غسان الرحباني لـ «الشرق الأوسط» : لم أستطع حتى اليوم تجاوز رحيل

أحدث حفلاته «رحبانيات» في موسم الرياض

غسان يقيم حفلاً تكريمياً لوالده في فبراير بكازينو لبنان (خاص بغسان الرحباني)
غسان يقيم حفلاً تكريمياً لوالده في فبراير بكازينو لبنان (خاص بغسان الرحباني)
TT

غسان الرحباني لـ «الشرق الأوسط» : لم أستطع حتى اليوم تجاوز رحيل

غسان يقيم حفلاً تكريمياً لوالده في فبراير بكازينو لبنان (خاص بغسان الرحباني)
غسان يقيم حفلاً تكريمياً لوالده في فبراير بكازينو لبنان (خاص بغسان الرحباني)

«لم أستطع حتى اليوم تجاوز رحيل والدي»... بهذه الكلمات القليلة يعبّر غسان الرحباني عن مدى تأثره بغياب والده الموسيقي إلياس الرحباني. فكل ما تلاحظه على غسان من تغييرات وتبدلات طالت شخصيته وملامح وجهه، هي نتيجة هذا الحدث الحزين.
لا عزاء لغسان الذي فقد والده منذ نحو سنتين، سيما أن إلياس رحل عن هذه الدنيا في عز انتشار الجائحة. فلم تستطع عائلته تكريمه ولا حتى إقامة جنازة تليق بمشواره الموسيقي الطويل. واليوم من خلال إقامة حفلات فنية تحت عنوان «رحبانيات» يجول بها غسان بين دول عربية وغربية يجري تكريم إلياس الرحباني.
«أُعدها بمثابة مجالس عزاء وحفلات تكريم في الآن نفسه. عند رحيله لم يستطع محبوه وداعه، ولا حتى إلقاء النظرة الأخيرة عليه حتى من المقربين منه. الجائحة كانت أقوى منا واضطررنا إلى اختصار كل هذه الواجبات المفروضة علينا. ومع (رحبانيات) التي تعيد لموسيقى إلياس الحياة، أعتبر أن الناس تأتي لتعزيتنا بفرح. فوالدي رغم شهرته الواسعة في تأليف الموسيقى، فإني اكتشفت أن شخصيته الجميلة وروح الفكاهة التي يملكها هي أكثر ما رسخت في أذهان الناس».
يحمل غسان رسالته هذه على كتفيه وتلاحظ ثقلها على محياه. يتنقل بين بلد وآخر ينثر عطر موسيقى إلياس، ولو كلّفه الأمر اجتياز الكرة الأرضية برمتها. فكما في دار الأوبرا السورية، كذلك وقف غسان مع أوركسترا فيلهارمونية يعزف مقطوعات وأغاني والده الراحل على «مسرح الفن الـ13» في باريس. ومن هناك توجه إلى السعودية حيث شارك في إحياء «حفلات موسم الرياض».

لا يزال طيف إلياس يرافق نجله غسان حتى اليوم (خاص بغسان الرحباني)

