بريطانيا: أول تجربة في العالم لعلاج سرطان الثدي بالإشعاع البروتوني

كيم جونز المريضة بسرطان الثدي والتي تخضع لتجربة العلاج الإشعاعي بالبروتونات (غارديان)
كيم جونز المريضة بسرطان الثدي والتي تخضع لتجربة العلاج الإشعاعي بالبروتونات (غارديان)
TT

بريطانيا: أول تجربة في العالم لعلاج سرطان الثدي بالإشعاع البروتوني

كيم جونز المريضة بسرطان الثدي والتي تخضع لتجربة العلاج الإشعاعي بالبروتونات (غارديان)
كيم جونز المريضة بسرطان الثدي والتي تخضع لتجربة العلاج الإشعاعي بالبروتونات (غارديان)

خضع ثلاثة مرضى بسرطان الثدي للعلاج بالإشعاع البروتوني لأول مرة في هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية كجزء من تجربة تعد هي الأولى في العالم.
ويستهدف العلاج عالي التقنية الأورام بشكل أكثر دقة بكثير من العلاج الإشعاعي التقليدي، وهو يناسب المرضى الذين يعانون من حالات نمو للورم الذي يصعب علاجه في المناطق الحرجة. وقد استخدمت هيئة الخدمات الصحية الوطنية سابقاً العلاج بالإشعاع البروتوني للمرضى الذين يعانون من أورام في وحول الدماغ أو النخاع الشوكي.
ومن المنتظر أن تتم مقارنة نتائج التجربة الجديدة مع نتائج العلاج الإشعاعي القياسي للمرضى الذين يعتبرون أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب على المدى الطويل بعد العلاج الإشعاعي، حسبما أفادت صحيفة «الغارديان» البريطانية.
وفي السياق، يقول البروفسور ديفيد سيباغ مونتفيوري، الرئيس السابق لمجموعة عمل أبحاث العلاج الإشعاعي السريرية والمتعددة التابعة للمعهد الوطني لأبحاث السرطان: «هناك إمكانات غير مستغلة في العلاج الإشعاعي بالبروتونات، مما قد يقلل من مخاطر الآثار الجانبية بعد علاج السرطان».
وكيم جونز، وتعمل ممرضة، هي المريضة الثالثة التي تخضع للعلاج الإشعاعي بالبروتونات لسرطان الثدي كجزء من التجربة، بعد أن تم تشخيص حالتها في فبراير (شباط) بعد أن لاحظت بعض السماكة في الجلد ووخزا مؤلما في ثديها الأيسر، وأحيلت جونز البالغة من العمر 44 عاماً إلى مستشفى أدينبروك في كامبريدج، حيث خضعت للعلاج الكيميائي تلاه استئصال الثدي وإزالة العقدة الليمفاوية. وتم قبولها لاحقاً في تجربة العلاج الإشعاعي بالبروتونات في مستشفى كريستي في مانشستر الشهر الماضي.
وقالت جونز: «عندما تم إخباري بأنه قد تم قبولي في التجربة، شعرت بأنني محظوظة جداً لأنني أتيحت لي الفرصة للحصول على هذا العلاج». وتابعت: «قيل لي إنني قد أكون مناسبة للمشاركة في التجربة حيث من المحتمل أن تفيد المرضى الذين يعانون من مخاطر عالية من مضاعفات القلب على المدى الطويل. ونظراً لأنني واجهت بالفعل مشكلة في قلبي، بدت التجربة وكأنها فكرة رائعة».
ووصفت جونز العلاج، الذي تم فيه استخدام جرعات من الجسيمات عالية الطاقة المشحونة من مركز الذرات، والتي تسمى البروتونات، لاستهداف السرطان بدقة بأنها «رائعة» و«مريحة للغاية».
ومن المتوقع أن يحدد الأطباء المشاركون في التجربة ما إذا كان العلاج الإشعاعي بالبروتونات يمكن أن يساعد في تقديم جرعات كافية من العلاج الإشعاعي للثدي مع تقليل الإشعاع حول القلب في نفس الوقت.
ومن المتوقع أن تقام التجربة على 192 مريضا عبر 22 موقعاً في المملكة المتحدة. وسيتم علاج المرضى المخصصين لتلقي العلاج الإشعاعي بالبروتونات في مستشفيات كريستي أو يونيفرسيتي كوليدج لندن، مع توفير الإقامة لأولئك الذين يسافرون بعيداً عن المنزل.
ويقود التجربة أطباء وعلماء وباحثون في جامعة كامبريدج ومعهد أبحاث السرطان بلندن ومؤسسة مارسدن الملكية.
ويقول البروفسور جوديث بليس، مدير وحدة التجارب السريرية في مركز أبحاث السرطان، الذي يدير التجربة: «العلاج الإشعاعي جزء فعال للغاية من علاج سرطان الثدي ويساعد على تقليل مخاطر عودة السرطان. ومع ذلك، قد يكون تقديم العلاج الإشعاعي القياسي بشكل فعال أمراً صعباً عندما تكون أنسجة الثدي والعقد الليمفاوية للمريض بالقرب من القلب، أو عندما يكونون معرضين بالفعل لخطر الإصابة بأمراض القلب».
وذكر التقرير أن العلاج الإشعاعي فعال للغاية بالنسبة للغالبية العظمى من المرضى وفوائده تفوق أي آثار جانبية. ومع ذلك، يمكن أن يكون هناك خطر ضئيل للغاية من أن يؤدي إلى مشاكل في القلب في وقت لاحق من الحياة بنسبة تصل إلى أقل من 1 في المائة من جميع الذين عولجوا. وقد تكون مخاطر الإصابة بأمراض القلب في وقت لاحق من الحياة بسبب العلاج الإشعاعي أعلى من 1 في المائة لمجموعة صغيرة جداً من مريضات سرطان الثدي. عادةً ما يكون هذا بسبب أن أنسجة الثدي والعقد الليمفاوية التي تتطلب العلاج الإشعاعي تقع بالقرب من القلب، أو لأن لديهن بالفعل مشاكل في القلب، مثل جونز، أو لأن لديهن خطراً أكبر للإصابة بأمراض القلب في وقت لاحق من الحياة.
وقالت البروفسور شارلوت كولز، أستاذة علم الأورام في جامعة كامبريدج، والتي تشارك أيضاً في التجربة: «رغم أن مجموعة صغيرة جداً من الناس تتأثر بارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض القلب في وقت لاحق من الحياة، إلا أنها لا تزال مشكلة خطيرة». وتابعت: كولز: «العلاج الإشعاعي القياسي للثدي فعال حقاً لمعظم الأشخاص الذين يعانون من آثار جانبية قليلة جداً، ولكن هناك مجموعة صغيرة من المرضى قد يكون العلاج الإشعاعي بالبروتونات خياراً أفضل لهم».
ومن المنتظر أن تتم دعوة المرضى الذين يتوقع أن يكون لديهم خطر محتمل على مدى الحياة بنسبة 2 في المائة أو أعلى من مشاكل القلب من العلاج الإشعاعي للمشاركة في التجربة.
وتم استخدام العلاج الإشعاعي بالبروتونات في بلدان أخرى لعلاج سرطان الثدي، لكن الأرقام في هذه التجارب كانت صغيرة ولم يتم الإبلاغ عن أي تجارب تقارن بشكل مباشر بين العلاج الإشعاعي بالبروتونات مع العلاج الإشعاعي القياسي التقليدي.



«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».