معطرات الجو قد تتسبب في مشاكل صحية خطيرة

استخدام معطرات الجو في الأماكن المغلقة يمكن أن يؤثر بشكل كبير على جودة الهواء (رويترز)
استخدام معطرات الجو في الأماكن المغلقة يمكن أن يؤثر بشكل كبير على جودة الهواء (رويترز)
TT

معطرات الجو قد تتسبب في مشاكل صحية خطيرة

استخدام معطرات الجو في الأماكن المغلقة يمكن أن يؤثر بشكل كبير على جودة الهواء (رويترز)
استخدام معطرات الجو في الأماكن المغلقة يمكن أن يؤثر بشكل كبير على جودة الهواء (رويترز)

كشفت دراسة جديدة أن استخدام معطرات الجو في المنزل وغيره من الأماكن المغلقة يمكن أن يؤثر بشكل كبير على جودة الهواء، مما يؤدي إلى مجموعة من المشاكل الصحية المحتملة.
وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، يستنشق الشخص العادي ما يصل إلى 20 ألف لتر من الهواء يومياً، ويقضي الأشخاص في البلدان المرتفعة والمتوسطة الدخل نحو 90 في المائة من وقتهم في الأماكن المغلقة، والتي عادة ما تكون مستويات ملوثات الهواء فيها أعلى بثلاث مرات من الخارج، وفقاً للدراسة التي أجراها باحثون في وكالة حماية البيئة الأميركية (EPA).
ويمكن أن تكون مصادر التلوث الداخلي كثيرة، ومن بينها الطهي والتدخين ومنتجات التنظيف بالإضافة إلى المنتجات التي نستخدمها لإزالة الروائح الكريهة من الجو في المنزل أو العمل، مثل الشموع أو البخاخات المطرة.

وقال فريق الدراسة إن هذه المعطرات تطلق مزيجاً من المواد الكيميائية، ومن المحتمل أن تخفض جودة الهواء الداخلي وتؤدي إلى مخاطر تتعلق بصحتنا ورفاهيتنا، حيث تسبب أعراضاً مثل تهيج العين ومشاكل في الجهاز التنفسي والصداع، وحتى السرطان.
وكتب الباحثون في دراستهم: «هناك أكثر من 100 مادة كيميائية مختلفة تنبعث من معطرات الجو، بما في ذلك المركبات العضوية المتطايرة (VOCs). وهذه المواد تتفاعل مع الأوزون وغيره من المؤكسدات الداخلية لتوليد مجموعة من منتجات الأكسدة، والتي من المحتمل أن تكون جزيئات سامة».
وأضافوا: «يمكن أن تولد العطور والأوزون أيضاً ملوثات مثل الفورمالديهايد والأسيتالديهيد، وهي ملوثات مصنفة على أنها سامة ومسرطنة من قبل وكالات مثل وكالة حماية البيئة».
ولفت الفريق إلى أن هذه النتائج لا تعني أنه يجب على الأشخاص إلقاء الشموع والبخاخات المعطرة في سلة المهملات، ولكنها تؤكد على ضرورة استخدامها باعتدال، مؤكدين أن مستوى التعرض لها ومدى تركيز المواد الكيميائية الضارة بها يحددان تأثيرها السمي المحتمل على الجسم.



«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
TT

«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)

استقبل مسرح «الطليعة» في مصر أحد العروض الشهيرة للكاتب الآيرلندي الراحل صمويل بيكيت (1906- 1989)، «لعبة النهاية»، الذي رغم احتفاظه بالروح الأصلية للعمل الشهير المنسوب إلى مسرح العبث، فقد شكَّل إضاءة على مشاعر الاغتراب في الواقع المعاصر. وهو عرضٌ اختتم مشاركته في مهرجان «أيام قرطاج المسرحي» ليُتاح للجمهور المصري في المسرح الكائن بمنطقة «العتبة» وسط القاهرة حتى بداية الأسبوع المقبل.

على مدار 50 دقيقة، يحضر الأبطال الـ4 على المسرح الذي يُوحي بأنه غُرفة منسيّة وموحشة، فيتوسّط البطل «هام» (محمود زكي) الخشبة جالساً على كرسيّه المتحرّك بعينين منطفئتين، في حين يساعده خادمه «كلوف» ويُمعن في طاعته والإصغاء إلى طلباته وتساؤلاته الغريبة التي يغلُب عليها الطابع الساخر والعبثيّ المُتكرّر عبر سنوات بين هذا السيّد والخادم.

