سفر... للنساء فقط

إقبال غير مسبوق على السياحة النسائية الفردية في الهند

رحلات نسائية مخصصة للمشي في الهند (مجموعات السفر النسائية)
رحلات نسائية مخصصة للمشي في الهند (مجموعات السفر النسائية)
TT

سفر... للنساء فقط

رحلات نسائية مخصصة للمشي في الهند (مجموعات السفر النسائية)
رحلات نسائية مخصصة للمشي في الهند (مجموعات السفر النسائية)

شهدت السنوات القليلة الماضية تحولاً مع شروع النساء أخيراً في الخروج والسفر بمفردهن وجمع خبرات وكسر التحيز القائم على فكرة أنه لا ينبغي للمرأة السفر بمفردها.
وإذا كنتِ ممن يعتزمن السفر إلى الهند أو أماكن أخرى، ولم يتح لك العثور على أي شركاء لك في السفر، وفي الوقت ذاته تخشين السفر بمفردك، فقد حان الوقت للتخلص من المخاوف التي تنتابك والعمل على ترك العنان لرغبتك في التجول لاستكشاف وجهات جديدة، بمفردك أو برفقة صديقاتك، كما هي الحال مع الكثير من مجموعات السفر الحصرية للسيدات التي يمكنها أن تساعد في خط سير الرحلة.

هناك إقبال ملحوظ من النساء في الهند وباقي دول العالم على السفر منفردات

وربما يتذكر البعض حلقة «سبرينغ كوينينغ» من مسلسل «غيرلز» الكوميدي الشهير، عندما تذهب فتاة تدعى هنا إلى منتجع خاص بالنساء حصراً برفقة والدتها.
بصورة عامة، تجري إدارة مجموعات السفر النسائية الحصرية من جانب نساء، والموظفات من النساء، بجانب مرشدة سياحية. وتلبي مجموعات السفر النسائية الاحتياجات الخاصة للمسافرات بمفردهن كذلك، واللائي لا نراهن بوجه عام داخل مجموعات السفر التقليدية.
تعد السلامة الهاجس الأكبر في هذا القرن، وعلى رأس الأولويات. وتصمم مجموعات السفر النسائية هذه خط سيرها مع الوضع في الاعتبار العناصر الأمنية للمكان ووسائل الراحة التي يجري توفيرها فيه.
وأقدمت الكثير من النساء الهنود العاشقات للسفر على إنشاء مجموعات سفر حصرية لهن.
من بين هؤلاء، سوميترا سناباتي، كاتبة وعاشقة للسفر من ذوات الخبرة. عام 2005، دشنت مجموعة «نساء في حب السفر» (ومين إن واندرلست)، وذلك بهدف الترويج لـ«ظاهرة المرأة المسافرة». وتعد هذه المجموعة واحدة من نوادي السفر الرائدة «للسيدات فقط». وتتولى سوميترا تنظيم ما يزيد على 75 إلى 80 جولة للنساء حول العالم كل عام.
وحتى يومنا هذا، نقلت مجموعة «نساء في حب السفر» قرابة 10 آلاف مسافرة من دول بعيدة مثل الأرجنتين إلى مصر. وتتنوع النشاطات التي تتولى المجموعة تنظيمها ما بين رحلات التنزه على الأقدام والرحلات البحرية بمختلف أرجاء العالم، سواء في لاداخ أو كشمير أو وجهات دولية مثل كورسيكا وأمستردام واليونان.
والآن، ما الاختلاف بين مجموعات السفر التقليدية ومجموعات السفر النسائية؟
تتولى الأخيرة تلبية احتياجات النساء فقط، وتقدم جولات مخصصة للنساء مع مراعاة الاحتياجات المختلفة للفتيات اللواتي يسافرن بمفردهن. ويجري تعديل مختلف جوانب السفر من الإقامة والنقل والأنشطة وموردي الطرف الثالث مثل السائقين، وكذلك مسار الرحلة بالكامل لضمان عنصر السلامة والأمان والمرح من منظور نسائي. وبشكل عام، لا يوجد حد عمري، لكن يجب أن تكون السيدة مهيأة للسفر والمشاركة بنشاط في جميع الأنشطة المذكورة في خط سير الرحلة.

