المسبار «نيو هورايزونز» يجري اتصالاً في الوقت المحدد بعد رحلة بدأت عام 2006

حلق في مدار بلوتو وبعث صورًا للكوكب الذي طرد مؤخرًا من المجموعة الشمسية

أول صور قريبة من الكوكب أوضحت جبالا شاهقة.. فيما ظهر سطح الكوكب أملس خاليا من الحفر (أ.ب)
أول صور قريبة من الكوكب أوضحت جبالا شاهقة.. فيما ظهر سطح الكوكب أملس خاليا من الحفر (أ.ب)
TT

المسبار «نيو هورايزونز» يجري اتصالاً في الوقت المحدد بعد رحلة بدأت عام 2006

أول صور قريبة من الكوكب أوضحت جبالا شاهقة.. فيما ظهر سطح الكوكب أملس خاليا من الحفر (أ.ب)
أول صور قريبة من الكوكب أوضحت جبالا شاهقة.. فيما ظهر سطح الكوكب أملس خاليا من الحفر (أ.ب)

لا يزال 99 في المائة من المعلومات التي جمعها المسبار «نيو هورايزونز» خلال اقترابه من بلوتو داخل ذاكرته. الصور التي أرسلها لسطح الكوكب القزم إلى مركز المراقبة قد تكون جزءا بسيطا من كنزه من المعلومات المخزنة. وقال علماء يعملون ضمن مهمة المسبار الآلي التابع لإدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) إن أول صور قريبة من الكوكب أوضحت جبالا جليدية شاهقة، فيما ظهر سطح الكوكب أملس خاليا من الحفر.
رحلته الناجحة كما وصفها الفريق البحثي، والتي بدأت في يناير (كانون الثاني) من عام 2006 واستغرقت تسعة أعوام ونصف العام، توجت بتحليقه لمدة 13 ساعة عند أقرب نقطة من الكوكب القزم أجرى خلالها اتصالا لاسلكيا بمركز المراقبة الأرضية، معلنا أن اقترابه من بلوتو وأقماره مر بسلام وهو على سرعة 49 ألف كيلومتر في الساعة.
وعقب اقترابه من بلوتو استغرق إرسال أول إشارة لاسلكية من المسبار إلى الأرض أربع ساعات ونصف الساعة. وكانت الإشارة تسير بسرعة الضوء لمسافة 4.88 مليار كيلومتر.
لكن في الوقت المحدد تماما أجرى المسبار اتصالا لاسلكيا مع مركز مراقبة المهمة في مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز خارج بالتيمور، مما فجر موجة من صيحات الاستحسان من حشد تجمع لرصد تلك اللحظة التاريخية الفارقة.
وقال جون جرونسفيلد، المدير المشارك للرحلة للشؤون العلمية «إنها لحظة مشهودة في تاريخ البشرية». وأمام المسبار في رحلته نحو 16 شهرا لينقل إلى الأرض آلاف الصور والقياسات التي جمعها، وخلال ذلك يكون المسبار قد سبح إلى مسافات أعمق داخل حزام كويبر، وربما سافر في مهمة لاحقة لأحد الأجرام القريبة من بلوتو.
وقال آلان ستيرن، كبير الباحثين في برنامج المسبار في معهد أبحاث جنوب غربي بولدر في كولورادو «أود أن أصف اللقاء الذي حدث للتو بأنه خطوة صغيرة لـ(نيو هورايزونز) وقفزة كبيرة للإنسانية». وأشارت تقديرات مديري البرنامج إلى وجود فرصة بنسبة واحد في عشرة آلاف لأن يصطدم المسبار بأجرام كونية تائهة في الفضاء وهو على مسافة 12472 كيلومترا من الكوكب، أي ما يعادل المسافة نفسها بين نيويورك ومومباي في الهند.
وقضى المسبار أكثر من ثماني ساعات بعد اقترابه من بلوتو وهو يرصد الكوكب القزم لإجراء تجارب لدراسة الغلاف الجوي له وتصوير الجانب المظلم منه مستعينا بالضوء المنعكس من أكبر أقماره شارون. وكانت الصور القليلة والقياسات التي أرسلها المسبار قد غيرت من فهم العلماء لطبيعة هذا الكوكب القريب الشبه من القمر الذي يدور حول الأرض. وفيما كان بلوتو يعتبر مجرد كوكب قزم متجمد فإنه ظهرت بوادر أنشطة جيولوجية على سطحه، بما في ذلك تحركات محتملة سابقة وحالية للطبقة البنائية للقشرة الخارجية أو ما يسمى بالحركات التكتونية.
ويدور بلوتو حول الشمس مرة كل 248 سنة في مدار يتغير ويتبدل مع تغير الفصول والمواسم. ويقترب بلوتو في دورانه حول الشمس على مسافة أقل من تلك التي يقترب بها كوكب نبتون.
