ارتفاع نسبة الجريمة في مناطق سيطرة الحوثيين

حوثيون يقيمون مخيماً وسط ميدان السبعين بصنعاء لإحياء ذكرى قتلاهم (الشرق الأوسط)
حوثيون يقيمون مخيماً وسط ميدان السبعين بصنعاء لإحياء ذكرى قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

ارتفاع نسبة الجريمة في مناطق سيطرة الحوثيين

حوثيون يقيمون مخيماً وسط ميدان السبعين بصنعاء لإحياء ذكرى قتلاهم (الشرق الأوسط)
حوثيون يقيمون مخيماً وسط ميدان السبعين بصنعاء لإحياء ذكرى قتلاهم (الشرق الأوسط)

شكا سكان في العاصمة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الميليشيات الحوثية، من ارتفاع منسوب الجرائم بمختلف أنواعها، وانتشار الفوضى والعصابات الإجرامية المسلحة في مناطقهم. وأرجعوا ذلك إلى التدهور المستمر للحالة الأمنية التي شهدتها ولا تزال غالبية المدن الواقعة تحت إشراف قيادات أمنية وعسكرية موالية للحوثيين.
جاء ذلك متزامناً مع إقرار الميليشيات الحوثية بتسجيل 4 محافظات خاضعة تحت سيطرتها، خلال 30 يوماً ماضية، أكثر من 1855 جريمة جنائية مختلفة.
ويجزم السكان في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية بأن منسوب الجرائم الأمنية والجنائية، بما فيها القتل والسرقات وأعمال النهب والاختطاف والاقتحامات وغيرها، ارتفع خلال الفترة الأخيرة إلى أضعاف ما كان عليه في السنوات والأشهر الماضية.
وبينما سعت الجماعة الحوثية جاهدة منذ انقلابها إلى دعم وتمكين عصابات مسلحة من ارتكاب مختلف أنواع الجرائم، وإحداث فوضى أمنية واجتماعية بمناطق سيطرتها، انعكس ذلك سلباً على حياة ومعيشة السكان، وقاد أيضاً إلى ارتفاع معدل الجرائم إلى مستويات قياسية.
ففي صنعاء العاصمة، تحدث عدد من السكان لـ«الشرق الأوسط» معبرين عن شكواهم من الانتشار الكبير للجريمة بمختلف أنواعها، ومن تعدد جرائم القتل والخطف والنهب والسلب والسرقات، بطريقة غير معهودة.
وحسب السكان، فإنه لا يكاد يمر يوم دون أن تشهد عاصمتهم تسجيل كثير من الجرائم المختلفة، وبطرق غير معهودة، دون أن تحرك الأجهزة الأمنية التي يشرف عليها قادة حوثيون أي ساكن.
ويقول ضابط أمن متقاعد (مناهض للجماعة) لـ«الشرق الأوسط»، إن معظم مناطق العاصمة صنعاء تحولت اليوم في ظل استمرار سيطرة وحكم الانقلابيين، إلى مرتع لعصابات السرقة والاختطاف والنهب وأعمال القتل والاعتداء. ويؤكد أن كافة المدن تحت سيطرة الجماعة لا تزال تشهد بالوقت الحالي انتكاسة حقيقية وشاملة في شتى مجالات الحياة، وعلى رأسها المجال الأمني.
وفي حين تعاني العاصمة صنعاء وبقية مدن سيطرة الجماعة تدهوراً وفلتاناً أمنياً غير مسبوق، يرافقه تصاعد كبير في معدل الجريمة بمختلف أشكالها، سجَّلت المدينة قبل أيام وقوع جريمتين منفصلتين، تمثلت الأولى بعثور مواطنين على جثة طفلة (3 سنوات) مقتولة داخل مبنى قيد الإنشاء بحارة الفرقان، وسط العاصمة.
وذكرت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أنه عُثر على الطفلة -وهي ابنة مواطن يدعى سليم القاضي- بعد أن تم قتلها خنقاً على أيدي مجهولين؛ مشيرة إلى تعرض الطفلة قبل وقوع الجريمة للخطف خلال لعبها أمام منزلها في صنعاء.
وأثارت تلك الجريمة حالة استياء وسخط واسعة في أوساط المجتمع، مع مطالبات لأجهزة أمن الميليشيات في العاصمة، بالتحرك للكشف عن الجناة ومحاسبتهم، لينالوا جزاءهم العادل.
وسبقت تلك الحادثة جريمة أخرى مماثلة، تمثلت بمقتل ضابط في المتحف العسكري بصنعاء، طعناً بالسلاح الأبيض، في منزله الكائن شمال العاصمة، وسط تأكيد شهود عيان أن الجريمة وقعت إثر نشوب خلافات أسرية.
وأوضحت تقارير محلية أن الضابط محمد علي الروضي الذي يحمل رتبه عقيد، لقي مصرعه صباح الجمعة الفائت، طعناً، وهو أحد كوادر المتحف العسكري بصنعاء، ويعمل منذ سنوات على إرشاد الزوار وتعريفهم على مختلف مقتنيات المتحف.
وقالت إن أمن الميليشيات بصنعاء يواصل التحجج بأن «التحقيقات لا تزال جارية، حول دواعي الخلاف الذي أدى إلى قتل ضابط المتحف الوطني».
وفي سياق متصل، اعترفت الميليشيات الانقلابية بوقوع أكثر من 1855 جريمة جنائية مختلفة خلال الشهر الماضي، في صنعاء، و3 محافظات أخرى خاضعة لسيطرة الجماعة، هي: المحويت، وحجة، وريمة.
وحسب الإقرار الحوثي، تصدرت العاصمة صنعاء قائمة تلك المحافظات بتسجيل 1218 جريمة في تلك الفترة، تلتها محافظة حجة بتسجيل 248 جريمة، ثم المحويت بواقع 232 جريمة، ومحافظة ريمة بعدد 157 جريمة.
واعترفت الميليشيات الحوثية بأن جرائم القتل العمد، والقتل بدافع السرقة، وسرقة منازل ومحال تجارية وأشخاص وسيارات ودراجات نارية، وحيازة وتعاطي وترويج المخدرات، تصدرت قائمة الجرائم، بينما توزعت البقية ما بين قطع طرق، واغتصاب، وخطف، ونصب واحتيال، وجرائم ابتزاز، ونهب ممتلكات خاصة، وانتهاك حرمة مساكن، وتهديد، واعتداء على حرمة الحياة الخاصة.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

