بينالي الفنون الإسلامية في جدة... الهوية والمشاعر والفن

جوليان رابي: موضوع العرض يتناول مدلولات تعبير «أول بيت»

مجموعة من شواهد القبور الأثرية من مقبرة المعلاة بمكة أثناء عرضها في برلين ضمن معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية» عام 2012 (غيتي)
مجموعة من شواهد القبور الأثرية من مقبرة المعلاة بمكة أثناء عرضها في برلين ضمن معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية» عام 2012 (غيتي)
TT

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... الهوية والمشاعر والفن

مجموعة من شواهد القبور الأثرية من مقبرة المعلاة بمكة أثناء عرضها في برلين ضمن معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية» عام 2012 (غيتي)
مجموعة من شواهد القبور الأثرية من مقبرة المعلاة بمكة أثناء عرضها في برلين ضمن معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية» عام 2012 (غيتي)

بينما نعد الأيام للوصول إلى يوم افتتاح بينالي الفنون الإسلامية «أول بيت» بمدينة جدة يوم 22 يناير (كانون الثاني) الحالي، نحاول استكشاف أهمية الحدث الأول من نوعه في العالم، وما يخبئه جيش هائل من الفنانين والخبراء والعاملين، للزوار في ذلك المكان الأيقوني، المحمل بكثير من المعاني والذكريات والمشاعر، والمتمثل في صالة الحجاج الغربية بمطار الملك عبد العزيز في جدة.
لاستكشاف بعض جوانب العرض، أتحدث مع أحد القيمين على البينالي، وهو البروفسور جوليان رابي، المدير الفخري للمتحف الوطني للفن الآسيوي، التابع لـ«مؤسسة سميثسونيان» في واشنطن العاصمة، يتناول حديثنا البينالي من الفكرة والمضمون مروراً بفلسفة العرض ومحتوياته.
يختار رابي أن يأخذني في جولة تخيلية عبر الأقسام المختلفة للبينالي، مبيناً أن الصورة الذهنية للعرض هي أفضل تحضير لاستيعاب ما أراد المنسقون الأربعة للبينالي تقديمه.

د. جوليان رابي

في حديثه، يشير رابي إلى أن هناك قسمين أساسين في سرد «أول بيت»، الأول هو ضمن القاعات المشيدة حديثاً، ويحمل عنوان «القبلة»، وهو معرض منظم بدقة شديدة، والثاني يتموضع تحت الخيام العملاقة في صالة الحجاج، ويحمل عنوان «الهجرة».
يبدأ رابي بالحديث عن قسم «القبلة»، قائلاً إنه رغم حجمه الصغير نسبياً فإنه يضم مجموعة ضخمة من المعروضات، مضيفاً: «في الأساس هو يعتمد على إثارة الأحاسيس أكثر من الحقائق».

ستارة لباب الكعبة أثناء عرضها في برلين ضمن معرض  «طرق التجارة في الجزيرة العربية» عام 2012 (غيتي)

الطقوس والشعائر
لننطلق إذن مع دليلنا، وندخل قاعة العرض الأولى «القبلة» اسمها وموضوعها وخاتمتها. يقول الدليل: «نبدأ بغرفة خافتة الإضاءة نرى فيها عرض فيديو للمسجد الحرام بمكة، ولكن الصوت هو الأساس هنا، حيث نسمع ترددات للأذان من مختلف أنحاء العالم الإسلامي». تفضي الغرفة لعدد من الغرف المتتالية، تتناول كل منها طقساً محدداً مثل الوضوء والصلاة ثم الصلاة الجامعة والموت لتنتهي عبر ممر طويل خافت الإضاءة لغرفة الكعبة. يستكمل الوصف: «هي غرفة بيضاء ساطع ضوؤها يحتلها باب ذهبي للكعبة، وهو الباب الذي أمر الملك عبد العزيز بصنعه عام 1940». ويشير إلى أن العرض يضم باباً آخر للكعبة من عهد السلطان مراد الرابع، يعود لعام 1630، «ظل في مكانه باباً للكعبة لمدة أكثر من 300 عام، قبل أن يتم استبداله بباب الملك عبد العزيز، وأيضاً لدينا ميزاب الكعبة وكثير من المنسوجات».

