استمرار الانقسام العراقي حول سليماني والمهندس

ظهر الانقسام العراقي بشكل واضح عشية ذكرى مقتل مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني ونائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، اللذين قتلا بغارة أميركية قرب مطار بغداد في 3 يناير (كانون الثاني) 2020، إذ انحصر الجدل والانقسام بين اتجاهين رئيسين في العراق، يمثل الأول معظم الاتجاهات العراقية المناوئة لنفوذ طهران في العراق وأتباعها من الجماعات الولائية (الموالية لولاية الفقيه الإيرانية) المرتبطة بالحشد الشعبي، والاتجاه الآخر الذي يعلن ولاءه الصريح لإيران، ممثلاً بالفصائل والميليشيات المسلحة وبعض الأحزاب السياسية الشيعية، ويشذ عن قاعدة القوى الشيعية التيار الصدري الذي يظهر معارضة شديدة للجماعات الولائية.
وينشط التيار الولائي منذ أيام في التحشيد لذكرى مقتل الاثنين، من خلال افتتاح نصب تذكاري لهما قرب مطار بغداد الدولي حيث قتلا، ويتوقع خروج تظاهرات كبيرة غداً للتنديد بالوجود الأميركي في العراق، كما يضغطون باتجاه تكريس العديد من الفعاليات والعطلات الرسمية في محافظات وسط وجنوب البلاد، حيث أعلنت، محافظات بغداد والبصرة وواسط وذي قار والمثنى والديوانية اليوم (الثلاثاء) عطلة رسمية بالمناسبة، ويتوقع التحاق محافظات أخرى بإعلان تعطيل الدوام الرسمي. وأصدرت وزارة التربية بياناً أكدت فيه استمرار الدوام في مدارسها، علماً بأن محافظات إقليم كردستان، ومثلها محافظات (نينوى وصلاح الدين والأنبار) ذات الأغلبية السنية تجاهلت خلال السنتين الماضيتين إحياء ذكرى مصرع المهندس وسليماني، ما يكشف حجم انقسام البلاد حول الرجلين والأدوار التي قاما بلعبها خلال الحرب ضد تنظيم «داعش» بين الأعوام 2014 – 2017.
وفي حين يصر «الولائيون» على إطلاق توصيف «قادة النصر» عليهما، يصر غالبية العراقيين، وضمنهم رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي الذي قاد الحرب ضد «داعش»، على أن «النصر تحقق بيد العراقيين فقط».
وفي مقابل الضجة الكبيرة التي يسعى «الولائيون» لتكريسها في الذكرى الثالثة، يتجاهل طيف واسع من العراقيين المنشغلين بهموم المعيشة وتقلبات أسواق صرف الدينار، ويمضون في عامهم الجديد بعيداً عما تفرضه السياسة وصراع المحاور الإقليمية والدولية في العراق. ومع ذلك، تنشط اتجاهات غير قليلة في «التنكيل» بالذكرى وقتلاها والمروجين لها، ففي مقابل وسم «وفاءً للقادة موعدنا المطار» في إشارة إلى التحضير لمظاهرة واسعة قرب المطار دعا إليها الولائيون، أطلقت اتجاهات مضادة وسم «ثأركم جوه (تحت) فراش السفيرة» في إشارة إلى السفيرة الأميركية في العراق التي تتحلى بعلاقات جيدة مع حكومة «الإطار التنسيقي» الشيعية التي تضم معظم الاتجاهات الولائية. والوسم رد وسخرية من الجماعات المرتبطة بمحور «المقاومة» الساعية لأخذ الثأر من القادة الأميركيين المتورطين بقتل سليماني والمهندس من دون أي خطوة عملية في هذا الاتجاه، بل إنهم متهمون بعلاقاتهم الجيدة بالسفيرة الأميركية.