العالم العربي احتمالات ضعيفة جداً أن تتولى الجماعة الحوثية سد الفراغ الناتج عن تحجيم قوة «حزب الله» (رويترز)

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

يناقش خبراء وباحثون سياسيون تأثير اغتيال حسن نصر الله على الجماعة الحوثية، وردود فعلها بعد الضربات الكبيرة التي يتلقاها «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال كلمته (سبأ)

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

في لحظة وصفت بـ«التاريخية»، أعلنت الحكومة اليمنية استرداد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية، ووضعها بمتحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك بشكل مؤقت…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي تستغل الجماعة الحوثية المناسبات ذات الصبغة الطائفية للتحشيد والتجنيد (إ.ب.أ)

حملات أمنية حوثية لمنع اليمنيين من الاحتفال بـ«ثورة 26 سبتمبر»

جماعة الحوثي تعيش رعباً حقيقياً؛ لأنها تعلم أن غالبية كبيرة من اليمنيين تنبذ أفكارها وطريقتها في الحكم.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي أعلنت شركة ستارلينك بدء توفر خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن (سبأ)

«ستارلينك» تعلن بدء خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن

أعلنت شركة ستارلينك (المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك)، الأربعاء، بدء توفر خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن، ليصبح اليمن الدولة الأولى في الشرق الأوسط…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر قصف إسرائيلي سابق استهدف مستودعات الوقود (أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تنفي عرض الاعتراف بحكومة الحوثيين مقابل وقف الهجمات

