ويليام وهاري: الأخوّة التي صارت خصاماً

الأميران ويليام وهاري (رويترز)
الأميران ويليام وهاري (رويترز)
TT
20

ويليام وهاري: الأخوّة التي صارت خصاماً

الأميران ويليام وهاري (رويترز)
الأميران ويليام وهاري (رويترز)

في رسالة وجّهتها إلى أحد موظّفي القصر المقرّبين عام 1984، كتبت الأميرة ديانا: «يعشق ويليام شقيقه الصغير هاري، ولا يتوقف عن تقبيله. لا يسمح لأحد بالاقتراب منه». كانت قد مرّت أسابيع قليلة على ولادة هاري، وكان ويليام في سنته الثانية، عندما خطّت ديانا تلك السطور. أميرة ويلز التي عملت مدرّسة للأطفال قبل زواجها بوليّ عهد بريطانيا آنذاك الأمير تشارلز، غمرت ولدَيها بالعاطفة والرعاية، منحتهما دفئاً يعوّض عن برودة القصور، ورافقتهما صغيرَين إلى صقيع شوارع لندن ليلاً ليبصرا المشرّدين ويتعلّما الإنسانية.
رغم الأزمات الزوجية المتعاقبة التي نخرت حياتها وبيتها، لم تهمل ديانا ولدَيها يوماً، أغدقت الحب عليهما راجيةً أن لا ينقطع بينهما حبل الأخوّة الجميلة. لم يخيّب الأميران الصغيران ظنّ والدتهما. كان ويليام العين الساهرة على شقيقه، ووجد هاري في أخيه الأكبر الصديق ورفيق اللعب والمشاغبات. أطلقا على بعضهما ألقاباً التصقت بهما؛ ويليام يناديه «هارولد»، وهاري يناديه «ويلي».
في هذه الأثناء، كان يتكرر لقبان آخران داخل أروقة باكينغهام. في أوساط القصر، عُرف ويليام وهاري بالـ«heir and spare»؛ أي «الوريث والاحتياطي» أو الإضافي. ربما ترددت هاتان الكلمتان على مسامع الصغيرَين، لكنهما كانا منشغلين بما يكفي بلعبة الغميضة وبزيارة إسطبلات الأحصنة، فلم يكترثا بالبحث عن المعاني المبطّنة آنذاك، لكن هاري عاد واختار لقبه «SPARE» عنواناً لكتاب مذكراته.


ويليام يساعد شقيقه هاري في المشي (Getty)
واكب البريطانيون والعالم باهتمام طفولة ويليام وهاري، فكان الرأي العام يترقّب صورهما ويلتمس اهتمام الأخ الأكبر بشقيقه؛ مرةً يساعده في أولى خطواته بالمشي، وفي صورة أخرى يرافقه إلى أول أيامه المدرسية. أما في لعبة الحرب فكان ويليام يتقمص دور الجندي، في حين يكتفي هاري بدور المساعد، وفقاً لما ترويه مدبّرة المنزل ويندي باري في إحدى المقابلات الصحافية.
يقول روبرت لايسي، في كتابه «معركة الإخوة» الصادر عام 2020، إن هاري أدرك منذ سن صغيرة أن أخاه مقدَّرٌ للعرش. يخبر كيف كانا يتجادلان في المقعد الخلفي للسيارة عام 1988، إذ قال هاري لويليام وسط ذهول ديانا: «أنت ستصبح ملكاً يوماً ما، أما أنا فلا، وسأستطيع أن أفعل ما أشاء».
بعيداً عن شجارات الطفولة وألعابها، لطالما تمسّك ويليام وهاري ببعضهما، فكان الواحد شراعاً بالنسبة للآخر وسط العواصف التي هبّت داخل منزل والدَيهما. رغم طباعهما المختلفة منذ الصغر، فإنهما استندا إلى بعضهما البعض عندما اشتدّ الخلاف بين تشارلز وديانا وانتهى بالطلاق، لكنّ العاصفة الكبرى التي قلبت طفولتهما رأساً على عقب كانت وفاة والدتهما التراجيدية.