«سبق وأقمت حفلة هناك على مسرح مدينة الملك عبد الله في عام 2018. وتفاجأت يومها بمدى تفاعل الحضور بموسيقى والدي حتى أني لم أستطع التفريق بين اللبنانيين والسعوديين المنتشين بموسيقى إلياس. وهذه المرة أيضاً في حفلات الرياض لمست الأمر نفسه ومدى حب الناس لهذه الموسيقى».
لن تتوقف جولات غسان عند هذا الحد، هناك أخرى يعتزم إقامتها في بلدان مختلفة قريباً. ولكن ماذا عن لبنان؟ يرد: «مع الأسف لم يطلبني أحد لإقامة هذا الحفل في لبنان. ونحن الرحابنة لم نعتد مد يدنا لأحد كي نحصل على مبتغانا. ولذلك قررت إقامة هذه الحفلة من باب حفظ ماء الوجه في كازينو لبنان في شهر فبراير (شباط) المقبل بمبادرة شخصية مني. قطعت شوطاً كبيراً من تمويلها، وأصبحت جاهزاً لها».
يستغرق حفل «رحبانيات» نحو ساعتين من الوقت، ويستمتع الحضور بموسيقى وأغنيات من تأليف إلياس الرحباني حفرت في ذاكرتهم. فيغنون ويرددون كلمات «كان الزمان وكان»، و«جينا الدار»، و«يا سنين اللي رح ترجعيلي»، و«قتلوني عيونا السود»، و«عم احلمك يا حلم يا لبنان»، و«يا مارق عالطواحين» وغيرها. ويستعيدون خلالها أيضاً محطات من ذكرياتهم الحلوة مع معزوفات أفلام سينمائية مصرية كـ«حبيبتي»، و«دمعي ودموعي وابتسامتي» وغيرها. ويشاركه فيها إنشاداً رانيا الحاج وجيلبير جلخ. وعما إذا أصبح اليوم مايسترو بكل ما للكلمة من معنى بعد أن وقف يقود الأوركسترا التي ترافقه؟ يوضح: «المطلوب لتصبح مايسترو التخصص في الموسيقى كقائد أوركسترا، مصحوبة بعامين آخرين. وهو الأمر الذي أنجزته، ولكن بعد رحيل والدي لم أرغب في الوقوف مكانه كـ(مايسترو)، لأن أحداً لن يملأ الفراغ الذي تركه على المسرح. فاخترت لحظات معينة لذلك، وبالتالي عرفت متى يجب أن أعزف على البيانو. كنت أشعر بتوقيت هذه اللحظات التي أتنقل فيها بين العزف وموقعي كـ(مايسترو)، وهو أمر لا يمكن أن نتعلمه بل يولد معنا بالفطرة».
لأول مرة يُستعان بأوركسترا فيلهارمونية بحفلة خاصة لموسيقى إلياس الرحباني، وتتخللها لوحات من الدبكة اللبنانية صممها سامي خوري للمناسبة. «حكت قصة تتجمع خيوطها كقطع الـ(بازل). وعلى شاشة كبيرة كتبنا فحوى القصة وترجمناها بأغاني إلياس ضمن خط درامي جديد. فيتابع الناس الحفلة وكأنها مسرحية ولكن من نوع آخر».
تلمس الغصة في كلام غسان وهو يتحدث عن والده، وكذلك هذا الشعور بأنه كبر عشرات السنوات إثر غياب والده. «صحيح ما تقولينه لأنني لم أستطع بعد تجاوز غيابه. أعرف أن هذه هي سنة الحياة، ولكن في تفكيري وعقلي الباطني أرفض هذا الغياب. وعندي تساؤلات روحانية كثيرة في هذا الاتجاه وأطرح علامة استفهام كبيرة حولها. أعيش كآبة عميقة منذ غياب والدي ولولا أن أولادي والمقربين مني يحفزونني دائماً على ضرورة الخروج من هذه الحالة، لكنت غرقت في حزن أعمق».
كتب غسان في أحد منشوراته عبر «إنستغرام»: «إنها المرة الأولى التي أقوم فيها بالتمرينات الموسيقية من دونك». فهل يشعر بأن والده يرافقه رغم كل شيء؟ «أحب هذا الشعور، وبأنه يحيطني دائماً ويعطيني إشارات على طريقته فأدركها بسرعة. وأشكره على هذا الإرث الموسيقي الذي تركه لنا. وكل هذه العطاءات التي نقوم بها نخن أفراد عائلته ومن دون حدود تنبع منه، فتسهم في مساعدتنا بتخطي غيابه».
يقول غسان إنه تعلم الكثير من والده كالمسامحة وحب الآخر والتصالح معه. «لا يزال يلزمني الكثير كي أصبح مثله. وبقيت على مدى نحو أسبوع بعد رحيله أتلقى رسائل إلكترونية واتصالات هاتفية تحكي عن شخصية إلياس أكثر من تلك الخاصة بموسيقاه. فالناس كانت تكن له حباً كبيراً، وهو أمر يعزينا».
يتمسك غسان بإقامة هذه الحفلات وبكل ما يمكن أن يعرّف الأجيال الجديدة على موسيقى إلياس الرحباني. فنجاحه طال الشرق والغرب، ولا بد أن يكمل غسان المشوار انطلاقاً من مسؤولية يحملها تجاه هذا الإرث. «كان من الصعب علي أن أعيد عزف موسيقى والدي وتوزيعها بشكل طفيف كي لا تفقد روحها. فما أقوم به أمر دقيق جداً، تجاه شخصية فنية بهذا الحجم، وأتمنى أن أقوم بذلك كما يستحق».
ويتابع غسان إنه لشرف له أن يبقي ماسكاً براية إلياس الرحباني ويرفعها عالياً. فهذه التكريمات التي يجريها اليوم كان عليه أن يقوم بها من قبل، ولكنه خاف من جائحة «كورونا».
وعن الساحة الفنية اليوم يقول: «لا تزال تنبض بالخلق والموسيقى الجيدة، ولكني أوجه انتقاداً ولوماً كبيرين لموسيقيين كبار يسترزقون على حساب موسيقى إلياس الرحباني. فإن يقدموا حفلات ومهرجانات باسمهم ولكن على أرض الواقع تقوم على عزف موسيقى والدي، فهذه قرصنة وجرم في آن. ومع الأسف في عالمنا الثالث لا احترام لحقوق الملكية، ولا أحد يطبقها. هي ظاهرة تنتشر يوماً بعد يوم، عند هؤلاء الموسيقيين. فلا يمكن لأي موسيقي أن يستخدم موسيقى إلياس الرحباني كي يستقطب الناس، فيكون وبكل ما للكلمة من معنى (يعيش على ظهر إلياس) وهو أمر غير مقبول. فمن يدعي بأنه موسيقي كبير، ولا يملك مؤلفات تترجم ذلك فهو إنسان فارغ، ولا يستحق هذا الموقع».