مسؤولون أميركيون تصريحات القيادي الحوثي محمد البخيتي بشأن عرض واشنطن الاعتراف بحكومة الحوثيين في صنعاء مقابل وقف الهجمات الحوثية، بأنها بعيدة عن الحقيقة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
TT

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)

يتوقف بدء سريان المفاعيل السياسية للنداء الأميركي - الفرنسي، المدعوم أوروبياً وعربياً، للحكومتين اللبنانية والإسرائيلية، على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، لمنعه من التفلُّت من مسؤوليته بتوفير الأجواء السياسية المواتية لتطبيق مضمون هذا النداء، بعد أن كان قد التزم بمضامينه، لينقلب عليه لاحقاً بذريعة أن مجرد التلازم في وقف إطلاق النار ليشمل جبهتي جنوب لبنان وغزة يتيح لـ«حزب الله» تبرير مساندته لـ«حماس»، على نحو يرتد عليه سلباً، ويتسبّب له بإشكالات داخل حكومته المناوئة بأكثريتها للربط بين الجبهتين، فيما يلقى فصل الجبهتين معارضة من «حزب الله»، كونه يشكل له إحراجاً أمام بيئته بعدم الجدوى من انخراطه في إسناد غزة، وما ترتب عليه من أكلاف باهظة كان في غنى عنها.

«فيتوات» متبادلة بين إسرائيل والحزب

لكن صدور النداء الأميركي - الفرنسي بصيغته الراهنة قوبل بتبادل «الفيتوات» بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي يتمسك بتطبيق التلازم بوقف إطلاق النار على جبهتي غزة والجنوب، بخلاف نتنياهو المعترض عليه، وهذا ينسجم مع ما طرحه الوسيط الأميركي، أموس هوكستين، في مفاوضاته مع رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بتفويض من قيادة «حزب الله» لتهدئة الوضع جنوباً ونزع فتيل التفجير ومنع توسعة الحرب.

وكان الرئيس بري يعد العدّة لاستئناف التفاوض مع هوكستين لاستكمال البحث بينهما في الورقة التي أعدها الأخير لتهدئة الوضع جنوباً، للبدء بالتفاوض غير المباشر والتوصل إلى وقف إطلاق النار على قاعدة تهيئة الأجواء لتطبيق القرار رقم (1701) كونه الناظم الدولي لتحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل.

لكن الرئيس بري، الذي كان قد تواصل مع هوكستين فور صدور النداء، فوجئ، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، بمبادرة نتنياهو إلى سحب تأييده له باعتراضه على التلازم بتطبيق وقف إطلاق النار على الجبهتين الغزاوية والجنوبية، ومطالبته بعدم الربط بينهما بذريعة أنه يشكل انحيازاً لوجهة نظر «حزب الله» بإسناده لـ«حماس».

انقلب نتنياهو فألغى هوكستين زيارته

ويؤكد المصدر النيابي أن هوكستين كان يتحضر للعودة إلى بيروت لمواصلة البحث في الورقة التي أعدها لتطبيق القرار رقم (1701)، وسبق لبري أن سجّل ملاحظاته على بعض بنودها، لكنه عدل عن المجيء، بعد أن انقلب نتنياهو على موافقته المبدئية على ما ورد في النداء الذي يحظى أيضاً بتأييد إيران، انسجاماً مع توافقها والولايات المتحدة على استيعاب التأزم لمنع توسعة الحرب في الإقليم.

وينفي المصدر نفسه كل ما أُشيع عن أن هوكستين بحث في اتصاله ببري وجوب انسحاب الحزب إلى ما وراء جنوب الليطاني، ويقول إن الاتصال بينهما بقي في العموميات، ولم يتطرقا إلى أي تفصيل يتعلق بالورقة، طالما أن للبحث بينهما صلة.

