لا يزال 99 في المائة من المعلومات التي جمعها المسبار «نيو هورايزونز» خلال اقترابه من بلوتو داخل ذاكرته. الصور التي أرسلها لسطح الكوكب القزم إلى مركز المراقبة قد تكون جزءا بسيطا من كنزه من المعلومات المخزنة. وقال علماء يعملون ضمن مهمة المسبار الآلي التابع لإدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) إن أول صور قريبة من الكوكب أوضحت جبالا جليدية شاهقة، فيما ظهر سطح الكوكب أملس خاليا من الحفر.
رحلته الناجحة كما وصفها الفريق البحثي، والتي بدأت في يناير (كانون الثاني) من عام 2006 واستغرقت تسعة أعوام ونصف العام، توجت بتحليقه لمدة 13 ساعة عند أقرب نقطة من الكوكب القزم أجرى خلالها اتصالا لاسلكيا بمركز المراقبة الأرضية، معلنا أن اقترابه من بلوتو وأقماره مر بسلام وهو على سرعة 49 ألف كيلومتر في الساعة.
وعقب اقترابه من بلوتو استغرق إرسال أول إشارة لاسلكية من المسبار إلى الأرض أربع ساعات ونصف الساعة. وكانت الإشارة تسير بسرعة الضوء لمسافة 4.88 مليار كيلومتر.
لكن في الوقت المحدد تماما أجرى المسبار اتصالا لاسلكيا مع مركز مراقبة المهمة في مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز خارج بالتيمور، مما فجر موجة من صيحات الاستحسان من حشد تجمع لرصد تلك اللحظة التاريخية الفارقة.
وقال جون جرونسفيلد، المدير المشارك للرحلة للشؤون العلمية «إنها لحظة مشهودة في تاريخ البشرية». وأمام المسبار في رحلته نحو 16 شهرا لينقل إلى الأرض آلاف الصور والقياسات التي جمعها، وخلال ذلك يكون المسبار قد سبح إلى مسافات أعمق داخل حزام كويبر، وربما سافر في مهمة لاحقة لأحد الأجرام القريبة من بلوتو.
وقال آلان ستيرن، كبير الباحثين في برنامج المسبار في معهد أبحاث جنوب غربي بولدر في كولورادو «أود أن أصف اللقاء الذي حدث للتو بأنه خطوة صغيرة لـ(نيو هورايزونز) وقفزة كبيرة للإنسانية». وأشارت تقديرات مديري البرنامج إلى وجود فرصة بنسبة واحد في عشرة آلاف لأن يصطدم المسبار بأجرام كونية تائهة في الفضاء وهو على مسافة 12472 كيلومترا من الكوكب، أي ما يعادل المسافة نفسها بين نيويورك ومومباي في الهند.
وقضى المسبار أكثر من ثماني ساعات بعد اقترابه من بلوتو وهو يرصد الكوكب القزم لإجراء تجارب لدراسة الغلاف الجوي له وتصوير الجانب المظلم منه مستعينا بالضوء المنعكس من أكبر أقماره شارون. وكانت الصور القليلة والقياسات التي أرسلها المسبار قد غيرت من فهم العلماء لطبيعة هذا الكوكب القريب الشبه من القمر الذي يدور حول الأرض. وفيما كان بلوتو يعتبر مجرد كوكب قزم متجمد فإنه ظهرت بوادر أنشطة جيولوجية على سطحه، بما في ذلك تحركات محتملة سابقة وحالية للطبقة البنائية للقشرة الخارجية أو ما يسمى بالحركات التكتونية.
ويدور بلوتو حول الشمس مرة كل 248 سنة في مدار يتغير ويتبدل مع تغير الفصول والمواسم. ويقترب بلوتو في دورانه حول الشمس على مسافة أقل من تلك التي يقترب بها كوكب نبتون.
وهذه هي باكورة النتائج التي تمخضت عنها رحلة المسبار متوجا رحلة قطع خلالها 4.82 مليار كيلومتر، واستغرقت تسع سنوات ونصف السنة بعد أن أصبح في أقرب نقطة من سطح بلوتو وأقماره الخمسة، وعلى مسافة 12550 كيلومترا من الكوكب النائي يوم الثلاثاء.
ويتجه المسبار الآن إلى أعماق حزام كويبر الذي اكتشف عام 1992، وهو منطقة متجمدة تدور بها كويكبات صغيرة في أفلاكها حول الشمس بعد كوكب نبتون، ويعتقد أن هذه المنطقة تخلفت عن نشأة المجموعة الشمسية قبل 4.6 مليار عام. وحزام كويبر آخر منطقة مجهولة على أطراف مجموعتنا الشمسية، وتم اكتشاف أكثر من 40 جرما فلكيا في نطاقه.