يتيح السفر المنفرد لصاحبة التجربة التعرف على سائحات اخترن نفس الطريقة أثناء الرحلات

لماذا تسافر النساء بمفردهن من دون عائلات؟

تقف خلف ذلك مجموعة من الأسباب.
ربما يقف خلف ذلك مجرد الدافع للقاء صديقات جدد تتشارك معهن أنشطة واهتمامات معينة. وربما تشعر بعض المسافرات بمفردهن بأمان أكبر عند مشاركة مغامرات في بلدان أجنبية في مجموعة، والبعض الآخر ممن لديهن عائلات قد يرغبن في السفر عندما لا يستطيع شركاؤهن ذلك.
من ناحيتها، ذهبت سافيتا ماهاجان إلى أستراليا تاركة وراءها ابنتها البالغة 8 سنوات في رعاية زوجها وأصهارها. وأعربت عن اعتقادها بأنها تغرس في ابنتها شخصية مستقلة من خلال ذلك. وقالت: «يجب على النساء السفر بمفردهن، خاصة إذا كان لديهن أطفال. في النزل الذي مكثت فيه في سيدني، رأيت الكثير من النساء يسافرن بمفردهن. نحن بحاجة إلى هذه الاستراحة ـ للنوم، والاستيقاظ متأخراً، وتناول ما يروق لنا ـ دون أي مسؤولية».
وأعربت الدكتورة سوبريا بي. بهاتيا، طبيبة أسنان مقيمة في دلهي، والتي تشارك في رحلات نسائية حصراً، عن اعتقادها بأن النساء بحاجة بعض الأحيان إلى «ترك كل شيء» خلفهن والانطلاق في رحلة، خاصة وأنهن غالباً في ظل الحياة اليومية يهملن احتياجاتهن ولا يعطونها أولوية.
وقالت: «عندما كنت أقوم برحلة في وادي الزهور (في أوتاراخند)، صادفت امرأتين صغيرتين جاءتا إلى هناك تاركتين زوجيهما... من جانبي، أشجع النساء على القيام بذلك».
وتكشف الإحصاءات الصادرة عن الصناعة أن المزيد والمزيد من النساء يخترن الانضمام إلى مجموعات منتقاة. تفضل المسافرات بمفردهن الانضمام إلى جولات موجهة بمعدلات غير مسبوقة.

السياحة لا تقتصر على وجهات ورياضات معينة
وعن ذلك، قالت هاري ناير، مؤسسة ورئيسة «هوليداي آي كيو»: «برز السفر الفردي كواحد من أفضل الخيارات أمام المسافرات الهنود على مدار العامين الماضيين، وذلك مع اختيار أكثر عن 35 في المائة من الهنديات السفر بمفردهن من دون أسرهن».
ويتمثل القطاع الأكبر في هذا التوجه بين سن الـ40 والـ70.
وأضافت ناير كذلك أن هناك الكثير من النساء اللواتي يرغبن في تجربة السفر بمفردهن، وقد ساعدت مجموعات السفر النسائية هذه في زيادة عدد النساء اللائي يقدمن على تلبية رغباتهن. واليوم، نشهد المزيد من النساء الراغبات في السفر بمفردهن، وتجربة جوهر أماكن مختلفة، بدلاً عن الاستمرار في العمل كأم / أخت / ابنة / زوجة أو صديقة. الآن، لم تعد النساء خائفات من الخروج واستكشاف العالم بأنفسهن.
ورغم المخاطر الحقيقية والمحتملة، أصبح السفر الفردي للإناث يشار إليه بشكل متزايد باعتباره «تجربة مثيرة».

