهما معاً».

واتخذ الرزاز قراراً بتخصيص المعرض كله للصيد، من دون الاقتصار على تجربة الصيادات الإنسانية؛ فثمة قصص أخرى للصيد في الوجه القبلي، وفي المناطق الساحلية حيث يقتصر الصيد على الرجال.

من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)
من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)

ويتابع: «سافرت إلى الإسكندرية (شمال مصر) وشاركتهم رحلة للصيد، وتأثّرت جداً بعملهم، فتشرَّبت تفاصيل حياتهم، وطريقة عملهم، وصوَّرتهم فوتوغرافياً، إلا أنني تركتها جانباً، ورسمت التكوينات من خيالي، حتى تختلف عن الرؤية المباشرة أو التسجيل».

لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)
لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)

ويرى الرزاز أنه عندما يرسم الفنان الواقع كما هو، يُفقده جمالياته وحرّيته في التعبير. لكن لماذا يمثّل البحر والصيد كل هذا الاهتمام من جانب الدكتور مصطفى الرزاز؟ يجيب: «البحر بالمفهوم الذي أشرت إليه هو نصف الدنيا، وهو مختلف تماماً عن اليابسة، وأكثر غموضاً، وسحراً، بالإضافة إلى اختلاف الكائنات التي تعيش فيه عن الأرض».

ويؤكد الفنان المصري أنّ «لمهنة الصيد خصوصيتها؛ ونموذج حقيقي لسعي الإنسان؛ فالصياد يتوجَّه إلى البحر على وجه الكريم، من دون أن يحظى براتب، ولا يمكن أن يعرف حجم أرباحه التي سيجنيها، ويرمي نفسه في البحر طوال النهار، وربما لأيام، وقد يعود بما يرضيه، وقد لا يرجع بشيء على الإطلاق».

علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)
علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)

ومن هنا، فإن حلم الصياد أن يجني سمكة ضخمة، أو سمكة تُكلّمه، أو تكون في صورة امرأة جميلة، أو داخلها «خاتم سليمان) يحقّق له كل ما يتمناه. لذلك أيضاً، كان للسمك نصيب كبير في الأساطير والحكايات الشعبية؛ فكانت هناك «أم الشعور»، و«عروسة البحر»، وغيرهما مما يُعدّ فانتازيا علاقة الإنسان بالسمك، وفق الرزاز الذي يرى أن هذه العلاقة هي مصدر إلهام للفنان، ومنبع حكايات تحفّز أي شخص على الانطلاق والسعي في الحياة.

الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)
الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)

وربما لم تُنافس الأسماك في أعمال المعرض -المستمر حتى 15 مارس (آذار) الحالي- سوى المرأة الجميلة بعيونها الواسعة وملابسها المزدانة بالموتيفات والنقوش الشعبية؛ انعكاساً لاهتمام الفنان بمكانتها والفولكلور المصري في أعماله من جهة، ومن جهة أخرى تعبيراً عن قوة الوطن.

فتأتي على سبيل المثال لوحة المرأة الفلسطينية التي تطلّ علينا بزيها التقليدي، حاملة صينية الأسماك الطازجة فوق رأسها، كأنها جاءت للتوّ من رحلة للصيد، تضامناً مع أهل غزة. يقول الرزاز: «يرمز هذا العمل إلى أنّ أهل القطاع المعروفين بالصيد سيستمرّون في مهنتهم، وسيبقون في مدينتهم، ولن يستطع أحد أن يغيّر شيئاً من هذا الواقع».