يَظهر والد «هام» ووالدته داخل براميل قديمة وصدئة، ويجلسان طوال العرض بداخلها، ولا يخرجان إلا عندما يستدعيهما الابن الذي صار عجوزاً، فيسألهما أسئلة عبثية لا تخلو من تفاصيل عجيبة، ويخاطبهما كأنهما طفلين يُغريهما بالحلوى، في حين يبادلانه أحاديث تمتزج بالذكريات والجنون، ليبدو كأنهما خارج العالم المادي؛ محض أرواح مُحتضرة تُشارك «هام» هلوساته داخل تلك الغرفة.

الأب يؤدي دوره من داخل أحد البراميل (مسرح الطليعة)

في المعالجة التي يقدّمها العرض، يحتفظ المخرج المصري السيد قابيل بأسماء الأبطال الأجنبية التي كتبها صمويل بيكيت من دون منحها أسماء محلّية. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «قدَّم المسرح المصري هذه المسرحية قبل 60 عاماً تقريباً في عرض للفنان الكبير الراحل سعد أردش، لكنه كان باللغة العربية الفصحى. اليوم، عالجتُ النص وأقدّمه بالعامية المصرية. احتفظت بالأسماء الأصلية للأبطال وهوياتهم، وكذلك بروح العمل وتفاصيل الحوار فيه، خصوصاً أنّ لهذا العرض الذي ينتمي إلى مسرح العبث فلسفته التي تمسّكتُ بها ضمن قالب جديد».

يؤدّي دور الخادم «كلوف» الفنان المصري محمد صلاح الذي اعتمد جزءٌ كبير من أدائه على الإفراط بحركات سير متعرّجة في محاولاته المُتسارعة لتلبية طلبات سيّده الأعمى، إذ يبدو كأنه في مَهمّات لا نهائية، منها ترتيب البيت الخالي بشكل فانتازي. بالإضافة إلى تردّده الدائم على نافذة الغرفة التي يظّل سيّده يطلب منه وصف ما يدور خارجها، فيصف له الضوء والبحر اللذين لا يدرك إذا كانا موجودَيْن بالفعل أم محض خيال.

على مدار العرض، يظلُّ الخادم يسأل: «لماذا أطيعك في كل شيء؟»، و«متى جئتُ إلى هذا البيت لخدمتك؟»، فيكتشف أنه قضى عمره داخل جدرانه المخيفة، فيقرّر في خطوة خلاص مغادرة خدمة سيّده، فتكون لحظة فتحه باب البيت هي عينها لحظة نهاية اللعبة، حتى وإنْ ظلّ واقفاً أمامه، متوجّساً من الخروج إلى العالم الحقيقي ومواجهة المجهول. لحظة تحدّيه سيطرة سيّده «هام» سرعان ما تبدو كأنها لا تختلف عن «الفراغ» الذي أمامه، بما يعكس فلسفة صمويل بيكيت عن سخرية الحياة، حيث لا يبدو الهروب من عبثها ممكناً أبداً.

الأب والأم في أحد مَشاهد المسرحية (مسرح الطليعة)

يشير مخرج العرض السيد قابيل إلى أنّ «للقضية التي تطرحها المسرحية صيغة إنسانية عابرة للمكان والزمان، وتصلُح لتقديمها في أي وقت؛ وإنْ كُتب النصّ الأصلي لبيكيت في الخمسينات. فكثير من نصوص شكسبير، والنصوص اليونانية القديمة العائدة إلى ما قبل الميلاد، لا تزال قابلة لإعادة تقديمها، وصالحة لطرح أسئلة على جمهور اليوم. وفي هذا العرض أدخلنا بعض الإضافات على الإضاءة والموسيقى للتعبير بصورة أكبر عن دراما الأبطال، ومساعدة المتلقّي على مزيد من التفاعُل».

الفنان محمود زكي في مشهد من العرض (مسرح الطليعة)

وعكست ملابس الممثلين الرثّة حالة السواد التي تطغى على عالمهم، في حين وُظّفت الإضاءة في لحظات المُكاشفة الذاتية التي تتوسَّط سيل الحوارات الغارقة في السخرية والتكرار العدميّ والخضوع التام. فإذا كان السيّد الأعمى والمشلول يعتمد على خادمه في مواصلة لعبة عبثية يتسلّى بها في عزلته، فإنّ الخادم يظلُّ غير قادر على تصوُّر الحياة بعيداً عن قواعد تلك «اللعبة».