الحوثيون يوسعون جباياتهم في الرئة التجارية لمحافظة تعز

الميليشيات عينت مشرفين جدداً وضاعفت رسوم مرور البضائع

مساعدات قدمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر لنازحين يمنيين في منطقة الحوبان شرق تعز (اللجنة الدولية للصليب الأحمر)
مساعدات قدمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر لنازحين يمنيين في منطقة الحوبان شرق تعز (اللجنة الدولية للصليب الأحمر)
TT

الحوثيون يوسعون جباياتهم في الرئة التجارية لمحافظة تعز

مساعدات قدمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر لنازحين يمنيين في منطقة الحوبان شرق تعز (اللجنة الدولية للصليب الأحمر)
مساعدات قدمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر لنازحين يمنيين في منطقة الحوبان شرق تعز (اللجنة الدولية للصليب الأحمر)

شهدت منطقة الحوبان الواقعة شرق مدينة تعز، زيادة كبيرة في الجبايات التي تفرضها الميليشيات الحوثية على مختلف الأنشطة التجارية؛ إذ أعاد مشرفوها أخيراً تشغيل الميزان المحوري للشاحنات في المنطقة المتوقف منذ سنوات، بغرض فرض رسوم جديدة على البضائع المنقولة؛ إذ باتت المنطقة أحد أهم مصادر الثراء والنفوذ الاقتصادي للجماعة الانقلابية.
ويُعدّ الغرض من إنشاء الموازين المحورية، أو ما يُعرف بمحطات مراقبة الوزن، للحد من الحمولات الزائدة التي تؤثر على سلامة الطرقات وتؤدي إلى إحداث أضرار بالغة بمنشآتها من أنفاق وجسور، إلا أن جماعة الحوثي تهدف من وراء إنشاء موازين محورية، وتشغيل المتوقفة، إلى الحصول على مصدر جديد للإيرادات.
وذكرت مصادر مطلعة في منطقة الحوبان، أن الميليشيات فرضت مبلغ 50 ألف ريال (الدولار يساوي 560 ريالاً) كحدٍّ أدنى عن كل شاحنة تمر على الميزان، وهي رسوم تضاف إلى ما يجري فرضه على البضائع في أثناء خروجها من المخازن والمصانع، وتسبق رسوماً أخرى يتم جبايتها في نقاط التفتيش ومنافذ المدن والمحافظات، خصوصاً المنافذ التي تقع على خطوط التماس مع المناطق المحررة.
الحوبان، وهي الضاحية الشرقية لمدينة تعز الواقعة على بعد 256 كيلومتراً عن العاصمة صنعاء، تُعد إحدى أهم مناطق البلاد اقتصادياً؛ إذ يجري فيها عدد كبير من الأنشطة التجارية، وتُعد المقر الرئيس لأكبر مجموعة تجارية في البلاد، وفيها أهم مصانعها وشركاتها، وتفوق مساحتها مساحة المدينة بكثير، وشهدت، قبل الانقلاب الحوثي، نشاطاً عمرانياً مكثفاً.
- تمييز مناطقي بين القيادات
نظراً لفشل الميليشيات الحوثية في اقتحام مدينة تعز منذ بدء حملتها عليها قبل 8 سنوات؛ فقد اتخذت من ضاحية الحوبان مقراً لها لإدارة عملياتها في حصار مدينة تعز، ومحطة لتحركاتها في المحافظات المحررة جنوباً، خصوصاً مع ما تحظى به الحوبان من أهمية استراتيجية إلى جانب أهميتها الاقتصادية.
وتتفرع من الحوبان الطرق القادمة من مدينة تعز، شمالاً باتجاه العاصمة صنعاء، مروراً بمحافظتي إب وذمار، وجنوباً باتجاه مدينة عدن الساحلية الجنوبية التي تضم أكبر موانئ البلاد، مروراً بمحافظة لحج.
ويتهم التجار في منطقة الحوبان ميليشيات الحوثي بالتحكم في الحركة التجارية في أسواق المنطقة، وتجيير أنشطتها التجارية لصالحها، وذلك من خلال أفرادها الذين ينتشرون في أسواق المنطقة لمراقبة حركة تنقل البضائع بين أسواق الحوبان وأسواق المناطق المجاورة، مثل دمنة خدير والراهدة وماوية.
وتؤكد مصادر محلية في الحوبان، أن الميليشيات الحوثية عينت أخيراً مشرفاً جديداً بصلاحيات واسعة للسيطرة على الموارد المحلية، وذلك بسبب تراجع ثقتها بالقيادي صلاح بجاش الذي عينته محافظاً انقلابياً لتعز، وشكوكها بأن ممارساته تخدم مصالحه الشخصية أكثر مما تخدم مصالح الميليشيات.