الأميرة الراحلة ديانا تتوسط ولدَيها وليام وهاري (رويترز)
في مقابلة أُجريت معه عام 2018، أي قبل عامَين تقريباً على احتدام السجال بينه وبين شقيقه، قال الأمير ويليام إن فقدان والدتهما في عمر صغير ساعدهما على سلوك الدرب الصعب معاً. في ذلك اليوم من شهر سبتمبر (أيلول) 1997، مشى ويليام وهاري خلف نعش ديانا. ذرف العالم دمعةً على أميرة القلوب، ودمعةً أخرى على طفلَيها البالغَين آنذاك 13 و15 عاماً. قرّبت المصيبة أكثر بين الشقيقين، لكن كلاً منهما تعامل معها على طريقته، ففي وقتٍ دفن ويليام حزنه في الدراسة وأمضى ساعاتٍ إلى جانب جدته الملكة إليزابيث متأثراً بأعصابها الحديدية، تفتّتت معنويات هاري تحت ثقل الحزن.
شكّلت وفاة «اللايدي دي» المحطة الفاصلة التي أظهرت للعيان الاختلاف بين الأميرين الشقيقين. اختلافٌ لم يعنِ خلافاً؛ فكما أمسك بيده صغيراً، احتضن ويليام أخاه، غير أنه لم يتمكن من كبح تمرّده. أفرغ هاري حزنه على والدته خلال سنواته المدرسية في كلية «إيتون»، حيث ذاع صيته على أنه تلميذ كسول ومراهق يهوى السهر. في تلك الفترة تعاطى المخدرات وتهجّم على مصور صحافي وأهمل دراسته. في الموازاة كان شقيقه يتدرب في صفوف الجيش البريطاني، ويتابع دراسته الجامعية ويقوم بأعمال تطوّعية. وضع ويليام العرش والواجب الذي ينتظره نصب عينيه، في وقتٍ لم يرَ هاري سوى صورة والدته المحطمة.
استمرت ثورته حوالي 5 سنوات وقف شقيقه خلالها من جديد إلى جانبه، ناصحاً إياه بالعلاج النفسي والتصالح مع مشاعره المكبوتة منذ وفاة والدته. كان لنصيحة ويليام أثرٌ إيجابي، إذ سرعان ما تحوّل هاري إلى الأنشطة الإنسانية فأسس جمعية تُعنى بالأطفال المصابين بمرض الإيدز. تبنَّى قضايا والدته وحاول أن يعالج صحته النفسية المتدهورة بخدمة المرضى والمحتاجين ومصابي الحروب. وربما وجد في التزامه العسكري إلى جانب الجيش البريطاني، وسيلةً لتفريغ غضبه؛ حيث حارب في أفغانستان وقتل 25 عنصراً من حركة «طالبان»، على ما كشف مؤخراً.
في خلال تلك الفترة، كانت قد دخلت كايت ميدلتون حياة ويليام، فانتقلا للعيش معاً ثم تزوّجا عام 2011. ضمن مذكّراته المرتقب صدورها في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي، يسترجع هاري يوم زفاف شقيقه قائلاً: «الأخ الذي رافقت، صباح ذلك اليوم، إلى كاتدرائية وستمنستر، كان قد ذهب... إلى الأبد. بعد أن اختفيا خلف باب عربة الزفاف، أذكر أنني قلت له بين وبين نفسي: وداعاً».


ويليام وهاري مع زوجتيهما كايت وميغان (رويترز)
لاحقاً انضمّت ميغان ماركل إلى الحكاية، فتزعزعت العلاقة أكثر. تمنّى ويليام على شقيقه أن لا يتسرّع في خطوة الارتباط، إلا أن هاري انفجر غاضباً ورفض النصيحة. وقف الأمير قرب شقيقه الأصغر يوم زفافه عام 2018، لكن المسافات كانت قد بدأت بالاتساع بينهما. زوجتان غير متشابهتين، مصالح غير مشتركة، واتهامات متبادلة. لم يوفر الثنائي هاري وميغان وسيلةً سمعيةً أو بصرية أو مكتوبة إلا نشرا من خلالها أسرار البيت الملَكي وقاطنيه.
الولدان اللذان سارا جنباً إلى جنب خلف نعش والدتهما، جمعتهما آخر ابتسامة عام 2021 عندما أزاحا الستار عن نصب تذكاري لها في حديقة قصر كنسينغتون. لو كانت بعدُ حيّة، لما سمحت ديانا باتساع الفجوة إلى هذا الحدّ بين ويليام وهاري. لكن التيجان لا تنزع صفة البشرية عن الرؤوس. وويليام وهاري، كما أشقاء كثُر في هذا العالم، يتخاصمان، يتضاربان، وغالباً ما يسير كل منهما في طريق.