مجموعات السفر الحصرية للنساء

تحولت مجموعات السفر الحصرية للنساء إلى ظاهرة عالمية. ويبلغ حجم سوق السفر الحصري للسيدات 19 تريليون دولار سنوياً! وأكدت إحدى الدراسات أن أكثر من 65 في المائة من النساء إما سافرن بمفردهن أو يخططن للقيام برحلة فردية قريباً. والمؤكد أن الولايات المتحدة تتصدر القائمة، لكن الاتجاه آخذ في الازدياد وهناك شركات سفر نسائية تنتشر في الهند.
في هذا الصدد، شرحت ماليني غوريشانكار، مؤسسة شركة «إف 5 إسكيبس»، الحاجة إلى خوض مثل هذه المغامرة.
وقالت: «لم أكن محظوظة بالقدرة الطبيعية والشجاعة التي تؤهلني للسفر بمفردي ... إلا أنني اكتسبت القوة ببطء، تجربة سفر واحدة في كل مرة، خاصة عندما تكون مع نساء أخريات متشابهات في التفكير في الشركة. حتى النسور بحاجة إلى دفعة ـ وأقصد هنا السيدات اللاتي ولدن في محيط من العقليات التقليدية بحاجة إلى دعم كي يقبلن على فكرة اقتطاع مساحة لأنفسهن».
من كشمير إلى بونديشيري، تنظم ماليني جولات على الصعيد الوطني لمجموعات السفر النسائية من خلال مسارات مدروسة جيداً، وفحوصات السلامة وفريق من فرق الإرشاد لديه خبرة.
في سياق متصل، جرى إطلاق مجموعة «فلابر لايف» على أيدي مجموعة من السيدات اللواتي تملكهن شغف السفر. وتقدم المجموعة رحلات للنساء اللواتي يرغبن في السفر بمفردهن، أو مع رفيقة أنثى ـ سواء كانت والدتك أو إخوتك أو صديقتك. وتشمل رحلاتهن إقامات في فنادق معينة لتوفير الراحة والأمان، والتي تعتبر ذات أهمية قصوى لأي شخص يبحث عن تجربة سفر كهذه. وتتضمن الرحلات بشكل عام ما بين واحدة إلى 10 سيدات، بما في ذلك المرشدة.
من جانبها، قالت زينال دوشي، مؤسسة «فلابر لايف» إنه «في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، لدينا آلاف الصديقات عبر (إنستغرام) و(فيسبوك) و(سناب شات)، لكن كم عدد الصديقات الحقيقيات؟ يوفر لك السفر مع فتيات أو نساء متشابهات في التفكير من خلال مجموعات السفر للنساء هذه فرصة لمقابلة أشخاص جدد وتكوين صداقات ربما تدوم مدى الحياة. دعونا نواجه الأمر، تشعر معظم النساء بضغط أقل ومنافسة أقل وإلهاء أقل عندما يسافرن دون شركاء ذكور، ما يؤدي إلى صراعات أقل وتزيد قدرتهن على التحدث بحرية دون القلق بشأن الحكم عليهن».
الواضح أن النساء تشعر بالاستمتاع أكثر عندما لا يصبحن بصحبة الرجال. إضافة لذلك، يجدن أنه من الرائع عدم الاضطرار إلى التعامل مع مواقف يسودها وجود أزواج من الذكور والإناث، وبذلك لا يبقى أحد بمفرده يشعر وكأنه غريب.
يفضل العزاب والمطلقات والأرامل عدم الوجود في أماكن يغلب عليها الأزواج عند السفر. وتحب النساء المنفردات مقابلة نساء أخريات بمفردهن.

لماذا تفضل النساء السفر الفردي؟

في هذا الصدد، قالت سوجاتا تشاكرابورتي، 50 عاماً، التي اعتادت السفر منفردة منذ فترة طويلة من دلهي: «ليس من السهل على المرأة السفر بمفردها، ليس فقط في الهند ولكن في جميع أنحاء العالم، بسبب زيادة عدد حالات العنف والعديد من التطورات غير المرغوب فيها. تواجه النساء عقبات في كل خطوة. ومع ذلك، توفر مجموعات السفر للسيدات فترة راحة للمسافرات بمفردهن. يمكنك الآن التصرف على طبيعتك، وارتداء الملابس بالطريقة المفضلة دون الحكم عليك، دون الخوف من ارتداء ملابس غير لائقة، ودون الاضطرار إلى منع نفسك من التحدث عما يدور في ذهنك».
وبالمثل، تسافر نيدهي كورانا، الناشطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي من دلهي، بمفردها منذ ثلاث سنوات حتى الآن، لكنها ليست منعزلة تماماً عن الناس. وقالت: «قد أترك مكاني وحدي، لكنني أقابل أشخاصاً أثناء التنقل وأطوّر روابط لطيفة».


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».