باب الكعبة من عهد السلطان مراد الرابع ويعود لعام 1630 (الشرق الأوسط)

في تسلسل العرض، تمثل الكعبة الوجهة الأخيرة، يصل إليها الزائر بعد المرور بمحطة الحياة الأخيرة، المتمثلة في الموت، في هذه الغرفة تحديداً نجد عدداً من شواهد القبور الأثرية من مقبرة المعلاة في مكة المكرمة. هنا يعود بنا رابي لمعرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية... روائع آثار المملكة» أثناء جولته بالولايات المتحدة الأميركية: «كنت محظوظاً أني ساهمت في إحضار المعرض لعدد من المدن الأميركية، عندما كنت أشغل منصب المدير لغاليري فرير ساكلر بمؤسسة سميثسونيان. ومن المعروضات التي برزت عدد من شواهد القبور من مقبرة المعلاة في مكة، وكان عددها 34. نعرض عدداً أكبر منها في البينالي حيث سيرى الزوار 84 من هذه الشواهد وأنا أتمنى أن تدفع البعض للتمعن فيها، وأن تدفعهم للتوقف أمامها والتأمل قبل الوصول للغرفة المخصصة للكعبة».

باب الكعبة الذي أمر الملك عبد العزيز بصنعه عام 1940 (واس)

يعلق رابي: «يمكنك رؤية أن المعرض ليس معنياً بوصف الحج، بل يأخذ بعض الشعائر الهامة، في محاولة لعكس إحساس متسامٍ بالمعنى. الرحلة من الغرفة شبه المظلمة للغرفة الأخيرة البيضاء ساطعة الضوء هي رحلة غنية بالمشاعر السامية».
التجربة بالنسبة للزوار من المسلمين سيكون لها وقع خاص يمس الروح والمشاعر، لكن العرض أيضاً يخاطب غير المسلمين. كما يشير رابي: «نتوقع حضور غير المسلمين أيضاً من زوار المملكة».
هذا الجزء من العرض يتناول طقوساً وممارسات لم تتناول من قبل في معارض متحفية، بحسب رابي: «نتساءل لماذا لم يتم تناولها في معارض فنية من قبل، فعلى سبيل المثال كيف نتعامل مع الأذان هنا؟ في أي عرض متحفي من الممكن استخدام الأذان في العرض، لكن العروض المتحفية هي دائماً عن القطع المحددة، والطقس ليس قطعة جامدة، يمكن عرض بعض القطع المرتبطة بالطقس مثل سجادة صلاة أو سبحة، لكن الطقس معنى من الصعب تصويره في إطار العمل المتحفي. مرة أخرى العرض ليس وصفاً للحركات والطقوس، لكنه حول المشاعر». وفي إطار تخيل جديد لمعاني الطقوس الإسلامية، يشير رابي إلى عرض بصري تقدمه «مجموعة دال» مختبر الفن الرقمي، التي تستعرض تنويعات الإضاءة المختلفة لأوقات الصلاة.

مفتاح الكعبة المشرفة من مقتنيات متحف اللوفر بباريس (الشرق الأوسط)