مقالات ذات صلة

ميغان ماركل تبرع في خَفق البيض وتُخفق في إقناع الجمهور

يوميات الشرق تقدّم ميغان ماركل في أحدث مشاريعها برنامجاً تظهر فيه كطبّاخة وربة منزل ماهرة (نتفليكس)

ميغان ماركل تبرع في خَفق البيض وتُخفق في إقناع الجمهور

سباغيتي بالطماطم، وعجّة بالبيض العضوي، وكعكة بالعسل، وغيرها الكثير من الأطباق تقدّمها ميغان ماركل في برنامجها الجديد على «نتفليكس». فما خلفيّاته وتفاصيله؟

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق مقطع دعائي للمسلسل المكون من ثمانية أجزاء «مع الحب، ميغان» (أ.ف.ب)

«قصص مبتذلة باعتها للعائلة المالكة»... أخو ميغان ماركل ينتقدها وبرنامجها

انتقد توماس ماركل جونيور، أخو ميغان ماركل غير الشقيق من جهة الأب، «قصصها المبتذلة» بعد إطلاقها برنامجها الجديد «مع الحب، ميغان» على «نتفليكس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
لمسات الموضة ظهرت ميغان في لقطات عدة بالأبيض الكريمي (نتفليكس)

«بالحب من ميغان»... رسالة حب وسلام من ميغان ماركل أم انفصام عن الواقع؟

تراجيديا ميغان ماركل أنها «عدوة نفسها»، بسبب جموحها للظهور والأضواء بأي ثمن. هذا الثمن تعكسه أيضًا أزياؤها ومجوهراتها التي لا تتماشى مع الزمان أو المكان.

جميلة حلفيشي (لندن)
أوروبا الملك البريطاني تشارلز الثالث (يسار) والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يلتقطان صورة خلال لقاء في قصر «ساندرينغهام»... (أ.ف.ب)

بعد اجتماعيه مع زيلينسكي وترودو... الملك البريطاني «عازم» على استخدام دوره الدبلوماسي

كشف مصدر ملكي عن أن الملك البريطاني تشارلز عازم على استخدام دوره الدبلوماسي بعد اجتماعيه مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء الكندي.

«الشرق الأوسط» (لندن) «الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا ملك بريطانيا تشارلز الثالث يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن 18 يوليو 2024 (حساب زيلينسكي عبر منصة «إكس») play-circle

بريطانيا وأوكرانيا توقعان اتفاق قرض لدعم قدرات كييف الدفاعية

أفادت قناة «سي إن إن»، اليوم السبت، بأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وصل إلى بريطانيا للمشاركة في قمة أوروبية مصغرة غداً لدعم أوكرانيا.


مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
TT
20

مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)

استحضر الفنان المصري مصطفى الرزاز عناصر ورموزاً من الأساطير والفولكلور الشعبي المصري، واستدعى مَشاهد وذكريات مرَّ بها لسنوات طويلة، ثم مزج ذلك كله بفرشاته وخطوطه وخاماته المختلفة على مسطح أعماله؛ ليقدم مجموعة جديدة من اللوحات، والمنحوتات تنبض بالحياة، وتدعو إلى الاستمتاع بها.

في معرضه «رزق البحر» المُقام في «قاعة الزمالك للفن»، يترك الرزاز للمتلقي الفرصة للانغماس مع عالمه الذي جسَّده في أعماله، متنقلاً ما بين البحر والصيد والمرأة والأسماك؛ وخلال ذلك تتشبَّع عين الزائر بجماليات أعماله، ويتزوَّد وجدانه بدفء حكاياته.

الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)
الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)

يضمّ المعرض نحو 60 لوحة كبيرة، و64 لوحة صغيرة، فضلاً عن 45 قطعة نحتية، تتميّز بأنَّ «البطولة المطلقة» فيها للأسماك في المقام الأول؛ فهي ليست مجرّد عنصر رمزي، أو مفردة من البيئة تزدان بها الأعمال، لكنها ذات حضور طاغٍ، فتلتقيها على مسطّح اللوحات محمولة بعناية بين الأيدي، أو عروس للبحر، أو في صورة فرس البحر الذي يبدو صديقاً حميماً للإنسان، ورمزاً لحمايته، كما جاء في الحضارة المصرية القديمة، وغير ذلك من مَشاهد تُعزّز مكانتها.

عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)
عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)

اللافت أنَّ الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بعناصر العصفورة والهدهد والنبات في أعماله؛ في رمز للسلام والنماء، والتماهي مع البيئة المصرية. وبدا واضحاً أنّ لإقامته طويلاً في حي المنيل المطلّ على النيل بالقاهرة بالغ الأثر في أعماله بالمعرض؛ فقد قدَّم مَشاهد حياتية يومية عن قرب لمناظر الصيد والمراكب. يقول الفنان لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تُشرق الشمس في صباح كل يوم، أحبُّ النظر إلى نهر النيل حيث جمال المنظر والحضارة والتاريخ».

ومن أكثر المَشاهد التي استوقفته في الصباح الباكر، حركة المراكب والاستعداد للصيد. لذلك استخدم «النظارة المُعظمة» ليتأمّلها عن قرب، فإذا به يكتشف أنَّ مَن يقُمن بالصيد في هذه المنطقة نساء.

لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)
لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)

يواصل الفنان المصري حديثه: «وجدتُ أنهن قبل الصيد يُحضّرن الفطور، ويتناولنه مع أطفالهن وجاراتهن بشكل جماعي يومياً قبل التوجه إلى العمل».