ولا يعرف العلماء كيف كون بلوتو هذه الجبال الشاهقة التي يصل ارتفاع أطولها إلى 3350 مترا، أي ما يعادل ارتفاع جبال روكي في كندا. واللغز المحير الآخر هو كيف احتفظ بلوتو بهذا الوجه الشاب، إذ كان يعتقد أن هذا الجرم المتجمد - الذي يبدو حجمه أصغر من القمر الذي يدور حول الأرض - حافلا بالحفر والوهاد نتيجة لاصطدام صخور حزام كويبر بسطحه والكتل الصخرية الأخرى التي انهمرت عليه على مر العصور.
وبدلا من ذلك، أوضح المسبار أن سطح بلوتو متجدد النشاط، وهي الظاهرة التي قد تكون مرتبطة بوجود محيط تحت سطحه أو جبال بركانية جليدية أو مظاهر جيولوجية أخرى تنبعث منها الحرارة. ويعتقد العلماء أن جبال بلوتو ربما تكون قد تشكلت خلال المائة مليون سنة الأخيرة، وهي فترة وجيزة إذا ما قورنت بعمر المجموعة الشمسية.
وجعل أول اقتراب للمسبار من بلوتو، الذي غطى مساحة من سطحه تصل إلى 241 كيلومترا قرب المنطقة الاستوائية ذات التضاريس، العلماء في حيرة من أمرهم، إذ يتعجبون كيف لا يزال نشطا من الناحية الجيولوجية.
وقالت كاثي أولكن، الباحثة في برنامج المسبار، للصحافيين بمركز المراقبة الأرضية للمهمة في مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز خارج بالتيمور «بلوتو شديد التنوع، إذ نشاهد العديد من الملامح المختلفة.. إنه أمر لا مثيل له».
والمفاجأة الأخرى هي شارون أكبر أقمار بلوتو، الذي كان يعتقد أنه خامل من الوجهة الجيولوجية وبدلا من ذلك وجد المسبار «نيو هورايزونز» على سطحه منخفضات وصخورا ووديانا وجميعها مؤشرات على وجود عمليات نشطة داخله.
وبينما كان بلوتو يعتبر مجرد كوكب قزم متجمد فإنه ظهرت بوادر أنشطة جيولوجية على سطحه بما في ذلك تحركات محتملة سابقة وحالية للطبقة البنائية للقشرة الخارجية أو ما يسمى بالحركات التكتونية.
ويدور بلوتو حول الشمس مرة كل 248 سنة في مدار يتغير ويتبدل مع تغير الفصول والمواسم. ويقترب بلوتو في دورانه حول الشمس على مسافة أقل من تلك التي يقترب بها كوكب نبتون. وكان المسبار قد خرج من حالة سبات في يناير الماضي ليشرع في رصد مشاهداته لبلوتو الذي يقع بعد كوكب نبتون. وبعد إطلاق المسبار بستة أشهر وفيما كان في طريقه للكوكب حرم الاتحاد الدولي الفلكي بلوتو من لقب كوكب ومن كونه الكوكب التاسع من كواكب المجموعة الشمسية، وبات كوكبا قزما بعد أن جرى اكتشاف أكثر من ألفين من أمثاله منذ اكتشافه ضمن حزام كويبر ضمن ما يقدر بمئات الآلاف من الأجرام الفلكية.
ومنذ اكتشافه عام 1930 لا يزال بلوتو لغزا محيرا، ويرجع ذلك في جزء منه لكونه صغير الحجم بالمقارنة بالكواكب الأخرى. ويبذل العلماء جهدا خارقا في تفسير كيف أن كوكبا قطره لا يتجاوز 2302 كيلومتر يمكن أن يستمر في الوجود وسط كواكب عملاقة مثل المشتري وزحل وأورانوس ونبتون. ويعتقد العلماء أن حزام كويبر يحتفظ بحفريات منذ نشأة المجموعة الشمسية.
ولا يحمل المسبار كما كافيا من قوة الدفع التي تمكنه من إبطاء سرعته لاتخاذ مسار له حول بلوتو في منطقة حزام كويبر. وجاذبية بلوتو ضعيفة للغاية لدرجة أن أي مركبة فضائية ستستهلك كما كبيرا من الوقود لاستخدام مكابحها واتخاذ مدار.
المسبار «نيو هورايزونز» يجري اتصالاً في الوقت المحدد بعد رحلة بدأت عام 2006
حلق في مدار بلوتو وبعث صورًا للكوكب الذي طرد مؤخرًا من المجموعة الشمسية
المسبار «نيو هورايزونز» يجري اتصالاً في الوقت المحدد بعد رحلة بدأت عام 2006
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة