عودة المواجهات إلى كييف.. وسقوط تسعة قتلى

البيت الأبيض يدعو يانوكوفيتش لوقف العنف.. وموسكو تحمل الغرب مسؤولية الأزمة

نيران مشتعلة وسط قوات مكافحة الشغب إثر قنابل مولوتوف أطلقها متظاهرون في كييف أمس (رويترز)
نيران مشتعلة وسط قوات مكافحة الشغب إثر قنابل مولوتوف أطلقها متظاهرون في كييف أمس (رويترز)
TT

عودة المواجهات إلى كييف.. وسقوط تسعة قتلى

نيران مشتعلة وسط قوات مكافحة الشغب إثر قنابل مولوتوف أطلقها متظاهرون في كييف أمس (رويترز)
نيران مشتعلة وسط قوات مكافحة الشغب إثر قنابل مولوتوف أطلقها متظاهرون في كييف أمس (رويترز)

اندلعت مواجهات عنيفة مجددا أمس في كييف بين معارضين للرئيس فيكتور يانوكوفيتش وعناصر الشرطة مما أدى إلى سقوط تسعة قتلى على الأقل بينهما شرطيان، فيما أمهلت قوات الشرطة المعارضة ساعتين لإعادة الهدوء تحت طائلة التدخل واتخاذ تدابير حازمة.
وقالت وزارة الداخلية والقوات الخاصة في إعلان مشترك «نحذر الرؤوس الساخنة في أوساط المعارضة: لدى السلطات الوسائل لفرض النظام. سنضطر إلى اتخاذ التدابير الأكثر حزما إذا لم تتوقف الاضطرابات بحلول الساعة السادسة مساء» (أمس). ومع انتهاء مدة الإنذار، طلب أحد قادة المعارضة فيتالي كليتشكو من «النساء والأطفال» مغادرة «ميدان»، مضيفا «أمام المتظاهرين المحتشدين في الساحة المركزية في كييف لا نستطيع إبعاد هجوم لقوات الأمن».
وفي الوقت نفسه أوقفت السلطات كافة خطوط المترو في كييف وتقدمت شرطة مكافحة الشغب باتجاه ساحة ميدان وسط كييف التي يحتلها المعارضون منذ ثلاثة أشهر ويقيمون فيها الحواجز. وتحدثت وكالات الأنباء عن انتشار شرطة مكافحة الشغب في الشوارع المحيطة بالساحة حيث كان المتظاهرون يقيمون المتاريس والحواجز ويقتلعون حجارة الأرصفة. وقالت متحدثة باسم الشرطة الأوكرانية، إن «تسعة أشخاص قتلوا أثناء الاشتباكات بينهم سبعة مدنيين وشرطيان». وبحسب حزب «المناطق» بزعامة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش فإنه عثر على جثة أحد الموظفين في مقر الحزب الذي اقتحمه المتظاهرون وسيطروا عليه لفترة وجيزة. وقال طبيب في المستشفى الميداني الذي تديره المعارضة إن «معظم الجرحى أصيبوا جراء انفجار قنابل صوتية، وإن 30 من الجرحى حالتهم خطرة بسبب إصابات في الرأس. وهناك شخص واحد بترت يده». وأضاف أن «ما لا يقل عن 150 متظاهرا أصيبوا أيضا بجروح أمس، 30 منهم إصاباتهم خطرة»، مشيرا إلى أن أحدهم بترت يده لدى التقاطه قنبلة صوتية.
وتأتي أعمال العنف بعد أسابيع من الهدوء وفي حين توعدت المعارضة بـ«هجوم سلمي» للضغط على النواب، فجمعت أكثر من 20 ألف شخص لمسيرة سرعان ما تفاقم الوضع خلالها. واستخدمت قوات الأمن التي تقوم بحراسة المنافذ إلى البرلمان الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية كما أطلقت الرصاص المطاطي على المتظاهرين بعد أن ألقى الأخيرون الحجارة وقنابل المولوتوف.
ودانت روسيا على الفور تجدد أعمال العنف في أوكرانيا واعتبرته «نتيجة» سياسة الغربيين. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان «ما يحصل حاليا هو النتيجة المباشرة للسياسة التي ينتهجها سياسيون غربيون ومؤسسات أوروبية تغض منذ بداية الأزمة، الطرف عن الأعمال العدوانية التي تقوم بها قوى متطرفة في أوكرانيا، وتشجع بالواقع التصعيد والاستفزاز حيال السلطة الشرعية».
ودعا البيت الأبيض أمس الرئيس الأوكراني إلى وضع حد لتصعيد العنف الحالي في كييف محذرا من أن استخدام القوة «لن يحل الأزمة». وقالت لورا لوكاس ماغنوسون المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي إننا «قلقون من أعمال العنف الحالية في وسط مدينة كييف» ودعت الرئيس الأوكراني إلى «وضع حد للمواجهات» واستئناف الحوار مع المعارضة. وفي برلين، دعا وزير الخارجية الألماني فرنك فالتر شتاينماير أمس إلى إنهاء العنف، كما دعا «الأطراف في أوكرانيا إلى السعي إلى حل سياسي عبر سبل الحوار». وبدورها، دانت المنسقة العليا للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون «استعمال العنف» وعبرت عن قلقها الشديد من التصعيد داعية السلطات إلى «التركيز على جذور الأزمة». وكرر رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك مساعدته لإيجاد تسوية في أوكرانيا «لأن أي حرب أهلية على نطاق ضيق أو واسع لن يصب بكل تأكيد في مصلحة أوكرانيا والأمن والاستقرار في المنطقة». ومن ناحيته، أعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي آندريه فوغ راسموسن عن «قلقه الشديد حيال عودة العنف» داعيا «جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي عمل عنيف واستئناف الحوار من دون تأخير».
وتتهم المعارضة السلطات الأوكرانية بالرضوخ لضغوط موسكو منذ أن عدل يانوكوفيتش في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن التوقيع على اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي. ومنحت روسيا كييف في ديسمبر (كانون الأول) قرضا بقيمة 15 مليار دولار، دفع منه ثلاثة مليارات مع حسم كبير في سعر الغاز. ومن المفترض أن تدفع موسكو «هذا الأسبوع» شريحة جديدة من ملياري دولار إلى أوكرانيا التي تنقصها السيولة وعلى شفير التوقف عن السداد. لكن المعارضة تبدو على عجلة من أمرها فيما المفاوضات مع السلطة تراوح مكانها رغم استقالة الحكومة أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي. وطالب أحد قادة المعارضة فيتالي كليتشكو مجددا بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة لدى الإعلان عن أعمال عنف جديدة.



بوتين يهنئ ترمب ويؤكد تطلعه إلى «سلام دائم» في أوكرانيا

الرئيسان بوتين وترمب خلال اجتماعهما على هامش قمة مجموعة العشرين في هامبورغ في 7 يوليو 2017 (أ.ب)
الرئيسان بوتين وترمب خلال اجتماعهما على هامش قمة مجموعة العشرين في هامبورغ في 7 يوليو 2017 (أ.ب)
TT

بوتين يهنئ ترمب ويؤكد تطلعه إلى «سلام دائم» في أوكرانيا

الرئيسان بوتين وترمب خلال اجتماعهما على هامش قمة مجموعة العشرين في هامبورغ في 7 يوليو 2017 (أ.ب)
الرئيسان بوتين وترمب خلال اجتماعهما على هامش قمة مجموعة العشرين في هامبورغ في 7 يوليو 2017 (أ.ب)

هنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الأميركي دونالد ترمب بمناسبة توليه مهامه الاثنين، وأعرب عن استعداده للحوار مع الإدارة الأميركية الجديدة، للتوصل إلى سلام دائم في أوكرانيا ينهي جذور الأزمة ويراعي مصالح كل شعوب المنطقة.

وعلى الرغم من أن استطلاعات حديثة للرأي أظهرت ضعف ثقة الروس بقدرة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي تولى مهامه الاثنين على تنفيذ وعوده الانتخابية بالتوصل إلى تسوية نهائية للصراع في أوكرانيا، فإن بوتين تعمد توجيه رسائل إيجابية حول انفتاحه على الحوار مع إدارة ترمب، وحدد رؤيته لشروط إنجاح جهود التسوية في أوكرانيا.