وهذه هي باكورة النتائج التي تمخضت عنها رحلة المسبار متوجا رحلة قطع خلالها 4.82 مليار كيلومتر، واستغرقت تسع سنوات ونصف السنة بعد أن أصبح في أقرب نقطة من سطح بلوتو وأقماره الخمسة، وعلى مسافة 12550 كيلومترا من الكوكب النائي يوم الثلاثاء.
ويتجه المسبار الآن إلى أعماق حزام كويبر الذي اكتشف عام 1992، وهو منطقة متجمدة تدور بها كويكبات صغيرة في أفلاكها حول الشمس بعد كوكب نبتون، ويعتقد أن هذه المنطقة تخلفت عن نشأة المجموعة الشمسية قبل 4.6 مليار عام. وحزام كويبر آخر منطقة مجهولة على أطراف مجموعتنا الشمسية، وتم اكتشاف أكثر من 40 جرما فلكيا في نطاقه.
ولا يعرف العلماء كيف كون بلوتو هذه الجبال الشاهقة التي يصل ارتفاع أطولها إلى 3350 مترا، أي ما يعادل ارتفاع جبال روكي في كندا. واللغز المحير الآخر هو كيف احتفظ بلوتو بهذا الوجه الشاب، إذ كان يعتقد أن هذا الجرم المتجمد - الذي يبدو حجمه أصغر من القمر الذي يدور حول الأرض - حافلا بالحفر والوهاد نتيجة لاصطدام صخور حزام كويبر بسطحه والكتل الصخرية الأخرى التي انهمرت عليه على مر العصور.
وبدلا من ذلك، أوضح المسبار أن سطح بلوتو متجدد النشاط، وهي الظاهرة التي قد تكون مرتبطة بوجود محيط تحت سطحه أو جبال بركانية جليدية أو مظاهر جيولوجية أخرى تنبعث منها الحرارة. ويعتقد العلماء أن جبال بلوتو ربما تكون قد تشكلت خلال المائة مليون سنة الأخيرة، وهي فترة وجيزة إذا ما قورنت بعمر المجموعة الشمسية.
وجعل أول اقتراب للمسبار من بلوتو، الذي غطى مساحة من سطحه تصل إلى 241 كيلومترا قرب المنطقة الاستوائية ذات التضاريس، العلماء في حيرة من أمرهم، إذ يتعجبون كيف لا يزال نشطا من الناحية الجيولوجية.
وقالت كاثي أولكن، الباحثة في برنامج المسبار، للصحافيين بمركز المراقبة الأرضية للمهمة في مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز خارج بالتيمور «بلوتو شديد التنوع، إذ نشاهد العديد من الملامح المختلفة.. إنه أمر لا مثيل له».
والمفاجأة الأخرى هي شارون أكبر أقمار بلوتو، الذي كان يعتقد أنه خامل من الوجهة الجيولوجية وبدلا من ذلك وجد المسبار «نيو هورايزونز» على سطحه منخفضات وصخورا ووديانا وجميعها مؤشرات على وجود عمليات نشطة داخله.
وبينما كان بلوتو يعتبر مجرد كوكب قزم متجمد فإنه ظهرت بوادر أنشطة جيولوجية على سطحه بما في ذلك تحركات محتملة سابقة وحالية للطبقة البنائية للقشرة الخارجية أو ما يسمى بالحركات التكتونية.
ويدور بلوتو حول الشمس مرة كل 248 سنة في مدار يتغير ويتبدل مع تغير الفصول والمواسم. ويقترب بلوتو في دورانه حول الشمس على مسافة أقل من تلك التي يقترب بها كوكب نبتون. وكان المسبار قد خرج من حالة سبات في يناير الماضي ليشرع في رصد مشاهداته لبلوتو الذي يقع بعد كوكب نبتون. وبعد إطلاق المسبار بستة أشهر وفيما كان في طريقه للكوكب حرم الاتحاد الدولي الفلكي بلوتو من لقب كوكب ومن كونه الكوكب التاسع من كواكب المجموعة الشمسية، وبات كوكبا قزما بعد أن جرى اكتشاف أكثر من ألفين من أمثاله منذ اكتشافه ضمن حزام كويبر ضمن ما يقدر بمئات الآلاف من الأجرام الفلكية.
ومنذ اكتشافه عام 1930 لا يزال بلوتو لغزا محيرا، ويرجع ذلك في جزء منه لكونه صغير الحجم بالمقارنة بالكواكب الأخرى. ويبذل العلماء جهدا خارقا في تفسير كيف أن كوكبا قطره لا يتجاوز 2302 كيلومتر يمكن أن يستمر في الوجود وسط كواكب عملاقة مثل المشتري وزحل وأورانوس ونبتون. ويعتقد العلماء أن حزام كويبر يحتفظ بحفريات منذ نشأة المجموعة الشمسية.
ولا يحمل المسبار كما كافيا من قوة الدفع التي تمكنه من إبطاء سرعته لاتخاذ مسار له حول بلوتو في منطقة حزام كويبر. وجاذبية بلوتو ضعيفة للغاية لدرجة أن أي مركبة فضائية ستستهلك كما كبيرا من الوقود لاستخدام مكابحها واتخاذ مدار.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».