ويبقى السؤال: هل ينجح الرئيس الأميركي جو بايدن في إقناع نتنياهو بتعديل موقفه بما يسمح بتعبيد الطريق لتنفيذ ما ورد في النداء؟ أم أن محاولته، وقد تكون الأخيرة، لن تلقى التجاوب المطلوب؟ وهذا ما يفتح الباب لسؤال آخر: كيف سيتصرف «حزب الله» في حال أصر نتنياهو على المضي في اجتياحه الجوي للبلدات الجنوبية والبقاعية، وفي اغتياله لأبرز قياداته وكوادره العسكرية؟

فلدى الحزب، كما تقول أوساط مقربة منه، القدرات العسكرية والقتالية للتعويض عن تراجع حدة المواجهة في القطاع، كما يشيعه بعضهم، وتقول إنه جاهز لمواجهة كل الاحتمالات، وسيمضي في دفاعه عن النفس ضد العدوان الإسرائيلي، ولن يرضخ لضغوط نتنياهو النارية باستهدافه المدنيين من دون أن يستدرج لتوسيع الحرب، مع احتفاظه بحق الرد على تجاوز نتنياهو الخطوط الحمر باغتياله لأبرز قيادات الحزب العسكرية والميدانية.

مخزون «حزب الله» الصاروخي

لكن الأوساط نفسها لا تعلق على ما يتردد بأن القتال في غزة بدأ ينحسر، وأن القطاع تحوّل إلى جبهة مساندة، ما يجعل الحزب منفرداً في حربه مع إسرائيل، وأنه أصبح يختصر بنفسه وحدة الساحات بتراجع منسوب الانشغال الذي تتولاه أذرع محور الممانعة في المنطقة، كما تفضّل عدم التعليق على تحليلات سياسية تتحدث عن التفاوض بين طهران وواشنطن، وتتهم إيران بترك الحزب وحيداً، وتحمله القسط الأكبر في المواجهة، بذريعة أن لديها حسابات وأوراق سياسية لا تريد التصرف بها في غير أوانها، وتحتفظ بها لتحسين شروطها في المفاوضات.

وتؤكد هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» أن لدى الحزب مخزوناً صاروخياً، يعود له وحده استخدام الصواريخ الدقيقة منه في الوقت المناسب، وتقول إن استخدامه لصاروخ من نوع «قادر-1» لن يكون الأول والأخير، وأريد منه تمرير رسالة يجب أن يأخذها العدو على محمل الجد، بأن الحزب قادر على تجاوز ما بعد حيفا باستهدافه مواقع إسرائيل العسكرية والمخابراتية، وهذا ما أصاب إحدى قياداته الواقعة على تخوم تل أبيب.

متى تتدخل إيران؟

لذلك، هل يبقى الحزب وحيداً في المواجهة لتراجع وحدة الساحات كما يقول خصومه في الداخل والخارج؟ أم أنه لا يزال يراهن، تبعاً لحساباته، على تدخل إيران في الوقت المناسب في حال تمادت إسرائيل في عدوانها بما ينذر باندلاع حرب شاملة؟ وهذا ما أكده وزير خارجيتها عباس عرقجي بقوله إن بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال قيام إسرائيل بتوسيع الحرب لتشمل الإقليم، مع أن طهران تتمهل لأسباب خاصة بها في الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، في عقر دار الحرس الثوري.

في المقابل فإن تل أبيب تواصل اجتياحها الجوي لتفريغ البلدات الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية لبيروت من سكانها، كونها مدرجة على بنك أهدافها، بغية تكبير أزمة النزوح بما يشكل إحراجاً للحزب أمام بيئته الحاضنة، والتحريض عليه بذريعة عدم قدرته على توفير الاحتياجات الضرورية لمئات الألوف من النازحين، في ظل عدم استطاعة الدولة على تلبيتها كما يجب، وهذا ما يفسر إصرار إسرائيل على تحييد الطرقات الدولية والفرعية المؤدية إلى هذه القرى لتسهيل عملية النزوح منها.