وتعمد بوتين حتى قبل انتهاء مراسم أداء اليمين الدستورية في واشنطن توجيه تهنئة للرئيس الجديد. وقال خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي الروسي إنه يهنئ نظيره الأميركي دونالد ترمب بمناسبة تنصيبه رئيسا، ويؤكد على انفتاح موسكو على الحوار مع الإدارة الأميركية الجديدة بشأن أوكرانيا.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى ترؤسه اجتماعاً لمجلس الأمن القومي عبر الفيديو الاثنين (إ.ب.أ)

«إزالة الأسباب الجذرية للأزمة»

وشدد بوتين على أن بلاده «لم ترفض الحوار مطلقا، وكنا دوما على استعداد للحفاظ على علاقات تعاون سلسة ومرنة مع أي إدارة أميركية. وقد تحدثت عن هذا الأمر مرارا». وزاد: «نحن منفتحون على الحوار، ولكن الأمر الأكثر أهمية هو إزالة الأسباب الجذرية للأزمة، والتي تحدثنا عنها عدة مرات، هذا هو الشيء الأكثر أهمية». وأشاد بوتين بالإشارات التي صدرت عن ترمب وأركان إدارته حول الحوار مع موسكو، وأضاف: «تابعنا تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب وأعضاء فريقه حول الرغبة في استعادة الاتصالات المباشرة مع روسيا، والتي قطعتها الإدارة المنتهية ولايتها، من دون أي خطأ من جانبنا. كما نسمع تصريحاته حول الحاجة إلى بذل كل ما في وسعه لمنع اندلاع حرب عالمية ثالثة». وقال أيضاً: «نرحب بالطبع بهذه التصريحات أعلنا سابقا أننا نسعى إلى علاقات سلسلة ومتوازنة مع الإدارة الأميركية». وتابع قائلا: «ننطلق من حقيقة أن الحوار سيتم على أساس المساواة والاحترام المتبادل، مع الأخذ في الاعتبار الدور المهم الذي يلعبه بلدانا في عدد من القضايا الرئيسية المدرجة على الأجندة الدولية، بما في ذلك تعزيز الاستقرار الاستراتيجي والأمن».

«سلام طويل الأمد»

ورأى الرئيس الروسي أن «السلام في أوكرانيا يجب أن يرتكز على احترام المصالح المشروعة لشعوب المنطقة، وهدف التسوية الأوكرانية يجب ألا يكون هدنة قصيرة، بل سلام طويل الأمد». وأوضح بوتين أن «الهدف لا ينبغي أن يكون مجرد هدنة قصيرة، ولا نوعا من الاستراحة لإعادة تجميع القوات وإعادة التسلح بهدف مواصلة الصراع لاحقا، بل ينبغي أن يكون سلاما طويل الأمد، يقوم على احترام المصالح المشروعة لجميع الناس، جميع الشعوب التي تعيش في هذه المنطقة».

وأشار بوتين، في الوقت ذاته، إلى أن روسيا «ستقاتل من أجل مصالح شعبها»، مشدداً على أن «هذا في الواقع هو الغرض والمعنى من إطلاق العملية العسكرية الخاصة».

وامتدح بوتين الرئيس الأميركي العائد وقال إنه «أظهر شجاعة وحقق فوزا ساحقا في الانتخابات»، مشيرا إلى أن «فترة ما قبل الانتخابات كانت صعبة على ترمب من جميع النواحي، وكان تحت ضغط شديد، لكنه أظهر شجاعة كبيرة».

تشكيك روسي في تحقيق السلام

في غضون ذلك، أظهر استطلاع حديث أجراه المركز الروسي لأبحاث الرأي العام أن 51 في المائة من الروس يشككون في قدرة ترمب على تسوية النزاع في أوكرانيا خلال 6 أشهر، وفقا لوعود أطلقها سابقا. وأظهرت نتائج الاستطلاع أن 31 في المائة من الروس يعتقدون أن ترمب قادر على تحقيق ذلك، بينما وجد 18 في المائة صعوبة في الإجابة عن السؤال. وقال 22 في المائة من المستطلعة آراؤهم أن لديهم موقفا إيجابيا إلى حد ما تجاه ترمب، بينما عبر 11 في المائة عن موقف سلبي، في حين أبدى 61 في المائة عدم مبالاة تجاهه.

ويعتقد 35 في المائة من الروس وفقا للاستطلاع أن انتخاب ترمب قد يحسّن العلاقات الروسية الأميركية، بينما يرى 7 في المائة عكس ذلك، ويظن 45 في المائة أن العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة لن تتغير. أما بالنسبة لنفوذ الولايات المتحدة، فقد قال 41 في المائة إنه لن يتغير في عهد ترمب، بينما توقع 28 في المائة زيادة نفوذها، واعتقد 9 في المائة أن النفوذ الأميركي في العالم سوف يتراجع.