تنويعات على موضوع الهجرة
من قسم القبلة، الذي يبدو أنه سيكون حاملاً لكثير من المشاعر ومثيراً للتأملات، يستمر العرض في القسم التالي، تحت الخيام العملاقة لصالة الحجاج بالمطار، حيث سيعرض 40 عملاً فنياً معاصراً، قام البينالي بتكليف الفنانين المشاركين بعملها. ويشير محدثي إلى اختلاف طريقة العرض هنا عن القسم الأول الذي يتميز بأقسامه الواضحة والمحددة؛ حيث يتميز قسم «الهجرة» بالانسيابية في أسلوب العرض: «هنا نجد أقساماً تقدم تنويعات مختلفة على كلمة (الهجرة). وفي داخل هذا الجزء من البينالي، سيكون هناك قسمان حديثا البناء، أحدهما مخصص للمدينة المنورة، والثاني لمعروضات تمثل مكة المكرمة. بالنسبة للمعروضات في القسمين، نحن أمام ثروة من القطع الأثرية والتاريخية، وكثير منها لم يعرض من قبل، كما يشير رابي، وهي من مقتنيات عدد من المؤسسات الرفيعة، مثل متحف الحرمين بمكة على سبيل المثال، أو مكتبة المدينة العامة، بالإضافة إلى قطع مستعارة من مؤسسات عالمية، مثل متحف اللوفر بباريس. أردنا أن نعرض قطعاً غير مألوفة للزوار لم يروها من قبل». نعرف منه أن من بينها مفتاحاً أثرياً للكعبة، وهو من مقتنيات متحف اللوفر، ومفتاحاً آخر مستعاراً من متحف الفن الإسلامي بالقاهرة. يستطرد قائلاً: «أرى أن طريقة التناول والمحتوى للبينالي مختلفة تماماً عن العروض المتحفية للفن الإسلامي، ولهذا أقول إن البينالي يدور حول فن الهوية الإسلامية ومعنى أن تكون مسلماً».
يدفعني تعبيره للتساؤل: «أفهم من ذلك أن العرض هنا ستكون له حلة معاصرة أكثر»، يجيبني قائلاً: «تماماً، بالطبع هنا قطع أثرية في قسم مكة، لكن العرض لا يقدم التفسير الحرفي، وإنما هو عن المحسوس، وأيضاً إعطاء الزوار لحظات أو لقطات بصرية أساسية ستظل معهم، فالعرض يعتمد على المساحات الواسعة، وأيضاً على الإحساس، وأعتقد أنه سيمنح المسلمين إحساساً بالفخر، ولغير المسلمين الإحساس بالاحترام».
أسأل رابي عن الأعمال الفنية الآتية من مختلف أنحاء العالم الإسلامي: «هل برأيك تساهم التعبيرات الفنية في جعل الزوار المسلمين يفكرون في هويتهم بشكل مختلف؟» يجيبني قائلاً: «أعتقد ذلك، لا نحاول هنا شرح 1400 عام من التعبيرات الثقافية المختلفة، من إسبانيا إلى آسيا الوسطى، لن نفعل ذلك، ما نريد أن نشدد عليه هو وسطية مكة والمدينة والطريقة التي تؤثر بها المدينتان المقدستان في الطقوس التي يمارسها المسلمون وأيضاً تؤثر على فكرتهم بالموطن أو (أول بيت)، فالتعبير كما هو واضح يشير إلى أول بيت وضع للناس، وهو البيت العتيق، لكن التعبير أيضاً يلعب على معنى كلمة بيت كـ(منزل)». يضرب المثل بقطعة من الخزف في العرض تحمل أبياتاً من الشعر، ترجمها بالإنجليزية: «هي قصيدة جميلة لشاعر تركي من القرن السابع عشر، يقول فيها ما معناه: (كل من يحل على الكعبة تحل عليه بركات الرحمن. كل امرئ يدعو من يحب إلى منزله). بالنسبة لي أرى أن هذه الأبيات تختصر الموضوع».

اختلاف الموضوع وطريقة العرض
يشدد رابي خلال حديثه على الاختلاف الذي سيلمسه زوار البينالي: «أريد التأكيد على أن الموضوع العام للبينالي هو مختلف عما اعتاد الناس عليه، وأيضاً البناء المعتمد على المزج بين المعاصر والتاريخي أيضاً مختلف». الاختلاف برأيه يمتد لحجم التكليفات الفنية: «كانت على مستوى ضخم جداً»، وأيضاً بالنسبة للمعروض من المحتوى الأثري والتاريخي: «قطع لم تعرض من قبل من المجموعات الموجودة في المملكة»، وأيضاً طريقة العرض ستكون مختلفة، ويضرب المثل بعرض لمصحف من مقتنيات المتحف الوطني بالرياض: «بدلاً من عرض 6 أو 7 مصاحف بالخط الكوفي، اخترنا واحداً فقط يعود لنهاية القرن الثامن وبداية التاسع الميلادي، بديع جداً، نعرض منه 32 صفحة مكتوبة على الجلد بماء الذهب، وبهذا تبدو عملية التكرار في عرض صفحات المصحف بحد ذاتها عملاً فنياً».
يدافع عن الاتجاه المختلف للعرض قائلاً: «أعرف أن كثيراً من الناس يريدون أن يكون المعرض منسقاً بالتسلسل، لا نفعل ذلك هنا، يستطيع غيرنا تقديم هذا». ويشيد بالطريقة الجديدة لتقديم المعارض التاريخية: «هو أمر أعتقد أنه يرجع الفضل فيه لوزارة الثقافة وهيئة بينالي الدرعية، وأعتقد أنها خطوة شجاعة جداً».
أنهي حديثي مع رابي، وفي البال تخيلات وصور لما سيكون عليه العرض، وفي النفس تشوق لـ«أول بيت».



سان جيرمان يتطلع لحل أزمته مع مبابي ودياً... وبراءة اللاعب من أي تهم بالسويد

مبابي أغلق مشكلة السويد وينتظر حلا في أزمته مع سان جيرمان (رويترز)
مبابي أغلق مشكلة السويد وينتظر حلا في أزمته مع سان جيرمان (رويترز)
TT

سان جيرمان يتطلع لحل أزمته مع مبابي ودياً... وبراءة اللاعب من أي تهم بالسويد

مبابي أغلق مشكلة السويد وينتظر حلا في أزمته مع سان جيرمان (رويترز)
مبابي أغلق مشكلة السويد وينتظر حلا في أزمته مع سان جيرمان (رويترز)

أعرب نادي باريس سان جيرمان الفرنسي عن سعادته بقرار اللجنة التأديبية بشأن قبول الاستئناف على حكم إلزامه بدفع 55 مليون يورو مستحقات للاعبه السابق كيليان مبابي، الذي انتقل لريال مدريد الإسباني.