ووفقاً للمصادر؛ فإن قيادة الميليشيات أبقت على بجاش في منصبه بحكم انتمائه للمحافظة، إلا أنها سلبته غالبية صلاحياته لصالح عدد من المشرفين، بينهم عبد المجيد النواري المنتمي إلى محافظة صعدة، حيث معقلها الرئيسي، الذي مكنته منذ سبتمبر (أيلول) الماضي من إعادة تنظيم عمليات الجباية، وزيادة أفراد الميليشيات الذين يقومون بمراقبة الأسواق وفرض الجبايات.
ويقدر مراقبون محليون في المنطقة الجبايات التي يجري تحصيلها لصالح النواري من الأسواق بصورة مباشرة، بأكثر من 3 ملايين ريال يومياً يتم تحصيلها دون سندات، إلى جانب 7 ملايين ريال تعمل الميليشيات على تحصيلها تحت اسم ضرائب «القات» (نبتة مخدرة يمضغها اليمنيون على نطاق واسع).
ويحصل النواري على مصاريف شخصية تقدر بنصف مليون ريال يومياً من إيرادات الجبايات في منطقة الحوبان، وهو نفس المبلغ الذي كان يتحصل عليه بجاش الذي يحمل صفة المحافظ، إلا أن المصادر المحلية في المنطقة أفادت بأن بجاش ما زال يتحصل على نفس المبلغ، وذلك لإرضائه بعد سحب صلاحياته، وتحسباً لأي رد فعل ينتج عنه تحريض أهالي المحافظة ضد الميليشيات.
- خسائر حكومية
يذكر أحد التجار لـ«الشرق الأوسط»، أن الجبايات تتم غالباً بشكل عشوائي وبتقديرات شخصية من أفراد الميليشيات، إلا أن هناك بضائع معينة تم الاتفاق بين هؤلاء الأفراد على توحيد المبالغ التي يتم جبايتها عنها، فمثلاً يتم فرض 3 آلاف ريال عن كل صندوق سجائر، وألف ريال عن كل صندوق ماء، وذلك نظراً لرواج هذه البضائع أكثر من غيرها.
ويقدر أحد المستشارين العاملين لدى مجموعة شركات «هائل سعيد أنعم التجارية»، الجبايات التي تحصلها الميليشيات الحوثية من المجموعة بـ60 مليون ريال شهرياً كضرائب، في حين تزيد الجبايات الأخرى على ذلك المبلغ بكثير، لكونها غير خاضعة لأي معايير، ويتم فرضها بصفة عشوائية وغير منتظمة.
وهذه المبالغ يمكن احتسابها كخسائر تتكبدها الحكومة اليمنية، كما يقول المستشار الذي طلب التحفظ على بياناته، نظراً لحساسية موقعه، وهو ما يفسر رفض الميليشيات الحوثية فك الحصار عن مدينة تعز، وتمسكها بالسيطرة على ضاحية الحوبان، إضافةً إلى أن استمرار التحكم بالسيطرة على الطرق المؤدية إلى المناطق المحررة، يمنح الميليشيات ميزة التحكم بالسلع، وبفارق صرف العملات عن تلك المناطق.
- الدفع أو الموت
وقتلت الميليشيات الحوثية أوائل أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في منطقة نقيل الإبل القريبة من الحوبان، الشاب بشار البعداني، وهو ابن أحد رجال الأعمال، بعد مطاردته في الطريق العام وإطلاق النار عليه، بسبب رفضه دفع المبالغ التي فرضتها على والده، ورفض هو دفعها قبل أسابيع من مقتله.
ولدى رجل الأعمال محمد البعداني، والد الشاب القتيل بشار، أنشطة تجارية متعددة، كما يعمل وكيلاً لمجموعة «هائل سعيد التجارية» في منطقة الحوبان، ووفقاً لما تناقله الأهالي في محافظتي تعز وإب؛ فإن الميليشيات هددته قبل مقتل ابنه بأسبوع، بأن عقوبة رفض دفع المبالغ المطلوبة منه ستصل إليه قريباً. وهذه الجريمة ليست الوحيدة في منطقة الحوبان؛ إذ ترتكب الميليشيات الحوثية الكثير من الانتهاكات بحق الأهالي، خصوصاً التجار وملاك المحلات التجارية والعقارات، بسبب خلافاتها معهم على الجبايات والإتاوات، في حين يجري تمييع جرائم القتل من خلال أجهزة الأمن والمحاكم التي تسيطر عليها الميليشيات.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من المناطق الجنوبية قبل انتشار الجيش اللبناني، وذلك غداة إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأضاف هوكستين في تصريحات تلفزيونية لوسائل إعلام لبنانية: «(حزب الله) انتهك القرار 1701 لأكثر من عقدين وإذا انتهك القرارات مجدداً سنضع الآليات اللازمة لذلك».