«الأجندة السياسية» تفرض حضورها في قرعة أوروبا المؤهلة للمونديال

من مراسم قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة إلى كأس العالم 2026 (رويترز)
من مراسم قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة إلى كأس العالم 2026 (رويترز)
TT

«الأجندة السياسية» تفرض حضورها في قرعة أوروبا المؤهلة للمونديال

من مراسم قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة إلى كأس العالم 2026 (رويترز)
من مراسم قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة إلى كأس العالم 2026 (رويترز)

أسفرت قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم 2026، التي سحبت في زيورخ بسويسرا، الجمعة، عن مواجهة جديدة بين إنجلترا وصربيا.

وتضم المجموعة أيضاً ألبانيا مما ينذر بمواجهة مشحونة سياسياً بين الدولتين الواقعتين في منطقة البلقان.

ومع ذلك، تجهل الكثير من المنتخبات كل المنافسين في مجموعتها.

ولم تتضح بالكامل معالم ثماني مجموعات، التي ستضم إما الفائز وإما الخاسر في مواجهات دور الثمانية من دوري الأمم الأوروبية التي ستقام في مارس (آذار) من العام المقبل.

وتلعب إسبانيا ضد هولندا في دور الثمانية بدوري الأمم، وسينضم الفائز منهما إلى تركيا وجورجيا وبلغاريا في المجموعة الخامسة، بينما يلعب الخاسر في المجموعة السابعة بجانب بولندا وفنلندا وليتوانيا ومالطا.

ويشارك منتخب فرنسا وصيف بطل كأس العالم 2022 أيضاً في دور الثمانية بدوري الأمم الأوروبية وسيواجه كرواتيا، وإذا فاز فسيلعب في المجموعة الرابعة بجوار أوكرانيا وآيسلندا وأذربيجان.

وتغلبت إنجلترا 1-صفر على صربيا في بطولة أوروبا هذا العام في المباراة الافتتاحية بدور المجموعات، قبل أن تصل إلى النهائي الذي خسرته 2-1 أمام إسبانيا.

وإنجلترا تحت قيادة مدربها الجديد توماس توخيل الذي يبدأ المهمة مطلع العام المقبل، واحد من أربعة منتخبات فقط من بين أفضل منتخبات أوروبا عرفت مصيرها، إذ ستواجه صربيا وألبانيا ولاتفيا وأندورا في المجموعة 11.

وتضم المجموعة صراعاً محتملاً إذ تتواجه صربيا مع ألبانيا مرتين، بعدما طفت أزمة الدولتين الواقعتين بمنطقة البلقان على السطح خلال بطولة أوروبا 2024.

ولأسباب سياسية، لم توضع أوكرانيا مع روسيا البيضاء في المجموعة نفسها، وهو ما حدث أيضاً مع جبل طارق وإسبانيا. وأبعدت كوسوفو عن صربيا والبوسنة، لكن لم يفرض أي قيد على مواجهة صربيا وألبانيا.