وكان مبابي قد تقدَّم بطلب إلى الاتحاد الفرنسي لكرة القدم يطلب فيه الحصول على 55 مليون يورو، مكافآت ورواتب، لم يحصل عليها قبل رحيله إلى ريال مدريد، في صفقة انتقال حر، وبالفعل حصل على حكم بذلك، لكن إدارة ناديه السابق، باريس سان جيرمان، تقدَّمت باستئناف أمام اللجنة التنفيذية بالاتحاد الفرنسي، مؤكدةً عدم أحقية اللاعب في الحصول على تلك المستحقات.

وذكر سان جيرمان في بيان رسمي: «سعداء للغاية؛ لأن اللجنة التأديبية قرَّرت عدم معاقبة النادي كما طلب اللاعب. من خلال إعلان طلب مبابي غير مقبول، وضعت اللجنة التأديبية حداً لهذا التسلسل الطويل».

وأضاف البيان: «بعد الاستماع في البداية إلى مستندات الأطراف في 11 سبتمبر (أيلول)، أصرَّت اللجنة القانونية المكونة من 18 عضواً في رابطة الدوري الفرنسي لكرة القدم مراراً وتكراراً على الحاجة إلى الوساطة بين اللاعب وسان جيرمان؛ لإيجاد حلٍّ في ضوء ما تقدَّمنا به؛ لأن عملية الوساطة تم رفضها تماماً من قبل اللاعب. قرَّرت اللجنة القانونية التمسُّك بالعقد الوحيد الذي وافقت عليه بنفسها، وتجاهل الاتفاقات الأخرى التي تم التوصل إليها بين اللاعب والنادي».

وأوضح البيان: «ما يبقى محل نزاع، ويجب أن تفحصه محكمة العمل، هو أن العقد المعتمد تم تعديله قانونياً باتفاق متبادل في أغسطس (آب) 2023 لموسم 2023 - 2024، وأكد اللاعب هذا التعديل مرات عدة، خصوصاً في يناير (كانون الثاني) 2024، قبل أن يقرِّر بمجرد انتهاء الموسم التراجع عن جميع التزاماته».

وأكد البيان: «إذا استمرَّ اللاعب للأسف في عدم الوفاء بالتزاماته ومواصلة هذا النزاع أمام مجلس إدارة نادي باريس بطريقة غير مفهومة ومدمرة، سواء لنفسه أو لكرة القدم الفرنسية، فإن النادي مستعدٌّ لكشف الموقف بالكامل أمام المحكمة المختصة». وأوضح البيان: «في القانون والواقع، أوضح اللاعب وكرَّر التزامات عامة وخاصة يطلب النادي منه ببساطة الوفاء بها، بعد أن استفاد من مزايا غير مسبوقة من جانب سان جيرمان لمدة 7 سنوات». وأضاف: «في الأساس، يتعلق الأمر بحُسن النية، والصدق، والحفاظ على قيم واحترام المؤسسة الباريسية وأنصارها، وهو أمر أكثر أهمية من أي لاعب... بعد قرار لجنة الاستئناف يكرِّر النادي أمله في التوصل إلى حل ودي، وهو أمر كان باريس سان جيرمان منفتحً عليه دائماً، حتى تتمكَّن الأطراف جميعها من طي الصفحة».

إلى ذلك أغلق الادعاء السويدي تحقيقاً في قضية اغتصاب واعتداء جنسي كان يشار إلى أن مبابي متورط بها، ونفى قائد منتخب فرنسا ارتكاب أي مخالفات.

ورفضت النيابة العامة تسمية المشتبه به في القضية المتعلقة بالحوادث المزعومة التي وقعت في فندق بوسط استوكهولم في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقالت المدعية العامة السويدية مارينا شيراكوفا في بيان أمس: «خلال سير التحقيق، تم تحديد شخص مشتبه به على أسس معقولة في جريمة الاغتصاب وحالتين من الاعتداء الجنسي. لكن تقييمي هو أنَّ الأدلة ليست كافية للمضي قدماً، وبالتالي تم إغلاق التحقيق».

وقال ممثلو مبابي، منذ نشر تلك الادعاءات، إن الاتهامات الموجهة إلى مهاجم ريال مدريد «كاذبة تماماً» و«شائعة تشهيرية».