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دخل حيّز التنفيذ في الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلّي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتفاق سيسمح لبلاده التي ستحتفظ «بحرية التحرّك» في لبنان، وفق قوله، بـ«التركيز على التهديد الإيراني»، وبـ«عزل» حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اتفاق وقف النار في لبنان يجب أن «يفتح الطريق أمام وقف للنار طال انتظاره» في غزة.

وأعلن الجيش اللبناني، اليوم، أنه بدأ نقل وحدات عسكرية إلى قطاع جنوب الليطاني، ليباشر تعزيز انتشاره في القطاع، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي بدأ سريانه منذ ساعات.

وقال الجيش في بيان إن ذلك يأتي «استناداً إلى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة، والالتزامات ذات الصلة، لا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وأضاف أن الوحدات العسكرية المعنية «تجري عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني؛ حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها».

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعلن في وقت سابق أن لبنان سيعزز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ميقاتي بعد جلسة حكومية إن مجلس الوزراء أكّد الالتزام بقراره «رقم واحد، تاريخ 11/10/2014، في شقه المتعلق بالتزام الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701... بمندرجاته كافة لا سيما فيما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وطالب في الوقت نفسه «بالتزام العدو الإسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها، تنفيذا للقرار 1701 كاملا».

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006.

وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.وأعرب ميقاتي في الوقت نفسه عن أمله بأن تكون الهدنة «صفحة جديدة في لبنان... تؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية» بعد عامين من شغور المنصب في ظلّ الخلافات السياسية الحادة بين «حزب الله» حليف إيران، وخصومه السياسيين.

من جهته، دعا رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري النازحين جراء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، للعودة إلى مناطقهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال في كلمة متلفزة «أدعوكم للعودة إلى مسقط رؤوسكم الشامخة... عودوا إلى أرضكم التي لا يمكن أن تزداد شموخاً ومنعة إلا بحضوركم وعودتكم إليها».ودعا كذلك إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية» بعد عامين من شغور المنصب.

ومن المنتظر أن تتولى الولايات المتحدة وفرنسا فضلاً عن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقال هوكستين إن بلاده ستدعم الجيش اللبناني الذي سينتشر في المنطقة. وأكد: «سندعم الجيش اللبناني بشكل أوسع، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر له، وسنعمل مع المجتمع الدولي جنبا إلى جنب».