ولا تزال صربيا لا تعترف باستقلال كوسوفو التي تقطنها أغلبية عرقية ألبانية بعد أحد أكثر الصراعات دموية في البلقان في تسعينات القرن العشرين بعد انهيار يوغوسلافيا.

وخلال مباراة صربيا ضد إنجلترا في بطولة أوروبا، شكل الصحافي أرليند صديقو، من كوسوفو، بيديه نسراً برأسين، وهو رمز علم ألبانيا، أمام جماهير صربيا أثناء بث مباشر، ليلغي الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) أوراق اعتماده.

وفرض «يويفا» عقوبات أيضاً بعدما انضم مشجعو ألبانيا وكرواتيا معاً في هتافات: «اقتلوا الصرب»، وهتف مشجعو صربيا: «كوسوفو هي قلب صربيا»، وأظهروا علماً يحمل كوسوفو داخل حدود بلادهم.

وفي الشهر الماضي منحت رومانيا الفوز 3-صفر على كوسوفو عندما توقفت مباراة المنتخبين بعدما غادر لاعبو كوسوفو أرض الملعب عندما سمعوا هتافات مؤيدة للصرب من جماهير صاحب الأرض.

وتقام كأس العالم 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وتنطلق يوم 11 يونيو (حزيران)، ويقام النهائي يوم 19 يوليو (تموز)، وهي أول كأس عالم تقام بمشاركة 48 منتخباً بدلاً من 32.

وستحصل أوروبا على 16 مقعداً في البطولة، مقابل 13 مقعداً في كأس العالم الأخيرة.

ويتأهل متصدر ترتيب كل مجموعة من 12 مجموعة في التصفيات مباشرة إلى كأس العالم، بينما يتأهل أصحاب المركز الثاني إلى مرحلة فاصلة إلى جانب أفضل أربعة فرق تصدرت مجموعات في دوري الأمم الأوروبية 2024-2025 ولم تحتل المركز الأول والثاني في مرحلة المجموعات بالتصفيات.

وضمت المجموعة الأولى: الفائز من مباراة ألمانيا وإيطاليا في دور الثمانية بدوري الأمم - سلوفاكيا - آيرلندا الشمالية - لوكسمبورج. وضمت المجموعة الثانية: سويسرا - السويد - سلوفينيا - كوسوفو. وسيلعب الخاسر من مواجهة البرتغال والدنمارك في دور الثمانية بدوري الأمم - اليونان - اسكوتلندا - روسيا البيضاء في المجموعة الثالثة.أمام المجموعة الرابعة فتضم: الفائز من مواجهة فرنسا وكرواتيا في دور الثمانية بدوري الأمم - أوكرانيا - آيسلندا - أذربيجان. والمجموعة الخامسة: الفائز من مواجهة إسبانيا وهولندا في دور الثمانية بدوري الأمم - تركيا - جورجيا - بلغاريا. والمجموعة السادسة: الفائز في مواجهة البرتغال والدنمارك - المجر - آيرلندا - أرمينيا.

كما تضم المجموعة السابعة: الخاسر من مواجهة إسبانيا وهولندا في دور الثمانية بدوري الأمم - بولندا - فنلندا - ليتوانيا - مالطا. والمجموعة الثامنة: النمسا - رومانيا - البوسنة - قبرص - سان مارينو. والمجموعة التاسعة: الخاسر من مواجهة ألمانيا وإيطاليا في دور الثمانية بدوري الأمم - النرويج - إسرائيل - إستونيا - مولدوفا. والمجموعة العاشرة: بلجيكا - ويلز - مقدونيا الشمالية - قازاخستان - ليختنشتاين. والمجموعة الحادية عشرة: إنجلترا - صربيا - ألبانيا - لاتفيا - أندورا. والمجموعة الثانية عشرة: الخاسر من مواجهة فرنسا وكرواتيا في دور الثمانية بدوري الأمم - التشيك - الجبل الأسود - جزر الفارو - جبل طارق.

وتبدأ التصفيات، التي تقام بنظام الذهاب والإياب، في مارس من العام المقبل، وتستمر حتى نوفمبر (تشرين الثاني).