أثار ذلك اهتمام الرزاز، فتوجَّه إلى نقطة تجمعهن، والتقى معهن، ومن خلال حديثه معهن، اكتشف أنّ الرجال لا يشاركونهن الصيد في هذا المكان؛ فيقتصر الأمر عليهن لانشغال أزواجهن بالعمل في مجالات أخرى.

كما اكتشف الفنان أنّ المراكب التي يخرجن للصيد بها هي بيوتهن الدائمة؛ حيث يقمن بها، ولا مكان آخر يؤوي هذه الأسر.

«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)
«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)

استهوته هذه الحكايات الإنسانية، وفجَّرت داخله الرغبة في تجسيد هذا العالم بفرشاته. يقول: «كانت تجربة غنية ومفيدة جداً بالنسبة إليّ؛ مثلت منبعاً للإلهام. من هنا جاء اهتمامي بتناول البحر والأسماك والصيد في عدد من معارضي؛ منها هذا المعرض الجديد، ولا أعني هنا البحر والصيد فيه وحده، إنما نهر النيل كذلك؛ إذ إنَّ كلمة البحر في اللغة المصرية الدارجة تشير إليهما معاً».

واتخذ الرزاز قراراً بتخصيص المعرض كله للصيد، من دون الاقتصار على تجربة الصيادات الإنسانية؛ فثمة قصص أخرى للصيد في الوجه القبلي، وفي المناطق الساحلية حيث يقتصر الصيد على الرجال.

من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)
من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)

ويتابع: «سافرت إلى الإسكندرية (شمال مصر) وشاركتهم رحلة للصيد، وتأثّرت جداً بعملهم، فتشرَّبت تفاصيل حياتهم، وطريقة عملهم، وصوَّرتهم فوتوغرافياً، إلا أنني تركتها جانباً، ورسمت التكوينات من خيالي، حتى تختلف عن الرؤية المباشرة أو التسجيل».

لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)
لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)

ويرى الرزاز أنه عندما يرسم الفنان الواقع كما هو، يُفقده جمالياته وحرّيته في التعبير. لكن لماذا يمثّل البحر والصيد كل هذا الاهتمام من جانب الدكتور مصطفى الرزاز؟ يجيب: «البحر بالمفهوم الذي أشرت إليه هو نصف الدنيا، وهو مختلف تماماً عن اليابسة، وأكثر غموضاً، وسحراً، بالإضافة إلى اختلاف الكائنات التي تعيش فيه عن الأرض».

ويؤكد الفنان المصري أنّ «لمهنة الصيد خصوصيتها؛ ونموذج حقيقي لسعي الإنسان؛ فالصياد يتوجَّه إلى البحر على وجه الكريم، من دون أن يحظى براتب، ولا يمكن أن يعرف حجم أرباحه التي سيجنيها، ويرمي نفسه في البحر طوال النهار، وربما لأيام، وقد يعود بما يرضيه، وقد لا يرجع بشيء على الإطلاق».

علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)
علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)

ومن هنا، فإن حلم الصياد أن يجني سمكة ضخمة، أو سمكة تُكلّمه، أو تكون في صورة امرأة جميلة، أو داخلها «خاتم سليمان) يحقّق له كل ما يتمناه. لذلك أيضاً، كان للسمك نصيب كبير في الأساطير والحكايات الشعبية؛ فكانت هناك «أم الشعور»، و«عروسة البحر»، وغيرهما مما يُعدّ فانتازيا علاقة الإنسان بالسمك، وفق الرزاز الذي يرى أن هذه العلاقة هي مصدر إلهام للفنان، ومنبع حكايات تحفّز أي شخص على الانطلاق والسعي في الحياة.

الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)
الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)

وربما لم تُنافس الأسماك في أعمال المعرض -المستمر حتى 15 مارس (آذار) الحالي- سوى المرأة الجميلة بعيونها الواسعة وملابسها المزدانة بالموتيفات والنقوش الشعبية؛ انعكاساً لاهتمام الفنان بمكانتها والفولكلور المصري في أعماله من جهة، ومن جهة أخرى تعبيراً عن قوة الوطن.

فتأتي على سبيل المثال لوحة المرأة الفلسطينية التي تطلّ علينا بزيها التقليدي، حاملة صينية الأسماك الطازجة فوق رأسها، كأنها جاءت للتوّ من رحلة للصيد، تضامناً مع أهل غزة. يقول الرزاز: «يرمز هذا العمل إلى أنّ أهل القطاع المعروفين بالصيد سيستمرّون في مهنتهم، وسيبقون في مدينتهم، ولن يستطع أحد أن يغيّر شيئاً من هذا الواقع».